وزير التعليم الجديد فى مواجهة البيروقراطية وموظفى الديوان.. هل ينجح صاحب نظرية "التعلم من أجل الحياة" فى الانتصار على قلاع الحرس القديم واللوائح؟.. وهل يترك السيسى "يوسفه" فى "غيابة الجب"؟
"كرافات" طارق شوقى و"بيجامة" الوزارة
"كرافات" طارق شوقى و"بيجامة" الوزارة
السبت، 18 فبراير 2017 01:02 ص
كتب تامر إسماعيل
"هذا الطفل لازال بداخلى يحلم ويتعلم ويسعى لتحقيق النجاح والإنجاز ولم ولن يكبر أبدا، ولولا أنى أرى نفسى فى المرآة، كنت افتكرت إنى لازلت طفلاً"، بهذه الكلمات تحدث الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى الجديد عن نفسه فى إحدى المحاضرات العامة المصورة، والتى حكى فيها قصة حياته، وأحلامه، وطموحاته، وفكرته عن الحياة والتعليم.
مرت أشهر قليلة بعد تلك المحاضرة التى قال فيها "شوقى" إن أحلامه لا تتوقف، وطالما أن هناك مهمة جديدة فهناك حلم وأمل جديد، وهناك نجاح جديد مُنْتَظَر، ليجد نفسه مرشحا –أو مكلفا– بتولى مسئولية وزارة التربية والتعليم فى مصر، ليبدأ هو لنفسه وبنفسه رحلة جديدة فى البحث عن نجاح جديد، ويبدأ معه المصريون حلم جديد بصلاح حال التعليم، ويجد أبناءهم من ينقذهم من الوضع الحالى للمنظومة، ومعهم يبدأ سؤال يُطْرَح لأول مرة "هل سينجح الوزير الجديد القادم من ثقافات وتجارب ومؤسسات تطبق أعلى معايير الجودة فى الإدارة والتخطيط فى تغيير واقع التعليم فى مصر؟، المدفون فى أدراج المكاتب وعقول موظفى الوزارة؟، ودوسيهات ديوانها ولوائحها وروتينها المتوارث؟".
طارق شوقى.. الصورة الحالمة للوزير المصرى
كثيرا كان يحلم المصريون بصورة الوزير والمسئول الذى يرونه فى دول العالم المتقدم، الذى يفكر ويحلم ويخطط ويطرح حلولا مفاجئة وقادرة على تغيير الواقع، والحقيقة أن طارق شوقى –كما رأيناه- يملك تلك الصفات التى تجعلك تسعد أنه أصبح وزيرا مصريا، وقد تنتقل عدوى اختياره إلى وزارات أخرى، وتنتقل عدوى ثقافته إلى وزراء أخرين.
هل تصلح "كرافات" شوقى لـ"بيجامة" الوزارة؟
رغم فرحة الاختيار التى وقع كثيرون فيها بمجرد البحث عن إسم طارق على مواقع الانترنت، إلا أن خلفيته وأفكاره وطريقته فى التفكير، تفرض على الذهن سؤالا مخيف، كيف سينجح ذلك الرجل القادم من جامعات الخارج، ونجاحات اليونسكو، وإنجازاته فى تطوير منظومات التعليم فى الكثير من المؤسسات الدولية، فى التعامل مع وزارة التعليم المصرية، وكلنا يعلم حجم ما سيواجه الوزير الجديد بمجرد جلوسه على كرسيه فى مكتبه بالوزارة، ويضع أمامه الموظفون تلالا من الدفاتر والملفات واللوائح، والعقول، وهل من الأساس كان صحيحا أن يتم اختياره الأن، قبل تطوير نظام العمل بالوزارة وجعله مناسبا لاستعاب الأفكار الجديدة، والشخصيات الجديدة، خاصة أن شوقى ليس جزءا من الجهاز الإدارى للدولة، فلم يكن يوما موظفا أو مديرا، أو وكيلا لوزارة، ليعرف أسرار وكواليس العمل الحكومى ومهاراته التى يمتلكها كل من هم حوله الأن بالوزارة.
كيف يمكن تطبيق النظريات وتنفيذ الأهداف فى غياب التمويل؟
لا يستطيع أحد أن ينكر أن غياب التمويل لتطوير المنطومة التعليمية فى مصر، هو أحد أكبر المشاكل التى تقف عائقا أمام التغيير، وأن النظرية الأبسط فى أى إصلا "اطبخى ياجارية كلف ياسيدى" لم تعد تصلح فى مصر، لأن التمويل لم يعد يصلح بالطرق التقليدية، وإنما بالبحث عن مصادر تمويل جديدة، واستغلال الطاقات المعطلة، وهو مانتمنى ان يتبعه الوزير الجديد، إلا أن ذلك أيضا ليس سهلا، لأن أى محاولة من طارق شوقى لتغيير سياسة مجانية التعليم، كأحد مصادر التمويل، سيواجهها الشارع المصرى بالرفض، وأن محاولات البحث عن التمويل من الموازنة العامة للدولة، لن يغنى من جوع، وإلا كانت التزمت الدولة بالمخصصات الدستورية للتعليم فى الموازنة الحالية.
هل يترك الرئيس "يوسفه" وحيدا فى المواجهة أم وعده بالدعم حتى النهاية؟
كل التساؤلات السابقة التى قد تبدو محبطة، يواجهها تحليل واحد، لكنه قوى فى دلالته –إن صحت-، وهى أنه ليس من المنطقى أن يدفع الرئيس عبد الفتاح السيسى بالرجل الذى يرافقه –أمينا للمجالس الرئاسية المتخصصة- منذ نشأتها، دون أن يكون قد وعده بالدعم والصبر ومحاولة تذليل العقبات فى طريق تطبيق رؤيته وفكرته عن التعليم التى نالت –بالتأكيد- رضا الرئيس بدليل استمرار شوقى فى منصبه هذه المدة بل وإسناد وزارة التعليم له.
الأمر الثانى هو أن طارق شوقى يبدو عليه أنه ليس من الشخصيات التى تجيد التعامل مع العمل الحكومى الروتينى وأن وجود بجوار الرئيس فى منصبه السابق أكثر لياقة له، حيث التفكير، والتخطيط، ورسم السياسات، دون الدخول فى غيابة العمل التنفيذى، خاصة فى وزارة عتيقة مثل التعليم، وهو مايشير إلى أن موافقته على تولى المهمة –بالتأكيد- جاءت بعد الاطمئنان على أنه سيكون مدعوما فى مواجهاته التى سيخوضها ضد العقول والأفكار القديمة، وضد الأزمات والواقع الصعب الذى سيصطدم به، بمجرد توليه مسئولية الوزارة.
وليس أقل من الوعد بالحصانة ضد التأمر والإحباط والإقالة والانفعالات البرلمانية والهجوم الإعلامى، يكفى لنجاح وزير التعليم الجديد فى مهمته –إن صح الظن فى كفاءته-.