طالب مهدى إبراهيم وزير الاعلام السودانى السابق والبرلمانى الحالى، خلال كلمته أمام أعضاء البرلمان الأفريقى الأسبوع الماضى، ضرورة اتخاذ موقف حاسم لمساعدة السودان فى رفع العقوبات المفروضة على بلاده من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، حتى يمكن تحقيق التنمية الشاملة، وممارسة الشعب السودانى حقوقه الطبيعية.
وفى ختام جلسات البرلمان الأفريقى تم إصدار مشروع قرار وصفته السودان بالقوى، يدعو إلى الرفع الفورى للعقوبات الاقتصادية الأحادية التى تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية على الخرطوم وعلى الشعب السودانى، مما دفع الأعضاء الى تهنئة الدكتور المهدى على نجاح السودان فى الحصول على دعم البرلمان الأفريقى فى هذا الملف.
حول هذا الملف، وأهم القضايا المشتركة بين مصر والسودان أجرينا الحوار التالى مع الدكتور مهدى إبراهيم وزير الإعلام السودانى السابق ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان السودانى.
بعد فتح ملف رفع العقوبات الأمريكية على السودان فى البرلمان الأفريقى ما الدور الذى تنتظـره السودان من مصر فى هذه القضية تحديدًا؟
فى البداية أود توضيح أننا نثمن هذه الاستضافة الواسعة التى اضطلعت بها مصر رئيسا وحكومة وشعبا وبرلمانا للبرلمان الأفريقى ونوابه.
الأمر الثانى هو يقيننا أن الموقف المصرى موقف يساند السودان، وزيارة الرئيس المصرى للسودان دليل عملى يؤكد هذا المعنى، وكذلك زيارة الرئيس السودانى قبلها لمصر جاء تأكيدًا على هذه العلاقة الحميمة بين جارين عربيين وأفريقيين تجمع بينهم أواصر اللغة وكل شىء.
الموقف المصرى فى التضامن مع السودان ليس جديدًا، لكن بالنسبة لهذه القضية على وجه الخصوص ما نحتاجه هو التضامن على مستوى الدول الأفريقية، وهنا مصر تستطيع أن تقوم بدور كبير لتوحيد الصف والكلمة للتحدث بصوت أفريقى واحد يرفض القرارات الأحادية لفرض عقوبات على أى دولة من دول العالم، لأن كلمة "أحادية" معناها أنها متروكة لهوى تلك الدولة، فإذا كانت قوية تفرض هواها ومشيئتها على الشعوب، وليس للدولة "اكس او واى" أن تدافع عن نفسها، والقرارات الأحادية بطبيعتها مخالفة للقوانين الدولية والأعراف لأنها تنتهى بتجويع ومحاصرة شعب بأكمله وحرمانه من الحقوق الأساسية، مثل الأمن والغذاء والدواء
لذلك نحتاج إلى دور مصرى قوى لتوحيد كلمة الأشقاء الأفارقة.
ما مدى تأثير البيان الصادر من البرلمان الأفريقى حول العقوبات الأمريكية عليكم؟
البيان قوى ويطالب برفع الحظر، لكن الموقف الأفريقى الذى نريده من مصر أن تقف معنا فيه أولا رفض هذا الحظر الأحادى، ثانيًا المطالبة برفعه فورًا، ثالثًا مساندة السودان ورئيس السودان.
ومع تطور الوضع الحالى، المطلوب تعبئة وتوعية الشعوب الأفريقية للخطر الواقع عليها جراء هذا النوع من القرارات، وما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية تجربة استعمارية قديمة مفادها "فرق.. تسد".
وقديمًا كان هناك مثل عربى يقول، "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"، لذلك لا ينبغى أن نسمح لواحدة من دولنا أن تكون قاصية وهذا يقتضى توعية الشعوب والحكومات، لاتخاذ موقف تضامنى موحد.
