حالة من الغضب انتابت الأوساط الثقافية المصرية، عقب تصريحات النائب أبو المعاطى مصطفى، التى قال فيها: "السكرية وقصر الشوق فيهما خدش حياء، ونجيب محفوظ يستحق العقاب بس محدش وقتها حرك الدعوى الجنائية ".
وزير الثقافة الأسبق: فلنقبض على الصحابة ومن كتبوا "ألف ليلة وليلة"
اعتبر جابر عصفور، وزير الثقافة الأسبق، تصريحات النائب أبو المعاطى مصطفى، التى قال فيها: "السكرية وقصر الشوق فيهما خدش حياء، ونجيب محفوظ يستحق العقاب بس محدش وقتها حرك الدعوى الجنائية"، إنها تعكس ثقافته قائلا: "لا حول ولا قوة إلا بالله، مسكين لا يقرأ شىء ثقافته ضعيفة جدا".
وأضاف وزير الثقافة الأسبق، فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن هذا النائب نقض الدستور الذى جاء به إلى البرلمان فالمادة 67 من الدستور تنص على أنه لا مساس بالحريات فى قضايا النشر أو الفكر أو الإبداع، فالواضح أن هذا النائب لا يستطيع أن يميز بين الأعمال الأدبية وغير الأدبية لدرجة أنه ليس لديه ثقافة ولا يعرف قيمة نجيب محفوظ.
وتابع عصفور، لو سلمنا بكلامه بمعاقبة نجيب محفوظ، فيجب أن نعاقب أغلب أدباء العالم، ابتداءً من "ابن عباس" نفسه، ففى كتاب الإتقان فى علوم القرآن"، كتب أنه كان ينشد شعرا فى المسجد، فدخل أحدهم وقال له أتنشد شعرا فى المسجد فقال نعم وتلى بيتين من الشعر، استحى أن أقولهم، فهل نعاقب "ابن عباس"، وعلى كلامه فلنقبض على الصحابة وعلى والمؤلفين ومن كتبوا ألف ليلة ولية ومن كتبوا عن الجنس فى التراث العربى كله، فمشكلته ثقافية وقانونية ودستورية.
جابر عصفور: خدش الحياء.. كلمة غامضة ولا يجب أن تكون مادة قانونية
وأردف "عصفور"، كلمة خدش الحياء كلمة غامضة ومدلولها يختلف من زمن لزمن ومن بيئة لبيئة، فمثلا فى البيئة السلفية، المرأة لو كشفت عن وجها يعد ذلك خروجا عن الأخلاق وخدش حياء وأوساط أخرى مثل المذيعات يكشفن وجوههن، لذا هى كلمة مطاطة حمالة مئة وجه، لا ينبغى أن تكون مادة قانونية، فالمادة القانونية تكون محددة ومنطوقها واضح.
لميس جابر عن "أبو المعاطى": "لا ليه فى الأدب ولا القراءة "
من جهتها قالت الإعلامية لميس جابر، عضو لجنة الثقافة والإعلام والآثار بمجلس النواب: "أقطع دراعى لو يعرف الفرق بين الأدب والجرنال، ولا ليه فى الأدب ولا القراءة"، متابعة: "نجيب محفوظ لن يُهز من هذه التصريحات، فهو أديب "فلتة" فى الأدب المصرى لن تتكرر على مدى العصور عايزين 200 سنة ليخرج أحد مثله، وهل من حاول اغتياله قرأ له شىء، بالتأكيد لا.
وتابعت لميس جابر، "نحن فى عصر فوضى فكرية وعقلية وحنجورية وإلفات النظر مثل إلهامى عجينة المطالب بكشف العذرية، فما حدث شىء مؤسف جدا، سواء التصريحات ضد نجيب محفوظ أو استمرار عقوبة الحبس فى قضايا النشر"، وأيضا رفض مشروع قانون ازدراء الأديان، صعقت من اللجنة التشريعية كنت أعتقد أنها أكثر تفتحا وتنويرا.
الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد: خلط بين الإبداع وخدش الحياء
وقالت الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، مش عارفة أرد، لا أصدق ما أسمعه، ففخر مصر فى تاريخها هو"الثقافة الناعمة والإبداع"، وهما أحد أعمدة قوة مصر، ونجيب محفوظ ألهم البيئة المصرية، وقدم نماذج حية ورائعة، وتصريحات هذا النائب تجعلنا أمام ظاهرة يجب أن نقف عندها، فهل هناك إدراك لمعنى الفن والإبداع، فهذه محاولة قتل للإبداع والمبدعين، ثم من يقبل خدش حياء المجتمع؟.
وتساءلت سكينة فؤاد، ما هو مفهوم "خدش الحياء"، فيجب أن نكون محددين بدلا من العبارات المطاطة، حتى لا يخرج من يقول أى شىء، فمكونات مصر الثقافية تفرق بين الفن والحياء، وأشكر حكم قاضى فى إحدى المحاكم أثناء محاولة مصادرة رواية"ألف ليلة وليلة"، وقال: "لا مصادرة على خيال وإبداع"، مضيفة تلك التصريحات هى خلط بين الإبداع والخيال الأدبى، وإبداع نجيب محفوظ وخدش الحياة، لذا نخشى من العبارات المطاطة، فخدش الحياء هو ما يتناول السيرة الخاصة والتدخل فى الحياة الخاصة للأفراد، ونحن شعب له قيمه ونحافظ عليها دون قانون.
النائب أبو المعاطى: يجب معاقبة مخرجى وممثلى ومنتجى أفلام نجيب محفوظ
قال النائب أبو المعاطى مصطفى فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى": "هى أفلام نجيب محفوظ بس هى اللى فيها خدش حياء، كل المسلسلات والأفلام النهارده عُرى، أولا نجيب محفوظ ممثلش الفليم، يتعاقب من مثل الفيلم ومن وضع السيناريو واللى أخرجوها واللى أنتجوها دول اللى يتعاقبوا، فممكن النص كتب بشكل وتم تمثيله بشكل آخر".
وأضاف مصطفى: "قرأت لنجيب محفوظ عندما كنت صغيرا الجبل والحرافيش، ولست ناقدا أدبيا لتقييم أعماله، هو كاتب رائع ومحترم ولكنه عبر عن القاع المصرى بشكل خارج وفظ، وهو حد حرك دعوى جنائية ضده علشان نتكلم يتعاقب ولا لا، مقلتش مجرم أو أنه مش محترم، ولكن نريد الحفاظ على قيم المجتمع، فالأعمال السابقة ينطبق عليها مفهوم خدش الحياء ولكن الأهم تحريك الدعوة القضائية ضده والنيابة العامة هى من تحركها".
وتابع مصطفى، الأصل فى الموضوع الحبس فى قضايا النشر فيما يتعلق بخدش الحياء وهو الأصل ويجب أن يعاقب بالسجن، فللمساواة لا يجوز أن صحفى يخدش الحياء وعقوبته غرامة ومواطن عادى عقوبته الحبس، والدستور رسخ مبادئ وقيم اجتماعية وأكثر من نص، هل نسقط عقوبة الحبس فى قضايا النشر أم لا، وتساءل هل تقبل أنت أن تتزوج امرأة نشرت صور لها عارية، أو تظهر زوجتك أو أختك عارية، فهذا خدش حياء وهو مثال واضح، فهل تقبل أن يتم تمثيل عملية جنسية وكيف يتم الجماع ويعرض على الأسرة فهذا خدش حياء؟.
يذكر أن اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بالنواب الاثنين، شهد مشادات كلامية خلال مناقشة مشروعى قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر رقم 58 لسنة 37 الخاص بقضايا النشر، والمواد المتعلقة بخدش الحياء العام، وبدأت المشادة بين الدكتور أحمد سعيد، والنائب سمير رمضان والنواب علاء عبد المنعم وناديه هنرى وأبو المعاطى مصطفى.