هل يتوقف التصعيد الأمريكى فى سوريا؟

رغم تلويح الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالتدخل العسكرى فى سوريا، إلا أنه لم يتوقع أحد أن تتخذ الولايات المتحدة خطوة توجيه ضربة عسكرية لسوريا بهذه السرعة الشديدة، خاصة فى ظل المعطيات السابقة حول رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة فى التعامل مع الأزمة السورية.

مباركة دولية للتحرك الأمريكى

الضربة العسكرية الأمريكية لقت دعمًا إلى حد ما من المجتمع الدولى، وفقا للمواقف التى تم إعلانها حتى الآن، حيث لم تعترض عليها بريطانيا، والتى أعلن وزير دفاعها مايكل قالون أن نظيره الأمريكى طلب رأيهم بشأن الضربة قبل توجيهها.

فى حين قال بيان من برلين إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسى فرانسوا أولوند تحدثا عن الوضع فى سوريا أمس الجمعة ويريدان مواصلة الجهود الرامية لتحميل الرئيس السورى بشار الأسد مسؤولية "الأعمال الإجرامية".

تجنب تصعيد الصراع

أهمية تجنيب سوريا التصعبد العسكرى، هو الموقف الذى أكدت عليه مصر، فى بيان الخارجية، وهو ما أكده عدد من النواب أيضًا، مشيرين إلى ضرورة الوقوف عند حد هذه الضربة العسكرية، وعدم التوسع والتصيد حتى لا تتحول سوريا الى منطقة صراع دولى بين القوى المختلفة، بالإضافة للدعوة لجلسات طارئة فى مجلس الأمن والجامعة العربية.

الدكتور أحمد سعيد رئيس لجنة العلاقات الخارجية حذر الدكتور أحمد سعيد من تداعيات التصعيد العسكرى الخطير الذى يحدث الآن على الأرض السورية، وأكد أن الشرق الأوسط والعالم كله سيدفع ثمن تحويل المنطقة إلى ساحة للصراع الدولى.

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية، إن حل محنة سوريا لن يتحقق إلا عبر مفاوضات شاملة يشترك فيها كل الأطراف بما يضمن وحدة سوريا شعباً وأرضاً، وبما لا يتركها فى النهاية غنيمة للجماعات الارهابية والمطامع الإقليمية والدولية.

ونبه سعيد إلى أن ما يجرى حاليا من قصف أمريكى بالصواريخ لسوريا فى رد فعل سريع ومتسرع ردا على مجزرة إدلب الكيماوية التى لم تكشف جهة تحقيق دولية محايدة حتى الآن المسئول عن ارتكابها هو سلوك خطير يعيد إلى الأذهان نفس السيناريو الدامى الذى جرى قبل ضرب العراق وتدميره وتقسيمه دون أن يثبت أحد حتى الآن امتلاك العراق أسلحة كيماوية فى ذلك الوقت.

وأدان أحمد سعيد سياسة الكيل بمكيالين فيما يتعلق بالقضايا الإنسانية وحق الشعوب فى الحياة الكريمة وحقوق الإنسان، وقال إن فزاعة حقوق الإنسان أصبحت تستخدم بصورة واضحة وفاضحة فقط للضغط على الدول ولتحقيق مصالح أنانية، ولكننا الآن نرى حقوق الإنسان تنتهك ويراق دمه وتدمر بنيته الأساسية على شاشات التليفزيون بدون أن يتحرك أحد دفاعا عن حقوق الإنسان السورى الذى يتعرض للقصف من دول وكيانات مختلفة تحكمها المصالح وليس الحرص على حماية الإنسان، مصالح يسيطر عليها الجشع والحصول على غنائم الحرب أكثر من رغبتها فى تحقيق السلام، هذه الكلمة "السلام" التى أصبحت دارجة على السنة زعماء العالم دون أدنى حد من الشفقة للضحايا الأبرياء الذين يتم المتاجرة بدمائهم على الفضائيات العالمية وهم الذين يدفعون ثمن هذه الصراعات من حياة أطفالهم وسلامة أهاليهم.



