انتهت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الإقليمى للبرلمانيين بشأن مكافحة الإرهاب والتصدى الوقائى، المنعقد فى محافظة أسوان على مدار ثلاثة أيام، والذى تنظمه الأمم المتحدة بالاشتراك مع الاتحاد البرلمانى الدولى، بحضور ممثلين ورؤسات لعدد من برلمانات العالم، لاسيما الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب.
"دعم مصر" بمؤتمر الأمم المتحدة: الإرهاب غيّر خريطة العالم..دول تبدلت وحدود تبددت
عقدت أمس الثلاثاء، 4 جلسات مكثفة، أولها بعنوان التهديدات المتعلقة بالتطرف والتعصب، ترأسها النائب عمرو غلاب نائب رئيس ائتلاف دعم مصر، قال فيها خلال كلمته، إن الناظر إلى خريطة العالم يرى أن الإرهاب يتمدد فى كل ربوعه، ويرى خرائط دول تتبدل، وحدوداً تتبدد.
وتابع "غلاب": "بات الإرهاب واقعًا مفروضًا وليس حالة وقتية طارئة، أو يرتبط بمكان دون آخر، فهو يضرب بلا هوادة، ولا يفرق بين مسلم ومسيحى، وبين طفل ومسن، وبين جامع وكنيسة، وبين مستشفى ومدرسة".
وأضاف "غلاب" أنه على الجميع تفهم دوافع انجراف بعض الشباب إليه، ودورهم فى الأعمال التى تتبناها جماعات التطرف، والتى تستغل ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح نائب رئيس "دعم مصر"، أن تعدد بؤر التوتر فى المنطقة يجعلها أرضاً خصبة لتنامى التطرف والإرهاب الذى يجتاح العالم، مستطردًا: "بلا شك أيضاً أن العوامل المسببة للإرهاب تتعدد وتختلف باختلاف نوع العمل الإرهابى، لذا فمهما حاولنا فى توضيح هذه العوامل، فلن نستطيع حصرها، لأن العمل الإرهابى هو نتاج عدة عوامل يعيشها الإرهابى".
المركز الإقليمى لـ"شرق آسيا" يعرض قصة تكشف طريقة داعش لتجنيد الفتيات
وسرد توماس صموئيل، مدير المركز الإقليمى لجنوب شرقى آسيا لمكافحة الإرهاب، قصة طبيبة ماليزية دشنت مدونة حملت اسم "طيور الجنة"، وعليها صورها تحمل كلاشينكوف فى يد، وتحمل سماعة الطبيب فى اليد الأخرى، قائلة إنها حاولت مساعدة السوريين، فوجدت إن الطريقة الوحيدة هى الانضمام لداعش، مضيفا: "تابعها الملايين من جنوب شرق آسيا، وتتمركز قوتها فى أنها راوية جيدة للقصص، وأصبح هناك أسباب كثيرة تدلنا لماذا انضم الفتيات لداعش، هذا هو مكمن الخبر".
وعرض توماس صورة لها من زفافها، وقال إنها تسرد زواجها وكيف أحبت زوجها وكيف أنجبت منه بشكل يثير التعاطف، خلال كلمته بالجلسات، وقال "صموئيل"، إن القصص التى تسردها داعش على الإنترنت لجذب الشباب للانضمام لها جاذبة جدا، ويقولون للشباب هذه فرصتكم لتحققوا ذاتكم، مضيفا: "ونحن نرد بشكل فقير جدا، ونحتاج أن نحسن من طريقتنا فى رواية القصص سواء كان أيدولوجية أو عاطفية".
وأضاف "صموئيل"، أن داعش تصمم رسائلها بحيث تتناسب مع من يتلقاها، متابعا: "فى العالم الذى أتيت منه هناك كتيب قيم جداً يقدم المعنى الحقيقى للجهاد، هو كتاب دينى ولسوء الحظ شباب جنوب شرق آسيا لا يقرأونه لأنه 100 صفحة، نحتاج لتحويله لخطاب أو قصة قصيرة"، مطالباً بضرورة الانطلاق من جانب المنصات الرقمية، والاستعانة بالمشاهير وعلماء النفس والمسوقين، لمحاربة رسائل داعش وقصصهم، بقصص أخرى ذات منطق.
