أثارت كثرة الاعتذارات من جانب المرشحين لتولى حقائب وزارية فى التعديل الوزارى الجديد الذى وافق عليه مجلس النواب أمس، دهشة الكثيرين فى ظل نظرة الناس للوزير على أنه صاحب سلطة ونفوذ، وأن المنصب وجاهة فى المجتمع، ما يجعل العديد من الناس يعتقد أن أى شخص يعرض عليه تولى منصب وزارى سيقبله على الفور ودون تردد، لكن الواقع عكس ذلك، وهو ما كشفه رئيس مجلس الوزراء أمام البرلمان بتأكيده على اعتذار 16 شخصية عن تولى المنصب لأسباب مختلفة.
وأكد المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أنه التقى ما يزيد عن 50 مرشحًا، وكان الاعتذار من حوالى 15 أو 16 مرشحًا، وتم الاختيار من بين 35 شخصية، موضحا أن البعض اعتذر لتقديره لحجم الجهد المطلوب وحجم المسئولية الملقاة عليه، ورأى أنه لا يمكنه أن يؤدى هذا العمل، والبعض الآخر كان له تجربة سابقة فى العمل العام وهذه التجربة لم تكن ناجحة ليس من منطلق أدائه ولكن بسبب ما تعرض له انتقادات شديدة أثناء هذه الفترة العصيبة من وجهة نظره، والسبب الثالث ارتباط بعض المرشحين بالتزامات عائلية خاصة منها خصوصيات معينة مثل التعليم أو التزامات خاصة بالأبناء، وكان يرى أن هناك صعوبة فى أن يستمر فى تقديم وتوفير هذه الالتزامات لأسرته فى ظل الموقف الحالى وتولى المنصب".
ورأى بعض نواب البرلمان أن منصب الوزير لم يعد "نزهة أو وجاهة" فى ظل الدور الرقابى القوى لمجلس النواب ـ بحسب وجهة نظرهم ـ وبسبب ضغوط الشارع وانتقادات الناس للمسئولين، والخوف من تحمل المسئولية فى ظل الأزمات الاقتصادية والظروف الصعبة الحالية، مما دفع مرشحين للاعتذار عن تولى المنصب، وسبب آخر هو تقاضى الوزير مرتب أقل بكثير مما يحصل عليه المرشحون، مؤكدين أن نفس الأمر سيحدث فى أول حركة محافظين، ستشهد اعتذارات كثيرة بسبب قرب انتخابات المجالس المحلية والصلاحيات الرقابية الكبيرة اللممنوحة لهذه المحالس وفقا للدستور وقانون الإدارة المحلية الجديد.
وأشار عدد من النواب إلى أن خوف البعض من تحمل المسئولية فى حال توليه منصب وزارى وعدم قدرته على اتخاذ القرارات بحرية دون خوف بسبب بعض القوانين العقيمة التى تغل يد المسئولين فى اتخاذ القرارات، وذلك لخوفهم من تعرضهم للمساءلة والمحاكمة فى أى وقت بعد الخروج من الوزارة.
النائب أحمد العوضى: منصب الوزير لم يعد "وجاهة"
قال اللواء أحمد العوضى، عضو لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، إن منصب الوزير لم يعد وجاهة ولا نزهة، ولكنه أصبح مسئولية وأعباء كبيرة تلقى على عاتق من يتولى هذا المنصب فى ظل الظروف الصعبة التى تتعرض لها مصر، وذلك من ضمن أسباب اعتذار بعض المرشحين فى التعديل الوزارى الأخير عن تولى حقائب وزارية.
وأضاف "العوضى" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن مصر تواجه حربا شرسة ضد الإرهاب وأزمات اقتصادية كبيرة تفرض أعباء جسيمة على من يتولى منصب الوزير، ولا بد أن يكون جاهزا لأن يؤدى مهمته بغض النظر عن المرتب الذى يحصل عليه.
