•• الوضع الاقتصادى صعب لكن هناك دائما فرصة وأمل
•• أطالب بتوافق وطنى بين كل من يرفض العنف أياً كان انتماؤه
•• أقول للشباب: لا ينبغى ارتباط حلم التغيير بثورة وناس فى الشارع
•• الحكومة غير مُمَّكنة من عملها.. والمناخ لن يساعد أى رئيس وزراء على النجاح
فى حوار اقتصادى وسياسى شامل، يتحدث الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، عن رؤية شاملة حول المشهد الاقتصادى وقرارات الإصلاح الأخيرة، المشكلة والحلول، ويكشف عن كواليس تجربته فى الحكومة، وعلاقته بالبرادعى وكيف تغيرت الآن، ويوجه رسائله للحكومة والشباب والرئيس السيسى، ونقاش واسع حول المشهد السياسى والبرلمان، وأمور أخرى كثيرة.
وإلى نص الحوار:
من خلال متابعتك للمشهد، إلى أى مدى أنت قلق على مستقبل الاقتصاد فى مصر؟
- الوضع الاقتصادى صعب، لكن دائمًا هناك فرصة وأمل، وصعوبة الوضع الحالى تتضح فى شعور الناس بوطأة الأسعار بشكل عنيف خلال الستة أشهر الماضية، لكن ارتفاع الأسعار ليس المشكلة الوحيدة، بل الجانب الآخر -وهو لا يقل أهمية بل يزيد- هو وضع البطالة لأن قدرة المواطن على تحمل زيادة الأسعار، تكون أصعب بكثير حينما تختفى فرص العمل.
والحقيقة أن الحكومة واجهت الأزمة الحالية فى البداية بخطوات سليمة وحتمية، وأقصد تحديدا تعويم الجنيه، الذى لا أعتبره سبب الأزمة بل نتيجة لها، ولكن تزامن ذلك مع اتخاذ عدد من الإجراءات، التى أدت إلى زيادة الأسعار، مثل ضريبة القيمة المضافة وزيادة سعر الكهرباء وأسعار البنزين، مما جعل العبء على المواطن هائلا، كذلك كان من المهم أن يصاحب إجراء التعويم خطوات أخرى لم يتم اتخاذها، القرار السليم وحده لا يكفى، بل يجب أن تصاحبه إجراءات أخرى تدعمه وتضمن تحقيق نتائجه المقصودة.
وما القرارات المصاحبة التى كان ينبغى أن تُتخذ؟
- تعويم الجنيه كان حتما سوف يقود آلى ارتفاع الأسعار، ولكن لا يبدو أن الحكومة كانت مستعدة لذلك، بل بدأت بعدها تتعامل مع أزمات السكر والأسمدة والأدوية كما لو كانت مفاجآت، استكمال قرار التعويم كان يقتضى الاستعداد بسياسات محددة لاستعادة السياحة وجذب الاستثمار والسيطرة على الأسعار وزيادة فرص العمل، وكذلك الاستفادة من تغير سعر الصرف من أجل زيادة التصدير، ولكن أخشى أن نكون اعتبرنا أن تعويم الجنيه هو كل السياسة المطلوبة، حتى فى ملف السياحة، وبرغم أن سببه هو الإرهاب، أى أنه أمر فُرض علينا، لكن السؤال هو، هل فعلنا كل ما فى وسعنا لاستردادها أم من الممكن أن نبذل مزيدًا من الجهد، فبلاد عربية وأوروبية حولنا تعرضت لعمليات إرهابية خلال العامين الماضيين، لكن تجاوزتها بشكل أو بآخر، أؤكد أنه لا يوجد قطاع بالاقتصاد يساعدك على تجاوز مرحلة انتقالية مثل قطاع السياحة، لأنه أكثر القطاعات، التى تستطيع أن تجلب عملة أجنبية وتدفقات أجنبية بسرعة.
هل ترى أن الحكومة لم تستعد جيدًا لتلك القرارات؟
- لا أظن أنه كان هناك استعداد كاف للإجراءات المطلوبة إلحاقًا بقرار التعويم.
وما الذى يمكن أن تحذرنا منه الآن فى حال استمرار الوضع على ما هو عليه؟
- نحن فى موقف صعب يقتضى تحديد السياسات الاقتصادية للدولة بشكل أكثر وضوحًا، مطلوب تحديد رؤيتها وتوجهها الاقتصادى.
