أيام نشاط لم تشهد الدولة مثيل لها من قبل، تبعت توجيه الرئيس السيسى المسئولين باسترداد أراضى الدولة المنهوبة من واضعى اليد وحيتان الأراضى ليعود لمصر سيطرتها على الأصول التى سرقت بدون وجه حق.. ولكن السؤال الأهم هل لدى الدولة خطة للاستفادة من تلك الأراضى بعد استردادها.
أشاد الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادى بجهود الدولة فى استعادة الأراضى المنهوبة من مغتصبى أملاك الدولة وواضعى اليد، منتقدا عدم الإعلان حتى الآن عن رؤية حقيقية لمستقبل تلك الأراضى بعد سحبها وردها للدولة، موضحا أنه كان يجب على المسئولين أن يدرسوا الجدوى التى ترجوها الدولة من سحب الأراضى أو تقنين وضع اليد.
واقترح "النحاس" أن تدشن الدولة صندوقا تحت مسمى "صندوق الأجيال" لإدراة أصول الدولة المستردة من المغتصبين، وعدم التفريط فيها كونها حقا من حقوق الأجيا المقبلة، ليقوم الصندوق بالاستثمار سواء بالأرض أو بعائد تقنين وضع اليد لصالح عجز الموازنة العامة للدولة وليس ضم تلك المبالغ مباشرة للموازنة العامة.
وتساءل "النحاس" فى تصريحات لـ"برلمانى" حول الآلية التى سيتم بها تحديد سعر الفدان فى حالى قبول تقنين وضع اليد بين المحافظات المختلفة سواء فى الصعيد أو الوجه البحرى، وتحديد موقف الدولة من الحالات التى يجب فيها سحب الأرض فى حالة تعارض مصلحة واضع اليد مع المصلحة العامة، كأن تكون الأرض فى محيط أحد المصانع الحيوية التى يمكن أن تتوسع الدولة فيها فى المستقبل، ضاربا مثال بمصنع كيما أسوان أو مصنع من مصانع السكر التى يمكن أن تدرس الدولة مستقبلا التوسع فيها لتحقيق الاكتفاء الذاتى، ما يعد التصالح مع واضع اليد حينها إهدارا لفرص الدولة.
وانتقد غياب الدراسات التى تحدد إن كان االمستثمر الذى حصل على الأرض لاستصلاحها تقاعس عن زراعتها لرغبة فى تسقيعها أم لعدم توفير الآليات التى تعينه على تحقيق الهدف سواء بتوصيل المياه أو المرافق، ما يعد غير عادل بالنسبة لبعض الحالات الجادة، قائلا: " بدء حملة إعادة أراضى الدولة دون تحديد الهدف يعد كبدء مشروع دون دراسة جدوى".
وأوضح "النحاس" أن تدشين صندوق مثل صندوق الأجيال الذى يقترحه ليعمل من خلال شركة لإدارة أصول الدولة سيساهم فى حل أزمة عجز الموازنة ولن يهدر حق أولادنا وأحفادنا فى الأراضى المملوكة للدولة.
وطالب الخبير الاقتصادى الدولة بأن تحذوا نفس الحذو فى أزمة المصانع التى تمت خصخصتها وصدرت أحكام قضائية بعودتها للدولة مثل النيل لحليج الأقطان وغيرها من المصانع.
ومن جانبه قال الدكتور هانى توفيق الخبير الاقتصادى، إن الأراضى المنهوبة من الدولة عن طريق وضع اليد تتخطى قيمتها 200 مليار جنيه، مقترحا أن تضم الجدولة الأصول غير المستغلة لديها إلى الأراضى المنهوبة بعد استردادها وتدشين شركة قابضة تدير كل أصول الدولة.
وأضاف توفيق فى تصريحات لـ"برلمانى" أن وزارة التخطيط تعكف على إعداد خطة لتحقيق الاستفادة القصوى من الأراضى المستردة، مقترحا أن تتبع الشركة القابضة لإدارة أصول الدولة شركات توزع جغرافيا فى كل محافظة أو حسب الأنشطة، بأن تخصص شركة للأبنية التعليمة والأصول التابعة، وآخرى للمناطق الصناعية، وأن يتم تشكيل مجالس إدارات محترفة تدير الشركات ويتم طرحها فى البورصة ويتم الاكتتاب عليها.
وانتقد الخبير الاقتصادى الطريقة المتبعة فى عمليات إزالة التعديات على الأراضى المملوكة للدولة، مطالبا بسحب الأراضى دون تدمير المشروعات القائمة عليها، معتبرا إياها ثروة قومية.
وأشار "توفيق" إلى أن تجربة الصناديق أو الشركات القابضة التى تدير أصول الدولة ليست جديدة، حيث إنها موجودة ببعض الدول مثل الكويت تحت مسمى "صندوق الأجيال المقبلة"، مؤكدا أنه إذا ما تم استغلال الـ200 مليار جنيه بطريقة صحيحة، قياسا بأن كل فرصة عمل تكلف الدولة 100 ألف جنيه، فإن الـ200 مليار ستوفر 2 مليون فرصة عمل للشباب.
وفى سياق متصل، قال الدكتور حسين عيسى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، إن تعامل الدولة مع ملف الأراضى المنهوبة ينقسم إلى جزئين، الأول يتمثل فى تعامل لجنة استرداد أراضى الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، مع المعتدين على الأراضى الذين يريدون التصالح وتقدموا بطلبات لتوفيق أوضاعهم، والجزء الثانى يتمثل فى الحملة القائمة الفترة الحالية ضد المعتدين الذين لم يقدموا طلبات للتصالح.
وأضاف رئيس الجنة الخطة والموازنة فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى"، أن الدولة اختارت الحل التوافقى بتوفيق أوضاع المخالفين والمعتدين الذين يبدون جدية فى التصالح لكن البعض تصور أنه فوق القانون وأنشأوا مشروعات إسكان ومشروعات زراعية وآخرون استولوا على أراض ولم يستغلوها لتسقيعها ، الأمر الذى أدى بالرئيس السيسى إلى تكليف المسئولين باسترداد حق الدولة.
وطالب "عيسى" مجلس الوزراء بتشكيل لجنة متخصصة تضم الوزراء المعنيين بملف الأراضى وخبراء لبحث سبل الاستفادة المثلى ليتم استخدام الأراضى المستردة فى مشروعات مفيدة للحاضر والمستقبل، خاصة وأن بقاء الأرض دون استغلالها لا يجعلها ميزة.
ولم يستبعد رئيس لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان تبنى البرلمان مقترحا بإنشاء شركة قابضة لإدارة الأصول التابعة للدولة.