لا ينتهى الحديث عن إعادة إنقاذ شركات قطاع الأعمال العام، المملوكة للشعب المصرى، وبين الحين والأخر يخرج أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال العام، ليعلن أن الوزارة جادة فى الاستغناء عن قيادات فى مجالس الإدارات تجاوز عزمها الـ60 لإعطاء فرصة للشباب، لكن وبالبحث تكشفت حقيقة مؤلمة مثل ظاهرة القيادات العجوزة بل أكثر ألمًا منها وهى مشكلة تهالك غالبية ماكينات شركات القطاع إلا قليلًا، لذلك قام "برلمانى" باستطلاع آراء كل المعنيين فى القضية للوقوف على جميع الحقائق.
محمد خليفة يحذر من استمرار تشغيل ماكينات قديمة لتسببها فى احتجاجات عمالية
قال الدكتور محمد خليفة عضو مجلس النواب عن دائرة بندر المحلة الكبرى، إن استمرار اعتماد الشركات الحكومية على ماكينات متهالكة ما هو إلا إهدار للمال العام وضغط على موازنة الشركات حاليًا وفى المستقبل، مطالبًا بسرعة العمل على إحداث تغييرات سريعة فى أصول الشركات من أجل دعم الصناعة، مؤكدًا أن المسؤولين يتحدثون عن دعم الصناعة لزيادة النمو وتعميق مفهوم التنمية المستدامة وهم أول من لا يفهم هذه الكلمات.
وأوضح أن كلما قدم عمر الماكينات كلما زادت الأعطال بها وهو ما سبب مشكلات عديدة، وبالتالى قلة الإنتاج وقلة الإيرادات، ومن ثم خروج احتجاجات عمالية بسبب قلة الحوافز والبدلات بخلاف التأثيرات السلبية على الاقتصاد بشكل عام.
وقال النائب البرلمانى، إن هناك العديد من الشركات التى مازالت تعتمد على ماكينات متهالكة مثل الشرقية للدخان فى مقرها بميدان الجيزة، ومثل شركة غزل المحلة فى مصنعين، وشركة قها وأدفينا للصناعات الغذائية، أيضًا شركة الكوك المصرية للفحم، وشركة الحديد والصلب المصرية.
عزت المحلاوى: قطاع الأعمال يعمل بـ40% من طاقته الفعلية الحقيقية
أما القيادى العمالى عزت المحلاوى عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب، فأكد أن الحكومة إن لم تلتزم ببرامج الإصلاح التى تعهدت بها أمام البرلمان وأعادت إحياء شركات القطاع العام فلن يكون لم قاعدة صناعية استراتيجية تحميها وقت الأزمات وتستوعب العمالة، وستكون الحكومة أمام مشكلة كبيرة هو تزايد أعداد البطالة، مشيرًا إلى أن جميع دول العالم تحافظ على القطاع العام حتى فى الدول الرأسمالية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
واستطرد: "الكثير من شركات قطاع الأعمال العام بها ماكينات متهالكة لذلك القطاع يعمل بحوالى 40% من طاقته الفعلية الحقيقية".
يوجد مصنعين فى شركة مصر للغزل والنسيج هما مصنع كر الفضلات، ومصنع غزل 4، وعمرها ماكينات المصنعين تتراوح بعضها ما بين 60 إلى 70 سنة، بينما يوجد ماكينات تم استبدالها مؤخرًا بأخرى جديدة.
مسؤول حكومى لدينا ماكينة حلج أقطان من سنة 1870
كان الدكتور أحمد مصطفى رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، قال إن شركات حليج الأقطان بها ماكينات منذ عام 1870، وأصبحت ماكينات تاريخية مكانها المتحف، وتستهلك كميات مهولة من الطاقة أكبر من قيمة القطن نفسه، وأنه جارى استبدالها بماكينات جديدة لأن الحالية تعمل بمواتير تصل قوة الواحد 380 حصانًا، وهذه القدرة قادرة على جر قطار، وليس تشغيل ماكينة محدودة، بما يشير إلى استهلاكها الهائل للطاقة، مؤكدًا أن العالم يعمل الآن بماكينات من الجيل الـ14، والفارق هائل سواء فى توفير الطاقة بمعدل النصف، أو مضاعفة الإنتاجية اليومية 4 مرات.
خبير اقتصادى: "فى ماكينات مش جايبه همها"
أكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى والقيادى بقطاع الأعمال العام، أن شركات القطاع بها العديد من الأفكار والمعدات المتهالكة والتى تسعى جميع الجهود الرئاسية والحكومية أيضًا لتداركها وإحداث طفرة نوعية، لافتًا إلى أن المشكلات التى عانى منها القطاع خلال العقود الثلاثة الماضية أخرت اتخاذ قرارات مهمة أبرزها تغيير العقول والماكينات التى مر عليها 60 سنة، فمن غير المعقول أن تعمل ماكينة.
وأضاف رشاد عبده، أن شركات قطاع الأعمال تقوم بعدد من الخطط لإعادة الهيكلة للتغلب على الماكينات التى مر عمرها الافتراضى، مشيرًا إلى أن الحديث عن عدم وجود ما يسمى بالعمر الافتراضى للماكينات هو أمر غير عملى، فكل ماكينة لها ساعات عمل محددة فى اليوم وساعات للراحة وكذلك عدد محدد من السنوات، ومن ثم تتهاكل وتحتاج لصيانة دورية وتغيير قطاع الغيار وبلغة الاقتصاد تسمى "مش جايبه همها" لأن ما ينفق عليها من عمليات إصلاح شبه يومية يمكنه أن يشترى ماكينة جديدة إذا تم جمع المبالغ التى أنفقت على الماكينة.
خبير هندسى: أقصى عمر لماكينة 40 سنة وثمن تكلفتها بعد ذلك يشترى أخرى جديدة
من جانبه، قال المهندس عبدالله عبدالرحمن الخبير فى هندسة الماكينات، أن متوسط العمر الافتراضى للماكينة الضخمة متوسط عمره 20 سنة، بينما السيارات من 5 سنوات إلى 7 سنوات، ماكينات التكييف المركزى من 15 إلى 20 سنة، ماكينات الصناعة والطباعة من 20 إلى 40 سنة.
وقال: "بعد انقضاء متوسط العمر الافتراضى للماكينة يبقى كتر خير الزمن، أما الكلام عن عمل الماكينة لأكثر من ذلك فهذا استهبال وإهدار للمال العام وعدم تحمل للمسؤولية لأن التأثيرات المترتبة على تكرار الأعطال واستهلالك قطع الغيار وتوقف خطوط الإنتاج وتعطل تسليم الطلبيات، تكون جميعًا تكلفتها أكبر من عائدها".