سألناه عن عام قضاه فى «طرة» فأجاب: «ما تفكرونيش بالأسية».. و«30 يونيو» هى الثورة الحقيقية
اعتذرت عن عدم رئاسة برلمان 2010 وقلت لهم: «كفاية سيبونى فى حالى».. وصاحب القرار ألح وقال لى: «معلش.. علشان خاطرنا»..
يرد على تزوير انتخابات «عز»: «أستنكرها إن صحت»
معلقا على غياب المعارضة فى برلمان 2010: "قلت لهم هو إحنا مجانين.. كده مش هنشوف إلا نفسنا"
قضية «موقعة الجمل» أرادت التنكيل برجالات مصر
"معنديش لا فيلل ولا ملايين".. ولو كنت غنياً "مكنتش اشتغلت بالمحاماة"
عبارة "سيد قراره" متطابقة مع الدستور.. ولا يجوز للقضاء النظر فى أعمال السيادة
لابد من تطبيق حكم «النقض» فى دائرة الدقى والعجوزة فوراً
مزقت ورقة وقحة لجمال حشمت من أعلى المنصة وألقيتها فى سلة المهملات
على عبد العال شخصية محترمة ونتحدث تليفونياً .. "وعيدنا على بعض فى رأس السنة "
مبارك لم يطلب منى الدفاع عنه .. ولم أزره حتى لا يسوء التأويل
تعلمت أن يكون الحوار الصحفى مرتبطا بحدث كبير أو شخصية مُثيرة للجدل، فى ضوء ذلك أبحث عن تلك الشخصية كل يوم، لكن حينما يتعلق الأمر برجل مثل الدكتور فتحى سرور، فإن طريق الوصول صعب، خاصة أنه لم يتحدث منذ 2012 وحتى الآن، 5 سنوات من الصمت الذى يُخفى وراءه الكثير من الأسرار والكواليس.
أحمد فتحى مصطفى كامل سرور، الرجل الذى امتهن العمل الدبلوماسى والثقافى والسياسى، فضلاً عن المحاماة والعمل الدولى، بدءًا من عمله وكيلاً للنائب العام، ثم عضواً بهيئة التدريس بكلية الحقوق جامعة القاهرة، متدرجاً فى مناصبها حتى انتخب عميداً للكلية عام 1983، ثم رئيساً لمجلس الشعب لمدة 21 عاماً منذ ديسمبر 1990 وحتى 2011، مدرسة قانونية رفيعة، له كتبه ومؤلفاته التى لا تخلو مكاتب المحامين منها.
اختير فتحى سرور وزيراً للتعليم والتعليم العالى عام 1986، ووضع استراتيجية تطوير التعليم التى أقرها المؤتمر القومى للتعليم سنة 1987، فضلاً عن تدرجه فى السلك الدبلوماسى أيضاً حتى وصل إلى المندوب الدائم لجامعة الدول العربية لدى اليونيسكو فى الفترة من 1972 وحتى 1978.
تحدثت معه تليفونياً وكان غاية فى الود، ربع ساعة من النقاش، انتهى بقراره الحاسم «لن أُجرى حوارات صحفية، الكثيرون من رؤساء التحرير طلبوا منى ورفضت، قرار لن أتراجع عنه»، فأخبرته بكونى شاباً لم أُكمل الـ«25»، وأننى قرأت فى كتاب «رجل فوق العادة»، أن الدكتور «سرور» يتواضع للصغار، فضحك الرجل واتفقنا على أن أحضر فى اليوم التالى بمكتبه لنتناقش.
ذهبت فى اليوم التالى لجاردن سيتى، حيث مكتب الدكتور سرور، وما إن وصلت استقبلنى الرجل بترحاب كبير، ثم عاود منكفئاً يقرأ عددا من المذكرات القانونية، يناقشها مع محامين فى المكتب حرفاً حرفاً، يلتقط الأخطاء فى الحروف قبل الكلمات، انتهى وتحدث معى، نقلت له رغبتى الشديدة فى الحديث معه حول عدد من الأمور القانونية، فتجاوب مع الأمر، وقال لى: «أنت فى عمر أحفادى وأنا أحب أحفادى أكثر من أبنائى، ولو كنت أكبر من ذلك لرفضت»، واتفقنا على تجهيز بعض القضايا القانونية.
شدد الرجل على ألا تكون القضايا لها علاقة بالسياسة «التى طلقها» حسب وصفه، أو عن الماضى، أو أن أحضر معى مصوراً صحفياً، فهو «لم يعد يحب الضوء» وفق تعبيره، وقال: أنا راجل قانون وفقط وأحب أن تكون آرائى قانونية أعلمها للناس، وبالفعل ذهبت فى الموعد المُحدد، وقد جهزت ما تيسر من الأسئلة، وبدأت الحديث معه، ولم يبخل بالإجابة عن بعض ما فرضه اللقاء ويتعلق بالسياسة، وجدته مراوغاً محنكاً، يتقن اللغة والأساليب البلاغية، ذهنه حاضر، يغلف إجاباته بدبلوماسية هادئة، لا تقبل الرد أو الجدل.