وتابع "العوضى": "فيه ناس اعتذرت أثناء مشاورات رئيس الحكومة مع المرشحين لبعض الوزارات فى التعديل الوزارى، لأسباب شخصية وظروف عائلية والناحية المالية، فمثلا واحد بياخد مرتب أكثر من مرتب وزير ويخشى أنه خلال شهرين أو ثلاثة أشهر يحدث تعديل وزارى ويتم تغييره".
ولفت "العوضى" إلى أن الإبقاء على وزير الصحة فى التعديل الوزارى الجديد كان من أسبابه كثرة الاعتذارات من المرشحين لهذا المنصب، رغم أنه كان هناك توجه قوى لتغيير وزير الصحة.
محمد أبو هميلة: صعوبة المسئولية والمرتبات أسباب الاعتذارات عن المناصب الوزارية
قال اللواء محمد أبو هميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، إن وجود مجلس نواب قوى يمارس دوره الرقابى والأزمات التى تتعرض لها البلاد والظروف الصعبة وتحمل المسئولية، سبب رئيسى فى اعتذارات بعض الشخصيات عن قبول تولى حقائب وزارية فى التعديل الوزارى الجديد الذى وافق عليه مجلس النواب.
وتابع "أبو هميلة": "منصب الوزير مش نزهة دى مسئولية كبيرة، ومجلس النواب ليه سلطات ورقابة ومحاسبة ومتابعة لأداء الحكومة والناس بقت تتكلم وتحاسب المسئولين وتنتقد حتى رئيس الجمهورية، والإعلام والصحافة بينتقدوا ويحاسبوا، ونواب البرلمان بيحاسبوا الوزراء بشكل قوى، ودا بيخلى شخصيات تعتذر خوفا من عدم القدرة على تحمل المسئولية".
ولفت رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، إلى اعتذار بعض المرشحين عن قبول المنصب الوزارى بسبب المرتبات، قائلا: "مثلا لو اتعرض على مدير بنك بياخد 200 ألف جنيه فى الشهر أن يتولى منصب وزير هياخد فيه 20 ألف جنيه فمن حقه أن يرفض، إلا إذا كان هناك شخصيات تضحى لتشارك فى تحمل المسئولية تجاه الوطن وأداء واجبه الوطنى".
واستطرد "أبو هميلة": "الوزير والمحافظ مبقتش مناصب للوجاهة والنزهة، ولصعوبة المسئولية يعتذر البعض، والبرلمان وافق على التعديل الوزارى لأنه دوره ليس فى تعيين الوزراء ولكن دوره فى المتابعة والرقابة على الأداء الحكومى والمحاسبة عند التقصير ومتابعة النتائج وما إذا كانت الحكومة نفذت برنامجها أم لا".
نائب بولاق الدكرور: الدور الرقابى القوى للبرلمان منع البعض عن قبول المنصب الوزارى
من جانبه، قال محمد الحسينى، عضو مجلس النواب عن دائرة بولاق الدكرور: "المسئولية كبيرة فى هذه المرحلة وتعتبر عملا وطنيا، وناس كتير بتخاف تتعرض لمساءلة وضغوط بسبب وجود البرلمان ودوره الرقابى وحقه فى محاسبة الحكومة وبسبب الأزمات الكثيرة، وفيه ناس بتضحى وتقبل المنصب الوزارى ودى مشاركة إيجابية لصالح الوطن".
وأردف "الحسينى": "النهاردة الوزارات مبقتش ميزة بل مسئولية خاصة أن فى ظل وجود مجلس النواب والدور الرقابى القوى، وكذلك المحافظين فى ظل قرب انتخاب المجالس المحلية الكثير منهم هيعتذر عن الاستمرار فى منصبه وناس هتعتذر عن تولى المنصب، لأن المحافظين وفقا لقانون الإدارة المحلية الجديد سيكون لهم صلاحيات رقابية قوية".