ظل الوصول إلى نواب البرلمان فى العهود السابقة أحد الأزمات التى يواجهها المواطن عقب انتهاء فترة الانتخابات، حيث يكتفى الأعضاء الناجحون بحصد الأصوات فى صناديق الانتخابات، ولا يرغبون فى سماعها ثانية بعد الانتخابات، إلا أن دخول وسائل التواصل الحديثة على خط العلاقة بين النائب والناخب، جعل هروب الأول من صوت الأخير أمرا صعبا، وتبقى أهم تلك الوسائل هو موقع "فيس بوك" أكبر شبكة اجتماعية فى مصر والعالم.
واستنادا إلى العينة العشوائية التى بحث "برلمانى" عن أسمائها على "فيس بوك"، يملك أكثر من 95% من نواب البرلمان الذين يبلغ عددهم 596 نائبا، حسابات شخصية أو صفحات عامة، أو الاثنين أحيانا، على موقع "فيس بوك"، وتمثل تلك الصفحات والحسابات وسائل اتصال مباشرة بينهم وبين دائرتين، الأولى هى الدائرة الشخصية المقربة لهم، وهى توجد عادة فى الحسابات الشخصية المغلقة، التى يحافظ على خصوصيتها بعض النواب، والثانية دائرة ناخبى الدائرة والمواطنين فى كل المحافظات، والتى عادة ما يتيحها النواب من خلال صفحات عامة.
نواب من زمن ما قبل "الفيس بوك".. وصفحة المجلس "عطلانة"
بعض أعضاء البرلمان، كان من المتوقع ألا يكون لهم حسابات على "فيس بوك" بحكم أن ثقافة عملهم بالعمل العام لم ترتبط يوما بوسائل التواصل الحديثة، ومنهم على سبيل المثال، الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان، اللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى، المستشار حسن بسيونى عضو اللجنة التشريعية.
الملحوظة الأخرى هى أن الصفحة الرسمية لمجلس النواب التى تم تدشينها مع بداية الانعقاد فى 2016 ما زالت بلا منشورات أو فعاليات منذ إنشائها وحتى الآن، رغم أن المجلس أنشأها إيمانا منه بضرورة فتح قنوات تواصل فعالة وحديثة مع المواطنين.
كيف يستغل النواب حساباتهم على "فيس بوك"؟
شملت حسابات النواب الشخصية على "فيس بوك" كل أشكال الاستخدام المختلفة، بداية من الاستخدام الشخصى الخاص، مرورا بإبداء الآراء العامة، والتعليق على الأحداث، وحتى اعتبارها صفحة خدمية للتواصل مع المواطنين والرد على استفساراتهم، والترويج لإنجازات النائب فى دوره الرقابى والتشريعى والخدمى.
إلا أن هناك ظاهرة ملحوظة، وهى أن بعض النواب الذين لا يملكون أرشيفا من الكلمات أو الحضور أو المشاركة فى الجلسات العامة، أو اجتماعات اللجان فى البرلمان، لديهم مجهود وحضور ملفت ومكثف على "فيس بوك" من خلال العمل الخدمى فى الدائرة، ويعتبر هؤلاء النواب العمل الخدمى الأهم والأبقى من العمل التشريعى والرقابى، حيث إنه يضمن له الاستمرار فى امتلاك ثقة النائب فى الدائرة، خاصة تلك التى تحتاج الكثير من الخدمات فى القرى والمحافظات، إلا أن بعض النواب يحافظون عن التواجد عبر "فيس بوك" بتأدية أدوار متوازنة بين الرقابة والتشريع والعمل الخدمى.
نائب الخدمات الأشهر والأنشط على "فيس بوك"
يعتبر النواب أصحاب التركيز على الدور الخدمى هم الأكثر انتشارا وحضورا على الفيس بوك بحكم أنهم يسعون إلى نشر أعمالهم وإنجازاتهم على مستوى الدائرة للمواطنين الذين منحوهم أصواتهم، ومحاولة كسب ثقة من لم يمنحوهم أصواتهم، استعدادا لمعركة انتخابية مقبلة.
ويستخدم النواب فى ذلك الصور من موقع الحدث داخل الدائرة، مثل إصلاح عطل كهربائى، أو رصف طريق، أو بناء مركز طبى، أو غير ذلك من الخدمات التى تحتاجها الدائرة، والتى يظل النائب ينشر كل خطوة من خطواته فى طريق تحقيقها، لإيصال مدى المجهود الذى يبذله لمتابعيه.