وفيما يلى نص الحوار:
الحديث حول اتفاقية تعيين الحدود فجر جدلاً كبيراً حول مظاهر السيادة وصاحب ذلك تساؤل مهم: هل القضاء معنى بالنظر فى تلك الأعمال؟
قانون السلطة القضائية صريح فى ذلك الموضوع، القضاء ممنوع عليه النظر فى أعمال السيادة، وقد عُرفت أعمال السيادة بأنها كل ما يتعلق بأعمال الحكم، وهناك الكثير من الأحكام القضائية بهذا الشكل فى توقيتات مختلفة، وأرجو الرجوع إليها.
خلال جنازة شهداء الكنيسة البطرسية وصف الرئيس السيسى القوانين الحالية بالمكبلة للعدالة وعلى أثر ذلك تحدث مسؤولون عن وضع قانون جديد للإجراءات الجنائية.. ما رؤيتك بشأنه؟
- فى كتابى «حول الإجراءات الجنائية» كتبت صراحة أننا فى حاجة إلى إصدار قانون جديد للإجراءات الجنائية، وفى الجمعية العمومية للجمعية المصرية للقانون الجنائى التى أتشرف برئاستها، قررنا أن نضع نموذجاً علمياً لقانون الإجراءات الجنائية، وشكلنا مجموعات عمل على مبدأ فقهى علمى، وليس عمل تشريعى أسوة بما تفعل المعامل العلمية.
ويظن البعض أن قانون الإجراءات الجنائية قانون جنائى فحسب، ولكنه قانون جنائى ودستورى واقتصادى، هذا القانون هو مرآة المجتمع كله، ولهذا تجد أن أعظم الأبواب الموجودة فى دستور 2014 هى المتعلقة بالحقوق والحريات، وقد كان لى شرف وضع باب الحقوق والحريات فى دستور 1971 الذى يضاهى دساتير العالم، ولهذا أصدرت مؤلفاً عن القانون الجنائى الدستورى، وافتتحت فرعاً جديداً فى القانون الجنائى والقانون الجنائى الدستورى، الذى يهتم بوضع الأسس الدستورية لقانون الإجراءات الجنائية وقانون العقوبات.
وبالتالى فإن وضع قانون جديد للإجراءات الجنائية هو أمر دقيق وشاق، لأنها ليست مسألة فنية، هى مسألة تقتضى حساً ووعياً سياسياً رفيعاً، وقضائياً أكثر رفعة، ولا يظن إنسان أن قانون الإجراءات الجنائية، هو قانون جاء لكى يثبت التهمة، بل كما قال الفقهاء الفرنسيون، هو قانون للأخيار بينما قانون العقوبات هو قانون للأشرار، بمعنى أن قانون العقوبات يُطبق على المجرمين، لأنه قانون يُطبق على من يثبت ارتكابه جريمة، أما قانون الإجراءات الجنائية فهو يطبق على الأبرياء، لأن الأصل فى المتهم البراءة.
ولهذا أطالب بأن يضم قانون الإجراءات الجنائية الجديد العديد من الضمانات، وألا يكون أداة للبطش والهوان، والذى يظن أن قانون الإجراءات الجنائية للتنكيل والتعذيب يخدع نفسه، ولهذا فإن مرآة أى دولة ديمقراطية ليست فى القانون الدستورى فحسب، وإنما فى قانون الإجراءات الجنائية، وليس قانون الإجراءات الجنائية من أجل «تدليع» المجرمين، وإنما من أجل حماية الأبرياء.
وليس من أجل عدالة سريعة أن نبطش بالأبرياء، أو أن ننكل بهم، يجب أن يُوجِد هذا القانون ضمانات دقيقة جداً للتوازن بين إجراءات حاسمة سريعة تُطمئن المجتمع، وبين حماية الأبرياء وتوفير الضمانات لهم.
