فى 20 أبريل الماضى، وافق مجلس النواب برئاسة الدكتور على عبد العال على منح الثقة لحكومة المهندس شريف إسماعيل، بأغلبية ساحقة، على أمل استقرار الأحوال فى البلاد، إلا أنهم فى الوقت نفسه أكدوا على المتابعة الدورية وممارسة دورهم الرقابى، ومن هنا بدأت الزيارات المتبادلة تأخذ طابعًا مختلفًا، لأن نتائجها باتت محسوبة على الطرفين، وبناءً على هذا يرصد "برلمانى" تفاصيل زيارات الوزراء للمجلس، بدءًا من أسبابها وسياقاتها، وحتى تطوراتها وما ترتب عليها.
وزراء كعب داير.. 4 وزراء والتخطيط على رأس القائمة
يُعد وزير التخطيط الدكتور أشرف العربى أكثر الوزراء زيارة للبرلمان، لعدة أسباب، على رأسها طبيعة وزارته التى تشتبك مع أغلب اللجان النوعية بالمجلس، كما أن رفض قانون الخدمة المدنية من قبل النواب جعل تكرار زيارات "العربى" ضروريًا، من أجل تطبيق التعديلات المطلوبة على القانون حتى يُسمح بتمريره.
ووفقًا لحصر تقريبى، زار "العربى" البرلمان 9 مرات للاجتماع مع اللجان المختلفة، لم يسلم فيها الطرفان من الدخول فى مشادات حادة، لدرجة أن نائبًا كشف عن هجوم الوزير عليه قائلا: "منك لله"، وذلك بعد اشتباك الطرفين فى مناقشة حامية.
كذلك يُمكن تصنيف عمرو الجارحى، وزير المالية، ضمن فئة وزراء "الكعب الداير"، خاصة أن زياراته للبرلمان وصلت إلى خمس مرات للاجتماع مع اللجان المختلفة، نظرًا لأنها وزارة تشتبك اختصاصاتها مع الجميع.
مهمة وزير المالية فى البرلمان ظهرت وأثمرت وكُللت بالنجاح، مع تمكنه من إيصال فكره إلى نواب البرلمان وإقناعهم به، والدليل الموافقة على مشروع الموازنة العامة للدولة ومشروعات أخرى لعام 2016/2017 من قبل المجلس فى فترة اعتبرها البعض وجيزة.
الحال نفسه للمهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة، الذى تعددت اجتماعاته مع المجلس، خاصة أن وزارته لها مهمة مزدوجة، فيها جانب يهتم بالرياضة بشكل محدد، وآخر بالشباب بشكل عام، وقد وصلت زيارات خالد عبد العزيز إلى 5، لم تقتصر كلها على لجنة الشباب والرياضة، وإنما تنوعت وتوزعت ما بين لجنة الشؤون الأفريقية والجلسات العامة، ويُمكن أيضًا تصنيف خالد عبد العزيز من فئة الوزراء أصحاب مدرسة الشكوى من قلة الإمكانيات تحت القبة، لكنه يتميز بالطابع الهادئ وقدرته على استيعاب كل الآراء دون اشتباك مع النواب.
حكومة الظروف الصعبة.. مجموعة الشكوى من قلة الإمكانيات
هناك فئة من الوزراء اعتادوا الشكوى من قلة الإمكانيات فى أثناء زياراتهم المتعددة للبرلمان، لتبرير مواقفهم أو قراراتهم التى ناقشها النواب معهم، وعلى رأسهما وزيرا الصحة الدكتور أحمد عماد الدين راضى، والتضامن الاجتماعى الدكتورة غادة والى.
الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، زار البرلمان ثلاث مرات منذ منح الثقة للحكومة، لم تخل أى منها من الحديث عن قلة الإمكانيات والموارد المتاحة له، فى ظل هجوم بعض النواب عليه بسبب ما اعتبروه تقصيرًا فى قطاع الصحة، ومن أشهر التصريحات التى أدلى بها الوزير أثناء اجتماعه مع النواب: "قطاع الوحدات الصحية يعانى من غياب الأطباء بشكل يصل إلى 70% فى بعض الوحدات، و30% تجهيزات، ولهذه الأسباب يوجد تدهور وتدن فى مستوى الخدمة المقدم بها"، مضيفا أنه لم يأت لحمل السيف عليهم، "فالست أم علاء اللى بتنضف البيت بتاخد 150 جنيها فى اليوم وأحيانا 200 جنيه، فى حين إن الطبيب بيتقاضى 40 جنيها يوميا".
بينما حضرت وزيرة التضامن الاجتماعى، الدكتورة غادة والى، إلى مجلس النواب مرتين، للحديث عن عدد من القضايا، كان أكثرها سخونة قضية المعاشات التى طالب النواب بزيادة النسب المقررة فيها، لترد عليها بجملة واحدة: "قولولىّ ندبرها منين".