هل ذلك يعنى أن الدولة لا تملك رؤية اقتصادية؟
- أظن أن رؤيتها مضطربة وبها تناقضات، فمن ناحية، تشجع الحكومة الاستثمار الخاص وشركات القطاع الخاص والاستثمار الأجنبى بحديث عن قانون استثمار جديد وحوافز وأمور أخرى، ومن ناحية أخرى نجد دور الدولة فى الاقتصاد يتصاعد، نجد أيضًا بعض الوزراء يتحدثون عن إعادة طرح برنامج الخصخصة، ووزراء آخرين يؤكدون أنه لن يجرى خصخصة أى شركات مصرية، نقطة أخرى متمثلة فى التدخل بتحديد أسعار وبحماية أكبر، فى الوقت الذى تقول فيه الحكومة، إن جزءا من توجهها هو تفعيل قوى السوق وقوى العرض والطلب.
وماذا عن توقعاتك لمستقبل سعر الدولار فى ظل المشهد الضبابى الذى تحدثت عنه؟
- ذلك التوقع يكون من أشخاص متخصصين، هناك من يضاربون ويتنبؤون، وهذا ليس مجالى، لكن الأكثر من ذلك، هو أن التنبؤات بأسعار العملة ليست دقيقة لأن هذا موضوع يتوقف على ما تطبقه الدولة من برامج وسياسات.
حديثك عن العملة وعدم الوضوح بشأن سعرها مستقبلًا، يفتح الباب أمام سياسات البنك المركزى، كيف تراها من منظور مراقب اقتصادى؟
- البنك المركزى منذ ثورة يناير نجح فى الحفاظ على ثبات النظام المصرفى، والبنوك المصرية، وعلى أداء نظام المدفوعات بشكل عام، لكن الموارد قليلة جدًا فى ظل انحسار السياحة والاستثمار والتصدير، وأنا أحب أن أشبه البنك المركزى بحارس المرمى، الذى يقف فى آخر طابور اللاعبين، وإذا دخل فى شبكته هدف فهو الذى يتلقى كل اللوم، بينما فريقه كله مسؤول عن عدم وقف هجوم الفريق الخصم.
وماذا عن هؤلاء اللاعبين الذين لم يتصدوا للهدف، أقصد المجموعة الاقتصادية.. كيف تقيم أداءها؟
- دعنى أعلق على الأداء الاقتصادى وليس على الأشخاص، المشكلة الحقيقية أنه لا يوجد تنسيق بين السياسات الحكومية وبين الوزارات المختلفة وبين الأجهزة المختلفة فى الدولة، وهذا هو الأساس فى الإدارة، كل وزارة يبدو أنها تعمل لوحدها، التنسيق غائب بين وزارات المجموعة الاقتصادية، وللأسف جزء من خلافاتها أصبح معروفا للناس، ومحل للتندر، وهذا وضع يسىء للبلد كله، كما أن الوزراء والحكومة صاروا ذوى صلاحيات محدودة، وأنا أنصح بعودة صلاحيات الحكومة لها أى لرئيس مجلس الوزراء والوزراء، الدستور ينص على أن الرئيس يضع السياسات والحكومة تشاركه فى تنفيذها وفى المراقبة على تنفيذها.
هل تقصد أن الوزراء فى مصر غير ممكنين جيدًا من استخدام سلطاتهم؟
- غير ممكنين من عملهم التنفيذى، ووضع السياسات، وفى التنسيق بين الوزارات لتنفيذ سياسة عامة موحدة للدولة.
لماذا؟
- ليس لدى تفسير سوى أن السلطة التنفيذية أصبحت متركزة فى مؤسسة الرئاسة، وإن الحكومة ليست إلا جهة تنفيذ وليس مشاركة.
دائما ما تحدث مقارنات بين رؤساء الوزارات، ويبرز السؤال فى كل مرحلة، هل مطلوب من رئيس الوزراء أن ينزل ويخاطب الشارع أم أن ذلك ليس دوره؟
- مخاطبة الناس شىء، ونزول الشارع أمر آخر، المهندس إبراهيم محلب مثلا كان شديد الحركة وكثير النزول فى الشارع، والناس قدرت ذلك، «كان محسوسا به»، لكن ليست تلك الطريقة الوحيدة للتخاطب مع الناس، ليس بالضرورة أن يكون رئيس الوزراء فى الشارع طول الوقت، لكن المهم هو أن يكون هناك اتصال، والاتصال مطلوب أكثر مما هو حاصل بكثير.