وأطالب الجميع بأن يقرأوا قضية «أوترو» التى هزت فرنسا كلها، وناقشها البرلمان الفرنسى سنة 2007، قضية اتُهم فيها البعض بأنهم هتكوا أعراض صبية، ونُشرت صور المتهمين وصور المجنى عليهم، وحُبس المتهمون احتياطياً لعدة سنوات، ثم قُضى ببراءة معظمهم، وأُثيرت القضية فى فرنسا وناقشها البرلمان الفرنسى، وأثناء المناقشة، اعترض البعض بأنه لا تعليق على أحكام القضاء، وردت الأغلبية بأنها لا تناقش أحكام القضاء، ولكنها تناقش أسباب تعطيل النظر فى هذه القضية، وأسباب تأخير الفصل فيها حتى وصل الأمر إلى البراءة بعد حبس المتهمين لمدة تصل إلى 5 سنوات، وعُدل قانون الإجراءات الجنائية لكى يلقى ضمانات أكثر للمتهمين، ولكى يضمن عدم التنكيل بالأبرياء.
وفى قضية «أوترو» وصل الأمر بعد أن قُضى ببراءة المتهمين، أن اعتذر النائب العام بباريس، واعتذر رئيس الجمهورية فى فرنسا، إلى أسر الضحايا وقال إن هذا الاعتذار يصدر منه لأنه وفقاً للدستور مسؤول عن التوازن بين السلطات، وكل ذلك كان علامة على انتصار الحريات والكرامة.
وفى تقديرك.. ما المطلوب فى قانون الإجراءات الجنائية الجديد؟
- نحتاج لسرعة الفصل فى القضايا، وكيف نوازن بين حماية الأبرياء والوصول لعدالة سريعة، فالقضايا الإرهابية والقضايا الحساسة، تحتاج إجراءات خاصة وسريعة، «لإن دى اللى باصصلها الناس، مش معقول واحد إرهابى يقتل عددا كبيرا من القوات المسلحة، زى حبارة، وآجى أفصل فى الحكم بعد 3 سنوات، دا كلام دا»، وللأسف تم هذا باسم القانون، لأن الإجراءات البطيئة سمحت بذلك، ولهذا حينما نضع بابا خاصا بجرائم الإرهاب والجرائم الخطيرة، التى يسمونها فى فرنسا بالجرائم المنظمة، علينا ضمان سرعة الإجراءات، دون التضحية إطلاقاً بالأبرياء.
وبخصوص مواجهة الإرهاب، لدى كتاب صدر باللغة العربية وباللغة الإنجليزية، اسمه المواجهة القانونية للإرهاب، أهم فصل فيه هو ضمانات حقوق الإنسان، وكيف نوازن بين المواجهة الفعالة ضد الإرهاب وضمان حقوق الإنسان، ولكى يقتنع الناس بمواجهة الإرهاب يجب أن يُواجه بالعدالة، وأن يطمئن الناس أنها ضد الإرهابيين ليست ضد حقوق الإنسان، ولهذا فإنها ليست مسألة فى يد المشرع فقط لكنها فى يد القاضى أيضاً، وفى يد ضباط الشرطة الذين يضبطون تلك القضايا، ويجب أن يُدربوا حول ما هو الإرهاب وكيف يواجهونه.
وكيف يمكن معالجة ملف الحبس الاحتياطى فى القانون الجديد؟
- معالجته تتم بضمانات أيضاً، فالحبس الاحتياطى ليس عقوبة، وإنما هو إجراء لأجل مصلحة التحقيق، ونحن لدينا ضمانات فى الحبس الاحتياطى أكثر من فرنسا، لأنه لدينا حدود قصوى للحبس الاحتياطى، وفى فرنسا سُمح بتجاوز الحبس الاحتياطى إذا اقتضت ذلك مصلحة الأمن العام، وأنا أنصح بإضافة ذلك النص، لأن وضع حد أقصى للحبس الاحتياطى ليس ميزة للمتهمين، بقدر ما هو ضمانة لسرعة المحاكمة العدالة.
حديثك يشير إلى قضية أكثر شمولاً.. هل نحتاج لإصلاح شامل فى عملية العدالة؟
- بلا شك، فإن الإصلاح عملية مستمرة ومطلوبة، والتطور يقتضى كثيراً من الإصلاح، وأهم شىء عندى فى ذلك الشأن، هو إنشاء معهد يختص بتدريب كل من يريد أن يكون قاضياً، أطالب بذلك وطالبت بذلك منذ السبعينيات، وأعرف أن المرحوم فاروق سيف النصر، وزير العدل الأسبق، كان قد أعد مشروع قانون فى هذا الشأن وأخبرنى بذلك، «محدش يبقى قاضى إلا لما ياخد دورات فى ذلك المعهد، محدش يبقى وكيل نيابة إلا لما ياخد دورات معينة».
