شهدت الفترة الماضية عددًا من الأزمات المتلاحقة، والتى فشلت الحكومة فى التعامل معها وفقا لرؤية عدد من نواب البرلمان، وعلى رأسها الانخفاض الحاد لسعر الجنيه أمام الدولار، وزيادة معدلات التضخم، وظهور بعض السياسات الاحتكارية والتى أدت فى النهاية إلى ارتفاع جنونى فى أسعار السلع والخدمات.
محمد بدراوى: المجموعة الاقتصادية فشلت فى إدارة أزمة الدولار
قال النائب محمد بدراوى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية وعضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، إن حكومة المهندس شريف إسماعيل هى الأسوأ على مدار الأربعين عاما الماضية، مضيفا: "الحكومة لم تستطع مواجهة أو حل أى مشكلة من المشاكل الاقتصادية أو غيرها، بل تفاقم فى عهدها الأزمات".
وأوضح "بدراوى" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن معدلات التضخم زادت فى عهد الحكومة الحالية من 9.2% إلى ما يقرب من 17%، بما يعنى ارتفاعا غير مسبوق فى الأسعار، وهو ما فشلت الحكومة فى مواجهته أو الحد منه، قائلا: "من المتوقع أن تشهد الشهور القادمة ارتفاعا لاستمرار ارتفاع معدلات التضخم".
وأشار "بدراوى" إلى أن الحكومة أصرت على خفض سعر الجنيه أمام الدولار، دون طرح للعملة الدولارية فى البنوك الرسمية لتترك رجال الأعمال وأصحاب المصانع وغيرهم للسوق السوداء فى ظل عدم توافر العملة، موضحًا أن الحكومة تسلمت إدارة الدولة المصرية وسعر الدولار 7.65 جنيه، تتضاعف ليصل إلى 16 جنيها فى السوق السوداء، و8.75 فى البنوك الرسمية، وهو الأمر الذى زاد من موجة ارتفاع الأسعار.
ولفت "بدراوى" إلى أن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يفيد بأن أكثر من 16% من سكان مصر لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية وأن 57% من سكان الريف بالوجه القبلى فقراء مقابل 17.7 فى ريف الوجه البحرى، وأن نسبة الفقر زادت من 16.7 عام 1999 إلى 28 وهى أعلى نسبة فقر فى الفترة الأخيرة.
وشدد "بدراوى" على أن المجموعة الاقتصادية لم تقدم أى حلول حقيقية لحل أزمات مصر الاقتصادية، غير سياسات الاقتراض وفرض مزيد من الضرائب على المواطنين، لافتا إلى أنه تقدم بمقترحات لزيادة موارد الدولة سريعا منها إعادة جدولة مستحقات الشركاء الأجانب كشركة سيمنس وشركات البترول العاملة فى مصر بحدود سماح إضافية من ١٢ إلى ٢٤ شهرًا حتى ولو بتمويل وتكلفة إضافية، بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة على الدولار بالبنوك إلى ٧٪ فى حسابات جارية دولارية بفائدة يوم بيوم بحد أدنى خمسة آلاف دولار للأفراد و٢٥ ألف دولار للشركات واستهداف مليون حساب جارى دولارى من هذا النوع مما يوفر خمسة مليارات دولار وهذه الحسابات فى الداخل والخارج.
وأكد ضرورة إرجاء الأعمال بالمشروعات الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة وخطة الطرق ومحطات الكهرباء الجديدة لمدة ستة أشهر، لكى يحدث التوازن المطلوب فى أسواق الصرف ويتم توفير هذا الفائض من الضخ الدولارى للاحتياجات الملحة ثم نستعيد العمل لاحقًا".
وطالب أيضا بضرورة التخطيط السليم لأولويات الإنفاق بحيث يتم توفير كل النفقات الحكومية غير الضرورية كالسيارات الجديدة ومظاهر الاحتفالات وكذلك الاكتفاء بما تم الانتهاء منه من بناء الشقق الجديدة، بحيث يتم حساب ما تم سداده فعلاً من جدية التعاقد من المواطنين بالعدد وبحيث تنخفض موازنة الإسكان التى تضاعفت بلا داعٍ على حد قوله، وبما يغطى الطلبات الحقيقية.
وشدد أيضا على ضرورة تخفيض سعر الأراضى للمصريين العاملين فى الخارج إلى ٣٥٠ دولارا للمتر مع طرح عشرة آلاف قطعة مرفقة فوراً بإجمالى ٢ مليار دولار، وطرح الاحتفاظ بـ٥٠٪ من حصيلة الصادرات بالبنوك المصرية للمصدرين مقابل زيادة نسبة دعم الصادارات إلى ١٠٪ سنوياً.
