استمرارا للمشهد السلبى الذى تعرفه الحياة البرلمانية على مدار عقود متتالية، لازال النواب يلتفون حول الوزراء للحصول على تأشيراتهم على طلبات تخص أبناء دوائرهم للبت فيها، فقد علق الدكتور على عبد العال، فى جلسة الأمس على ظاهرة التفاف النواب حول الوزراء بمجرد انعقاد الجلسة العامة للبرلمان، قائلا: "النواب اللى بيتحدثوا مع الوزير كده مينفعش.. هل الأفضل إن الوزراء ميحضروش ولا إيه؟".
ووضع عدد من خبراء القانون والعلوم السياسية مجموعة من الآليات التى من شأنها منع تكرار هذه المشاهد.
بكرى عن تحذيرات عبد العال للنواب بعدم الالتفاف حول الوزراء للحصول على توقيعاتهم: تسئ للبرلمان
أكد النائب مصطفى بكرى، عضو مجلس النواب والكاتب الصحفى، أنه على الرغم من المواعيد التى حددها الوزراء بالوزارات المختلفة للقاء نواب البرلمان لمناقشتهم فى المشاكل التى تخص دوائرهم، فإن النواب لايزالون يلتفون فى مشهد غير حضارى حول الوزراء فى الجلسة العامة، إضافة إلى قيام وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب بتحديد موعد لحضور مسؤولى الاتصال السياسى بالوزارات المختلفة لتلقى طلبات النواب، وإن هذا لابد وأن يدفع النواب إلى التوقف عن تقديم طلبات للوزراء خلال الجلسة العامة.
وأضاف "بكرى" فى تصريحات لـ "برلمانى"، أن قيام النواب بالتقدم بمثل هذه الطلبات خلال الجلسة العامة يسئ لصورة البرلمان، خاصة وأن رئيس البرلمان الدكتور على عبد العال نبه على النواب بعدم الالتفاف حول الوزراء، من أجل الحصول على توقيعاتهم لطلبات تخص أبناء دوائرهم، والتى من شأنها تعطيل أعمال الجلسة العامة بالبرلمان.
وتابع "بكرى": "أتمنى أن تنتهى هذه الصورة التى تسئ للبرلمان وللنواب، ويتوقف هؤلاء النواب عن التزاحم وسط القاعة، حيث لن يتم ذلك إلا من خلال عقوبة رادعة من رئيس المجلس لإيقاف هذه الأعمال".
وفى السياق ذاته قال الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، إن السلطة التى خولها الدستور للبرلمان هى مراقبة السلطة التنفيذية، وليس أن يتسول منها خدمات، قائلا "مش كل نائب يروح عشان يعين ناس من الدايرة بتاعته، فبيظهر بمظهر المتسول من الجهات المختلفة، حتى أصبحت سمعة المجلس سيئة".
وتابع "صادق" فى تصريحات لـ "برلمانى"، أن هناك العديد من الاستطلاعات التى أجرتها الجهات المختلفة، والتى أكدت أن 37% فقط من الشعب المصرى راض عن أداء البرلمان، والنسبة الباقية غير راضية عن آدائه، ولابد من إجراء مضاعف وقوى جدا من قبل رئيس البرلمان على النواب حتى يظهر بالصورة الأكثر حداثة، قائلا "الموضوع دا كان موجود فى البرلمانات السابقة كلها".
واقترح "صادق"، أن يتم التنبيه على النواب أنه سيتم إبقاف كل نائب يقوم بمثل هذه الأعمال مدة دورة كاملة من البرلمان، وفى هذه الحالة سيضمن رئيس البرلمان عدم تزاحم النواب على الوزراء مجددا، قائلا "دى ثقافة متأصلة لدى نواب البرلمان، ومنعها مش هيتم بسهولة، لأن دا أكبر مجلس فى تاريخ مصر، غالبيتهم حديثو العمل البرلمانى".
وبدوره قال الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن تحذيرات الدكتور على عبد العال الموجهة للنواب له كامل الحق فيها، إلا ان حضور الوزراء للجلسة العامة بشكل مكثف عن حضورهم اجتماعات اللجان النوعية بالبرلمان يدفع نواب البرلمان إلى استثمار فرصة تواجد الوزراء وقيامهم بمحاولات الحصول على تأشيرات الوزراء على طلباتهم.
وأضاف "فهمى" فى تصريحات لـ "برلمانى"، أن هذه ظاهرة قديمة جدا فى الحياة النيابية منذ أيام صوف أبو طالب وكامل ليلة، رؤساء مجلس الشعب السابقين، وأن هذه المشكلة عصية عن الحل، إلا أنه طرح عدد من الآليات التى من خلالها يمكن للبرلمان أن يقضى على هذه الصورة ولو بشكل تدريجى، حيث يقترح رئيس البرلمان بعقد لقاءات ثابتة بين الوزراء والنواب قبل موعد الجلسة العامة لتقديم الطلبات، حتى تغيب هذه الأعمال عن الجلسة العامة.
وتابع "فهمى"، أنه لابد من خلق آلية بين البرلمان والوزارات المختلفة من خلال عمل مكتب إلكترونى يقوم بتجميع كافة طلبات النواب، ويكون برئاسة أحد وكيلى البرلمان، ويتعامل مباشرة مع هذه الوزارات، ويرفع تقريرا لرئيس البرلمان عن تنفيذ مطالب النواب من قبل الوزارات من عدمه، لمحاسبتها على تقصيرها فى تنفيذ طلبات النواب، أو يشكل رئيس كل لجنة نوعية بالبرلمان لجنة فرعية برئاسة أمين السر لجمع الطلبات وتوجيهها إلى الوزراء المختصون.