من ميدان التحرير إلى ميادين عدة، كان زلزال 30 يونيو مدوياً، ضربت تبعاته مكتب إرشاد الإخوان فى المقطم، وامتدت لعواصم عدة من بينها الدوحة، الراعى الإقليمى للإرهاب فى الشرق الأوسط.
كان ذلك قبل أكثر من 4 سنوات.. تحركت الدولة المصرية بخطوات واثقة وقامة منتصبه، لتجتاز التحديات الجسام، مدفوعة بحكمة لا يقودها طيش ودبلوماسية لا تحكمها الانفعالات، فى وقت اصطدم فيه نظام تميم بن حمد والدولة القطرية، بحسابات أثبتت بطلان التقديرات لتكتشف أن الرهان على حكم الإخوان كان خاسراً رغم ما وفرته الدوحة من غطاءً سياسياً وآلة إعلامية ضخمة لتسويقه محلياً وإقليماً، بخلاف التمويل المفتوح الذى لا يعرف خطاً للنهاية.
رفضت إمارة قطر الاعتراف بمشهد "30 يونيو"، وآثرت الاستمرار فى الرهانات الخاسرة، لتختار عبر سلسلة من المؤامرات والتحريض نقل ما بين الدوحة والقاهرة من دوائر الخلاف والاختلاف، إلى دوائر الثأر والدماء بعدما مولت وقدمت لعناصر جماعة الإخوان وأتباعها المال والسلاح ووفرت لهم الملاذ الآمن لاستهداف الدولة المصرية فى معركة ممتدة سقط فيها ما يقرب من 300 شهيد وآلاف المصابين ما بين جنود وأفراد أمن ومدنين.
بتمويلات مفتوحة، وعبر استوديوهات الجزيرة مباشر مصر، والجزيرة الأم، حركت إمارة قطر آلة الخراب صوب القاهرة، لتقدم دعما ضخما وملفتا، مهد الطريق دعاة الإرهاب من قيادات جماعة الإخوان، لشن حرباً إعلامية تهدف لإثارة الفتنة بين طوائف وأبناء الشعب المصرى ، وتحرض ضد مؤسسات الدولة من جيش وشرطة وغيرها.
شاركت قطر وتورطت عبر تحريضها فى سقوط 25 شهيدا فى مذبحة رفح الثانية، فى 19 أغسطس 2013، كما شاركت وتورطت عبر سموم قناة الجزيرة فى سقوط 16 شهيدا فى تفجير مديرية أمن الدقهلية فى 25 ديسمبر من العام نفسه، واستشهاد 4 آخرين فى تفجير مديرية أمن القاهرة قبل يوم من ذكرى الثورة عام 2014.
يحمل تميم بن حمد فى كفيه دماء 110 شهداء من رجال الكتيبة 101 بالعريش، بعدما تصدوا لعناصر تنظيم "داعش" الإرهابى وجماعة الإخوان، المدعومين من الدوحة يوم 29 يناير 2015، ويحمل أمير قطر أيضا المسؤولية عن دماء 29 شهيدا سقطوا بلا ذنب فى تفجير الكنيسة البطرسية فى 11 ديسمبر 2016، ودماء 44 آخرين سقطوا فى تفجيرات كنيستى طنطا والإسكندرية فى التاسع من أبريل 2017.
4 سنوات كاملة، أكدت خلالها إمارة الإرهاب أن ما بينها وبين القاهرة ليس اختلافا فى وجهات النظر بين دولتين وإدارتى حكم، وليس نزاعا على حدود أو منافسة فى ملعب سياسى وتسابق على دور أكبر وأكثر تأثيرا، وليس قاصرا على تدخل دولة فى شؤون غيرها، وإنما هو فى جوهره قائمة ثأر امتدت منذ اندلاع ثورة 30 يونيو 2013 وحتى كتابة هذه السطور.
4 سنوات كاملة، أكدت خلالها الدولة المصرية تمسكها بشرف الخصومة رغم خسة المؤامرات لتكشف يوماً تلو الآخر الوجه القبيح لتنظيم الحمدين ، وتفتضح أجندته المشبوهة التى لا تستهدف ضرب الاستقرار فى القاهرة فقط، وإنما كافة عواصم الدول العربية وفى مقدمتهم دول الخليج الكبرى، المملكة العربية السعودية والإمارات وغيرهما، عبر التحريض على أعمال العنف والإرهاب وتوفير المال والسلاح، والغطاء الإعلامى والسياسى للكيانات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة فى المنطقة.
بخطوات واثقة ، ارتدت القاهرة ثوب الريادة منذ بداية عام 2017، وواصلت التحرك على الصعيد الإقليمى والدولى، لتستعيد دورها الرائد فى الملفات والقضايا الهامة وفى مقدمتها الملف الليبى والسورى والعراقى والحرب على الإرهاب، بخلاف استعادة مكانتها وسط الفصائل الفلسطينية المختلفة بعدما استطاعت أن تعزل عبر قوتها الناعمة حماس وغيرها من الحركات عن الوصاية القطرية المشبوهة.
والآن وبعدما تغيرت تفاصيل الساحة الإقليمية والدولية، تواصل الدولة المصرية خطاها الواثقة ، وتقود الدول العربية الداعية لمواجهة الإرهاب فى معركة الحسم ضد التطرف وأمراء الخراب ، فيما تسقط قطر فى دوامات العزلة والقطيعة ، بعدما دفعت ممارسات تنظيم الحمدين الإرهابى الدوحة للسقوط فى آسرالاحتلال التركى ـ الإيرانى فى استعداء للدول العربية التى قررت التصدى لمؤامرات الدوحة وأغلقت حدودها المباشرة ومجالها الجوى أمامها.
كسرت الدولة المصرية طوق العزلة الذى حاولت الدول الداعمة للإرهاب وجماعة الإخوان فرضه عليها ، فيما سقطت إمارة قطر فى شباك المقاطعة ومقصلة العقوبات الاقتصادية التى كبدتها على مدار ما يقرب من شهرين خسائر تقدر بـ70 مليار دولار ، وتراجعاً فى معدلات السيولة النقدية فضلاً عن ارتفاع هامش التضخم لما يزيد على 12 ضعفاً.
كسرت القاهرة قيود التبعية التى سادت علاقتها بالدول الكبرى فى العقود الماضية ، ودشنت عصراً جديداً فى علاقتها مع واشنطن بعد دخول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، البيت الأبيض، فيما سقطت قطر فى قبضة الاحتلال الإيرانى ـ التركى الذى بدأ يتسلل إلى كافة مفاصل الدولة بعدما استعان نظام تميم بن حمد بمرتزقة الحرس الثورى وجنود أردوغان لحمايته وتأمينه من أى احتجاجات شعبية محتملة ضد نظام حكمه.