انتشرت فى الأونة الأخيرة ظاهرة الدجل والشعوذة بصورة كبيرة جدآ حتى أصبح يتم ممارستها على مرأى ومسمع من الجميع بدون أى رقابة على عكس ما كان يحدث فى الماضى حيث كانت يتم ممارستها فى الخفاء خوفآ من المسائلة حتى أصبحت بعض الفضائيات تبث إعلانات الداجليين وتعطيهم الوقت الكافى لنشر الأوهام والخرافات لجذب الناس من أجل النصب عليهم مثل جلب الحبيب وجلب الرزق وشفاء المرضى وقراءة الفنجان من أجل التنبوء بالمستقبل وتفسير الأحلام وغيرها.
وأصبحت بعض القنوات الفضائية التى تبث مواد إعلانية مخالفة للقانون صداعاً فى رأس المجتمع، خاصة تلك التى تبث إعلانات لأدوية مجهولة المصدر، مثل المنشطات الجنسية، والتخسيس، ومستحضرات التجميل، والتغذية، والضغط، والسكر، بالإضافة إلى علاج السحر والشعوذة بالمراكز الروحانية، ما أثر بالسلب على ثقافة المجتمع،حيث دأبت تلك القنوات على الترويج للأوهام وعمليات النصب، وباتت تبث إعلانات وهمية يوميا بهدف جنى الأموال، ما أثر بالسلب على القيم الاجتماعية والهوية الثقافية للمجتمع، وأسهم فى تشتيت النشء، وأهدر حق المشاهد فى تلقى مادة إعلانية جيدة، وسط غياب تام للضوابط القانونية والأخلاقية، برغم أن الأدوية أمن قومى لا يجب المساس به.
وتندرج إعلانات السحر والشعوذة ضمن الحرب الثقافية التى تواجه المجتمع بكل شرائحه وفئاته لأنها تؤثر على المواطنين،، لذلك فإن محتوى الإعلان لا يقل خطورة عن محتوى البرامج والمسلسلات والأفلام ولا بد من تفعيل مبدأ المسئولية الاجتماعية والأخلاقية للقنوات الفضائية.
وفى محاولة لإدراك ومعرفة مدى خطورة هذه الإعلانات على المجتمع المصرى "برلمانى" يلقى الضوء على قضية انتشار إعلانات الدجل والشعوذة فى الفضائيات وإستند إلى أراء نواب وخبراء ومتخصصين للوقوف على أسباب إنتشار هذه الظاهرة من أجل القضاء عليها.
أسامة هيكل: المجتمع المصرى أصبح غير قادر على تحمل الفوضى الإعلامية
قال أسامة هيكل، رئيس لجنة الإعلام بمجلس النواب، إن المجتمع أصبح غير قادر على تحمل الفوضى الإعلامية الموجودة فى القنوات الفضائية من برامج وإعلانات تسىء للمشاهد.
وأضاف "هيكل"، أن قانون الإعلام الموحد سينهى على فوضى القنوات الفضائية، مشيرا إلى أن عرض إعلانات السحر والشعوذة فى القنوات الفضائية أصبح مهزلة إعلامية، تمثل خطورة على المجتمع وعلى وعيه.
عميد "إعلام القاهرة" الأسبق: عرض إعلانات السحر على شاشات الفضائيات "مهزلة"
وقال الدكتور حسن مكاوى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، عميد كلية الإعلام جامعة القاهرة الأسبق، إن الإعلام المصرى يعانى من حالة فوضى، وإن عرض إعلانات السحر على شاشات الفضائيات "مهزلة" تمثل خطورة على المجتمع وعلى وعيه.
وأشار "مكاوى"، إلى أننا نفتقد الإعلام المجتمعى، الذى يعرض قضايا المواطن الحقيقية ويهتم بتوعية النشء ويكرس قيم الانتماء والعمل وأن يكون هدفه هو خدمة المجتمع لتشكيل رأى عام حر.
صفوت العالم: إعلانات السحر والشعوذة ظاهرة متخلفة ويجب التصدى لها
وعلق الدكتور صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، على ظاهرة الإعلانات المضللة التى تظهر على عدد من القنوات الفضائية وتتحدث عن العلاج بالسحر، وتوهم الناس بأنها قادرة على الشفاء من جميع الأمراض باستخدام الجان ورد الغائب وجلب الحبيب، قائلا: "ظاهرة متخلفة ويجب التصدى لها وتطبيق القانون على هذه القنوات".
