أصدر يوسف وردانى، معاون وزير الشباب، والمتخصص فى دراسات الشباب وبحوث التطرف، دراسة حديثة بعنوان "سيناء- أرض الله المختارة"، أظهر من خلالها مزاعم بعض مراكز البحوث الأمريكية عن الوضع فى سيناء، مؤكدا أن هذه المراكز تعتبر ما يحدث فى سيناء من جانب الجماعات الإرهابية "حركة تمرد" وليست أعمالا إرهابية.
وكشف "وردانى" فى دراسته الحديثة التى جاءت 15 صفحة بواقع 3 ألاف و 600 كلمة، عن أن المراكز البحثية الأمريكية يغلب على أبحاثها التسييس والآراء المسبقة، انحياز المراكز البحثية لجماعة الإخوان، داعيا القاهرة برد على هذه التقارير والدراسات وإجراء زيارة لأرض الفيروز لإظهار الحقيقة كاملة.
واعتمد "وردانى" فى دراسته عن التقارير التى أبرز المراكز البحثية الأمريكية للوضع فى سيناء، وهى: معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومركز كارنيجى للشرق الأوسط، مضيفًا :"صدر فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 العديد من التقارير التحليلية والدراسات عن مراكز البحوث الأمريكية التى تناولت الأوضاع فى سيناء، والتى ركزت على بروز سيناء كمنطقة تهديد استراتيجى لإسرائيل، وتحولها إلى بؤرة لتركز الجماعات المتطرفة والإرهابية خاصة بعد غض نظام الإخوان الطرف أثناء فترة حكمهم عن إقامة معاقل للإرهابيين فيها، وأبرزت علاقة حركة حماس بتطورات الأحداث فى سيناء والعلاقة مع تنظيم داعش. ولم تنس هذه التقارير – كغالبية التقارير الغربية فى أعقاب ثورة 30 يونيو – أن تربط بين تصاعد الإرهاب فى سيناء وبين ما اعتبرته انتهاكاً لحقوق الإنسان خاصة فى مجال التعامل مع الشباب والفتيات المنتمين لتيار الإسلام السياسى.
وأضاف :"وتنبع أهمية هذه التقارير والدراسات من أنها تقدم لصناع القرار فى الولايات المتحدة والدول الغربية صورة عما يجرى فى المنطقة وتوصيات لكيفية التعامل معها، وأحياناً يتم استدعاء كتَّابها للإدلاء بشهادات أمام مجلس النواب الأمريكي( )، أو يقومون برفع مذكرات إلى الإدارة الأمريكية( ). وهى فى الغالب صورة غير دقيقة لا تحيط بكافة عناصر الصورة، ويغلب عليها التسييس والتحيز خاصة من جانب بعض المراكز التى لها موقف مسبق من التغيرات السياسية فى مصر بعد ثورة 30 يونيو، وهو ما يستدعى أهمية التنبه إلى مضمونها والإحاطة بخلفيات ودوافع كُتَّابها.
وأشار الباحث المصرى، إلى أن التقارير والدراسات التى صدرت عن سيناء كتبها عدد محدود لا يزيد عن خمسة باحثين أبرزهم ديفيد شينكر وإهود يعارى وإريك تراجر من معهد واشنطن، وميشيل دنّ من مركز كارنيجى، وأن عدد منهم تردد على مصر والتقى بالقيادات الحكومية وعناصر مؤثرة من النخبة المصرية.
وقال: "ونظراً للأخطاء الشديدة التى وقعت فيها هذه التقارير والدراسات فى مجالى الرصد والتحليل فسوف يتم تناولها كما عبر عنها المركزان محل الدراسة، مع محاولة التعقيب فى نهاية كل جزء كلما كان ذلك ممكناً، وإيراد تعقيب عام فى نهاية البحث حتى يمكن تفهم ركائز صياغة العديد من السياسات تجاه مصر.
وعرض "يوسف وردانى" مضمون التقارير للأوضاع الداخلية فى سيناء، موضحا فى هذا الجزء أن هناك تقارير ودراسات تناولت الأوضاع الداخلية فى سيناء، وعلاقتها بالتطورات السياسية التى شهدتها مصر بعد ثورة 30 يونيو" مضيفًا :"كانت السمة العامة فى تناول الأوضاع الداخلية بالتقارير والدراسات المنشورة هى انتقاد تركيز مصر على الجانب الأمنى فى مكافحة الإرهاب فى سيناء، كما ويلاحظ من تحليل التقارير والدراسات الصادرة عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومركز كارنيجى للشرق الأوسط اعتمدت على الاتجاه السلبى المتعمد خاصة لمركز كارنيجى بيروت وباحثته الأولى ميشيل دن فى تغطيته للوضع فى سيناء، وحرصه على نفى أى صلة لجماعة الإخوان وأعضائها بالإرهاب فى سيناء، والربط بين سياسات النظام الداخلية وتزايد حالة عدم الاستقرار فيها بالرغم من وجود حالات أخرى غير تصريح د. محمد البلتاجى تثبت ذلك أبرزها حالة محمود شفيق (22 سنة) الذى فجر الكنيسة الأرثوذكسية بالعباسية فى ديسمبر 2016، والذى ثبت التحاقه بالإخوان قبل سجنه ثم انضمامه إلى تنظيم بيت المقدس".
