اشتكى صيادو منطقة "قعر البحر" المواجهة لبحيرة المنزلة ببورسعيد، من قيام المحافظة بردم أجزاء من المنطقة التى خُصصت للصيد أو الاستزراع السمكى "على حد قولهم"، والتى ضمت 600 مزرعة سمكية، ومناطق للصيد الحر على مساحة 2800 فدان، بينما نفت المحافظة فى بيانٍ لها، مبينة أن المكان ضمن الحيز العمرانى، ويستخدم فى عمليات التهريب وينبت به "الهيش".
وقال ناصر إبراهيم "صياد" 52 سنة، إنه فى منطقة قعر البحر، وهو طفل فى الرابعة من عمره، وبمجىء طريق "30 يونيو" قطع جزءاً من أراضى المنطقة، فتظلمنا لمحافظ بورسعيد، ورد علينا بأن ذلك الطريق للمصلحة العامة، وحفاظاً عليكم سيتم مد مواسير أسفل الطريق لتغذية المياه.
وأضاف "ناصر"، أنه منذ شهرين، فوجئنا بقرار اللواء عادل الغضبان محافظ بورسعيد، بناء مشاريع سكنية، والبدء فى ردم أجزاء من منطقة "قعر البحر"، مما يُخالف قوانين الثروة السمكية "على حد قوله"، قائلاً "إحنا اتدمرنا".
وأكد عباس زكريا غنام "من أهالى القابوطى"، أنه يعيش فى هذه المنطقة وجميع أفراد عائلته منذ 40 سنة، وببدء عمل المعدات التابعة للمحافظة فى الأرض "مزارع سمكية"، وموت الأسماك وضياع الأرض والمراكب، تم إبلاغ والدى عن طريق أخى، فأصيب بجلطة فى المخ بالحال ومات يومها.
وأشار شحاتة المهدى "صياد من القابوطى"، لـ"برلمانى"، إلى أن مصدر رزقه الوحيد هو الصيد، مبيناً أنه يريد فقط أن يجد قوت يومه له ولأفراد أسرته، ومطالبه تتلخص فى وقف الردم بالمنطقة.
وسرد "حسن عفيفى" صياد، تاريخ بحيرة المنزلة ومنطقة قعر البحر التى يتم الردم فيها حالياً، قائلاً: إن المنطقة عبارة عن مزارع سمكية منذ عشرات السنوات، لأصحابها الذين طالبوا بتقنين أوضاعهم فى أراضيهم، والجزء الآخر للصيد الحر.
وقال عفيفى، لـ"برلمانى"، إن مشروع ترعة السلام، اقتص جزءا كبيرا من بحيرة المنزلة، حتى وصلت لـ110 آلاف فدان من إجمالى 750 ألف فدان، كانت تطل على 5 محافظات، هى "الإسماعيلية - دمياط -بورسعيد - الشرقية - الدقهلية"، وذلك كان فى الثمانينيات، ومن بعدها تم العمل بقانون رقم 124 لسنة 1983، والذى اعتبر بحيرة المنزلة ثروة سمكية قومية، وأصبحت على 3 محافظات فقط هى "بورسعيد – دمياط – الدقهلية".
وأوضح الصياد البورسعيدى، أن منطقة "قعر البحر" كانت على البحيرة، إلى أن تم إنشاء الطريق الدولى الدائرى "بورسعيد – دمياط"، والذى حجز المنطقة عن البحيرة، وكانت مساحتها فى الثمانينات 4000 فدان، تم تجفيف 1200 منها، موزعة على 700 فدان، بُنى عليهم مشروع الإمارات، و500 فدان للمنطقة الصناعية بالجنوب، ومن وقتها والوضع كما هو إلى الآن.
وأشار، إلى أنه قد تعاقبت على المنطقة عدة قرارات منها القرار رقم 130 لسنة 2000، والذى ينص على تخصيص الـ2800 فدان للشركة العقارية، والشركة العامة لاستصلاح الأراضى، وجاء لتجفيف البحيرة حينها، فاعترض الصيادون نظراً لأن المنطقة هى الرزق الوحيد لهم، وتجاوبت حينها القيادات التنفيذية فى بورسعيد برئاسة اللواء مصطفى كامل.