ويضيف "العالم"، فى تصريحات لـ"برلمانى"، إن تسليط الضوء على الدجالين والمشعوذين بأى شكل من الأشكال يجعل البعض فى البحث عنهم للتعرف عليهم ، مشددًا على ضرورة تجاهل هؤلاء الدجالين بشكل تام للقضاء على تلك الظاهرة التى تهدد أمن المجتمع المصرى، مؤكدا على ضرورة غلق جميع هذه القنوات التى تروج لإعلانات السحر والشعوذة أو نشر برامج تنال من القيم والأخلاق المجتمعية للحفاظ على عادات المجتمع المصرى.
ويقول الدكتور محمود علم الدين، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام هو الجهة المسئولة عن تنظيم صناعة الإعلام فى مصر، وفقًا للدستور، ويمكن لهذا المجلس أن يبحث هذا الموضوع ويدرسه ويقيمه فى ضوء أخلاقيات الإعلام ومسئوليته المجتمعية، كما يمكن أن يتخذ قرارات ملزمة بالنسبة للفضائيات المصرية، أما غير المصرية فلا سلطة له عليها.
خبير نفسى: يستغلون معاناة المشاهدين البسطاء
ويقول الدكتور سيد صبحى، أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة عين شمس، إن أسباب إقبال فضائيات "الدجل والشعوذة" على تقديم إعلانات وبرامج عن السحر يرجع إلى رغبة أصحابها فى الاستفادة من معاناة المشاهدين البسطاء فكريا وماديا الذين يعيشون حياتهم - بغير إدراك منهم - بمنطق يسمى "السهولة واليسر"، الذى انتشر فى المجتمع المصرى مؤخرا، ويعنى أن الإنسان يبحث عن حل لمشكلاته بلا بذل لأى جهد ويستسلم للكسل ويحاول تحقيق أحلامه عن طريق الاتصال بالدجالين على الفضائيات لتحقيق السعادة الغائبة عنه، بما يعنى إصابته بمرض نفسى يفصله عن الواقع ويجعل كل ما يتمناه موجودا فى عالم افتراضى خيالى يحاول الوصول إليه بالشعوذة الفضائية، ولكنه يفشل فيصيبه الاكتئاب الذى يفسد حياته، بينما السعادة والرزق الوفير لن يتحققا إلا بالعمل الذى سوف يكون له ناتجا إيجابيا مهما للغاية، وهو التوازن النفسى بفوائده التى لا حصر لها.
ويؤكد الدكتور أحمد فخرى، استشارى علم النفس وتعديل السلوك جامعة عين شمس، أنه كلما قل الوعى والثقافة داخل المجتمع اتجه البعض إلى التفكير فى أعمال السحر والشعوذة، مشيرا إلى أنها بمثابة نوع من الدفاع عن النفس، لهذا فإن المجتمعات التى يتفشى فيها ثقافة الجهل وضعف الوعى تنتشر فيها إعلانات السحر والشعوذة.
وقال "فخرى": "قد ينساق بعض المثقفين وبعض أبناء الطبقة الثرية وراء الدجل والشعوذة لأن الشخص فى بعض الأحيان يكون على درجة علمية كبيرة ونشأ فى وسط تعليمى واجتماعى عالٍ، ولكن لديه درجة من الاضطراب النفسى وعدم الثقة بالنفس وتشوه معرفى فينمو لديه فكرة السحر، ومثل هؤلاء لا يستطيعون اتخاذ قرارات فى حياتهم دون الرجوع إلى المشعوذين، وعلى النقيض قد يكون شخص من الطبقة الفقيرة ولكن لديه إيمان بقدراته ونظرته واقعية لامكانياته ومستواه التعليمى، فهى تتوقف على الشخص وبنائه لنفسى، متابعا: "لابد أن تقوم الدولة بمنع ظهور هذه الإعلانات المضللة لأن ظهورها فى وسائل الإعلام يعتبر اعترافًا ضمنيًا بأن محتواها حقيقى لذا يجب محاربتهم"
وكان اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، قال إن القنوات التى تبث إعلانات الدجل والشعوذة والسحر بلغ عددها 16 قناة، لم يتم بثها من قمر "النايل سات"، ولكنها تبث من أقمار أخرى قريبة منه وتستخدم ترددات مماثلة تؤدى إلى بثها، وقد تم تحويلها إلى النيابة العامة، مؤكدا أن مقر هذه القنوات غير موجود بمصر، فمنها قنوات تبث من قبرص وسلوفينيا وغيرها من الدول، مشيرا إلى أن الجهاز يحاول بالتعاون مع المنظمات الدولية وقف بث هذه الإعلانات المضللة، مشددا على أن الجهاز قام بإبلاغ وزارة الداخلية عن هذه الإعلانات المضللة لاتخاذ اللازم تجاهها فى حالة وجود بث من مقرات داخل مصر.