تهمة ازدراء الأديان، شاع استخدامها فى الفترة الأخيرة وسط مطالبات عدد من أعضاء مجلس النواب بإلغائها، وهو الأمر الذى قوبل برفض أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية بأغلبية أعضائها، وبداية نوضح أنه لا يوجد لهذه الجريمة باب مستقل بقانون العقوبات، لكنها تندرج تحت نصوص مختلفة تنظم حالات معينة يتعلق بعضها بطريق مباشر بالأديان وبعضها يتعلق به، ولكن بطريق غير مباشر.
وأدرجت المواد الخاصة بالقانون فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات، ومنها المادة 98 ووضعت عندما استخدمت الجماعة الإسلامية منابر المساجد للإساءة للدين المسيحى، فوضع السادات قانوناً يجرم به استخدام أى دين لسب دين آخر.
ونصت الفقرة (و) من المادة 98 على :"أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تتجاوز الـ5 سنوات أو بغرامة لا تقل عن 500 جنيه ولا تتجاوز الـ1000 جنيه كل من استغل الدين فى الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار منطوقة بقصد الفتنة أو تحقير أو ازدراء الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى".
فيما تنص المادة 161 على أن يعاقب بتلك العقوبات على كل تعد يقع بإحدى الطرق المبينة بالمادة 171 على أحد الأديان التى تؤدى شعائرها علناً، ويقع تحت أحكام هذه المادة كل من طبع أو نشر كتاباً مقدساً فى نظر أهل دين من الأديان التى تؤدى شعائرها علناً إذا حرف عمداً نص هذا الكتاب تحريفاً يغير من معناه أو قدم تقليداً أو احتفالاً دينياً فى مكان عمومى أو مجتمع عمومى بقصد السخرية به.
ونصت المادة 176: على أن يعاقب بالحبس كل من حرض على التمييز ضد طائفة من طوائف الناس بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة إذا كان من شأن هذا التحريض تكدير السلم العام.
وقد تم اتخاذ رأى اللجنة بالتصويت بالنداء بالاسم، حيث رفض 20 نائبًا المقترح مقابل موافقة 3 فقط وامتناع نائب عن التصويت، حيث وافق على المقترح النائبة سوزى ناشد، والنائبان علاء عبد المنعم وإيهاب الخولى أمين سر اللجنة، وامتنع النائب جمال الشريف عن التصويت.
ورفض إلغاء مادة ازدراء الأديان 20 نائبًا من أعضاء اللجنة التشريعية وهم، دعاء الصاوى، حسن بسيونى، خالد حنفى، عبلة الهوارى، مصطفى بكرى، محمد محمود مصطفى سليم، محمد سليم، محمد صلاح خليفة، عبد المنعم العليمى، أبو المعاطى مصطفى، علاء عبد النبى، لطفى شحاتة، محمد مدينة، محمد أبو زيد، سامى رمضان، محمد عطا سليم، نبيل الجمل، أحمد حلمى الشريف، والمستشار بهاء الدين أبو شقة رئيس اللجنة.
محمد زكريا محى الدين: يجب إلغاء مادة ازدراء الاديان.. ويؤكد: تخالف الدستور
وفى هذا السياق قال النائب محمد زكريا محيى الدين، وكيل اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، وصاحب مشروع القانون بشأن إلغاء مادة ازدراء الأديان، إنه مستاء من قرار اللجنة التشريعية بشأن رفض مشروع القانون المقدم منه بشأن إلغاء مادة ازدراء الأديان.
وأشار "زكريا" إلى أن هذه المادة مخالفة للدستور فى المواد 64 – 65 – 67 – 71 – 92 ، قائلا: "إن حذف الفقرة (و) من نص المادة 89 يجب ويحق تأسيسا على مخالفة النص لمواد الدستور المادة 64 من الدستور نصت وبكل وضوح وبما لا يدع مجالا لشك فى فقرتها الأولى على أن (حرية الاعتقاد مكفولة)، وذلك دون قيد أو شرط، فى الوقت الذى اعتبر نص المادة 98 فقرة (و) من قانون العقوبات المطلوب إلغاؤها أن ذلك جريمة.
ولفت أيضا إلى أن المادة 65 من الدستور نصت على عدم تجريم حرية الرأى وعدم تجريم التعبير عنه بأى وسيلة مادامت هذه الوسيلة سلمية، أما المادة 67 من الدستور نصت تحديدا على حماية حرية الإبداع بكل وضوح (حرية الإبداع الفنى والأدبى مكفولة)، كما نصت بكل وضوح فى فقرتها الثانية على عدم جواز توقيع عقوبات سالبة للحرية فى الجرائم التى ترتكب بسبب علانية المنتج الأدبى أو الفنى أو الفكرى بنص واضح لا لبس فيه.