والأهم فى ذلك ليس التدريب حول أمور قانونية فقط، بل علم النفس القضائى وعلم النفس الجنائى، وكيفية تكوين الضمير القضائى، فالضمير القضائى ليس سهلاً، فكلية الحقوق تُخرّج رجال القانون، لكن رجل القضاء يحتاج معلومات تكميلية تنهض بها معاهد متخصصة، ويجب ألا يُعين فى أوائل السلم القضائى إلا من استكمل دراساته، ففى فرنسا يدرس القضاة «طب شرعى» قبل أن يمارسوا المهنة، فكيف له أن يناقش تقرير طب شرعى مثلاً دون أن يعرف مبادئ الطب الشرعى، صحيح ليس من الضرورى أن يكون متخصصاً فى الطب، لكن على الأقل يعرف المبادئ الأولية، لذلك نحن نقول، إن القاضى هو خبير خبراء.
وأريد أن أقول إن إصلاح منظومة العدالة يقتضى أخذ رأى المتقاضين والمحامين وأساتذة الجامعات المتخصصين، وذلك الإصلاح ليس أمراً سهلاً، وأؤكد أن إصلاح منظومة العدالة من علامات العدالة الانتقالية، وهذا كلام تتضمنه تجارب العدالة فى العالم.
انتقالاً لقضية أخرى.. المادة 241 من الدستور ألزمت مجلس النواب فى أول دور انعقاد له بإصدار قانون للعدالة الانتقالية يكفل كشف الحقيقة والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية وتعويض الضحايا وذلك وفقًا للمعايير الدولية وحتى الآن لم يصدر القانون.. أريد أن أسألك عن المعايير الدولية التى ذكرها الدستور!
- تتمثل المعايير الدولية وفقاً لتصريح السكرتير العام للأمم المتحدة، حينما قال إن العدالة الانتقالية هى مجموعة إجراءات يتخذها المجتمع لمواجهة الأفعال التى وقعت فى الماضى، بقصد تحديد المسؤوليات وإقامة العدالة والسماح بالمصالحة، ولعل لفظ المصالحة، جاء فى الدستور تأثراً بتصريح السكرتير العام للأمم المتحدة.
ومن المقرر أن العدالة الانتقالية تقوم على أربع دعائم هى: الحق فى العدالة المتمثل فى المحاسبة، والحق فى معرفة الحقيقة المتمثل فى تشكيل لجان لمعرفة الحقيقة بهدف جمع المعلومات لتجنب العودة إلى ما تم، ومهمتها وضع نتائج وليس إجراء محاكمات، فضلاً عن الحق فى التعويض لضحايا النظام السابق الذى ثار عليه الشعب، والحق فى الإصلاح بالعودة لإصلاح المؤسسات للحيلولة دون العودة لما حدث من أخطاء ربما شاركت فيها مؤسسات سابقة.
والعدالة الانتقالية قد تتم وقت حدوث الأزمة، بهدف اتخاذ إجراءات من شأنها تحقيق الهدوء، وقد تتم بعد الأزمة عن طريق حوار وطنى، وجاء الدستور ليقول مصالحة لإعادة بناء دولة جديدة، وفى الواقع أن المعايير الدولية متأثرة بتجارب حدثت فى الأرجنتين وفى المغرب وفى مدغشقر وبوركينا فاسو وفى جنوب أفريقيا وفى دول أخرى كثيرة مرت بانقسامات أو بأزمات أو بعنف أو فساد أو محاكمات فى هذا الشأن.
والعدالة الانتقالية وفقاً للمعايير الدولية أيضاً، هى مجموعة تدابير قانونية وآليات دستورية لوضع ميثاق اجتماعى ديمقراطى له قوة دستورية، ومنظومة العدالة الانتقالية يجب إقامتها بكل شفافية وإخلاص بمعرفة السلطات والأحزاب السياسية، وكذلك المجتمع المدنى فى ضوء التجارب التى حدثت فى العالم، وهذا يتطلب الإخلاص فى العمل والإرادة السياسية، ووضع برنامج وطنى لحماية الشهود والمجنى عليهم، إضافة إلى وضع تشريع للجرائم الدولية ضد الإنسانية حتى تجنبنا أى مؤامرات للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية، نظراً لأن هذه المحكمة تأخذ بمبدأ التكاملية بمعنى أنها لا تختص بنظر جرائم ينتظرها القضاء الوطنى، فلابد أن يكون للقضاء المصرى الكلمة العليا.
وكيف تتم المصالحة الوطنية التى ذكرتها المادة؟
- المصالحة التى نص عليها دستور 2014 أمر ليس سهلاً، فى ظل وجود ضحايا وإرهاب وسفك دماء، ولهذا فإن تأخر مجلس النواب فى إصدار هذا القانون أمر طبيعى جداً، وهو التزام سياسى وليس التزاما قانونيا، ليس عليه جزاء قانونى.
هل يعكس حديثك أن إصداره فى الوقت الحالى غير ملائم؟
- أنا لا أعطى أى نصائح أو توجيهات الملاءمة يقدرها مجلس النواب ولست أنا، هم الأكثر قدرة على معرفة الظروف الملائمة لإصدار القانون، هم وحدهم.
