جلسة عاصفة شهدها البرلمان أمس للموافقة على قانون الاستثمار الجديد، ولم يكن خلاف النواب حول مواد قانون الاستثمار، لكنه الانقسام الذى بات واضحا وجليا داخل حكومة المهندس شريف إسماعيل، وتحديدا داخل المجموعة الاقتصادية للحكومة، ليس بحسب المتابعين والصحافة، بل بحسب رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال نفسه.
الدكتور على عبد العال عبر أكثر من مرة عن ضيقه من هذا الخلاف، أولها حين قال فى جلسة أمس: إن هناك خروجا عن التقاليد المتعارف عليها ولا أعرف لماذا؟، فعادة يتحدث ممثل واحد عن الحكومة، لكن اليوم نشهد حديث العديد من ممثلى الحكومة، أتمنى أن تكون الحكومة صوتا واحدا حول مشروع قانون الاستثمار.
ليس هذا فحسب، بل إن الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان، انتقد النسخة الحالية لمشروع قانون الاستثمار قائلا: "هذا القانون لو تم ترتيبه سيحتل ترتيب بعد الـ50، وللأسف تم الوقوع فى الروتين والتنازع بين الاختصاصات فى مواد القانون".
وتابع عبد العال: "مشروع القانون خرج عن فلسفته تمامًا، ولا يحقق الاستثمار، وإذا خرج بهذا الشكل سيلقى مصير القوانين السابقة"، موجها حديثه لوزيرى الاستثمار والمالية قائلا: "أتمنى أن تتكلم الحكومة بلغة واحدة".
الانقسام لم يبدأ من جلسة أمس فقط، بل بدا واضحا خلال الأيام القليلة الماضية، فكان الخلاف واضحا بين وزارة المالية، ووزارة الاستثمار، حيث طلبت وزارة الاستثمار من البرلمان الإبقاء على المناطق الحرة لما لها من فوائد على الوضع الاستثمارى، وهو الأمر الذى لم يكن مرضيا لوزارة المالية، والذى أتى وزيرها عمرو الجارحى إلى البرلمان وخاض جلسة عاصفة اختلف فيها مع نواب اللجنة الاقتصادية الذين أظهروا ميلا واضحا للإبقاء على المناطق الاقتصادية وترجيح رأى وزارة الاستثمار، على عكس رغبة وزارة المالية، التى قال وزيرها إن "المناطق الخاصة موجودة منذ 45 عاما ولم تحقق أى عائد والواردات أكثر من الصادرات".
اللقاء العاصف الذى دار الأربعاء بين وزير المالية والنواب وصل إلى حد المشادات الكلامية، حيث طالب النائب أشرف العربى الوزير بعدم تكرار الحديث فى نفس النقاط مرة أخرى، ورد عليه وزير المالية قائلا "أنت هتزعقلى ولا إيه؟"، فاعترض النائب على أسلوب الوزير قائلا: "هو مش قاعد فى الوزارة علشان يعلى صوته علينا".
مصطفى بكرى: حرب ضروس بين الحكومة وكله عايز نصيب فى الكيكة
مصطفى بكرى عضو مجلس النواب، قال فى تصريح لـ "برلمانى": "يؤسفنى القول إن مظهر الحكومة بالأمس كان سيئا لأن الخلافات والانقسامات ظلت حتى اللحظة الأخيرة بين عدد من وزراء المجموعة الاقتصادية والذين من المفترض أنهم يشكلون فريقا واحدا متحدا ولديهم إيثار للمصلحة العامة، ولكن فوجئنا بحرب ضروس كل يريد أن يكون له نصيب فى "الكيكة".
وأضاف بكرى فى تصريح لـ"برلمانى" وزراء المجموعة الاقتصادية حاول كل منهم أن يضع له قدما فى قانون الاستثمار، وهو أمر يتنافى مع فلسفة الشباك الواحد ويجعل المستثمر يعود مرة أخرى إلى سياسة التنقل الحكومى والمراوغة وهو أمر يعوق المستثمر ولا يحقق الفلسفة التى من أجلها صدور القانون.
وتابع عضو مجلس النواب أن رئيس مجلس الوزراء حاول أن يرضى جميع المتصارعين فاضطر إلى أن يعقد اجتماعا مع رئيس البرلمان مساء الأربعاء الماضى، بهدف تغيير المادة التاسعة من القانون والتى تجيز لرئيس الوزراء أن يصدر هو اللائحة التنفيذية بدلا من وزيرة الاستثمار المختصة، رغم أن المجلس كان قد وافق يوم الثلاثاء على القانون ومن بينه المادة التاسعة.
وحذر بكرى من أن هذه الخلافات ستبدأ من جديد، وستعود مرة أخرى مع بدء العمل على إصدار اللائحة التنفيذية.
وأشار بكرى إلى أن البرلمان كان حازما فى رفضه لهذه الخلافات، حيث منح السلطة لوزيرة الاستثمار لإصدار اللائحة التنفيذية، والتى وجهت بحروب متعددة على غير ما كان متوقع؛ حسب قوله.
وتابع عضو مجلس النواب: "كنا نتمنى بالفعل من رئيس الحكومة أن يجمع الجميع على مائدة واحدة ويلزم الجميع بسياسة الشباك الواحد".
واستطرد بكرى: "للأسف ظهرت الحكومة بمظهر صعب، فبعد تقديم القانون والموافقة عليه، تعود لتطلب أمورا تتناقض مع فلسفة القانون بسبب ضغط بعض الوزراء، وأصبح رئيس الوزراء فى مأزق وحاول أن يرضى الجميع".
وكيل الاقتصادية: انقسام الحكومة حول قانون الاستثمار مشهد صعب ومسىء
من جانبه قال عمرو الجوهرى وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بمجلس النواب، إن هناك خلافا على عدد من النقاط بقانون الاستثمار، أولها حول الحوافز وهل تخصم من الأرباح أم من الضرائب، موضحا أن مشروع الحكومة نص على أن تكون بالخصم من الأرباح وتم تعديلها والتعديل كان نقطة سلبية بالقانون لأن خصمها من الضرائب يجعل الدولة دون أموال لمدة 15 سنة.
وأضاف الجوهرى فى تصريح لـ"برلمانى"، أنه كان هناك خلاف آخر بين الوزراء فى مسألة الولاية على الأراضى المملوكة للدولة، بالإضافة إلى من يملك إصدار اللائحة التنفيذية للقانون وهل رئيس الحكومة أم وزيرة الاستثمار.
وتابع وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان، أن ظهور الحكومة فى مشهد انقسام أثناء مناقشة قانون الاستثمار أمر سيئ وصعب، ومن المفترض ألا يحدث وكان من المفترض إجراء حوار توافقى مع اللجنة الاقتصادية للخروج بقانون متوافق عليه السلطة التشريعية والتنفيذية.
واستطرد وكيل لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان: "كان يجب ألا نصل لهذه المرحلة، فقد وجدنا نزاعا غير مرغوب فيه وكل عضو بالسلطة التنفيذية يتحدث على حدى، وكان المفروض أن يكون للحكومة ممثل واحد فى القانون".