هيمنت الزيارة المرتقبة للرئيس عبد الفتاح السيسى للعاصمة الأمريكية على اهتمام مراكز الأبحاث فى واشنطن، والتى أجمعت على مدى أهمية هذه الزيارة فى استعادة دفء العلاقات بين البلدين.
ففى مقال للخبير الأمريكى إريك تراجر، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قال إن العلاقات المصرية الأمريكية ستبدو أكثر إشراقا يوم الاثنين المقبل عندما يزور الرئيس عبد الفتاح السيسى نظيره الأمريكى دونالد ترامب فى واشنطن، والسؤال الأساسى الآن: هل يستطيع ترامب أن يترجم الترحاب الحار إلى اتفاق جيد لأمريكا.
وفى مقالة بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، قال تراجر إن هذا اللقاء لن يكون أول إعادة لضبط العلاقات بين البلدين. فقبيل توليه المنصب، تودد الرئيس السابق باراك أوباما لمبارك الذى استاء من أجندة الحرية التى تبنتها إدارة جورج بوش. وأكد أوباما التقارب مع مصر فى عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، بينما قلل من المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان.
وتابع:"لكن أولويات أوباما تحولت مع الإطاحة بمبارك فى 2011، وأيد البيت الأبيض التحول الديمقراطى وتحاور مع الإخوان ورئيسهم محمد مرسى. ثم تراجعت العلاقات فى أعقاب الإطاحة بالإخوان وقامت إدارة أوباما بتعليق الأسلحة التى تقدمها لمصر، وفسرت القاهرة هذا على أنه دعما لجماعة الإخوان. ورغم استئناف تقديم الأسلحة فى عام 2015، استمرت عدم ثقة مصر فى واشنطن، بينما عمقت القاهرة علاقاتها مع روسيا بصفقات أسلحة ومناورات عسكرية مشتركة".
وأضاف:" الآن سيتعامل الرئيس السيسى مع بيت أبيض أكثر ودا، فترامب متشكك فى الترويج للديمقراطية وقد أشاد مسئولون فى إدارة ترامب بخطاب الرئيس السيسى الذى حث فيه العلماء المسلمين على محاربة التطرف، كما أنهم يشاركونه رؤيته فى اعتبار الإخوان جماعة إرهابية".
وأشار إلى أن السياسات الداخلية لكلا البلدين ربما تمثل تحديا. فقد طلب المسئولون المصريون المزيد من المساعدات الأمريكية العسكرية والاقتصادية، على حد قوله، كما تريد القاهرة أيضا تجديد نظام التمويل الذى يمكنها من توقيع عقود أسلحة باهظة، إلا أن ترامب كان قد تعهد بخفض المساعدات الأجنبية.
وفى تقرير آخر لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، كتبه الباحث ديفيد شينكر، قال إن إدارة ترامب تركز على هزيمة داعش، وستتأثر محاولتها لفتح صفحة جديدة مع القاهرة بهذا الهدف. وفى حين أن هناك الكثير الذى يمكن أن تفعله واشنطن لمساعدة مصر على دحر الإرهاب فى سيناء، فإن السؤال الحقيقى يتعلق بما يمكن أن تفعله القاهرة فى هذا الشأن.
وأشار شينكر إلى أن السيسى وترامب التقيا مرة واحدة قبل انتخاب ترامب، لكن كان هناك تقارب بينهما، فقد وصف ترامب السيسى بالرجل الرائع، بينما أشاد السيسى بفهم ترامب العميق والكبير للتطورات فى الشرق الأوسط. وسيكون أساس التعاون مكافحة الإرهاب، لافتا إلى أنه سيكون هناك الكثير ليناقش فى هذا الشأن.
من ناحية أخرى، قال المجلس الأطلنطى، وهو أحد المراكز البحثية الأمريكية، إن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى الأولى للبيت الأبيض المتوقعة يوم الاثنين المقبل مهمة للعلاقات المصرية الأمريكية. فقد أعرب كلا من الرئيسين السيسى وترامب عن إعجاب ببعضهما البعض، وتبدو القاهرة متشوقة للدفع من أجل علاقات ثنائية أقوى والتى تتصور أنها ستفيد مصالحها أكثر من علاقتها المتوترة مع إدارة أوباما.
وأشار تقرير مركز الأبحاث الأمريكى إلى أنه بجانب تعزيز العلاقات بشكل عام، من المرجح أن يكون للسيسى أربع أولويات رئيسية فى هذه الزيارة، وهى تأمين الدعم الأمريكى للمصالح المصرية فى محاربى الإرهاب والضغط على الولايات المتحدة لتصنيف الإخوان تنظيما إرهابيا، والترويج لبرنامج الإصلاح الاقتصادى لمصر، وتقديم القاهرة كقوى إقليمية رائدة.
وفيما يتعلق بالأمن والإرهاب، أشار التقرير إلى أن اجتماع السيسى مع ترامب يأتى عقب اجتماعين هامين فى كلاهما قدمت القاهرة فرصة لمناقشة رؤيتها لمحاربة الإرهاب، أبرزهما كان اجتماع وزراء خارجية دول التحالف ضد داعش، والذى أكد فيه وزير الخارجية سامح شكرى جهود مصر لمحاربة الإيديولوجيات المتطرفة من خلال منابر دينية معتدلة.
وفيما يتعلق بالإخوان، قال التقرير إن مصر ستواصل الضغط على ترامب لتصنيفها ضمن الجماعات الإرهابية، إلا أن المركز استبعد أن تقوم الإدارة بخطوة فى هذا الشأن فى أى وقت قريب لأن الإخوان تنظيم دولى وإدراجه على قوائم الإرهاب سيؤثر على سياسة الولايات المتحدة فى دول أخرى.
وفيما يتعلق الاقتصاد، أوضح التقرير أن الاستثمارات الأمريكية فى مصر مهمة مع سعى القاهرة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة. وأشار المجلس الأطلنطى إلى اجتماع وزيرة الاستثمار سحر نصر مع غرفة التجارة الأمريكية الذى شهد أجواء تفاؤل بزيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر.
وأوضح التقرير أن السيسى سيصطحب معه فى الزيارة ممثلين من غرفة التجارة الأمريكية ومجلس الأعمال المصرى الأمريكى الأسبوع المقبل والذين سيقابلون رجال أعمال أمريكيين لشرح خطط الإصلاح الاقتصادى المصرى.
من ناحية أخرى، قال التقرير الأمريكى إن التحديات الإقليمية ستكون حاضرة على أجندة لقاء السيسى وترامب، على الأقل بالنسبة لعملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، مشيرة إلى أن الرئيس سعى لجعل مصر طرفا إقليميا رائدا فى هذه القضية. وسيناقش السيسى أيضا قضايا إقليمية مهمة أخرى منها الحرب فى سوريا والصراع فى اليمن وعدم الاستقرار فى ليبيا. وقد جعلت مصر نفسها زعيما إقليميا فى محاربة الإرهاب وحصن للاستقرار فى المنطقة المضطربة، وسيقدم السيسى على الأرجح مصر كشريك للولايات المتحدة فى التعامل مع عدم الاستقرار.