هل تقترح أن يكون هناك خطاب دورى لرئيس الوزراء؟
- دوريته ليست مهمة، الأهم هو أن يكون هناك خطاب مستمر من الحكومة للناس، تمهيدا للأشياء وليس تابعًا لها، الخطاب المستمر من أهم ما يمكن، ولابد أن يتحول لسياسة فى الحكومة كلها.
لو أردت أن تنصح شريف إسماعيل ماذا تقول له؟
- من ضرورى أن تصدر الحكومة برنامجا اقتصاديا لتوقعاتها ولسياساتها عام 2017 لأن الناس تحتاج لتوقع ومعرفة ما سيأتى وليس التفاعل مع المفاجآت طوال الوقت.
حينما تسمع الأصوات التى تطالب بالاستعانة بشخصيات مثل محمود محيى الدين ويوسف بطرس غالى لرئاسة الحكومة كيف ترى ذلك؟
- القضية ليست أسماء، حتى الأسماء التى ذكرتها ويعتقد الناس فيها خبرة وكفاءة شديدين، لكن المناخ الموجود حاليًا لا يُمكن أى رئيس وزراء من الخروج من الأزمات الحالية.
فى إطار عدم وضوح الرؤية، التى تحدثت عنها، نسمع عن تعديل وزارى ثم يظهر لنا من ينفى احتمالية حدوثه، هل تعتقد أن إجراء تعديل سيفتح الباب لحلول جديدة؟
- أقول مرة أخرى، إذا كان التغيير لمجرد تغيير الوجوه بوجوه جديدة نضعها فى نفس الوضع وبنفس السلطات المحدودة، فسيكون التغيير محاولة لإرضاء الرأى العام، ولن يكون مجديًا، هناك خلل فى أسلوب الإدارة يجعل الوزراء ليسوا محل مسؤولية كاملة، وذلك أيضًا منطبق على المحافظين، انظر إلى الموازنة المتاحة تحت يد المحافظ، سلطات المحافظ تنحصر فى إدارة الموازنة المتعلقة بالديوان العام للمحافظة، المحافظ لا يملك أن يضع موازنة لرصف طريق أو لعمل مدرسة أو مستشفى، فهم يحصلون على أقل من نصف سلطاتهم.
كنت وزيرًا للتعاون الدولى هل ترى أن حجم القروض التى حصلت عليها الوزارة الآن مُقلق.. أم أنه طبيعى؟
- كنا دائمًا نطمئن أنفسنا بأن الدين الخارجى وفقًا للمعايير الدولية فى وضع آمن، وهو ما زال بالمعيار الدولى لا يمثل خطرا كبيرا، لكنه بلا شك زاد خلال السنة ونصف الماضية زيادة غير مسبوقة، وهذا أمر لابد أن يكون تحت بصر البلد والبرلمان، وما فهمته من مطالعة الإعلام أن رئاسة الجمهورية تدخلت لضرورة مراعاة الاقتراض الدولى فى المستقبل، «واضح إن الموضوع يثير قلقا فى البلد وهذا مطلوب».
وهل يعد مقلقًا لك؟
- مقلق لى لسببين، أولًا لحجم الاقتراض، لكن الأهم هو سبب الاقتراض أصلًا، لو نقترض من أجل مشروعات سيكون الأمر طبيعيا، أما لو كان لأسباب أخرى فلابد أن يكون هناك مراجعة للسياسة الراهنة.
هل تعتقد أن الحكومة واضحة فى ذلك أم أن الأمر يحتاج مزيدا من الشفافية؟
- مهم أن يحدث حوار أكثر عمقًا بين البرلمان والحكومة، حول عائد القروض وجدواها.
ونحن نتحدث عن الوزارات واحتمالية إجراء تعديل وزارى، يتردد أنك تلقيت اتصالات أو ثمة تفاوض لتولى منصب حكومى، هل ذلك صحيح؟
- لم يحدث.
وهل لديك حماس لتولى أى منصب حكومى؟
- استعدادى للعمل لصالح البلد لن يتوقف، وقد عملت سنوات طويلة فى هيئة الاستثمار وهيئة الرقابة المالية قبل تولى منصب وزارى، وأنا لا أعتبر العمل الحكومى هو السبيل الوحيد لخدمة البلد، وسوف أظل دائما حريصا على المشاركة من أى موقع أكون فيه ولو بمجرد الكتابة.