لكن البعض وصف هذه المادة بالفخ وهو ما ينقلنا إلى الحديث عن أحكام التشريع فى الدستور وما إذا كان الدستور يحتاج تعديلاً من عدمه خاصة أن رئيس البرلمان ذاته لوح فى إحدى الجلسات بإمكانية تعديله.. ما رأيك؟
- مرة أخرى، الملاءمة يقدرها مجلس النواب وحده، ولكن أود الإشارة إلى أنه لا يوجد شىء جامد، والظروف هى التى توجب التطوير، وليس تعديل الدستور أو القانون معناه أن هناك خطأ تم ارتكابه عند إصدار أى منهما، بل إن الخطأ يحدث عندما تتوافر موجبات التعديل بتغير الظروف والأسباب ثم لا يحدث تعديل.
وهل الظروف تسمح الآن بالتعديل؟
- ليس لدى معلومات كافية لإبداء الرأى.
القضية الأخرى متعلقة بالجدل المثار حول قضية حكم محكمة النقض الخاص بدائرة الدقى والعجوزة.. كيف ترى الحل فيها؟
- الدستور قال حكم المحكمة يُنفذ وهذا كلام صحيح، وأخذ دستور 2014 بنظرية أن الفصل فى عضوية الأعضاء تكون للقضاء، والسارى الآن صحيح، وهو يعنى أن الحكم يُطبق فوراً، خشية أن يتعرض المجلس لضغوط سياسية.
سألتك لأن البعض يقول إنك من أسست لنظرية «المجلس سيد قراره» للإطاحة بالأحكام القضائية.. ما تعليقك؟
- أولاً عبارة «سيد قراره» أول من قالها فى مصر هو الدكتور رفعت المحجوب، وهذه العبارة مترجمة لمصطلح فرنسى، والدستور فى ذلك الوقت كان ينص على أن حكم محكمة النقض رأى استشارى يأخذ به المجلس أو لا يأخذ، وبالتالى الدستور هو من قال «سيد قراره» فضلاً عن أن رئيس محكمة النقض فى عهد الدكتور رفعت المحجوب أرسل له خطاباً وقال له، إنه رأى استشارى وليس ملزماً للمجلس، فعبارة «سيد قراره» متطابقة مع الدستور وليست بدعة.
فى سياق آخر.. كنت وزيراً للتعليم فى الفترة من 1986 وحتى توليك رئاسة مجلس الشعب.. فى تقديرك ماذا نحتاج للنهوض بمنظومة التعليم فى مصر؟
- نعم كنت وزيراً للتعليم فى أواخر الثمانينيات، وعُرض علىّ رئاسة مجلس الشعب حينئذٍ، واعتذرت فى نهاية الأمر، وقلت: «سيبونى وزيراً للتعليم، فأنا لم أنته بعد من تنفيذ برنامجى فى التعليم»، وكانت هناك دهشة كبيرة من هذا الاعتذار، أخبرونى أن منصب رئيس مجلس الشعب أرقى، قلت لهم أنا لا أنظر للأرقى، لكن أنظر للأكثر فاعلية، ولو تُركت وزيراً للتعليم كان أفضل لى، ولا تنسوا أننى عملت مندوبا دائما لجامعة الدول العربية لدى اليونيسكو سبع سنوات، وخلال هذه المدة كنت مندوباً دائماً للإمارات العربية لدى اليونيسكو، وكنت نائباً لرئيس المكتب التنفيذى لدى اليونيسكو، وكنت نائباً لرئيس المكتب الدولى للتعليم فى جينيف، وكنت رئيساً لمؤتمر وزراء التعليم فى جينيف.
ولماذا لم تقاوم إذن وتصر على استمرارك فى منصبك كوزير للتعليم؟
- «قالوا لى تعالى إحنا شايفينك صالح لرئاسة مجلس الشعب، وألحوا فى هذا».
من هم؟
- من يملكون سلطة القرار.
وهل ذلك يعنى أنك لم تكن تتخذ قراراتك بنفسك؟
- لأ طبعاً، أنا كنت أريد أن أتحرر، منصب رئيس مجلس النواب ليس نزهة، هذا رجل مقيدة حريته «رجل تعبان وبيرهق نفسه».
هل تُشفق إذن على الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب الحالى؟
- طبعاً، الدكتور على عبد العال ليس فى نزهة «على عبد العال وهو أستاذ أحسن له»، المسأله لا تقاس بالمناصب أو بالمواقع، فكل من يقبل رئاسة مجلس الشعب هو مُضحى من أجل الشعب.