ولفت عفيفى، إلى أنه فوجئ منذ شهرين تقريباً، بالبدء فى ردم أجزاء من المنطقة بمعدات وآلات أحد المقاولين، فاتجهنا إلى الثروة السمكية التى أفادت أن المنطقة تابعة لها "على حد قوله"، وحررنا محضر 6 أحوال جنوب، وتابعناه حتى عاد من النيابة العامة برقم 12 أحوال الجنوب، وصدر بشأنه قرار حفظ، فتظلمنا عليه أمام المحامى العام برقم 72 لسنة 2017.
ووصف "عفيفى" رحلاته وزملائه إلى مكتب الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة، حيث سافروا مرات عديدة، وتمت مقابلة الدكتور خالد الحسن، مدير مكتب الوزير، وبعرض الأزمة قام بتحرير مذكرة بضرورة الرد على ما يحدث من ردم فى البحيرة، وأرسلت للمحافظ برقم 1965، وبحثنا عن القرار فى الديوان العام للمحافظة ولم نجده، وحررنا أخرى لوزارة التنمية المحلية، وصدرت برقم 1605 لمحافظ بورسعيد فى نفس اليوم.
وبين عفيفى، أنهم قد لجأوا إلى نائب دائرتهم، ووكيل مجلس النواب، سليمان وهدان؛ الذى طلب منهم الحضور للمجلس، ووضع المشكلة ضمن مناقشات وزير الزراعة داخل لجنة الزراعة بالبرلمان، والتى حدث حينها مشادة بين الوزير وبعض النواب، فانصرف على إثرها ولم يستطيعوا عرض المشكلة عليه.
وقال "عفيفى"، إنهم كصيادين رفعوا دعوى قضائية للطعن على إلغاء قرار محافظ بورسعيد، وتم تحديد جلسة مستعجلة يوم 8 فبراير القادم، مشيراً إلى أنه كان لابد على "الغضبان"، أن يُراعى البُعد الاجتماعى لحوالى 10 آلاف صياد يتكسبون ورزق يومهم من هذه المنطقة.
وفى نهاية لقاء "برلمانى"، مع صيادى منطقة "قعر البحر" ببورسعيد، ناشدوا رئيس الجمهورية، عبد الفتاح السيسى، فى وقف ردم المنطقة، قائلين: "نرجوك اترك لنا منطقتنا التى تقوم المحافظة بردمها، وهى بيئة صالحة للاستزراع السمكى، ونجلب منها أجود أنواع الأسماك، وأرض الإسكان كثيرة بشرق المحافظة ".
وفى سياق متصل، نفت محافظة بورسعيد فى بيان لها ردم جزء من بحيرة المنزلة، وأكدت أن المنطقة التى يتم ردمها تقع ضمن المخطط الاستراتيجى العام والحيز العمرانى للمدينة، وما يتم حالياً هو أعمال رفع منسوب لمسطح مائى مغلق ينمو به "الهيش" بغزارة، وهى مياه راكدة لا تصلح للصيد أو الاستزراع السمكى.
وأوضح البيان أن هذه المنطقة سوف تشهد إنشاء 361 عمارة بإجمالى 8441 وحدة سكنية؛ بالإضافة إلى 10 آلاف وحدة سكنية جديدة لحل أزمة إسكان الشباب ومواطنى بورسعيد، وأهابت المحافظة بالمواطنين، عدم الالتفات لأية أخبار مغلوطة، أو أكاذيب الغرض منها زعزعة الاستقرار.
وأشار البيان إلى أن هذه المنطقة، يوجد بها العديد من التعديات غير القانونية من بعض الأفراد واستغلالها فى أعمال التهريب والأعمال المخالفة للقانون منذ سنوات، مبيناً أن المحافظة لا تدخر جهداً فى الحفاظ على البيئة والثروة السمكية بها وتسعى للنهوض بها، ولن يتم اتخاذ أية إجراءات تؤثر سلبياً على البيئة.