نجح البرلمان فى عبور سنوات طويلة من الشقاق والصراع وعدم القدرة على الوفاق، وأقر مشروع قانون بناء وترميم الكنائس، الذى تنتظره مصر منذ عقود، وصل البعض بتقييمها إلى 160 سنة كاملة، ولكن هذه الخطوة المهمة التى قطعها البرلمان على طريق المواطنة والمساواة بين المصريين لم تنجح فى إنهاء الجدل، فما زالت حالة الأخذ والرد والشك قائمة، خاصة مع وجود بعض الصياغات القانونية والتعبيرات الملتبسة فى نص القانون، التى تترك الباب القديم مفتوحًا على جدل جديد.
"الحصر العددى للأقباط فى مصر" مطلب عدد من نواب البرلمان خلال مناقشة قانون بناء الكنائس، مؤكدين أن المادة الثانية من القانون تلزم بذلك، بينما أكد نواب آخرون أن الأمر لم يعد ملزما بعد تعديل نص المادة فى مضبطة الجلسة، ليصبح من حق أى عدد من المسيحيين بناء كنيسة، بحيث تتناسب مساحتها مع عددهم، لافتين إلى أن ذلك لا يعنى عدم وجود حصر للأقباط، وأن الكنيسة لديها حصر عددى ولكن لا تعلن عنه خشية الصدام مع الدولة.
كانت المادة الثانية من قانون بناء وترميم الكنائس قد نصت على أن: "يُراعى أن تكون مساحة الكنيسة المطلوب الترخيص ببنائها وملحق الكنيسة على نحو يتناسب مع عدد وحاجة المواطنين المسيحيين فى المنطقة التى تقام بها، مع مراعاة معدلات النمو السكانى، ويجوز أن تضم الكنيسة أكثر من هيكل أو منبر وأكثر من صحن وقاعة معمودية ومنارة" .
سوزى ناشد: الكنيسة لديها حصر تقريبى لأعداد الأقباط فى مصر
فى هذا السياق، أكدت النائبة سوزى ناشد، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أن المادة الثانية من قانون بناء وترميم الكنائس لا تلزم الدولة بإصدار حصر عددى للأقباط فى مصر، وإنما هدفها التأكيد على أن العدد أيًّا كانت قيمته ليس حائلاً أمام إصدار ترخيص ببناء كنيسة، ولكنه يحدّد المساحة فقط، متابعة: "المستشار العجاتى قال إنه غير مقبول أن نكون أمام منطقة بها أسرة أو أسرتان ويتم بناء كاتدرائية فيها مثلا".
وأضافت سوزى ناشد فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، قائلة:" أتمنى وجود تعداد رسمى حقيقى لأقباط مصر، رغم أن الكنيسة لديها تعداد تقريبى للعدد، لأنها تطلب تسجيل الأسر التى تخدم فى كل منطقة، لتوفير الخدمات وتوزيع الهدايا وزيارة الراعى، ومن ثمّ فالكنيسة لديها تعداد تقريبى، ولكننا نحتاج تعدادًا رسميًّا من الدولة".
وتابعت عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية تصريحها بالقول، إنها لا ترى أيّة مشكلة فى إعلان تعداد الأقباط فى مصر، ولا بد من أن يتعامل الجميع مع الأمر باعتباره أمرًا عاديًّا وليس مثارًا للحساسية والصراع، على حد قولها.
محمد فؤاد: القانون غرضه الإتاحة لا المنع.. والأعداد ستحددها اللائحة
فيما قال النائب محمد فؤاد، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، إن اللائحة التنفيذية الخاصة بقانون بناء الكنائس ستتضمن تحديد الآلية التى سيتم من خلالها تحديد عدد الأقباط فى كل منطقة، مشيرا إلى أن الأمر لا يستلزم وجود حصر عددى لعدد الأقباط فى مصر وأماكن تمركزهم.
وأضاف "فؤاد" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن القانون هدفه الإتاحة لا المنع، ومن ثمّ سيلاقى تسهيلات كثيرة، قائلا: "نحن نتعامل مع عدد الأقباط بأنه يتراوح ما بين 8 و10% من تعداد السكان"، لافتًا إلى أن تطبيق القانون سيفصل فى أى خلاف، ويُوضح مدى صلاحيته فى صورته الحالية أم تظل المشكلات وحالات التعسف قائمة.
عماد جاد: الكنيسة تخشى الإعلان عن عدد الأقباط تجنبا للصدام مع الدولة
بدوره، قال النائب عماد جاد، عضو مجلس النواب عن قطاع شمال ووسط وجنوب الصعيد، إن المادة الثانية من قانون بناء وترميم الكنائس لا تلزم الدولة بإعلان الحصر العددى للأقباط، مشيرًا إلى أن تعديل المادة فى المضبطة الخاصة بجلسة مجلس النواب تضمن النص على جواز بناء الكنيسة بأى عدد، متابعًا: "ما نعرفش لحد دلوقتى آلية تنفيذ ده إيه، يمكن يحددوها فى اللائحة التنفيذية للقانون".
وأضاف "جاد" فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن المادة تمنح مسؤولى المحافظات السلطة التقديرية للموافقة أو رفض بناء الكنائس، مشدّدًا على ضرورة إيجاد آليات واضحة لتنظيم الأمر، وأنه لا يرى مشكلة فى الإعلان عن أعداد الأقباط فى مصر، مختتمًا تصريحه بالقول: "الكنيسة لديها حصر عددى، ولكن تخشى الإعلان عنه حتى لا تصطدم بالدولة".