تردد أيضا أنك نويت ألا تترشح لرئاسة البرلمان فى 2010.. هل ذلك صحيح؟
- صحيح، قلت لكثيرين وقتها «مش عاوز أرشح نفسى خلاص» ومن يملك سلطة الترشيح «اتصل بيا وقالى رشح نفسك تانى، قلت له خلاص كفاية كده، أنا اكتفيت بهذه المدة، وسيبونى فى حالى، قالولى معلش علشان خاطرنا، فقبلت».
ولماذا كنت قد أخذت قرارا بالابتعاد؟
- أرى أنه لا ينبغى أن يظل الشخص فى السلطة مدة طويلة، لا ينبغى أبداً أن نقول لا غنى عن فلان، لأن ذلك معناه أن مصر أجدبت، وهذا غير حقيقى ولن يكون، ويكون تقصيرا مننا لو لم نهيئ الشباب ليكملوا المسيرة، «لازم كل واحد يحصل على فرصته، يعنى إيه واحد يحتكر منصبه».
لكن ذلك يمثل انتقادا لذاتك فمكثت فى منصبك 21 عاماً!
- «مكنتش عاوز أفضل، هما اللى بيختارونى، وبيختارونى بشبه الإجماع، وكنت أحصل على أصوات المعارضة قبل أصوات الأغلبية».
عودة مرة أخرى لقضية التعليم.. ماذا نحتاج لإصلاح المنظومة؟
- «اللى خدوا ثانوية عامة فى عهدى بيقابلونى، وبيقولوا لى دى تساوى بكالوريوس دلوقتى»، كنت حريصا على أن تكون الأسئلة فى الثانوية العامة دقيقة، «مفيش غش أبداً، وهحكيلك حكاية مرة كنت بتعشى عند الدكتور عبد الأحد جمال الدين، قالى كان فى غش جماعى فى مدرسة المبتديان، سألته عرفت منين، قالى الشغالة، فندهت للشغالة، قلتلها كان الغش فى إيه، قالتلى فى الإنجليزى، وأنا قاعد طلبت وكيل أول وزارة، وقلتله بكره يكون عندى رئيس قطاع الامتحانات اللى كان فى اللجنة فى مدرسة المبتديان، جبته وعنفته، وصححنا كراسات الإجابة داخل الوزارة، وسقط عدد كبير من الطلبة، وأول مرة وأنا وزير تعليم كنت أجيب امتحانات الثانوية العامة فى باريس ولندن وروما تتصحح فى الوزارة، لإنى كنت مستشارا ثقافيا فى باريس، وكنت أشاهد الغش الجماعى، فأعرف التجربة أيضاً وكيف نواجهها».
وماذا نحتاج الآن؟
- «ما نكونش غشاشين، ونكون مخلصين ونعلم ولادنا الصدق، ونكون جادين، والأسئلة غير قائمة على الحفظ».
وكيف تقيم أداء البرلمان الحالى؟
- أطالب «بإننا ناخد بيد مجلس النواب الحالى ونسهل له طريقه»، الظروف صعبة.
وهل تجمعك علاقة برئيس مجلس النواب الحالى؟
- الدكتور على عبد العال شخصية محترمة جداً، وكان ملحقاً ثقافياً بباريس وقت أن كنت وزيراً للتعليم، وعمل مستشارا فى مجلس النواب لمدة عامين فى أوائل الألفينات وقت أن كنت رئيساً للمجلس، وهو ودود وشخصية ظريفة جداً، وكان من ألمع الشخصيات، وكان التلاميذ يحبونه جداً، وهو أستاذ دستورى محترم، و«ربنا يكون فى عونه».
هل يحدثك تليفونياً؟
- نعم بين الحين والآخر.
حدثنى عن آخر مكالمة بينكما؟
- مؤخراً، «كنا بنعيد على بعض بمناسبة رأس السنة».
ترأست البرلمان لـ21 عاماً كيف نعالج ظاهرة غياب النواب؟
- غياب النواب آفة موجودة فى كل البرلمانات فى العالم، وأنا كنت فى زيارة للبرلمان الأمريكى، فوجدت 3 نواب فقط حاضرين بالجلسة، ورئيس المجلس يجلس وحيداً.
بمناسبة حديثنا عن ظاهرة غياب النواب، تردد أنه قد تم تمرير أحد القوانين خلال ترؤسك للبرلمان بتصويت 25 نائبا فقط.. هل ذلك صحيح؟
- «كذابين، محصلش».
يقول البعض إن المنصة كانت تُدار خلال ترأسك للبرلمان من خلال قيادات بالأغلبية.. هل ذلك صحيح؟
- «مكنش حد يقدر، مع فتحى سرور لأ، محدش يقدر إلا لما أقتنع»، وهاذكر لك موقف، يوسف بطرس غالى كان قدم أحد القوانين، «قالوله روح اقنع فتحى سرور لإنه مش هيعديه إلا لما يقتنع، وقعد معايا 3 ساعات، وقلت له المجلس مش هيوافق على دا ودا، كنت عارف ترمومتر الأعضاء، وأقنعته بالتعديلات».
