يبدو أن حزب الوفد الذى شهدت أروقته حالة من الهدوء خلال الأسابيع القليلة الماضية، عاد ليطفو على سطح الحياة الحزبية فى مصر مرة أخرى، ولكن هذه المرة باستقالة مفاجئة تقدم بها أحد أبرز قيادات الحزب، وهو المستشار بهاء أبو شقة السكرتير العام ورئيس الهيئة البرلمانية لبيت الأمة تحت قبة البرلمان.
يبدو أن البيان الأخير الذى أصدره بهاء أبو شقة بالأمس ونشره "برلمانى" كان له مفعول السحر فى إشعال الأجواء بداخل الحزب العريق إذ حالة من الجدل وعاصفة من الانتقادات واجهها أبو شقة بسبب عبارات رئيسية جاءت فى بيانه منها إعلانه رئيسا للهيئة البرلمانية للوفد بدور الانعقاد الثالث وهو ما رفضه كثير من نواب الوفد فى الوقت الذى نفوا فيه هذا الأمر، كذلك ما وصفه البعض باتهامات لا تليق بالوفد، حيث قال أبو شقة فى بيانه "المندسون الجدد داخل الوفد" وهو اللفظ الذى اعتبره البعض إهانة لهم.
الدكتور هانى سرى الدين الوافد الجديد لحزب الوفد دعا كل قيادات الهيئة العليا اليوم للإفطار بنادى اليخت على ضفاف نهر النيل، وبعد بدء الإفطار بدقائق معدودة انتظر الجميع أن يحضر "أبو شقة" إلا أنه لم يلب الدعوة ليقوم البعض بالاتصال به ويفاجأ أنه أغلق هاتفيه الاثنين ولا يرد على أى عضو لتنكشف حقيقة غيابه بأنه تقدم باستقالة مكتوبة من ثلاث صفحات إلى أمين صندوق حزب الوفد ليفاجأ الجميع بخبر استقالة واحد من أهم الأسماء وأبرزها على الإطلاق داخل الوفد خلال الفترة الأخيرة.
وبعد البيان الذى أصدره أبو شقة بالأمس حاول بعض النواب التدخل لتهدئة الأمور وإقناع أبو شقة بالتراجع عن بيانه أو على الأقل تعديل بعض مما جاء فيه إلا أنه رفض هذا الأمر.
وفوجئ شباب حزب الوفد بوجود المستشار بهاء أبو شقة معهم مساء أمس الثلاثاء فى زيارة مفاجئة لحزب الوفد عقب الإفطار مباشرة وجلس معهم فى حوار مفتوح ولكن لم يكن يتخيل أى شخص أنه سيتقدم فى اليوم التالى باستقالته.
وعلم "برلمانى" أن اتصالات تجرى حاليا بين عدد من قيادات الوفد للوصول إلى بهاء أبو شقة وإقناعه بالعدول عن الاستقالة.
وقالت مصادر مقربة من "أبو شقة"، إنه شعر بغضب شديد بسبب ردود الأفعال التى لقاها من نواب الوفد عقب بيانه بالأمس ليقرر التقدم بالاستقالة.
وبسؤال محمد فؤاد المتحدث باسم الوفد أكد فى تصريح لــ"برلمانى"، أن الحزب لن يعلق على الاستقالة حتى يتم مناقشتها داخل اجتماع الهيئة العليا الذى يعقد مساء اليوم الأربعاء، لافتا إلى أنه لن ينفى أو يؤكد صحة الاستقالة فى الوقت الحالى وسينتظر لحين انتهاء اجتماع الهيئة العليا.
وفيما يلى نص البيان الذى أصدره أبو شقة بالأمس وصاحبه جدل واسع انتهى إلى الاستقالة من حزب الوفد: "إنه وفقا لنص المادة 115 من الدستور وبناء على طلب أعضاء الهيئة البرلمانية الوفدية، تم عقد اجتماع لتقييم أدائهم البرلمانى خلال هذا الدور فقد انتهى الاجتماع بعد المناقشات والمشاورات إلى إصدار القرارات الآتية:
أولا: أنها تعتز بدورها المميز والرفيع الذى يشهد ويشيد به الجميع برئاسة المستشار بهاء أبو شقة والذى طالبته بإصرار فى الاستمرار كرئيس للهيئة البرلمانية فى دور الانعقاد الثالث.
ثانيا: إن الهيئة البرلمانية حرصت وشاء الله أن تكون حريصة وواضعة نصب عينيها فى أدائها ثوابت وتقاليد وقيم الوفد التى بجذورها التاريخية والبرلمانية لما يقرب من 100 ام لم ولن تفرط فيها أبدا والتى تضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار.
ثالثا: أن الهيئة البرلمانية تدعو إلى اجتماع عاجل بين الهيئة البرلمانية للوفد والهيئة العليا لإجراء مشاورات وحوارات مشتركة حول سياسة وتوجهات الحزب بالمرحلة القادمة من أجل الاتفاق على مبادئ واضحة ومحددة تكون أساسا للمسيرة المقبلة لإزالة أى لبس أو لغط أو مزايدات أو شائعات مغرضة حاول بعض المندسين الجدد فى حزب الوفد النفاذ من خلالها إلى الهيئة البرلمانية والهيئة العليا وإحداث الانشقاق والوقيعة بينهما لأسباب تقف أمامها علامات استفهام تحتاج إلى هذا الاجتماع المشترك لتسليط الأضواء على الحقيقة المجردة فى شفافية ووضوح لهذا الحزب العريق".
وعقب هذا البيان توالت تصريحات من نواب الوفد منها تصريح لنائب رئيس الهيئة البرلمانية صلاح شوقى أكد فيه أن اجتماع الهيئة البرلمانية مؤخرًا لم يتطرق لحسم رئيس الهيئة البرلمانية فى دور الانعقاد الثالث، مشيرًا إلى أنه كان اجتماع عاديا وليس طارئا وتناول النقاش حول عدد من القضايا، خاصة أن الحضور لم يتجاوز 11 نائبًا، الأمر الذى لم يكتمل معه النصاب القانونى للنظر فى مثل هذه الإجراءات.
وأضاف شوقى، أنه تواصل مع المستشار بهاء أبو شقة سكرتير عام الوفد وتحدث معه عن حقيقة البيان الذى صدر على لسانه وجرى الاتفاق على تعديل البيان، بحيث يتم الإعلان بأن الاجتماع لم يتطرق لقضية رئيس الهيئة البرلمانية إلى جانب حذف الفقرة التى وردت فى البيان بوصفه وجود بعض المندسين الجدد داخل حزب الوفد ليؤكد له أبو شقة بأنه سيجرى اتصالا ليقوم بتعديل البيان الصادر على لسانه.
وقال نائب رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، إنه لا توجد ثمة أزمة داخل الحزب أو هيئته البرلمانية، ولكن يمكن اعتبار ما يجرى على أساس أنه من باب الاختلاف وليس الخلاف فما يحكمنا داخل هذا الحزب العريق هو الديمقراطية الحقيقية، فالكل يستطيع أن يعبر عن وجهة نظره دون أن يمس الوفد أو الوفديين، مشيرًا إلى أن المستشار بهاء أبو شقة قيمة وقامة كبيرة داخل حزب الوفد ويحظى باحترام الجميع.