وزارات الأزمات.. زيارات وخناقات ومشاكل
منذ منح البرلمان ثقته للحكومة، شهدت وزارات معينة عددًا من الأزمات المتتالية، ما جعل أهلها ضيوفًا شبه دائمين على مائدة النواب، ومن أشهر المنتمين لهذه الفئة وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالى الشربينى، ووزير التموين الدكتور خالد حنفى، وشاركهم فى أوقات وزير الطيران المدنى.
"ضجيج بلا طحن"، جملة تُلخص ما دار بين وزير التربية والتعليم الدكتور الهلالى الشربينى فى 3 تواريخ، الأول كان فى 23 مايو الماضى قبل انطلاق ماراثون الثانوية العامة، إذ سيطر الهدوء على الموقف، وتعهد "الشربينى" بموسم امتحانات خالٍ من الغش، ولكن ما حدث بعد ذلك جعل موجة من الغضب الشديد تجتاح المجلس، لدرجة المطالبة بسحب الثقة منه فى جلسة 11 يونيو الماضى، لكنه طمأنهم بالسيطرة على الموقف، وسريعًا ما ازداد الوضع سوءًا، ليُصنّف موسم امتحانات الثانوية العامة كواحد من أسوأ المواسم فى تاريخ الشهادة التعليمية، ويجعل سقف المطالبات يرتفع إلى حد سحب الثقة منه، إلا أن جلسة 28 يونيو الماضى انتهت بالاتفاق على سن تشريعات تردع عملية الغش فى الأعوام المقبلة.
وعلى غرار وزير التعليم، تعددت الزيارات الساخنة لوزير التموين خالد حنفى، والتى وصلت إلى أربعة اجتماعات متنوعة فى ظل توالى الأزمات على وزارته، بدءًا من أزمة نقص الأرز، والارتفاع المتصاعد للأسعار، وصولا إلى قضية فساد القمح التى ما زالت أصداؤها تتردد وتتصاعد حتى الآن، ويشار إلى أن الجملة الأشهر للوزير تحت القبة للنواب: "احنا مش بنستورد أزبل قمح".
فيما انضم وزير الطيران المدنى، شريف فتحى، إلى تلك القائمة مؤقتًا فى 15 مايو الماضى، بعدما حضر اجتماعا مغلقًا مع لجنة السياحة والطيران المدنى بالبرلمان، لمتابعة أزمة إضراب طيارى مصر للطيران، بينما كان له اجتماع آخر مع لجنة الشؤون الأفريقية فى 14 يوليو.
الحال نفسه مع وزير الصناعة والتجارة، المهندس طارق قابيل، الذى تم استدعاؤه على خلفية أزمة تقصى الحقائق فى فساد صوامع القمح، فيما كان له اجتماع آخر مع لجنة الصناعة بالبرلمان لمناقشة أهم قضايا الملف.
"وزراء VS النواب".. صراع الحكومة والبرلمان
على جانب آخر، دخل عدد من الوزراء فى صدامات مع النواب، سواء فى الجلسات العامة أو اجتماعات اللجان النوعية التى حضروها، وعلى رأس تلك الفئة 3 وزراء: الدكتور أحمد زكى بدر وزير التنمية المحلية، والدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى.
لبى أحمد زكى بدر دعوة البرلمان مرتين، فى 26 مايو، وفى 20 يونيو، لكنه أثار جدلا واسعا بعدما توجهت النائبة أمل زكريا، عضو مجلس النواب عن ائتلاف دعم مصر، برسالة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، تشكو له ما وصفته بسخرية واستهتار وزير التنمية المحلية بالنواب.
فيما حضر عصام فايد، وزير الزراعة، إلى البرلمان مرتين: فى 9 مايو، وفى 29 مايو، ودخل فى مشادات مع النواب حينها بسبب أزمة توريد القمح التى ضربت الفلاحين فى مصر خلال هذه الفترة، ويشار إلى أن تقارير صحفية أبرزت تصريح الوزير حينها: "أنا ما بخافش، واللىّ مش عارف يسأل على عائلة فايد، احنا فلاحين أساسا".
الضيوف الخفاف
فى هدوء شديد حضرت مجموعة من الوزراء وانصرفوا سريعًا دون أن يشعر بهم أحد، هؤلاء يمكن وصفهم بـ"الضيوف الخفاف"، وهم وزراء الزيارة الواحدة، مثل وزيرة التعاون الدولى سحر نصر، ووزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ياسر القاضى، ووزير البترول طارق الملا، ووزيرة الاستثمار داليا خورشيد، ووزير الكهرباء محمد شاكر، ووزير الخارجية سامح شكرى.
الزيارات الروتينية
بعض الوزراء حضروا للبرلمان واجتمعوا وانصرفوا بشكل روتينى، وكذلك كانت المناقشات معهم روتينية، لم تتسم بالطابع الساخن أو المثير، ومن هذه الفئة الدكتور أشرف الشيحى وزير التعليم العالى والبحث العلمى، وخالد العنانى وزير الآثار، بثلاث زيارات لكل منهما، وزير الثقافة حلمى النمنم، ووزير السياحة يحيى راشد، ووزير النقل جلال السعيد ووزير قطاع الأعمال أشرف الشرقاوى، بزيارتين لكل منهم.