وتابع: "كما يلاحظ أن تغطية هذه المراكز قد تدرجت فى وصف الأوضاع فى سيناء بداية من "التدهور" و"الفوضى"خلال الفترة من فبراير 2011 – يونيو 2013، وانتهاءاً بكلمة "التمرد" بعد يونيو 2013 والتى حرصت تقارير كارنيجى على وجه الخصوص على وضعها فى إطار أكبر أسمته بـ"التمرد الإسلامى" للإشارة إلى رؤيتها للتطورات السياسية التى شهدتها مصر بعد سقوط نظام الإخوان، والتى اتخذت منها موقفاً معارضاً منذ لحظة وقوعها ووصفتها بـ"الانقلاب"، وذلك بالرغم من عدم انطباق الشروط اللازمة "للتمرد" على الوضع فى سيناء وأهمها سيطرة التنظيم الذى يطلق على نفسه "ولاية سيناء" على قطعة من الأرض، وهو ما لم يحدث منذ أن تصدت القوات المسلحة للهجوم الشامل والمتزامن لتنظيم أنصار بيت المقدس – وقتها - على 19 كمينا بمدينة الشيخ زويد فى 1 يوليو 2015 بهدف إعلان الإمارة الإسلامية، أو وجود تأييد علنى من القبائل السيناوية له، وهو ما لم يحدث أيضاً.
واستطرد: كما يلاحظ حرص تقارير مركز كارنيجى ومعهد واشنطن على إطلاق لفظ "البدو" على أهالى سيناء، وإطلاق كلمة "الوادي" أو "بر مصر" على المحافظات الأخرى من غير سيناء، وهى مسميات يُراد بها التمييز بين أهل سيناء وغيرهم من المصريين، وتكريس المسعى لعزل سيناء عن مصر نفسياً ومعنوياً.
وتطرقت الدراسة، إلى ما أسمته " الأمن الإسرائيلى"، وأشار صاحب الدراسة، إلى أن هذا الجزء يغطى تقارير نشرها معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بشأن تأثير الإرهاب فى سيناء على العلاقات المصرية مع إسرائيل أغلبها مهّد لازدياد هذه العلاقات فى مرحلة ما بعد مرحلة 30 يونيو، مضيفًا: "ويتضح من تحليل التقارير التى أعدها معهد واشنطن ومركز بروكنجز أن مخاوف إسرائيل من سقوط نظام الرئيس مبارك على أمنها وخاصة فيما يتعلق بآليات ضمان الاستقرار فى سيناء لم يكن لها أصل من الواقع، فهذه المخاوف لم تتحقق، وأمكن علاجها من خلال الالتزامات التعاقدية المؤسسية بين الحكومتين المصرية والإسرائيلية رغم تعدد الرؤساء الذين حكموا مصر بعد ثورة 25 يناير، واختلاف توجهاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية.
وخصص "وردانى" بابا فى دراسته حمل عنوان " دور حركة حماس فى سيناء" وعرض من خلاله التقارير التى أصدرها كل من معهد واشنطن ومركز كارنيجى عن تصاعد نفوذ حركة حماس فى سيناء بعد ثورة 25 يناير 2011، وعلاقة الحركة بالتنظيمات الإرهابية فيها خاصة بعد سقوط نظام الإخوان، مشيرا إلى أن هذه التقارير اتفقت فى البداية على أهمية سيناء بالنسبة للجماعات الفلسطينية – وفى مقدمتها حركة حماس والجهاد الإسلام.
وعلق "وردانى" عن التقارير التى صدرت فى هذا الشأن قائلا: "وبغض النظر عن مدى قوى علاقة حركة حماس بالتنظيمات الموالية لداعش فى سيناء، فقد أوصت بعض التقارير الإدارة الأمريكية بأهمية العمل على تشجيع قطر وتركيا باعتبارهما من الرعاة الأساسيين لحركة حماس على صرف الحركة عن هذا التحالف غير المعلن، وعدم السير فى هذه المقامرة الانتهازية التى تضر أمن كل من مصر وإسرائيل على حد سواء". قائلا: "خلاصة هذا الجزء هو تأكيد التقارير الأمريكية على وجود صلات بين حركة حماس والتنظيمات الإرهابية فى سيناء، وهو ما يدعم وجهة النظر المصرية تجاه مسئولية الحركة عن تصاعد أعمال العنف والإرهاب فى سيناء".
وتطرقت الدراسة إلى "صعود خطر داعش والتنظيمات المتطرفة" مشيرة إلى أنه لم يصدر المركزان اللذان تم التعرض لهما تقارير مباشرة عن وضع التنظيمات الإرهابية وأنشطتها فى سيناء، واكتفى بالإشارة إليها فى ثنايا التقارير الأخرى.