لكن الإخوانى جمال حشمت قال إن الدكتور فتحى سرور أفسد الحياة البرلمانية لإنه انحاز للأغلبية فى مقابل المعارضة.. ما ردك؟
- أولاً أنا شخص يحب الرأى المعارض لأستمع إليه، أستمع للمعارضة لأنها تمثل الرأى الآخر، لأننى إما أن أستطيع من خلال المعارضة أن أرد عليها وأفندها، وعند ذلك اقتنع أكثر برأيى، وإما أعجز وعند ذلك أعدل عن رأيى، علينا أن نبغى الإتقان، «غلطان اللى يضج بالمعارضة»، لكن حينما تكون المعارضة متآمرة وسيئة النية فهذا شىء آخر، أنا أتكلم عن المعارضة النقية التى لابد وأن نستمع إليها.
أما بخصوص ما قاله جمال حشمت، فليسكت جمال حشمت، فإنه طلب الكلمة فى إحدى المرات، وبعث لى ورقة وقحة يعلق فيها على تأخير إعطائه الكلمة، فمزقت الورقة علناً أمام نواب الشعب وهم لا يعرفون ورقة من، وألقيتها فى سلة المهملات حتى يعرف ويرى رد فعلى.
هل يحتاج منصب رئيس البرلمان لحسم بهذه الدرجة؟
- نعم، حسم بغير إهانة أحد، وعندما يراك الجميع حاسماً، حينما تأخذ موقفا مع شخص لا ينزعجون، تعوداً منهم على النظام.
هل «وحشك الكرسى»؟
- لأ ما وحشنيش خالص، ما أنا قاعد على كرسى مكتبى أهو.
وهل كرسى مكتبك أفضل؟
- طبعاً، لإننى عدت إلى بيتى وهو القانون غير الممزوج بالسياسة، فأنا مارست القانون وكيلاً للنائب العام ثم محامياً، ومارسته تشريعاً كرئيس للبرلمان، ومارسته فقهاً كأستاذ للقانون، ولهذا فإن القانون عندى تشريع وتطبيق وفقه، والوحيد الذى اختير وكيلاً للنيابة بنيابة النقض، كان فتحى سرور بينما كان الحد الأدنى لعضوية هذا النيابة، أن يكون رئيس نيابة، والذى اختارنى لذلك هو المستشار المرحوم عادل يونس، وأعود إلى عملى الآن، ومكتبى هذا أُنشئ منذ أوائل الثمانينيات، و«أنا قلت لهم من زمان يا جماعة أنا مش سياسى».
وهل نادم على تلك الفترة؟
- تجربة كان لابد أن أمر بها، وأديت خلالها عملا وطنيا لخدمة بلادى التى لا أتردد أن أخدمها، أو أن أفديها بحياتى، وأريد أن أنوه إلى أن الوحيد الذى حصل على جائزة أفضل برلمانى عربى هو الدكتور فتحى سرور فى 2009، والجائزة موجودة فى متحف مجلس الشعب المصرى، وجميع الهدايا التى كانت تعطى لرئيس المجلس الشعب المصرى كانت تُودَع فى المتحف، ولولا الهدايا التى تسلمها فتحى سرور من رؤساء البرلمانات وزعماء العالم، لما كان فى المتحف شيئاً يستحق الرؤية.
قد يفسر البعض حديثك على أنه غرور؟
- لست مغروراً، وإنما أعتد بنفسى.
هل تتذكر الوصف الذى أطلقه عليك البعض بأنك «ترزى القوانين»؟ هل يزعجك ذلك؟
- رئيس مجلس الشعب يُقر ما يوافق عليه الأعضاء وليس له دور فى صنع أى قانون، وعبارة «ترزى قوانين» تنطبق على جميع نواب الشعب، وليس رئيس المجلس، من زاوية أنهم يصنعون القانون، الترزى هو مجرد صانع والعبارة مقصود منها الصُّناع، وهذه العبارة تنطبق على جميع النواب فى العالم، وليس فيها عيب ولا يجوز أن يُساء تأويلها.
اتفقنا على أنه لا حديث فى الماضى لكن هناك مشهدا يمر الآن أمامى حينما طلبت الدفاع عن نفسك أمام المحكمة وقلت إن ما حدث مؤامرة على رجالات مصر.. هل تتذكر؟
- كنت وقتها أدافع عن مصر وليس عن فتحى سرور، لأن موقعة الجمل قضية أُريد بها التنكيل بمصر وبرجالات مصر، وإهالة التراب على رموزها الوطنية.
