قالت مجلة فورين بوليسى، الأمريكية، إن على الرغم من أن جماعة الإخوان ربما لا تقف بشكل مباشر وراء الهجوم القاسى الذى استهدف مسيحيين مصريين فى المنيا، ولكن من المؤكد أنهم من أشعلوا لهيب الكراهية.
وتحدث إريك تريجر، الباحث الرفيع لدى معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، فى مقاله بالمجلة، اليوم السبت، عن ما روج له عناصر جماعة الإخوان من أكاذيب ونظريات مؤامرة بشأن وقوف الحكومة وراء الهجوم، مشيراً إلى ما كتبته آيات عرابى، الإسلامية التى تعيش فى نيويورك، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعى فيس بوك حول أن القضية تهدف لخلق قمع ظاهرى ضد المسيحيين فى مصر ومحاولة تصدير الصورة على أنهم مضطهدون"، مضيفة أن البابا تواضروس متواطئ فى هذه المؤامرة، على حد زعمها.
كما نقل "تريجر" تعليق أحمد المغير، أحد القيادات الشابة فى جماعة الإخوان والذى قال فيه، "سواء كان هذا انتقاما من جرائم المسيحيين أو كان النظام الحاكم هو المسؤول عن حادث اليوم، فالنتيجة واحدة، أن المسيحيين يدفعون ثمن تحالفهم مع النظام المصرى وليس هناك حل لهم سوى أن يتراجعوا ويتصالحوا مع المسلمين أو تستمر دمائهم مثل الأنهار ولا أحد يهتم".
ويقول "تريجر"، إن تعليق "المغير" يعكس بشكل نموذجى فكر الإسلاميين فى مصر، حيث يرون أن المسيحيين هم المسؤولون الرئيسيون عن الإطاحة بأول رئيس منتخب فى مصر، محمد مرسى، فى يوليو 2013، موضحا أنه فى الواقع لم يكن البابا تواضروس سوى واحد من العديد من الشخصيات، معظمهم من المسلمين، بما فى ذلك شيخ جامعة الأزهر وزعيم حزب النور السلفى والسياسى غير الإسلامى محمد البرادعى، والناشطين الشباب البارزين، وكبار القادة العسكريين، وآخرين، من الذين وقفوا مع وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسى عندما أعلن عزل مرسى، ولكن لأن الإخوان يربطون بين الإسلام وحكمهم فإنهم يعتبرن أن الإطاحة بمرسى فعلا معاديا للمسلمين يقودها غير المسلمين وحلفاوهم.
ويقول الباحث الأمريكى، إن الهجوم القاتل الذى وقع أمس، الجمعة، ليس سوى آخر سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد الجماعة المسيحية فى مصر، حيث قتل تنظيم داعش 25 فى هجوم على الكنيسة البطرسية فى ديسمبر الماضى، وتم تهجير نحو 100 عائلة مسيحية من شمال سيناء بعد سلسلة من الهجمات فى فبراير ومارس، وقتلت 49 مسيحيا فى تفجيرين استهدفوا كنيستين يوم أحد السعف أبريل الماضى. ووفقا لمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط، هاجم الإرهابيون المؤسسات المسيحية أو الأفراد أكثر من ثلاثين مرة خلال الأشهر الستة الماضية، ما أسفر عن مقتل 121 شخصا وإصابة 168 آخرين.
وهذا ليس عنفا عشوائيا، بل هو جزء من استراتيجية سياسية حاقدة. وكما ذكر مختار عوض، الباحث بجامعة جورج واشنطن، فإن تنظيم داعش يعتقد أن إرهابه المناهض للمسيحية سيزعزع استقرار مصر، مثلما أدت هجماته المنظمة السابقة على الشيعة فى العراق إلى إثارة الاضطرابات.
ويوضح "تريجر" أن جماعة الإخوان ليست مسؤولة بشكل مباشرة عن هذه الهجمات، لكن التحريض المناهض للمسيحيين يسهم فى تهيئة بيئة تضفى الشرعية عليها، ففى الواقع فإن قادة الإخوان المسلمين يصورون بشكل روتينى المسيحيين ليس كضحايا للعنف، ولكن كمستفيدين من الحكومة المصرية.
ويضيف أن الدعاية الطائفية ليست خفية، فعلى سبيل المثال، ادعى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين جمال حشمت، فى أبريل الماضى، أن الرئيس السيسى ألغى التعليم الإسلامى فى المساجد، بينما يستمر التعليم الدينى المسيحى فى الكنائس. وكتب مرة أخرى على حسابه بالفيسبوك يقول، إن "المتطرفين الدينيين اليهود والمسيحيين الذين يحكمون العالم كانوا مسؤولين عن زعزعة استقرار الحكومات التى يقودها الإسلاميون".
وعلى نفس المنوال، وفى أعقاب هجمات أحد السعف، ألقى القيادى بجماعة الإخوان المسلمين عبد المجيد الدردرى باللوم على المسيحيين بسبب "الأزمة"، وأشار إلى أن العنف لن ينتهى إلا عندما ينسجم المسيحيون مع "المسلمين"، قاصدا الإسلاميين وليس المسلمين.
والأكثر شيوعا، أن قادة الإخوان يصورون ببساطة المسيحيون كأعداء. وقال أشرف عبد الغفار زعيم جماعة الإخوان المسلمين فى أبريل، إن "المسيحيين المصريين يهينون الإسلام والمسلمين". وهذه التعليقات تصل إلى التحريض الصارخ على العنف - خاصة بالنظر إلى التعاطف الضعيف تجاه وضع المسيحيين المصريين فى بعض أنحاء البلاد، يقول تريجر.
ويخلص الباحث الذى أصدر كتاب عن عام كارثى من حكم الإخوان لمصر، إن التحريض الطائفى للإخوان يهدف إلى جعل المسلمين المصريين يفكرون مرتين فى حماية الكنائس. وبينما ندد الرئيس السيسى بمحاولة الإرهابيين "الضرب على تماسكنا"، فإن عدم فاعلية الحكومة فى حماية المسيحيين تتركهم تحت رحمة هذا الكذب المروع من جماعة الإرهاب.