الاتحاد البرلمانى الدولى: نصيغ قانونا موحدا وملزما لمحاربة الإرهاب
وفى إطار مستمر للكلمات بالجلسات، ثمن السفير مختار عمر مستشار أول الاتحاد البرلمانى الدولى، إطلاق أول مبادرة بين الأمم المتحدة والاتحاد البرلمانى الدولى لوضع استراتيجية مشتركة لمكافحة الارهاب والتطرف المؤدى له، مضيفاً أن تلك المبادرة تقطع الطريق أمام الفجوة بين إصدار القرارات وتنفيذها، وسيُلزم الجميع من خلال قانون موحد فى ضوء تلك المبادرة.
وأضاف "عمر" خلال كلمته، إن الهدف من الاجتماع هو تبادل الخبرات البرلمانية والتشريعية فى كل بلد، وسرد عدد من الوقائع المتعلقة بالتاريخ التشريعى للأمم المتحدة والاتحاد البرلمانى الدولى، فى محاربة الارهاب.
وشدد مستشار أول الاتحاد البرلمانى الدولى، على أن مواجهة الارهاب كان أحد أهم أهداف الاتحاد البرلمانى الدولى ، قائلا: "عام 1936 ، طلب الاتحاد البرلمانى الدولى وجود محكمة جنائية دولية لمكافحته، وفى عام 1937، كان هناك مشروع قرار ايضاحى لتعريف الإرهاب، وبعد الحرب العالمية، تعطل التفسيرات عن الإرهاب، بسبب الحرب الباردة".
واستطرد "عمر": "المرة الأولى التى يُشار للإرهاب كعمل جنائى عام 1985، وبدايات 2001، وفى الوقت الذى دخل الإرهاب أعمال مجلس الأمن، أصدر الاتحاد البرلمانى قرار بدعم قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالارهاب، وصلت إلى 12 قرارا دوليا، فضلاً عن خط متكاملة للعمل، متسائلاً عن سبب إصدار كل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالإرهاب للشرق الأوسط؟، متابعاً: "تلك الدول هى الأولى لتبادل الخبرات معها، ومجلس النواب المصرى شاب ويضم فئات لم تكن موجوده من قبل".
البرلمان الدولى:"شيخ الأزهر قال لنا من السفه التخيل أن إرهابيين دعوا الله فى الصحراء فوهبهم السلاح"
وكشف السفير مختار عمر، عن ما قاله الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، رداً على سؤال الاتحاد فى زيارة لأمينه العام مارتن شونغونغ وزوجته، له بشأن دور الأزهر فى محاربة الارهاب، وبين أن الدكتور أحمد الطيب قال لهم: "من السفه أن تتخيلوا أن مجموعة من الإرهابيين دعوا الله فى الصحراء، فوهبهم أسلحة ودبابات وذخائر، ودعوا الله فى الصحراء فوهبهم دعما دوليا".
مستشار رئيس البرلمان يطالب بتأمين إجبارى للقضاة بقانون مكافحة الإرهاب
ومن جهته، طالب المستشار محمود فوزى، المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب الدكتور على عبد العال، المُشرّع المصرى بمدّ نطاق التغطية التأمينية لرجال القضاء والنيابة العامة، إذ إنهم يتعرضون للأخطار نفسها، ويحتاجون للتأمين، وذلك فيما يخص المادة 54 من قانون مكافحة الإرهاب الجديد، التى ألزمت الدولة بإبرام وثيقة تأمين إجبارية لتغطية جميع الأخطار الناجمة عن الجرائم الإرهابية، وهذا أمر جيد.
وأشار "فوزى"، فى كلمته، إلى أن المشرع المصرى حرص على شرعية مواجهة الإرهاب والإرهابيين، وصدر القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014 بشأن تأمين وحماية المنشآت العامة الحيوية، الذى أناط بالقوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة المدنية فى تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية، ووضع أمثلة لها دون حصر.
وأضاف المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب، أن القانون اعتبر مشاركة القوات المسلحة فى حماية المنشآت موجبًا لاختصاص القضاء العسكرى بنظر الجرائم الواقعة على هذه المنشآت أو القائمين بتأمينها وحمايتها، وجعل المشرع هذا القانون مؤقتًا لمدة عامين، وتبدأ هذه الفترة من تاريخ العمل به، وقد انتهت هذه المدة المؤقتة، فأقر مجلس النواب المصرى قانونًا بمد العمل بهذا القانون لمدة خمس سنوات إضافية، لحين استقرار الأوضاع فى البلاد.