وتابع: "ويأتى نص المادة 92 من الدستور ليضع مبدأ دستوريا يلزم المشرع بإلغاء كافة النصوص التشريعية التى تعطل أو تنتقص من الحقوق والحريات المنصوص عليها بدستور أو تمس أصل وجوهر هذه الحقوق والحريات بتقييدها".
وشدد "محيى الدين" على أن نص الفقرة (و) بالمادة 98 من قانون العقوبات تخالف نصوص الدستور بشكل صريح لذا أطلب من المجلس الموقر سرعة قبول التعديل المرفق الذى ينطوى على ضرورة إلغاء الفقرة سالفة الذكر".
وتساءل "محيى الدين": هل بعد 33 عاما من العمل بهذه المادة؟ وهل تم التصدى للجرائم الطائفية ضد الأقليات الدينية بشكل عام والأقباط بشكل خاص باعتبارهم أكبر كتلة للأقلية الدينية؟، هل توقفت الاعتداءات على الكنائس واستهداف الأقباط والتهجير القسرى؟ ألم تكن الجلسات العرفية هى سبيل الحكومة لحل مثل هذه الأحداث لتتحول الدولة إلى قبيلة كبيرة؟ ألم تغض الحكومة الطرف عن كثير من الأحداث الطائفية ضد الأقباط؟ وهل تحول قانون ازدراء الأديان إلى قانون ازدراء الإسلام السنى، بعدما أصبح أداة فى يد الأصوليين ليرفعوا به ما أرادوا من قضايا تكفير ضد خصومهم؟
استطرد متسائلا: ألم يتم استخدام هذا القانون فى رفع قضايا ضد المفكرين والكتاب وأصحاب الرأى وأودعهم السجون كما المجرمين أكثر مما تم استخدامه لردع المحرضين ضد الأديان وأصحابها؟
واستكمل: "بموجب هذه المادة تم الحكم بسجن 4 أطفال بالمنيا، والحكم بحبس إسلام البحيرى لمدة عام، والحكم على الكاتبة فاطمة ناعوت بالحبس لمدة 3 سنوات"، مؤكدا أننا لسنا فى حاجة مطلقة لهذه المادة، حيث إن المادة 160، 161 من قانون العقوبات قامت بصياغة قانونية ضد المحرضين، وحددت الحد الأقصى لعقوبة (5 سنوات) فى حالة تخريب أو تدنيس دور العبادة أو انتهاك حرمة القبور أو الاعتداء على شعائر دينية لغرض إرهابى، ولو أن العقوبة فى رأيى ليست كافية، إلا أنه كل ما ينقص المشرع فى هذه المادة هو تغليظ العقوبة من 5 سنوات إلى المؤبد، بالإضافة إلى أن نص المادتين "160-161" من قانون العقوبات تحدد الجنح المتعلقة بالأديان، وهى واحدة من الأفعال الإجرامية الآتية:
(كل من شوش على إقامة شعائر ملة أو احتفال دينى خاص بها أو عطلها بعنف أو التهديد، كل من ضرب أو كسر أو أتلف أو دنس مبانٍ معدة لإقامة شعائر دين أو رمز أو أشياء أخرى لها حرمة عند أبناء الملة، كل من استغل الدين فى الترويج أو التحبيذ بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى، أو الطعن فى كتاب مقدس أو تحريفه عمداً، أو السخرية من الاحتفالات الدينية).
واختتم قائلا: "فى النهاية لابدّ من أن تمتد مظلة القانون لتجرّم "خطاب التحريض على الكراهية والعنصرية"، أى أن التجريم يشمل أى خطاب يدعو للكراهية أو ممارسة العنصرية ضد أحد أو بعض المواطنين بسبب الدين أو الطائفة أو المذهب أو العرق أو الجنس أو اللون أو الإقليم أو الانتماء السياسى، وينص كذلك على احترام مشاعر أهل هذه الأديان والطوائف والأعراق والأجناس، والأهم هو أن يضع القانون تعريفات دقيقة وحاسمة لمفاهيم الإهانة والتحقير والتحريض على الكراهية وممارسة العنصرية، حتى لا يُساء استخدام مواده كما يحدث اليوم.