وتتميز تلك الصفحات بسرعة التفاعل والرد على المواطنين والمتابعين، خاصة أنه عادة ما يدير هذه الصفحة أحد أعضاء الفريق المساعد للنائب وليس النائب شخصيا، مما يعطى للمواطنين انطباعا أن هناك اهتماما وسرعة فى الرد.
نواب المنشورات والتعليقات والآراء السياسية على "فيس بوك"
نوع آخر من الصفحات تتمثل فى استخدام النائب صفحته بشكل أكبر للتركيز على مواقفه وآرائه السياسة المتعلقة بقضايا داخل البرلمان أو خارجه، وعادة ما تكون هذه الصفحات لنواب دوائر الحضر، ونواب أصحاب مؤهلات عليا، ونواب دخلوا البرلمان على قائمة "فى حب مصر" الانتخابية، حيث لا يحمل هؤلاء النواب فاتورة أصوات ناخبين لدوائر محددة، ولذلك يسعون لإثبات أن دخولهم المجلس عن طريق القائمة كان أمرا مستحقا من خلال عملهم الرقابى والتشريعى والسياسى.
إلا أن بعض هؤلاء النواب أدركوا أهمية أن يكون لهم دور خدمى فى الدوائر التى قد يترشحون من خلالها على المقاعد الفردية فى الانتخابات المقبلة، وفطنوا لضرورة القيام بهذا الدور والترويج له عبر صفحتهم، لكسب أكبر مساحة ممكنة من الأصوات تسهل عليهم المعركة فى الانتخابات المقبلة.
النواب "أصحاب المزاج" على "فيس بوك"
عدد ليس بالقليل من النواب قرر أن يقتصر وجودهم على "فيس بوك" وفق حدود المساحة الشخصية لحساباتهم، فلا خدمات، ولا متابعين، ولا دوائر، وقرروا أن يظل حسابهم الشخصى محتفظا بتلك المساحة التى تسمح له التحدث وقتما شاء وكيفما شاء وعلاما يشاء من الأمور التى يهتم بها المواطنون العاديون من رواد "فيس بوك".
فقد يعلق أحدهم على مباراة كرة قدم تعليقا لو قاله بصفته النيابية لأثار أزمة بسببها، وقد يتحدث أحدهم عن شخصية عامة بشىء من التحرر فى الألفاظـ بطريقة أيضا قد توقعه فى مشاكل لو تحدث بها فى العلن أو بصفته النيابية.
وعادة ما يحرص هؤلاء النواب على ألا يقبلون صداقات أو متابعين جدد إلا بعد التأكد من أن ذلك لن يعود عليهم بالضرر أو بانتهاك الخصوصية، ولنفس الأسباب واحتراما لتلك الخصوصية لن نعرض نماذج لتلك المنشورات الخاصة لهؤلاء النواب.
"التعليقات".. اعرف نجاح النائب أو إخفاقه من تعليقات المواطنين
تمثل التعليقات التى يكتبها المواطنون على منشورات النواب على فيس بوك أحد أهم أدوات قياس رأى الناخب فى النائب، ودرجة رضاه عن أداء ممثله فى البرلمان.
ورغم أن هناك حملات قد يقودها بعض المنافسين ضد نائب ما من خلال صفحته لإظهار فضله، إلا أنها تظل مقيدة بوقت وبتأثير محدود، لا يقاوم عمله ونجاحه الحقيقى، الذى ترصده تعليقات ومنشورات أخرى تظهر نجاحات النائب.
وتشهد صفحات النواب الكثير من الصراعات حول دور النائب ومدى تنفيذه لوعوده التى قطعها على نفسه وقت الانتخابات، كما تشهد معارك بين مؤيدين ومعارضين للنائب فى مواقفه أو أعماله، إضافة إلى تعليقات الثناء من المواطنين إذا ما قام النائب بعمل يستحق الثناء.
إلا أن هناك ظاهرة، فى أن أغلب النواب ينأون بأنفسهم من الدخول فى اشتباكات أو جدل مع المواطنين على "فيس بوك" ويتركون ذلك لمدير الصفحة، أو يتجاهلون تماما تلك التعليقات، حتى لا يتسبب ردهم فى إحراجهم أو زيادة عدد التعليقات على نفس القضية فتأخذ حجما أكبر.