هل شعرت بالإهانة وقتها؟
- طبعاً، إنما كان مصدر عزائى أننى رأيت أمامى شريطا لزعماء كبار دخلوا السجن، وهم أنور السادات وسعد زغلول ومحمد فريد، وكثيرا من زعماء العالم «فكنت أهدى».
لو طلبت منك أن تصف لى العام الذى قضيته فى محبسك ماذا تقول عنه؟
- «خلاص ما تفكرنيش بالأسيه، واتركنى هادئا».
أتذكر أيضاً أنك أرسلت وقتها خطابا بخط يدك لعادل حمودة، وقلت له: «ستظل هامتى مرفوعة».. هل كتبت شيئاً آخر من داخل محبسك؟
- كتبت كتابا، وهو مؤلف جديد فى قانون الإجراءات الجنائية، وضعته فى سجن طرة المزرعة، وكانت المقدمة فى كل الطبعات بعد ذلك، لكن لم أشر فيها إلى أننى كتبتها حينما كنت محبوساً، إنما مقدمة مكتوبة بمرارة، والذى لن أنساه أننى لم يكن لى محامون، كان لى تلاميذى وزملائى الذين تطوعوا للدفاع عنى بدون توكيل.
أريد أن أسألك كمواطن.. كيف ترى الأوضاع الآن؟
- أرى أن بلدى مصر فى معركة، فى معركة مع الظروف الاقتصادية، ومعركة ضد الإرهاب، ومعركة للوصول إلى الديمقراطية الحقيقية، «وربنا هينصر مصر»، لأن من يقرأ تاريخها يعرف أن مصر تنتصر دائما.
وماذا عن الرئيس السيسى؟
- الرئيس السيسى هو الأمل، ولهذا فإن ثورة 30 يونيو الثورة الحقيقية التى أنقذت مصر، ولولا السيسى «لكنا رايحين فى داهية».
قلت إن 30 يونيو ثورة حقيقية.. وماذا عن ثورة 25 يناير؟
- لا تعليق، فديباجة دستور 2014 اعترفت بها، ولابد من احترام الدستور.
أخيراً.. سأنقل لك بعض ما قيل عنك ويحتاج لتوضيح سواء بالتأكيد أو النفى.. أولها ما قيل عن أنك شرعت لتوريث جمال مبارك للحكم.. ما تعليقك؟
- أولاً: لم أسمع بموضوع التوريث إلا على سبيل الشائعات، ولم يُطلب منى أى إجراءات نحو ذلك، والذى يقول ذلك مُدّعٍ وسخيف ولا يعرف شيئاً على الإطلاق وجاهل، «توريث إيه!، رئيس مجلس الشعب علاقته إيه بهذا الكلام الفارغ!».
هل تزور مبارك؟
- لأ، حتى لا يسوء التأويل.
ولماذا رفضت الدفاع عن مبارك رغم أنك دافعت عن صفوت الشريف؟
- «صفوت الشريف جاب لى طعن فى النقض»، وأنا كمحامٍ مثل الطبيب، المحامى نجدة، لم أرفض الدفاع عن أحد، مبارك لم يطلب منى الدفاع عنه أصلاً.
بمناسبة مبارك.. ما رأيك فيما تم تأكيده بشأن تزوير انتخابات البرلمان 2010؟
- سمعت هذا، ولو صح ذلك فإننى أستنكره، لأنه لا يجوز للبرلمان أن يضم نوابا مزورين، وقد دهشت عندما لم أجد عدداً كافياً من المعارضة، وقُلت حينها لكثيرين «هو إحنا مجانين، وشنا كده هيبقى فى المراية، لا نرى إلا أنفسنا فقط».
ثانى تلك الأمور هو الحديث عن الكسب غير المشروع والثروات الطائلة لديك وأبنائك منها ما ذُكر حول امتلاككم لفيلات وأراضى بلسان الوزراء.. ما ردك؟
- «معندناش أى فلل ولا ملايين»، ولو كنت غنياً لما احتجت لكى أعمل حتى الآن فى مهنة المحاماة.
هل حدثت ياسر على المتحدث باسم الرئاسة فى عهد المعزول لتوصيل السلام لمرسى وتقديم الاستشارات القانونية له؟
- «محصلش».
هل صحيح حدثك أحد مستشارى الرئيس الأسبق عدلى منصور عقب ظهورك فى إحدى الندوات فى 2014، وقال لك: «بيقولك عدلى منصور الزم بيتك»؟
- لم تكن ندوة، أنا لم أكن متحدثاً بالأساس، كنت منسقاً، وما قاله البعض فى ذلك الشأن «محصلش، وعيب هذا الافتراء».