حصل "برلمانى" على نص الاقتراح بقانون الذى تقدم به النائب محمد إسماعيل عضو لجنة الإسكان بمجلس النواب بشأن ضم الاقتصاد الموازى (الاقتصاد غير الرسمى )، للاستفادة من هذا القطاع المهم الذى فرض الواقع أهمية الاستفادة منه، وضمه للقطاع الرسمى، فى ظل الظروف الاقتصادية المتراجعة التى نعيشها فى الوقت الحالى .
واستند النائب محمد إسماعيل إلى المواد ( 27 ،28 ) الفصل الثانى المقومات الاقتصادية من الدستورموضحا فى نص المذكرة ان الاقتصاد المصرى يواجه مجموعة من التحديات التى لا يمكن اغفالها، فى مرحلة هامة بعد ثورتين 25 يناير و 30 يونيو وتحتاج الفترة المستقبلية من العمل الجاد، لبناء مصر الجديدة .
مذكرة ايضاحية
وذكر إسماعيل فى المذكرة الايضاحية لمشروع الاقتراح بقانون أن الاقتصاد الموازى يمثل أكثر من 60% من الناتج المحلى الإجمالى، مقابل مساهمة الاقتصاد الرسمى بنحو 2% من الناتج المحلى الإجمالى.
حجم الاقتصاد غير الرسمى
وتضمن مشروع القانون أن التقديرات تختلف للوقوف على حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر، فهناك تقدير للاقتصادى الشهير فرناندو دوستو بأن الاقتصاد غير الرسمى فى مصر يقدر بنحو 395 مليار دولار، أى ما يعادل 2.6 تريليون جنيه مصرى.
ووفقا للمذكرة الايضاحية لاقتراح القانون أنه يلاحظ أن حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر تزايد بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادى فى الأسواق عن عملها.
وأشار ت المذكرة إلى أن تقريرا حديثا لاتحاد الصناعات المصرية يقدر حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر بنحو تريليون جنيه مصرى، وترجع دراسة الاتحاد الفارق بين التقديرين إلى أن تقدير دوستو تضمن العقارات غير المسجلة فى المجتمع المصري، بينما تقدير اتحاد الصناعات اعتمد فقط على رؤوس الأموال المتداولة فى السوق المصرى، ولكنها خارج إطار التسجيل والتوثيق الرسمى.
وتضمنت المذكرة يلاحظ أن حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر قد تزايد بشكل ملحوظ بعد ثورة 25 يناير، بسبب غياب العديد من المؤسسات المعنية بمراقبة النشاط الاقتصادى بالأسواق عن عملها، مثل الإدارات المحلية، وشرطة المرافق، وغيرها من الأجهزة الرقابية التى تعتنى بمنع مزاولة أى نشاط بدون ترخيص، ويزيد على ذلك ضعف الحضور الأمنى لرجال الشرطة، وانشغالهم بمواجهة الفعاليات السياسية وأعمال العنف والشغب التى لم تنقطع .
ووفقا للقانون تقدر دراسة اتحاد الصناعات وجود الاقتصاد غير الرسمى فى مجال الصناعة بنحو 40 ألف مصنع غير قانوني، تمارس نشاطها فى أماكن غير مرخص بها، أو أنها تعمل فى إطار بعيد عن إجراءات الأمن الصناعي، فضلًا عن شروط السلامة والصحة ويطلق على هذه الصناعات فى مصر مصانع بير السلم .
كما يمتد الاقتصاد غير الرسمى فى مجال الخدمات، إذ عادة ما تكون أسعار السلع والخدمات المقدمة فى إطار هذا الاقتصاد أقل من نظيرتها التى يقدمها الاقتصاد الرسمى، بسبب تهرب الاقتصاد غير الرسمى من الضرائب، سواء فى مشترياته أو مبيعاته، فضلا عن وجود تجاوزات كثيرة فى كافة مراحل ممارسته للنشاط الاقتصادى.