وأكد أحمد سعيد أن الإرهاب هو الخطر الأكبر الذى يهدد الإنسانية وينذر بتصعيد الصراعات المذهبية وإثارة الفتن وتقسيم المنطقة، وهو ما يستدعى تضافر جهود المجتمع الدولى للحرب على الإرهاب واقتلاع جذوره وعدم تفتيت الجهود فى صراعات على النفوذ والهيمنة بين القوى الكبرى التى تتخذ من هذه المنطقة الملتهبة ساحة لها.
وأوضح "أن الولايات المتحدة تستطيع لو أرادت أن تستخدم ثقلها ونفوذها لجمع كل أطراف الازمة السورية على مائدة سلام والخروج باتفاق ملزم للجميع لوقف حمامات الدم فى هذا البلد الذى تشرد شعبه وتحولت حضارته العظيمة إلى خراب ولكن للأسف فإن صراع المصالح الأعمى ينذر مرة أخرى بدخول المنطقة إلى دوامة جديدة من الحروب والصراعات التى سيكتوى بنارها كالعادة من أشعلوها".

محمد العرابى: إدارة ترامب تعبر عن أسلوبها مبكرا

وفى السياق ذاته قال السفير محمد العرابى، وزير الخارجية الأسبق، وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس البرلمان، إن الضربة العسكرية الأمريكية ضد سوريا تطورًا خطيرًا يدخل الأزمة السورية فى دائرة خطيرة ويعيد محنتها مرة أخرى.

وأضاف العرابى، فى تصريح لـ"برلمانى"، أن ما حديث يعيد القضية السورية إلى الصراع الروسى الأمريكى مرة أخرى، مؤكدا على ضرورة إدانة استخدام الأسلحة الكيماوية، بالإضافة لضرورى الإسراع فى إيفاد لجنة تقصى حقائق للمسئول عن هذا العمل الإجرامى.


وتابع النائب، "يبدو أن اإدارة اﻷمريكية أرادت التعبير مبكرا عن أسلوبها فى التعامل مع هذا النوع من المشاكل الدولية.. ونحتاج اﻷن إلى قدر كبير من العمل الدبلوماسى، سواء من قبل جامعة الدول العربية او مجلس اﻷمن لتجنب اى تصعيد، نظرا لتداخل القوى فوق اﻷراضى السورية ، كذلك لوقف تهميش أعمال المؤسسة الدولية اﻷمم المتحدة".

عضو لجنة العلاقات الخارجية: خطوة غير مدروسة

ووصفت النائبة داليا يوسف، عضو لجنة العلاقات الخارجية، الضربة العسكرية الأمريكية بأنها خطوة غير مدروسة بشكل صحيح، لافتة إلى أنه كان من الضرورى أن يكون هناك تحقيقات قبل اتخاذ قرار الضربة العسكرية.
وأضافت داليا يوسف، فى تصريح لـ"برلمانى"، أن استخدام الأسلحة الكيماوية أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ولكن كان من المفترض أن تجرى تحقيقات شاملة حوله قبل اتخاذ قرار التدخل العسكرى الأمريكى.



وأشارت النائبة، إلى ضرورة عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن وجامعة الدول العربية، للمطالبة بوقف أى تطور، حتى لا يتحول الأمر إلى صراع روسى أمريكى داخل الأراضى السورية، موضحة أن منع التصعيد العسكرى هو القرار الأهم الأن حتى لا تتعقد الأمور بشكل أكبر داخل سوريا.

فى حين قال اللواء حاتم باشات، عضو لجنة الشئون الأفريقية بالبرلمان، إن رد الولايات المتحدة الأمريكية بضربة عسكرية على سوريا، جاء سريعا ويثير علامات الاستفهام.

وأضاف باشات لـ"برلمانى"، أنه من المهم أن يتم وقف التصعيد العسكرى فى سوريا، لافتا إلى أنه يتمنى أن تكون هذه الضربة محدودة للغاية، وألا يمتد الأمر لأكثر من ذلك.



وأشار باشات إلى أنه يجب أن يتم التحقق فى مدى إدانة الجيش السورى فى أزمة "خان شيخون" التى راح ضحيتها عشرات المدنيين السوريين الأبرياء بتأثير الغازات السامة المحرمة دوليا.

وأضاف باشات، أنه من الضرورى العمل على الوصول لحل سياسى للأزمة السورية، وأن يتم التوقف عن أى تصعيد عسكرى حتى لا يتحول الأمر إلى ساحة للصراع.