واستكمل "بدراوى": "من الضرورى رفع كل القيود على حدود السحب والإيداع الدولارى وكذلك التحويلات بأى أرقام وكذلك دخول الأفراد بالدولار بأى أرقام، ودمج عدد من الوزارات لتخفيض النفقات بحيث لا تتخطى عدد الوزارات ٢٧ وزارة وهذا سيؤدى إلى وفرة فى النفقات تصل المليارات.
واختتم "بدراوى": "لابد من فتح 10 مصانع يومياً من المصانع المغلقة بمبادرة واضحة من الدولة وزيارة مباشرة من وزير الصناعة ورئيس هيئة التنمية الصناعية ورئيس البنك المركزى ووزير الحكم المحلى بحيث تحل المشاكل فوريا سواء مشاكل تمويلية أو حكومية وإعطاء أمل واضح لاتجاه الدولة لزيادة الإنتاج والتشغيل".
رئيس لجنة الخطة: المجموعة الاقتصادية لحكومة شريف إسماعيل تعانى من غياب الرؤية
فيما قال النائب حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد صعبة على الوزراء أنفسهم وتحتاج لجهد كبير للسيطرة عليها، مؤكدا أن المجموعة الاقتصادية بحكومة المهندس شريف إسماعيل يعيبها غياب التنسيق وعدم وضوح الرؤى فيما بينهم.
وأضاف "عيسى" لـ "برلمانى"، قائلا: "وزراء المجموعة الاقتصادية فى جزر منعزلة لا يوجد تقارب فى الأفكار فيما بينهم"، مؤكدًا أن الموقف يمثل التحدى الكبير والصعب، وقد حقق الوزراء بعض النجاحات ولكنهم فى حاجة لمزيد من التنسيق والتوافق والعمل كفريق متكامل.
وتابع "هناك اختلالات اقتصادية لم تعالج أثرها على مدار عقود أدت فى النهاية إلى أن السلع والخدمات المعروضة أقل من الطلب، وكانت النتيجة ارتفاع فى الأسعار وزيادة نفوذ الفاسدين والمحتكرين لتحقيق أرباح ضخمة".
وأكد رئيس لجنة الخطة والموازنة على أن الصناعة الوطنية قوية وهناك بنية تحتية للمصانع التى تم إنشاءها قبل سنة 80 وبعدها، ولكنها عانت من الإهمال وأصبحت بذلك فرصة ذهبية لإعادتها مرة أخرى لتساهم فى توفير نحو 60% أو 70% من احتياجات المواطنين، متوقعًا إجراء تعديل وزارى وشيك قد يمس المجموعة الاقتصادية.
أشرف العربى: حذرنا الحكومة من شهور ومفيش استجابة حصلت وقعدنا نستلف بس
وبدوره قال النائب أشرف العربى، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إنه من الصعب الجزم بفشل الحكومة من عدمه، ولكن كان هناك تباطؤ فى اتخاذ خطوات عدة وهذا أمر لا تتحمله الحكومة فقط بل البرلمان أيضًا، قائلا: "نبهنا من 7 شهور قبل ما تحصل أزمة الدولار ومحصلش حاجة.. وقعدنا نستلف ونستلف لحد ما الأزمة تضخمت أكتر لكن لم يحدث".
وتابع: "حذرنا من فرض ضرائب جديدة على الناس وهما قالوا مش هيعمل حاجة والأسعار مش هتعلى وحصل اللى كنا متوقعينه وأكتر"، مشيرا إلى أن أزمة غلاء الأسعار التى يعانى منها الشارع ليست بسبب الدولار فقط بل هناك عوامل أخرى مرتبطة ببطء اتخاذ القرارات.
وأشار "العربى"، إلى أن النواب طالبوا الحكومة بضرورة موقفها من سعر الصرف ولكنها لم تقوم ذلك لأسباب غير معلومة رغم أنها كان لديها احتياطى لمواجهة سعر الصرف، وكان له تأثير على التجارة والصناعة والاستثمار، موضحًا أن من ضمن الشواهد التى تؤكد بطء الحكومة قانون الاستثمار، والذى كان من المفترض الانتهاء منه وإقراره منذ شهور ولم يحدث ذلك والحكومة لم تنتهى بعد من صياغته.
وأضاف أن بعض القرارات التى اتخذتها الحكومة على الأرض كانت غير قابلة للتنفيذ، لافتا إلى أنه رغم كل ذلك إلا أنه يرى صعوبة أن يتم تغيير تلك المجموعة الاقتصادية فى منتصف طريق المباحثات مع صندوق النقد.