سلبيات الاقتصاد غير الرسمى
وتضمن الاقتراح بقانون النص على سلبيات الاقتصاد غير الرسمى، حيث تتنوع السلبيات التى تقع على عاتق الاقتصاد المصرى من ممارسات الاقتصاد غير الرسمى، فمنها ما يعود على الدولة كمؤسسة، ومنها ما يعود على أداء الشركات العاملة فى الاقتصاد الرسمي، ومنها ما يعود على الأفراد العاملين بالقطاع غير الرسمى، ومنها ما يعود على المجتمع ككل سواء كمستهلكين أو سكان محيطين ببعض الكيانات العاملة فى الاقتصاد غير الرسمي، وخاصة تلك العاملة فى قطاع الصناعة.
السلبيات
ومن بين السلبيات ضياع جزء لا يستهان به من الإيرادات على الخزانة العامة للدولة، سواء المتعلقة بالتهرب الضريبى أو تلك المتعلقة برسوم التراخيص وتقديم الخدمات الحكومية. وتقدر المبالغ الخاصة بالتهرب الضريبى للاقتصاد غير الرسمى بنحو 150 مليار جنيه مصرى بالإضافة إلى المؤسسات العاملة فى الاقتصاد غير الرسمى لا تقدم فواتير لزبائنها، وهى بالضرورة لا تحصل على فواتير لمشترياتها، حتى لا يستدل عليها لدى مصلحة الضرائب. وتتبين أهمية هذه المبالغ إذا ما علمنا أن الحصيلة الضريبية فى مصر لا تزيد عن 260 مليار جنيه سنويًا.
كما تضمنت السلبيات أيضا مخالفة شروط السلامة والصحة فى مؤسسات الاقتصاد غير الرسمي، فلا تتوفر الشروط الصحية لدى العاملين بهذا القطاع، ولا تخضع مستلزمات الإنتاج للشروط الصحية التى تشرف عليها جهات رسمية من قبل الحكومة بشكل منتظم أو فجائى، وفى الغالب يتم تجاوز الشروط الصحية بغية توفير التكاليف، ولكن فى النهاية يتحمل المستهلك هذه المخاطرة، ويتكبد المجتمع تكاليف العلاج ومواجهة العديد من الأمراض.
ووفقا للسلبيات المذكورة بالاقتراح بقانون تُعد حقوق العاملين الضائعة أبرز السلبيات بمؤسسات الاقتصاد غير الرسمي، بدءا من اختيار العاملين من حيث العمر، إذ لا تمانع هذه المؤسسات فى تشغيل الأطفال، كما لا تلتزم بالتواجد فى المناطق الصناعية المعدة لذلك والتى تتوافر بها مواصفات الأمن الصناعى، فيخضع العاملون لظروف عمل غير مناسبة مما يعرضهم لكثير من الأمراض، كما لا يتمتعون بأية نوع من الحماية سواء كان على شكل تأمين صحى أو اجتماعى.
كما أن هناك إضعاف فى منافسة الاقتصاد الرسمي، إذ عادة ما يعتمد الاقتصاد غير الرسمى على السلع المهربة من الداخل أو الخارج، فيتم عرض سلع الاقتصاد غير المنظم بأسعار تقل بفارق ملحوظ عن نظيرتها المنتجة فى الاقتصاد الرسمي، فيضعف ذلك من قدرة منافسة الاقتصاد الرسمي، وهنا باب آخر للإضرار بحصيلة الإيرادات العامة للدولة، حيث تكون السلع المهربة غير خاضعة لرسوم الجمارك.
