تحليل يكتبه تامر إسماعيل
انتهى مجلس النواب خلال جلسات الأسبوع الماضى من إقرار الموازنة العامة للدولة للعام المالى 2016/2017، ووافق عليها بكل ماحملت من أرقام، وأزمات، وجدل، كما توقع الجميع، لكن بقيت عدة أسئلة لم يجب عليها البرلمان حول تلك الموازنة التى تعد الأولى فى عمر برلمان ثورة 30 يونيو.
هل زادت فعليا نسبة إنفاق الدولة على الصحة والتعليم؟
لقد ألزم دستور 2014 الدولة بأن ترتفع نسبة الإنفاق على قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمى سنويا بشكل تدريجى، وأقر فى مواده أن تكون نسب الإنفاق مجموعها 10% من الناتج القومى بداية من العالم الحالى، إلا أن البرلمان قرر حساب النسبة على أساس الناتج المحلى وليس القومى لسحوبة حساب الأخير، ثم قرر أن ينقل بعض بنود الإنفاق من اماكنها بالموازنة لبنود الصحة والتعليم لتحقيق تلك النسب، وكان ذلك أقصى ما استطاع البرلمان تحقيقه لحل تلك الأزنة، إلا ان الفكرة التى لم يدركها البرلمان، هى أن الدستور كان يهدف مما حده أن ترتفع نسبة إنفاق الحكومة على الصحة والتعليم فى مقابل انخفاض ماينفقه المواطن على نفس القطاعات لنصل للمستويات العالمية، وهو مالم يحققه المجلس بالموازنة الجديدة التى حافظت على النسب القديمة دون تغيير، ولم يتحقق هدف المشرع حين وضع تلك النسب فى الدستور.
كيف ناقش النواب آلاف الأرقام فى 10 ساعات؟
الأمر الثانى، هو أن البرلمان ناقش فى جلساته العامة الموازنة لمدة 10 ساعات فقط على ثلاثة أيام، ثم أغلق باب النقاش، وألغى جلسة كانت مقرر لاستكمال النقاش، فكيف أغفل المجلس ونوابه باقى الأعضاء الذين لم يطرحوا وجهات نظرهم فى الأمر، وكيف تأكد رئيس المجلس ومن صوتوا لغلق باب النقاش أن من لم يتحدثوا ليس لديهم ما يضيفونه على المناقشات، وهل تكفى 10 ساعات لمناقشة موازنة جمهورية مصر العربية بكل ماتحمل من أرقام وكل ماتعانيه مصر من أزمات اقتصادية تستدعى مزيد من الأفكار والنقاش للوصول للأستخدام الأمثل للموارد والطاقات، وإذا كان البرلمان لايعترف بأهمية رأى أكثر من نصف أعضائه فى ملف كهذا، فلماذا جاء البرلمان من الأساس؟.
وكيف راجع مجلس الدولة مئات الصفحات فى يوم واحد؟
الأمر الثالث هو أن المجلس أدرك فى جلسته قبل الأخيرة أن الحكومة وقع فى خطأ دستورى ولم ترسل مشروع الموازنة لمجلس الدولة قبل إرساله للبرلمان، فأغلق باب النقاش وصوت عليها بالموافقة المبدئية وأحالها لمجلس الدولة، والذى راجعها ووافق عليها وكتب تقريره حولها وأرسلها للمجلس، بعد 24 ساعة فقط، فكيف أنجز مجلس الدولة مراجعة ألاف الأأرقام ومئات الصفات فى هذه الفترة القصيرة، وإن كانت كل هذه الإجراءات شكلية فلماذا نصر عليها وعلى نصوصها، وإن كانت ضرورية وهامة ومفيدة، فلماذا ندخلها فى عملية "سلق" مستمر.
من يضمن تنفيذ الحكومة لتوصيات المجلس؟
النقطة الأخرى هى أن نواب البرلمان دائمًا مايركنون على انهم وافقوا على ماتريده الحكومة لكنهم تمكسوا بتوصياتهم وأصروا عليها وكتبوا وملئوا بها صفحات التقارير، لكن السؤال، من يضمن تنفيذ الحكومة لهذه الحكومة، إذا كانت الحكومة نفسها لت تلتزم بالدستور فى صياغتها للموزانة، التى أرسلتها للبرلمان، فكيف تلتزم بتوصيات نواب ليس لها سلطة قانون ولادستور.