الحكومة تطالب المواطنين بالتقشف وتنفق ملايين على إعلانات توفير الطاقة وتنسى أعمدة إنارة الشوارع مضاءة نهارا..ورفعت حجم إنفاقها 5مليارات فى الموازنة الجديدة..وخصصت ¼ مليار لإنارة المساجد
التقشف..حلال للمواطن حرام على الحكومة
التقشف..حلال للمواطن حرام على الحكومة
الجمعة، 08 يوليو 2016 02:00 ص
كتبت سماح عبد الحميد
"وفر فى البنزين والسولا والغاز الطبيعى كله ليه علاقة بتوفير الطاقة وفر لنفسك"، ارتفاع الأسعار له علاقة مباشرة بالمواطن، هذا ما حاولت أن توصله حملة وفر لنفسك الإعلانية.
الحملة التى ترعاها وزارة البترول حاولت أن توصل للمواطن أنه هو السبب الرئيسى فى ارتفاع أسعار السلع، فى إطار أن كل شيء مرتبط بسعر الطاقة، وبالتالى فإن التوفير فى البنزين والسولار والغاز طبيعى كله له علاقة بتوفير الطاقة.
حملة أخرى جاءت بعنوان "أنت الحل" للتوفير فى الكهرباء، ده لو بتخاف من الضلمة!، ولذلك فإنه وبغض النظر عن آلية تنفيذ هذه الحملات، والشكل الذى خرجت به، إلا أنها تطرح مفارقة بين مطالبة الحكومة المستمرة للمواطنين بالتوفير والتقشف ومحاولة إرجاع كل شيء للمواطن، فالمواطن المصرى هو المسئول عن ارتفاع أسعار السلع لأنه "مش بيوفر" فى البنزين، وهو أيضا من يتحمل مسئولية الضلمة إذا لم يوفر فى الكهرباء، فى حين أن الحكومة نفسها لا تلجأ للتقشف.
والحقيقة أنه لا توجد أزمة إطلاقا فى توعية المواطنين فى ترشيد الاستهلاك، وهو ما نحتاجه بالفعل، ولكن كيف يمكن أن نطالب المواطن بترشيد الاستهلاك فى الوقت الذى لا تلجأ الحكومة نفسها فيه إلى ترشيد استهلاكها أو نفقاتها.
على سبيل المثال كيف يمكن أن يقتنع المواطن بأنه السبب فى "الضلمة" فى حين أن الحكومة تترك أعمدة الإنارة تعمل فى "عز الظهر".
ما الذى يدفع المواطن إلى الاقتناع بأنه السبب الرئيسى فى ارتفاع السلع لأنه لا يوفر فى البنزين والسولار والغاز الطبيعى، وهو ما ينعكس على أسعار السلع فى حين أن الحكومة ترصد لنفقاتها 40 مليار جنيه.
هذه الحملات الإعلانية والتوجه، يحتاج منا إلى رصد عدد من الأرقام المهمة فى مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2016/2017، الذى يكشف مدى تجاهل الحكومة لما تدعو المواطنين له، حيث كشف البيان المالى الذى قدمته حكومة المهندس شريف إسماعيل للبرلمان، عن القيمة الإجمالية وتفاصيل بند مصروفات "السلع والخدمات" المتعلق بدولاب العمل الحكومى، والذى يتضمن الأغذية والأدوية وتكاليف الانتقالات والطباعة والمياه والإنارة والاتصالات ووقود السيارات والمشغلات.
40 مليار جنيه نفقات للحكومة
وقد رصدت الحكومة لهذا البند 40 مليار جنيه كمصروفات متوقعة خلال العام المالى 2016/2016، بنسبة 1.2% من الناتج الحللى الإجمالى، وبنسبة 4.3% من إجمال الإنفاق البالغ 936 مليار جنيها، وبحجم زيادة بنسبة 13.6%.
ويأتى هذا الرقم الذى خصصته الحكومة بزيادة تقريبية 5 مليارات عن حجم الإنفاق المتوقع للعام المالى الحالى 2015/2016 التى جاءت قيمته 35 مليارا و200 مليون جنيه، حسبما ذكرت الحكومة فى بيانها المالى.
¼ مليار جنيه إنارة مساجد
من بين الأرقام أيضا ما ذكره تقرير اللجنة الدينية، والتى أوصت بتلبية طلبات وزارة الأوقاف فيما يخص الاعتمادات المالية لبند الإنارة الخاص بقطاع نشر الدعوة الإسلامية، ورفع هذه المخصصات لتكون 250 مليون جنيه، رغم المطالب المستمرة من الدولة بترشيد استهلاك الكهرباء، وحملة الإعلانات الضخمة التى تمولها الدولة من أجل ذلك الهدف.
فى أحد البنود أيضًا خصصت الحكومة مبلغ 200 مليون جنيه تنفق على تجهيز وفرش 10 مقرات جديدة لمحاكم القضاء الإدارى، إضافة إلى تشكيل لجان لفحص ونقل الأوراق، التى ستنقل إلى تلك المقرات من المحاكم المختلفة.
تخفيض موازنة الصحة والتعليم
كل هذه الأرقام جاءت وسط تخفيض موازنة الصحة والتعليم، والتى سيكون لها تأثير مباشر على المواطنين، وبالتالى فإذا أردات الحكومة أن توجه المواطنين لتغيير ثقافة استهلاكهم عليها هى الأخرى أن تسعى إلى فعل نفس الشيء، عليهم أن يخفضوا النفقات، وأن يرشدوا استهلاك الطاقة فى الوزارات المختلفة، عليهم أن يخفضوا عدد المستشارين، عليهم أن يخفضوا حجم المكافآت، عليهم الكثير، إذا أردنا فعلا الوصول لحلول بشأن ارتفاع الأسعار وسوء الاستهلاك.