قيام منشآت الاقتصاد غير الرسمى بممارسة نشاطها وسط التجمعات السكانية عادة ما يضر بالسكان والمرافق العامة، حيث تكون المرافق مصممة على خدمة مناطق سكانية وليس مناطق صناعية، فتختلف طبيعة المخلفات، كما أن بعض الصناعات يكون لها عوادم كربونية فى الهواء فتؤدى إلى تلوث هواء المناطق السكانية وقد لوحظ أن هذه المنشآت كانت أحد الأسباب الرئيسية فى تلوث مياه نهر النيل، لأنها تقوم بأعمال صرف مباشرة على النهر دون إجراء أى معالجات لصرف مخلفاتها، مما ترتب عليه ارتفاع معدلات تلوث مياه النيل.
مقترحات العلاج
ووفقا لمشروع القانون فإن هناك عدد من المقترحات لعلاج أزمة الاقتصاد غير الرسمى حيث أنه ليس بالظاهرة الجديدة على المجتمع المصري، ولكنه موجود منذ سنوات كنتيجة لسلبيات نموذج التنمية المستخدمة فى مصر على مدار السنوات الماضية، حيث كان يتم التركيز على المحافظات الحضرية، أو تنمية مدن المحافظات، وإهمال ما عداها وخاصة الريف، كما كان تعسف الإدارة المحلية وانتشار الفساد فيها دافعًا لانتشار الاقتصاد غير الرسمى.
واقترح النائب محمد إسماعيل مجموعة من الإجراءات تساعد على استيعاب هذا النشاط وتحويل الجزء الأكبر منه إلى الاقتصاد الرسمي، وتتبلور فى ما يلى:
1 - يجب ألا ينظر إلى إصلاح الاقتصاد غير الرسمى من منطق الجباية وتحسين الحصيلة الضريبة للبلاد فقط، ولكن لابد من الأخذ فى الاعتبار أن هذا القطاع يعد المشغل الأكبر فى سوق العمل المصرى.
3 - تيسير إجراءات الترخيص، وخفض الرسوم الخاصة بمنشآت الاقتصاد غير الرسمي، حتى يتنسى لهذه المنشآت أن تنضم إلى الاقتصاد الرسمي، وتقديم بعض الحوافز من قبل الحكومة، مثل تخفيض التأمينات الاجتماعية للعاملين بنسبة 30 إلى 50%، على أن تتحمل الحكومة من موازنتها هذه التخفيضات، وعلى أن تكون لفترات محددة، حتى يتم تشجيع هذه المؤسسات على توفير حماية للعاملين لديها على الجانب الصحى والاجتماعى.
3- تفعيل دور الأجهزة الرقابية بشكل أكبر، وعودة الأجهزة الأمنية لممارسة دورها المنوط بها فى مساعدة الأجهزة الرقابية فى القيام بدورها لمنع الممارسات الخاطئة من قبل مؤسسات الاقتصاد غير الرسمى.
4- لا بد من تفعيل دور المجتمع الأهلى، وتشجيع جمعيات حماية المستهلك، والجهاز الحكومى المعنى بهذا الجانب بتوعية المجتمع بخطورة غياب اشتراطات الصحة والسلامة لمنتجات الاقتصاد غير الرسمى.
5- تخفيض هوامش الضرائب على أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تمثل غالب نشاط الاقتصاد غير الرسمى، حتى يتمكن أصحاب هذه المنشآت من الانتقال إلى الاقتصاد الرسمي، وأن تتوفر خدمات مصلحة الضرائب ومأموريها بالأسواق التى تنتشر فيها أنشطة الاقتصاد غير الرسمى، وتتبع أطراف التعامل فيها حتى يمكن ضمهم إلى المجتمع الضريبى.
6 - ثمة عامل نفسى مهم هو إيصال رسالة إلى العاملين بالاقتصاد غير الرسمي، بأن الدولة ليست ضدهم وأنها لا تطاردهم، ولكنها تسعى لتقنين وضعهم وإدخالهم إلى منظومة الاقتصاد القومي، وأنها ستكون فى خدمتهم عبر أجهزتها ومؤسساتها المتعددة.