وكيل "الخطة والموازنة": الحكومة فشلت فى مواجهة انفلات الأسعار والتحكم فى الدولار
ومن جانبه أكد مصطفى سالم، وكيل لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، أن الحكومة تغيب عنها الرؤية الواضحة، وهذا الأمر فى الحكومة ككل، خاصة وزراء المجموعة الاقتصادية والمجموعة الخدمية من بينهم الصحة والتربية والتعليم والصحة.
وأضاف "سالم" فى تصريحات لـ"برلمانى"، أنه من الضرورى إصدار قرار سريع لتغيير الحكومة وعرضه على البرلمان فى أولى جلساته ولابد ترشيح وزراء يكون لديهم الرؤية والخبرة الكافية للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية السيئة ويكون لديهم القدرات التى تؤهلهم على إيجاد حلول بديلة وغير تقليدية لزيادة موارد الدولة وتعظيم الإنتاج واستغلال إمكانيات الدولة ووضع أولويات لمعايير الإنفاق بهدف تخفيض عجز الموازنة وضبط الأسعار وتخفيف العبء عن كاهل المواطن الذى تحمل وما زال يواجه صعوبات بشكل يومى.
وأشار إلى أن "أبرز الشواهد التى تؤكد ذلك، هو عدم القدرة على السيطرة على الارتفاع المستمر فى أسعار الدولار، والانفلات الكبير فى أسعار السلع كافة وخاصة السلع الحيوية المتعلقة بالمواطنين بشكل يومى مثل الأرز والسكر، وعدم قدرتهم على زيادة موارد الدولة ولجوءهم إلى اقتراح قوانين وإصدار قرارات تعود بالسلب على المواطن.
وهدد وكيل لجنة الخطة والموازنة، بأنه فى حال استمرار الوضع على ما هو عليه لم يتم تغيير الحكومة وإجراء التعديلات التى تؤدى إلى تحسين خلال الفترة القليلة القادمة، فإنى أدرس ومعى مجموعة من النواب إلى التقدم بطلب لسحب الثقة من الحكومة.
نائب: الحديث عن تعديل وزارى دون النظر إلى الشق الاقتصادى مجرد "مكياج"
وقال الدكتور محمد فؤاد، عضو مجلس النواب: "الحديث المتداول عن تعديل وزارى مرتقب فى وزارات الرى والتضامن والثقافة والآثار والبيئة سيكون تعديلا غير مؤثر أو ذا جدوى، حيث إن مشاكل مصر الحالية لا تتمثل فى رى أو ثقافة فحسب، ولكن هناك مشكلتين رئيسيتين وهما التضخم وعجز الموازنة".
وأضاف "فؤاد": "قد عجزت الحكومة الحالية بوزرائها عن السيطرة عليهما، ومن ثم أصبح من الضرورى الحديث الجدى عن رحيل رئيس الوزراء الحالى، على أن يكون رئيس الوزراء الجديد شخصية اقتصادية تستهدف السيطرة على التضخم وعلى عجز الموازنة لا تقديم حلولا للأعراض فقط".
وأكد "فؤاد"، أنه تقدم باستجواب فى شهر يوليو حول خروج التضخم عن السيطرة ومدى ارتفاع معدلات الفقر وارتفاع عجز الموازنة حيث إن حكومة المهندس شريف إسماعيل بعيدة كل البعد عن جذور الأزمات الاقتصادية بلا خطط واضحة لمواجهة الأزمات والعمل عليها من الجذور.
والدليل على ذلك هو التحدث عن التقشف دون وجود خطة واضحة للتقشف فى ظل وجود المستشارين الذين لا يقدمون ولا يأخرون ويتقاضون مرتبات مهولة، والحديث عن الاستثمار فى ظل انفلات سعر الصرف وتذبذب المعروض من السلع الأساسية فى الأسواق.
وأضاف "فؤاد" أنه ينبغى عند الحديث عن تعديل وزارى أن الشق الاقتصادى الذى هو قاطرة التنمية، وأى تعديل دون ذلك سيكون تعديلا شكليا لا يعدو مجرد "مكياج" يغطى عدم القدرة على السيطرة على الأزمة الحقيقية.
واختتم "فؤاد" حديثه، قائلا: إن الحديث عن ضبط الأسواق ومواجهة الجشع الذى يغلب على تصريحات الوزارة الحالية هو كلام فضفاض ومسكنات لا تلمس المشاكل الأساسية فى الصورة الاقتصادية الكاملة التى يجب أن تستهدف التضخم وعجز الموازنة فى ضوء ما جاء فى بيان الحكومة من مستهدفات اقتصادية واضحة وإلا صار كلاما فى الهواء.