كتب محمد سعودى
العادات والتقاليد القديمة والراسخة أصعب ما يمكن أن تواجهه أية جهود مخلصة، تسعى إلى التنوير والتحديث، أو إلى التشريع ووضع منظومة قانونية تحكم المجتمع ومجاله العام، وهو ما يقلل من فاعلية أى إجراء أو قانون، والدليل العملى على هذا الأمر استمرار ظاهرة الزواج المبكر وزواج القاصرات، رغم أن قانون الطفولة الذى وضع قبل سنوات ينص على عدم جواز الزواج لمن دون 18 سنة، ورغم وجود القانون ما زال الزواج المبكر منتشرًا فى مختلف أنحاء الجمهورية، لا سيما فى القرى الفقيرة ومناطق صعيد مصر، ومن ثم كان لأعضاء البرلمان وقفة مع المشكلة، ومحاولة للبحث عن مخرج للتعامل الآمن والجاد معها، إذ أبدى بعضهم ضرورة مناقشة الظاهرة تحت قبة البرلمان، وإصدار قانون جديد لتجريم الزواج المبكر، خاصة أنه يصب فى مصلحة الفتيات.
"الناس عايزة تتخلص من مصاريف بناتها".. تعليق نائبة على ظاهرة الزواج المبكر
فى هذا الإطار، قالت النائبة إليزابيث عبد المسيح، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إنها تبنّت مبادرة لإصدار قانون يُجَرِّم الزواج المبكر، وأن البرلمان سيعمل على إصدار هذا القانون، متابعة: "هذه الظاهرة المزعجة منتشرة بين أبناء الطبقة الفقيرة، حتى يتخلصوا من مصاريف بناتهم".
وشددت إليزابيث عبد المسيح فى تصريح لـ"برلمانى"، على ضرورة القضاء على ظاهرة الزواج المبكر، من خلال إصدار قانون لتجريمها، مشيرة إلى ضخامة الأضرار الصحية والنفسية الناجمة عن هذه الظاهرة، وخاصة بالنسبة للفتيات، مستطردة: "الفتاة التى تتزوج مبكّرًا تُصاب ببعض الأضرار النفسية، أبرزها تحملها ما لا طاقة لها به، فى الوقت الذى لم تكتمل لديها فكرة وكينونة الزواج، إلى جانب إصابتها بحالة من الرهبة والرعب، فضلا عن تعرضها للحمل فى سن مبكرة، ما يعرض صحتها للخطر الشديد، يعنى بتأذى نفسها من كل الجوانب".
وأكدت النائبة إليزابيث عبد المسيح فى تصريحها، أن هناك اتجاهًا بين النائبات لتجريم الزواج المبكر، مضيفة: "البنت نفسها بتكون لسه ما عرفتش إزاى تتعامل مع الأطفال، وبتكون فيه خطورة شديدة على صحتها".
حسنى حافظ: "الزواج المبكر عقوبته المناسبة الغرامة مش السجن"
فى السياق ذاته، قال حسنى حافظ، عضو لجنة الصحة بالبرلمان وعضو المجلس عن محافظة الإسكندرية، إن الزواج المبكر يؤدى إلى مضاعفات خطيرة على الفتاة نفسها، ويصيبها بالمتاعب والأمراض، مشيرًا إلى أن حفل زفاف طفلين بالدقهلية يعد حالة فردية.
وأضاف عضو لجنة الصحة بالبرلمان فى تصريح لـ"برلمانى": "لا توجد تشريعات الآن بشأن تغليظ العقوبة على جريمة الزواج المبكر، والغرامة المالية تعد العقوبة المناسبة فى حالة الزواج المبكر، مش الحبس، عشان حقهم فى الحياة".
وشدد "حافظ" على أهمية منع الزواج المبكر، قائلا: "يجب الابتعاد عن الزواج المبكر بالنسبة للأطفال، لأن لسه الحياة طويلة قدامهم، وشايف الظاهرة موجودة فى بعض الأماكن بالأرياف، عشان كده لازم يوصلهم الوعى الثقافى لمواجهة هذه الظاهرة، وطبعًا مش بلوم الأهالى، اللوم على وزارتى الثقافة والأوقاف لأن المفترض أن توفرا التوعية فى القرى".
وأشار عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إلى أهمية توعية الأهالى بشأن خطورة الزواج المبكر على الفتيات، للحد من هذه الظاهرة، والعمل الجاد عبر التنوير والدعم الاجتماعى والاقتصادى على التخلص منها شيئا فشيئا.
خالد هلالى: فشل البنت فى التعليم سبب الزواج المبكر
من جانبه، قال خالد هلالى، عضو لجنة الصحة بالبرلمان، إن انتشار الزواج المبكر يعود إلى الجهل وفشل الفتيات فى التعليم فى بعض الأحيان، مشيرا إلى خطوة الزواج المبكر على صحة الفتاة، ومتابعًا: "زواج الفتاة لا يكون قبل سن الـ18، لأنه قبل ذلك تكون غير مكتملة النضج والبنية الجسمانية التى تجعلها قادرة على الحمل والإنجاب، لذلك يجب الانتظار لحين وصولها لسن الـ18 للزواج، بحيث تكون هرموناتها قد وصلت لمراحلها الطبيعية، إضافة إلى أهمية قدرتها على الحمل وتغذية الجنين، علشان بيحتاج تغذية وده بيجى على صحتها".
وتابع: "هلالى" فى تصريح لـ"برلمانى"، قائلاً: "السبب فى انتشار الزواج المبكر مرتبط بالجهل والتعليم بشكل أساسى، وكمان فيه نسبة بتزوّج بناتها لما بيكون فيه ارتباط عائلى مع واحد قريبها، والمثل بيقول الأقربون أولى بالمعروف، غير كده البنت لما بتفشل فى التعليم أهلها بيقولوا نجوزها أحسن"، مشيرًا إلى أهمية تغليظ العقوبة على جريمة الزواج المبكر، وذلك من أجل الفتاة ومصلحتها وصحتها، مختتمًا تصريحه بالقول: "لو فيه تعليم وثقافة محدش هيفكر فى الزواج المبكر".