كيف ترى توقيع عقود سد النهضة وما تعليقك على ما أثير أن السودان لم تقف مع مصر بالشكل الكافى؟
السودان موقفه مع مصر موقف قديم من أيام عرابى.. السودان كان مستعدًا أن يستبدل غردون بعرابى، السودان هو الذى احتضن المصالحة بين عبد الناصر والملك فيصل، السودان وقف مع مصر فى حروبها ضد إسرائيل، ولا يمكن لأى شخص أن يزايد على مواقف السودان تجاه مصر، وإذا حدثت مشكلة أو سوء فهم لا يعنى بأى حال من الأحوال اتخاذ موقف مضاد.
وفى قضية سد النهضة تحديدًا السودان هو من احتضن اللقاءات بين إثيوبيا ومصر على أرضه، للتأكيد على أن الأمر بين السودان ومصر وإثيوبيا يحل بالحوار، خاصة أنه لا يمكن لأحد أن يمنع دولة من الدول التى يمر بها النهر أن تبنى سدًا من السدود.
هل ترى أن السد لا يمثل خطرًا على مصر؟
إذا جلسنا وتبادلنا المعلومات بشفافية، نستطيع أن نحل أى مشكلة، وهذا ما يحدث الآن بعد توقيع العقود وما وصلنا إليه.
ما رأيك فى ملف حلايب وشلاتين ومطالبات السودان بضمها؟
السودان دعا كل أبناء الوطن الواحد بكل أحزابهم وتشكيلاتهم وحركاتهم المسلحة للحوار للجلوس على مائدة واحدة والنظر بموضوعية للأمور، وفيما يتعلق بموضوع حلايب وشلاتين، المطلوب أن يتناقش الجانبين السودانى والمصرى بعملية وموضوعية ويستعرض كل طرف ما عنده من خرائط بنية صادقة للوصول إلى الحقائق، لأن الوصول للحقائق أفضل من ترك أجواء التوتر والمشكلات على حالها، ومهما كانت المشكلات فإن التفاوض هو الأفضل.
هل لعبت مصر دورًا فى المصالحة التى تمت فى السودان؟
نعم لعبت دورًا كبيرًا، ونأمل أن يستمر لصالح الاستقرار فى بلداننا ووحدة الصف ولصالح تحقيق النهضة المستدامة لشعوبنا وعلى المستوى الأفريقى والعربى والإسلامى.
خلال زيارة البشير للقاهرة تم الإعلان عن إنشاء منطقة تجارة حرة بين مصر والسودان، وقبلها كان افتتاح معبر أرقين الحدودى بين البلدين، هل سيساعد ذلك فى زيادة التبادل التجارى بين البلدين؟
حجم التبادل التجارى بين ومصر والسودان أاقل وأضعف بكثير بين دولتين شقيقتين بينهما مشتركات كثيرة، وإذا رأينا عدد السودانيين الموجودين فى مصر وعندهم شقق أو فيلات أو تجارة، ومن يأتون للسياحة سنجد هذا العدد كبيرًا جدًا.
لذلك يجب أن نسعى إلى رفع مستوى التبادل التجارى والاقتصادى والاستثمارى، والتبادل فى المجالات الأخرى كالتعليم والصحة ومختلف القضايا.
وأعتقد أن بناء هذه المعابر بين البلدين وإنشاء الطرق سواء كانت نهرية أو برية أو سكك حديدية، هو ما سيسهل مسألة التبادل التجارى.
كيف ترى الوضع فى مصر حاليًا؟
ما يواجهه الشعب المصرى والسيسى من إرهاب وحصار اقتصادى يجعل من الصعب على أى إنسان أن يتحرك خاصة وأن المنطقة العربية مليئة بالظلام حاليًا، وأتمنى لمصر مزيدًا من الاستقرار والسلام ومزيدًا من الحوار بين كل الفرقاء، وأن تعمها الوحدة والسلامة.
هل ملف الإرهاب من ضمن الملفات التى سيكون هناك تعاون بين مصر والسودان فيها؟
بالتأكيد.. ملف الإرهاب يجب أن يكون من أولويات التعاون بين مصر والسودان خاصة فى ظل خبرة مصر فى هذا المجال.