وطالب "فوزى" فى كلمته، بضرورة تفعيل برامج لدعم القدرات المختلفة للقائمين على وضع خطط محاربة الإرهاب، متابعًا: "أى مقاومة للإرهاب تتضمن تماسًا وتداخلاً مع حقوق الإنسان، بالنظر إلى تمتع الجريمة الإرهابية بذاتية خاصة، وتقف النظم القانونية المختلفة دائمًا أمام اعتبارين شديدى الصعوبة، الأول هو ضرورة مكافحة منع الجريمة الإرهابية قبل وقوعها، والعقاب عليها حال وقوعها، والثانى هو تضييق دوائر الاشتباه وفاءً بمتطلبات حماية حقوق الإنسان، فلا يمكن لأحد أن يبقى يقظًا 24 ساعة طوال 365 يومًا فى السنة".
واستطرد "فوزى": "تعلمنا التجارب أنه بغير الثقة فى النظام القانونى القائم والإيمان بسيادة القانون تكون مواجهة الإرهاب ناقصة، وأن سلاح الإرهاب يجب أن يواجه بسلاح العدالة، وأن الفكرة الفاسدة يجب إزالتها بفكرة صالحة، فلا يجوز أن يعالج الضرر بمثله، بل تجب حماية القانون بالقانون".
وذكر المستشار القانونى لرئيس مجلس النواب، عددًا من مميزات القانون المصرى، وهو أنه صادر بتشريع، ويتميز بالعمومية والتجريد معتمدًا على تعريفات منضبطة، وأن له طبيعة وقائية، ويخلو من العقوبات السالبة للحرية، ويتضمن بعض التدابير، ويقرر الضمانة القضائية فى طلب الإدراج عن طريق النيابة العامة، وبقرار قضائى مسبب من محكمة الجنايات المختصة، ومن ثمّ تتحقق المحكمة من مدى ضرورية الإدراج، متابعًا: "القرار القضائى الصادر بالإدراج قابل للطعن والمراجعة القضائية من كل ذى شأن، ومن محكمة أعلى وأكثر خبرة، والآثار القانونية المترتبة على الإدراج محددة فى القانون، وتتحكم فيها المحكمة، ومن ثمّ يتحقق فيها معيار التناسبProportionality ، وهى مؤقتة بطبيعتها، ولمدتها حد أقصى، ويسمح القانون بإدراج كيانات لم توجه أعمالها ضد مصر، ولكن لأى دولة أخرى فى العالم، فى إطار التضامن فى مواجهة الإرهاب".
برلمانى عراقى: لدينا 10 آلاف محكوم عليهم بالمؤبد لتسترهم على جرائم إرهابية
وفى نهاية الجلسات، ألقى زانا سعيد خضر، عضو لجنة الشؤون القانونية بمجلس النواب العراقى، اللوم على الدول التى تجاهلت بدايات خروج الأوضاع فى العراق عن السيطرة، قائلا: "نعاتبكم لأنكم تخليتم عنا حينما احتجنا المساعدة، الإرهاب كان يجتاحنا، وكانت دول العالم إلا قليلاً تتجاهل ذلك، ولن ننسى أن النظام السابق فى العراق هو من زرع فكرة العنف والتطرف".
وأضاف "خضر" فى كلمته، أنه بعد سقوط النظام، لم يستسلم الحزب الحاكم السابق، لكنه تحالف مع قوى الشر، وتوحدوا من أجل هدم النظام السياسى الجديد، مستطردًا: "لهذا حدثت مجازر فى العراق، ما استلزم إصدار قانون مكافحة الإرهاب، لوضع تعريف واضح للإرهاب وتجريمه".
وأشار عضو مجلس النواب العراقى فى كلمته، إلى أن القانون نص على أن يُعاقب بالسجن المؤبد، كل من تستر عمدًا على أى جريمة إرهابية، وبسببه هناك 10 آلاف محكوم عليهم بالسجن المؤبد وبالإعدام، مؤكّدًا أن التشريع لم يعالج المشكلة رغم كل ذلك، ولهذا استمرت دوامة العنف، واستمر مجلس النواب العراقى فى سد الفراغ التشريعى، عبر إصدار قوانين أخرى.