ملف الدعم من الملفات الشائكة، ما التصور الأنسب فى تقديرك لتحقيق معادلة عدم الضغط على المواطن ولا على الموازنة العامة فى ذات الوقت؟
- عندما نضع ملف الدعم فى إطار حجم المشكلة وامتدادها منذ عقود طويلة، فإنى أعتقد أن ملف الدعم من الملفات، التى تسير فى مسارها السليم خلال السنوات القليلة الماضية، أعتقد أننا بدأنا فى السير على الطريق الصحيح.
هل تؤيد الأصوات التى تطالب بتحويل الدعم العينى إلى دعم نقدى؟
- نعم ولكن ليس بأكمله، لكن يجب الحد من الدعم السلعى الشامل الموجود فى عدد كبير من السلع والتحول أكثر إلى الدعم النقدى، صحيح سيظل الدعم لسلع ما، لكن لا يجب أن نسير بهذا الشكل.
ونحن نتحدث عن الوضع الصعب للبلد.. هل ترى أن رجال الأعمال يقومون بدورهم الاجتماعى تجاه الدولة؟
- نحن فى حالة من سوء التفاهم الكبرى بين الدولة ورجال الأعمال، الدولة تنظر إلى مجتمع الأعمال على اعتباره استفاد وحصل على الفرصة وحقق مكاسب أكثر من اللازم فى سنوات سابقة، ومجتمع الأعمال يرى الدولة على أنها متدخلة فى شؤونه، وأنها لا تعطيه الفرصة الكاملة لممارسة أعماله، وذلك الاشتباك لابد أن ينفض على وجه السرعة، ليس لصالح أحد الطرفين، ولكن عموما فإننى لا أجد الحديث عن الدور الاجتماعى لرجال الأعمال مفيدا، لأن الأصل أن الدولة هى المسؤولة عن وضع القوانين والضرائب، وعلى رجال الأعمال الالتزام، أما الاعتماد على التبرع فليس سليما.
أريد أن أعود بك إلى الوراء.. حينما كنت مسؤولا بحكومة جاءت من روح جبهة ثورة 30 يونيه.. أين تلك الجبهة الآن؟
- الجبهة تفككت لكونها امتلأت بالتناقضات، وهذا أمر تجاوزناه، لكن ضرورى أن تكون الدولة قادرة على احتواء حلفائها قبل خصومها.
حديثك يذكرنى بدعوتك للمصالحة.. هل كنت تقصد ضرورة التصالح مع الإخوان؟
- لم يكن حديثى أبدا عن مصالحة مع تيار سياسى بعينه، بل عن ضرورة بناء توافق جديد، وأنت تشير إلى مبادرة عرضتها على الحكومة فى أعقاب فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة مباشرة، وكان اسمها مبادرة حماية المسار الديمقراطى، وقد قبلتها الحكومة بأكملها ولكن هاجمها الإعلام والقوى السياسية، وكانت دعوة مبكرة تعبر عن استعداد الدولة لقبول والترحيب بكل من ينبذ العنف ويقبل شرعية الدولة الجديدة، التى جاءت فى 30 يونيو.
هل ما زلت تؤيد المصالحة مع من ينبذ العنف حتى لو كان إخوانيا؟
- ما زلت أؤيد وأطالب بضرورة وضع إطار لبناء توافق وطنى بين كل من يرفض العنف والإرهاب، ويعمل فى إطار الشرعية الدستورية الجديدة ولا يقبل التمييز بين المواطنين.
هل تعتقد أنك استقلت فى الوقت الصحيح؟
- استقلت فى الوقت الصحيح لأننى اختلفت مع الحكومة فى نهاية 2013 حول المسار السياسى للبلد وجدية العودة للمسار الديمقراطى ودستورية قانون التظاهر، الذى حكم من شهر واحد فقط بالفعل بعدم دستوريته.
قيل وقتها: إنه قد نشب خلاف بينك وبين محمد إبراهيم وزير الداخلية آنذاك حول قانون التظاهر.. ما تفاصيل ذلك؟
- كل ما أريد أن أقوله إننى اعترضت على قانون التظاهر وقتها وقلت إنه سيتسبب فى شرخ كبير فى جبهة 30 يونيه.
