قال صندوق النقد الدولى، أمس الاثنين، إن المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى استكمل فى 13 يوليو 2017 المراجعة الأولى لأداء برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى الذى يدعمه اتفاق فى إطار "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF) . ويتيح استكمال المراجعة للسلطات سحب ما يعادل 895.48 مليون وحدة حقوق سحب خاصة - حوالى 1.25 مليار دولار - ليصل مجموع المبالغ المنصرفة إلى 2.865.53 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أى حوالى 4 مليارات دولار.
وكان المجلس التنفيذى قد وافق فى 11 نوفمبر 2016 على اتفاق يغطى 3 سنوات للاستفادة من "تسهيل الصندوق الممدد" (راجع البيان الصحفى رقم 16/501 ) بقيمة قدرها 8.597 مليار وحدة حقوق سحب خاصة (حوالى 12 مليار دولار أمريكى وقت الموافقة، أو 422% من حصة عضوية مصر)، وذلك لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى وضعته السلطات المصرية.
ويساعد برنامج الإصلاح الوطنى الذى يدعمه "تسهيل الصندوق الممدد" على استعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى ودعم النمو الاحتوائى فى مصر، وتهدف السياسات التى يدعمها البرنامج إلى تصحيح الاختلالات الخارجية واستعادة التنافسية وتخفيض عجز الموازنة العامة ووضع الدين العام على مسار تنازلى ودعم النمو خلق فرص عمل مع حماية محدودى الدخل. وباستكمال المراجعة يكون المجلس التنفيذى قد وافق على طلب السلطات الإعفاء من معايير الأداء المحددة لشهر يونيو بالنسبة لرصيد المالية العامة الأولى وفاتورة دعم الوقود، حيث يرجع عدم استيفاء هذه المعايير إلى ارتفاع تكاليف استيراد المواد الغذائية ومنتجات الوقود بسبب الانخفاض الكبير فى سعر الجنيه المصرى، وجاءت الموافقة على هذا الإعفاء فى ضوء الإجراءات المهمة المتخذة فى شهر يونيو لاحتواء دعم الوقود والخطة الموضوعة لتحقيق ضبط مالى أقوى فى العامين القادمين، وهو ما سيبقى أهداف البرنامج على مسارها الصحيح.
وعقب مناقشة المجلس التنفيذى بشأن مصر، قال ديفيد ليبتون، النائب الأول للمدير العام ورئيس المجلس بالنيابة، إن برنامج الإصلاح فى مصر حقق بداية طيبة، فقد تم الانتقال إلى سعر الصرف المرن دون عقبات، وانتهت بالكامل تقريبًا ظاهرة السوق الموازية ومشكلة عدم توافر العملة الأجنبية، وسجلت احتياطيات البنك المركزى زيادة كبيرة، وساهم إصلاح دعم الطاقة والسيطرة على الأجور وتطبيق ضريبة القيمة المضافة الجديدة فى تخفيض عجز المالية العامة، كما ساعد على إفساح مجال للإنفاق الاجتماعى الداعم للفقراء. وبدأت مصر تسترد ثقة السوق كما بدأ تزايُد التدفقات الرأسمالية، وكل ذلك يبشر بنمو مستقبلى إيجابى.
ويعتبر تخفيض التضخم هو الأولوية الآنية بالنسبة للسلطات، حيث يشكل خطرا على الاستقرار الاقتصادى الكلى ويلحق الضرر بالفقراء. وقد اتخذ البنك المركزى خطوات واسعة نحو تخفيض التضخم بتطبيق زيادة كبيرة فى أسعار الفائدة الأساسية وامتصاص السيولة الفائضة، كما وضع إطارا نقديا يرتكز على سياسة واضحة التحديد ويعمل على تعزيز التواصل مع الأسواق والجمهور لإدارة توقعات التضخم. والبنك المركزى ملتزم أيضا بالحفاظ على سعر الصرف المرن، وهو عامل حيوى للوقاية من الصدمات والحفاظ على التنافسية ومراكمة الاحتياطيات.
ويهدف الضبط المالى المستمر إلى وضع الدين العام على مسار تنازلي. وتمشيا مع هذا الهدف، تتوخى موازنة 2017/2018 تحقيق فائض أولى للمرة الأولى منذ 10 سنوات. وتتمثل أهم الإجراءات الخافضة للعجز فى زيادة سعر ضريبة القيمة المضافة واستمرار إصلاحات دعم الطاقة وكبح الزيادة فى فاتورة الأجور. وفى نفس الوقت، تتضمن الموازنة العامة مكونا اجتماعيا قويا لتخفيف عبء التكيف عن الفقراء ومحدودى الدخل.
وحدث تقدم كبير فى مسيرة الإصلاحات الهيكلية. فتم إقرار قانون لمنح تراخيص المنشآت الصناعية وقانون جديد للاستثمار، كما ينظر مجلس النواب حاليا فى قانون الإفلاس الجديد، وكلها تشريعات ضرورية لتعزيز مناخ الأعمال وجذب الاستثمارات وتشجيع النمو. ويركز جدول أعمال الحكومة الحالى للإصلاح على تحسين إدارة المالية العامة ودعم المنافسة وتشجيع مشاركة النساء فى سوق العمل وتقوية القطاع المالى، وستؤدى هذه الإصلاحات أيضا إلى تحسين بيئة الأعمال ودعم تنمية القطاع الخاص.
ولا يزال الاستقرار الاقتصادى الكلى هشًا، وجدول أعمال الإصلاح لا يخلو من الصعوبة، ولكن السلطات أبدت إصرارًا قويًا على احتواء المخاطر، وسيؤدى نظام سعر الصرف المرن وإطار السياسة النقدية القوى والالتزام بمواصلة الضبط المالى إلى المساعدة على إعادة بناء هوامش الأمان التى توفرها السياسات، وسيكون تبنى البرنامج بقوة على المستوى الوطنى عاملا مؤثرا فى دعم تنفيذ جدول الأعمال المقرر للإصلاح.