وقال "وردانى": كان من أوائل التقارير التى لفتت النظر إلى بدء توطن التنظيمات المتطرفة ذات الصبغة العالمية التنبيه السياسى الذى أعده الباحث هارون ي، زيلين فى يونيو 2012 بعنوان "الإرهاب النابع من سيناء: الجماعات الجهادية العالمية على أعتاب إسرائيل" والذى أشار فيه إلى بروز العديد من المؤشرات على تزايد "تهديد الجهاديين العالميين المتزايد فى شبه الجزيرة" حيث أعلن تنظيم "القاعدة فى شبه جزيرة سيناء" عن نفسه فى أغسطس 2011، و"أنصار الجهاد فى شبه جزيرة سيناء" فى ديسمبر من نفس العام، وقاما بمبايعة أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة، ثم تم تدشين مجلس شورى المجاهدين فى أكناف بيت المقدس "مجلس شورى المجاهدين" فى 19 يونيو 2012 .
وعنون "وردانى " الباب الخامس من الدراسة بعنوان "تقييم الجهود الأمنية" وأشار فيه بعد عرض عدد من الدراسات الصادرة عن المركزين " معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدني، ومركز كارنيجى للشرق الأوسط" إلى تجاهل هذه التقارير الإشارة إلى الإنجازات التى حققتها قوات إنفاذ القانون فى مجال محاصرة التنظيمات الإرهابية فى سيناء، خاصة فى عام 2016، الذى لم تقم فيه هذه التنظيمات بأية أعمال نوعية بارزة مثل الاعتداء على أقسام الشرطة أو المبانى الحكومية، واكتفت بعمليات الاغتيال واستهداف ضباط الجنود والشرطة والأقباط، وهو تطور، بالرغم من مأساته الإنسانية، يبرز نجاح الجيش فى تقويض نشاط هذه التنظيمات ومحاصرتها فى أماكن تركزها واختبائها".
ولخص "وردانى" دراسته قائلا:"تبرز التقارير والدراسات الصادرة عن مراكز البحوث الأمريكية الصورة النمطية والسائدة عن سيناء وعن تقييم أداء قوات انفاذ القانون فى إخماد الحركات الإرهابية، وهى صورة تتسم بالسلبية والسوداوية الشديدة، فتعتبر هذه المراكز أن ما يحدث فى سيناء هو "حركة تمرد" وليس أعمال إرهابية، وترى أن أداء القوات المسلحة لم يكن على القدر الكافى من النجاح المطلوب، هذا رغم وجود مؤشرات تفند هذا الكلام، وهو ما يفرض على السلطات المصرية ضرورة البحث عن آليات واضحة لتغيير هذه الصورة.
وأضاف: "كما توضح القراءة المتعمقة لهذه التقارير والدراسات العلاقة الوثيقة بين هذه المراكز وأجهزة المخابرات الأمريكية، فالبيانات والمعلومات الواردة بها ليست مما يرد فى الصحف أو وكالات الأنباء، وإنما مستقاة من مصادر مخابراتية وأمنية، ويدل على ذلك عدم وجود توثيق أو إشارة إلى المراجع التى استند إليها هؤلاء الباحثون فى تقاريرهم"، قائلا: "كما تكشف هذه التقارير والدراسات عن درجة عالية من التوافق بين مركز البحوث مما يكرس تصور وتفسير معين بين جماعة السياسة الخارجية الأمريكية. وجدير بالذكر هنا أهمية البحث فى تقارير مراكز البحوث الأوروبية والأسيوية لبيان مدى التوافق والاختلاف فى جوانب الصورة الكلية التى ترسمها هذه المراكز عن نظيرتها الأمريكية".
وتابع: "وفى مجال التعامل الجاد مع هذه التقارير، ينبغى على القاهرة أن تعمل أولاً على دراسة هذه التقارير وتحليل أبرز ما جاء بها من انتقادات وتوصيات، خاصة أنه يتم طرحها أثناء زيارات المسئولين المصريين إلى الولايات المتحدة وفى اللقاءات الصحفية والتليفزيونية التى يقوم بها كبار المسئولين هناك. وأن تدرس ثانياً إمكانية دعوة عدد من الخبراء المعتدلين فى هذه المراكز إلى مصر، وتنظيم زيارة ميدانية لهم فى سيناء لإيضاح جوانب من الصورة المغلوطة لديهم على أن تكون هذه الزيارات مخططة سلفاً"، قائلا: "ويتوازى مع ذلك أهمية قيام مؤسسات الدولة بإتاحة آلية لتبادل المعلومات مع الخبراء والباحثين المصريين الذين لديهم صلات دولية واهتمامات الكتابة البحثية فى الخارج، من أجل معادلة المحتوى السلبى المكتوب عن سيناء باللغة الإنجليزية فى مراكز البحوث الأمريكية والغربية، وإبراز جوانب أخرى من الصورة الغائبة خاصة فى مجال الجهود غير الأمنية لمواجهة الجماعات المتطرفة والإرهابية فى سيناء، والقيود التى تحد من نجاح الجيش فى استئصالها سريعًا".
"خطة البرلمان": نتنهى من مشروع قانون "أسر الشهداء المدنيين" قبل نهاية دور الانعقاد