تعد "موائد الرحمن" من أكثر العادات الرمضانية المتعارف عليها فى مصر المحروسة، وانتشارها فى الشوارع والميادين يؤكد أن مصر بخير، وأنها مليئة بالرحمة والحب والمودة بين مواطنيها، وخاصة أن هذه العادات تأخذ بعدا اجتماعيا شديد العمق والتأثير فى التكافل الاجتماعى، وتوطيد الأواصر بين المصريين، وتكون تعبيرا حقيقيا عن المؤاخاة والرحمة بين طبقات المجتمع الواحد، الأمر الذى يجعل الكثير من المصريين ينتهز فرصة حلول الشهر الكريم، ليقيموا هذه الموائد كلا على سعته كنوع من الصدقة وفعل الخير، وإن كانت أحيانا تتخذ شكلا من أشكال الواجهة الاجتماعية والتفاخر.
موائد الرحمن "طوق نجاة" للغلابة والبسطاء
إلا أن فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، والتى يمر بها الشارع المصرى بعد تعويم الجنيه واتخاذ الحكومة الإجراءات الاقتصادية الأخيرة، وإصابة الأسعار بالجنون، زادت نسبة الفقر بين المصريين، حيث أكد كثير من الخبراء أن الطبقة المتوسطة تآكلت، يكون رمضان وموائده، طوق نجاة للغلابة والبسطاء، للتخفيف العبء عن كاهلهم، والاشتياق لأكل اللحمة والدواجن والأسماك، بعد الارتفاعات المجحفة لأسعارها، ليصطدموا بإشاعات منع الموائد أو تعقيد إجراءات ترخيصها.
هجوم إعلامى على صعوبة الحصول على تراخيص الموائد
وتضامنا مع الفقراء والبسطاء شن عدد من الإعلاميين هجوما على تعقيد إجراءات موائد الرحمن، وكان أبرزهم الإعلامى عمرو أديب، قائلا خلال برنامجه التليفزيونى:"ده لأول مرة يحصل فى تاريخ مصر.. لماذا كل هذه الشروط للحصول على ترخيص من أجل عمل مائدة الرحمن، طيب لما أعمل شركة استثمارية هعمل ايه". متابعا: طيب هسأل سؤال؟..أنا المصرى الجن ومخدتش تصريح وعامل مائدة الرحمن.. لو دكر شيل طبق من أيد واحد بيفطر "، مطالبا الحكومة بالرحمة قائلا "يا جماعة الرحمة دى اسمها مائدة الرحمن ده ربنا بيرحم.. يا ريت السنة كلها تبقى موائد الرحمن".
رئيس اتحاد المعاشات: ملاك التريليون هيدوروا على موائد الرحمن
وفى إطار دفاعه عن أصحاب المعاشات هاجم البدرى فرغلى، رئيس الاتحاد العام لأصحاب المعاشات، فى تصريحات إعلامية قائلا، الحكومة والبرلمان أسقطت أصحاب المعاشات من حساباتهم، مشيرًا إلى أن هناك 5 مليون أسرة من أصحاب المعاشات يتقاضون مبلغ 500 جنيه فى ظل ارتفاع الأسعار، "ملاك التريليون جنيه هيدخلوا رمضان مش لاقيين رغيف حاف ويدوروا على موائد الرحمن"
نائب للحكومة: يعنى لا هترحم ولا هتسيب رحمة ربنا تنزل
ومن جانبه أكد النائب على أبو دولة عضو مجلس النواب، أنه يجب على الحكومة، أن تراعى الفقراء ومحدودى الدخل" قائلا، يعنى لا هترحم ولا هتسيب رحمة ربنا تنزل".
وتابع "أبو دولة" فى تصريحات خاصة لـ"برلمانى" أنه بدل ما تبذل الحكومة جهدا فى موائد الرحمن، تعمل على حل مشكلة الأسعار وتكثف من مراقبتها للأسواق، وتقوم بتوفير برامج الحماية الاجتماعية للفقراء والغلابة، وهى مش هتلاقى موائد الرحمن ولا غلابة فى الشارع.
وأكد عضو مجلس النواب، أنه يجب على الدول تشجيع الأغنياء على فعل الخير وإقامة الموائد والصدقات، وخاصة أن نسبة الفقر قد ارتفعت بسبب الأزمات الاقتصادية، وتحرير سعر الصرف، الأمر الذى أدى إلى انهيار الطبقة الوسطى وانضمامها للطبقة الفقيرة.
إجراءات ترخيص "مائدة رحمن"
وحول إجراءات الترخيص قال الحج ناصر زغلول، أحد المشاركين بموائد الرحمن، أن الحفاظ على أرواح المواطنين وكذلك الحرص على عدم وجود تكدسات وأزمات مرورية بسبب لإقامة الموائد فى الشوارع أمر مهم وضرورة، لكن الكل يعلم مشاكل الروتين والبيروقراطية فى الأحياء، فمن الصعب إنهاء هذه الإجراءات بسهولة وأخذ كل هذه الموافقات، فمثلا أن من يريد عمل مائدة الرحمن عليه أن يتقدم بطلب إلى الحى مرفقا معه صورة الرقم القومى، وأن يشمل الطلب تفاصيل عن مكان إقامة المائدة، ثم يرسل الحى صورة من الطلب إلى إدارة الحماية المدنية للحصول على موافقة، وكذلك إرسال تفاصيل المائدة إلى إدارة الطب البيطرى حتى تتولى التفتيش على المائدة خلال شهر رمضان.
وتابع أن كل هذه الإجراءات والموافقات ستجعل كثيرا من رجال الأعمال يعزف عن إقامة وموائد، ومن هنا سيظلم الفقراء، والغلابة، مطالبا الدولة، بأن تقوم بتسهيل الإجراءات حتى لا تأسى على البسطاء فى ظل الحالة الاقتصادية وموجة الغلاء التى يشهدها الشارع المصرى حاليا.
نبذة تاريخية
يذكر أن موائد الرحمن عرفت لأول مرة فى العصر العثمانى وكانت تحمل اسم «الموائد السلطانية» وليتغير اسمها إلى «الموائد الملكية» فى النصف الأول من القرن الماضى ثم اختفت مع ثورة يوليو حتى عادت من جديد فى منتصف السبعينات من القرن الماضى أيضا، ويقال أيضا أن أول من اقامها هو أحمد ابن طالون.