قرية ميت دمسيس، والتي تضم بين جنباتها، رفات وضريح بطلين عظيمين، من أبطال الإسلام والمسيحية، حيث يفصل شارع عرضه 4 متر، بين رفات الشهيد مارجرجس، وبين ضريح الشهيد البطل محمد بن أبى بكر الصديق، الصحابى الذى كان واليا على مصر، واستشهد فى إحدى الحروب ودفن بميت دمسيس.
ويتوافد الآلاف من المسلمين والمسيحيين على الدير، لنيل البركة، وتقديم النذور والشفاعة من القديس العظيم مارجرجس، والاحتفال به والذي يعد مقصد الآلاف خلال احتفال عيد التكريس، وإنشاء الكنيسة، حيث تصطف السيدات أمام كنيسة المعاذير، والمخصصة لإخراج الجان والأرواح النجسة من الناس، لعلاج الممسوسين والمسحورين، والذي يعانون من مس الشيطان.
فيما يكثر باعة الحمص، والحلوى، والأيقونات، في مداخل الدير، وخارجه، وأكثر هؤلاء الباعة من المسلمين، حيث يعد محمد صلاح السيد، من سكان المحلة الكبرى، أشهر بائع صلبان خشبية مشغولة بالأركت، فى المولد، وينتظره الزوار كل عام لشراء الصلبان منه، ورسمها وشغلها يدويا من أعماله.
وينتشر باعة الفطير والمش والجبن القريش، من سكان القرية مسلمين ومسيحيين، حول الدير، فى مشهد كرنفالى احتفالى، تعمه البهجة والسعادة، لا يستطيع الزائر حينها أن يفرق بين بائع أو زائر مسلم أو مسيحى، آذان مسجد الصحابى محمد بن أبى بكر الصديق، يختلط فى أذنك صوته، مع أصوات الترانيم التي تمجد العذراء والمسيح، ويملأ المسلمون الدير فى أوقات النهار، وينسحبون أوقات الصلاة للمسجد، حيث يشهد الدير حالة من سيولة الحركة، أثناء الصلوات الخمس، حيث إن معظمه الزوار من المسلمين، يصلون فى المسجد، ويحتفلون بالدير، يباركهم كاهن دير القديس مارجرجس، ويدعوا لهم إمام مسجد الصحابي الجليل محمد بن أبى بكر الصديق.
مولد مارجرجس كما يسمى، والذي يضم كنيسة أثرية، أقيمت فى العهد الرابع الميلادى، بدأت قصتها بأن أحد أثرياء مصر، كان يعيش فى اللد بفلسطين، حضر احتفالا بعيد تكريس مارجرجس، ولما رأى المعجزات وروعة الاحتفالات، فكر فى أن يحضر جسده لمصر، أخذ ذراعه ورجع إلى مصر بحرا، وأثناء سفره ظهر له ملاك وأيقظه من النوم، قائلا له :"اذهب إلى دير الشهيد العظيم مار جرجس بميت دمسيس وسلم الذراع الطاهر لرئيس الدير".
يقول القمص مكاري غبريال، كاهن دير القديس مارجرجس، فى تصريح خاص لـ "برلمانى"،:"وصل الرجل إلى ميت دمسيس ليلا فأخد يطرق باب الدير فحدثت مشادة كلامية بينه وبين البواب، على إثرها نهض الرئيس وكان قد غاب عنه الملاك، الذى كان أعلمه بموضوع الذراع وطلب من البواب إدخاله الدير، ودق أجراسه واستيقظ الرهبان وحملوا ذراع القديس بإكرام بالغ واحتفلوا احتفالا عظيما يليق بمكانته الخالدة".
وتابع "مكاري"، أن البابا غبريال 88 احتفل بالرفات احتفالا عظيما، وكانت الملكة هيلانة بنت كنيسة وبها ثلاثة مذابح باسم العذراء مريم، والشهيد مار جرجس والقديس الأنبا تكلا الحبشى، وحجابها قديم ومحلى بالصلبان والنجوم ومطعم بالعاج، وقام بتكريسها الأنبا ديديموس الضرير وهى مستطيلة الشكل وصغيرة الحجم، كما توجد بها أيقونات قديمة للعذراء مريم والقديسة دميانة، والقديس مار جرجس، القديس الأنبا أنطونيوس ورئيس الملائكة ميخائيل.
وأضاف كاهن الدير، أن هناك العديد من المعجزات، التي تحققت على يد الشهيد مارجرجس هنا فى هذا المكان، حيث يحوى الدير كنيسة تسمى المعاذير، والتى يتم من خلالها استخراج الأرواح النجسة، من الزوار وهى أرواح الجان والعفاريت التى تؤذى البشر.
القس بيشوي أنطواي، أوضح أن "الناس هنا تغمرهم المحبة والود، والاحتفال يكون كل عام بمحبة، ونستقبل إخواننا المسلمين كل عام، ويأتون يشترون الحلوى وتماثيل السيدة العذراء، ويتبركون بالرفات، ويقدون النذور والهدايا للرفات، فى جو ملئ بالمحبة والإيمانيات".
وينتشر باعة الحمص، والجبن القريش، والسمن البلدى، والفطير، والأيقونات والصلبان والميداليات التذكارية والملابس المطبوع عليها صور الشهداء والقديسيين، ويتوافد الأقباط على القيادات الكنسية من الكهنة والقساوسة والرهبان، لنيل البركة منهم، ويتجمع الآلاف حول الأنبا بيشوى، أسقف دمياط وكفر الشيخ والبراري ورئيس دير القديسة دميانة، لنيل البركة منه والدعاء له والتبرك به.
وتقول كاميليا جبر، إحدى زوار الدير، :"كل عام نأتى ونبتهج ونحتفل بعيد إقامة الكنيسة، ونقدم النذور والصدقات، وربنا يجبرنا، ويرجعنا منازلنا بكل خير، ومحبة، وبيعوض تعب محبتنا، ويستجيب لدعواتنا، وآهاتنا وآلامنا، وطلباتنا، والمكان هنا كل حيوية وراحة وإيمان وسعداء بالزيارة".
أما أحمد عبد الغنى، بائع حمص، فيقول إن "ارتفاع سعر الحمص هذا العام، أدى إلى قلة الزبائن، كل عام كنت ببيع أكثر من 3 أطنان حمص فى المولد، هذا العام أنا لن أستطع بيع طن كامل، اليوم مضى 5 أيام منذ بداية المولد، ولم أبع نصف طن حتى، بالإضافة إلى أن الحلوى ارتفع سعرها أيضا والحر شديد هذا العام، ونخاف من فسادها فلم نقم بتصنيع كميات كبيرة من الحلوى، أعتقد أننا سنتكبد خسائر كبيرة أنا وباقى التجار فى نهاية الموسم".
وأكد بيشوي كامل، شماس، أن التآلف بين الناس والمحبة والزحام بسبب الزيارات المستمرة يعطيك انطباعا ممتازا، بالرغم من أن المسيحيين ليسوا بالكثافة الكبيرة، لكن توافد المسلمين، خاصة أثناء القداس، وحضور العظات التى يستفيد منها المسلم والمسيحى حيث تتكلم عن الأخلاق والمحبة والتوبة، وعدم ارتكاب الخطايا، يزيد أعداد الحضور.