هل تتذكر أنه قيل عنك وقتها إنك «طابور خامس»؟
- أتذكر طبعا وصف طابور الخامس، والتى استخدمت وما زالت تستخدم لتخوين كل من له رأى متحفظ أو معارض، وهذا وضع يضر بالبلد ضررا شديدا، لأن البلاد لا تتقدم بإسكات المعارضة وتخوينها، بل بالثقة فى وطنيتها ودورها فى تصحيح المسار والسياسات الحكومية، والحقيقة أن تهمة طابور خامس اختفت الآن لكونها تهمة سخيفة، ومن يتهمنى بذلك أعتبرها إهانة ترتد لأصحابها وتعبيرا عن إفلاس فى الحجة ونزولا بمستوى الحوار يسىء لأصحابه.
هل صحيح كنت ضد فض رابعة وقت أن كنت فى الحكومة؟
- القرار كان جماعيا والحكومة وافقت على مبدأ ضرورة اتخاذ إجراء حيال هذا الوضع وإن كانت الآراء تعددت فى كيفية القيام بذلك.
هل تعتبر نفسك «برادعاوى» كما يقول البعض؟
- ما المقصود بذلك؟
هناك من يطلقون على أنفسهم ذلك اللقب على اعتبارهم مؤمنين برؤية وتوجه الدكتور محمد البرادعى.. هل تعتبر نفسك واحدا منهم؟
- هذا الوصف ليس له معنى عندى، وأنا شخصيا لم يكن لى اتصال بالدكتور البرادعى قبل 30 يونيو إلا لقاءات محدودة للغاية وقت جبهة الإنقاذ، كما أن اتصالى به انتهى منذ استقالته ورحيله عن البلد.
لكن المجتمع يعتبرك «محسوبا» على الدكتور البرادعى.. فى تقديرك ما السبب؟
- أؤكد أننى قد اتفقت مع الدكتور البرادعى فى أشياء واختلفنا فى أشياء أخرى، وهو اختار الاستقالة فى 14 أغسطس وأنا اخترت البقاء، واختلفت معه فى توقيت الاستقالة، وهذا اختيار يتحمل كل واحد مسؤوليته، وكثيرون اعتبرونى «بردعاويا»، كما تقول، لأننى لم أقبل الهجوم عليه بعد رحيله لأننى اعتبرت هذا اختياره ولا يبرر اتهامه بالخيانة والعمالة.
وهل تعتبر نفسك «محسوبا» عليه؟
- لا أعتبر نفسى محسوبا على البرادعى.
وما هى أخطاء الدكتور محمد البرادعى فى تقديرك؟
- هذه صفحات قد طويت، وعلينا أن ننظر للمستقبل.
أين شباب ثورة 25 يناير؟
- ثورة 25 يناير جاءت بحلم تغيير وثورة 30 يونيه جاءت أيضًا بحلم التغيير، فصارت هناك فكرة أن التغيير يتم من خلال الثورات، فأقول للشباب، إنه لا ينبغى أن يكون حلم التغيير مرتبطا فقط بثورة وناس فى الشارع فقط، لكن من خلال وسائل أخرى بعضها احتجاجى وبعضها إصلاحى والمهم ألا يكون الاختيار دائما فقط بين الثورة فى الشارع أو اليأس والإحباط، بل التغيير والإصلاح والتقدم هو المهم أيا كانت وسائله.
أخيرًا كيف ترى أداء الدولة؟
- السيسى عليه مسؤولية هائلة ولديه قدرة تنفيذية شديدة، وهناك عمل على الأرض بوتيرة سريعة، لكن ما يشغلنى هو الانفصال الحادث بين ذلك وبين الحكومة، ويشغلنى كذلك المناخ السياسى بشكل عام، لأننى لا أظن أنه من الممكن الاستمرار فى الاعتقاد بحدوث تنمية فى البلد فى ظل غياب إصلاح سياسى أكثر اتساعًا، ومن الأخطاء الكبرى فى البلد الاعتقاد أنه عندما لا توجد أحزاب لا تتواجد المعارضة، بالعكس حينما يكون لديك معارضة واضحة لديها مقر معلوم أفضل بكثير من أن تكون المعارضة خفية، الدولة تتصور أحيانًا أن ضعف الأحزاب والمعارضة بشكل عام فى مصلحتها، لكن الحقيقة أن ضعف الأحزاب أكثر ما يهدد الدولة، لأنه طالما ليس هناك مجال رسمى ومفتوح لممارسة العمل السياسى، فأنت تشجع الناس للذهاب فى طرق أخرى، وهذا ليس فى صالح البلد.