لا ينكر أحد أن اللغة العربية هى الأكثر تأثرا بما يحدث فى وسائل السوشيال ميديا، ولا نعرف إذا كان ذلك خطأ المسئولين عن حماية اللغة، أم غياب للقوانين اللازمة لذلك، ومؤخرا وجه مجمع اللغة فى الأردن إنذاراً نهائياً للمخالفين لقانون حماية اللغة العربية، متوعداً بمعاقبة المخالفين بغرامات تصل إلى 3 آلاف دينار "حوالى 4200 دولار"، فهل نملك أن نفعل ذلك، ومن يحمى اللغة العربية فى مصر؟.
الكاتب يوسف القعيد، عضو مجلس النواب، أكد أن هناك قانونا بالفعل ينص على حماية اللغة العربية شرع عام 1958، أى فى عهد الزعيم جمال عبد الناصر، بعد مطالبة مجمع اللغة العربية آنذاك بصدور قانون يحمى اللغة العربية، ولكن بعد الانفتاح الذى حدث منذ 1974، تم مخالفة ذلك.
وأوضح الكاتب يوسف القعيد، نجد فى مصر عدم احترام اللغة العربية، فحتى الإعلان عن الوظائف فى الجرائد الرسمية تكتب باللغة العربية، وعندما اتجول فى شوارع مصر نجد جميع اللافتات أصبحت بلغة أجنبية، وكأننى فى إحدى البلاد الأوروبية، لافتا إلى أن الدول الغربية لا تجد لافتة أو كلمة واحد ولو بالخطأ باللغة العربية، وذلك احترامنا للغاتهم.
وتابع يوسف القعيد، قائلا: اللغة العربية تحتضر ويجب تفعيل قانون حماية اللغة العربية، وفى الدورة الجديدة بمجلس النواب، سأتقدم بطلب لتفعيل القانون مرة أخرى.
وقال النائب تامر مصطفى، أمين سر لجنة الثقافة والإعلام، نحن نسعى دائما إلى تطبيق التجارب الناجحة التى تتفق مع ثقافتنا وعادتنا الأصيلة، وإذا كان هناك دول طبقت نماذج ناجحة فلا مانع من تطبيقها فى مصر، ووجود قانون لحماية اللغة العربية من الخمسينيات، فلا شك أننا فى أمس الحاجة للحفاظ على تراثنا وهويتنا المصرية، والكثير من دول العالم للأسف تواجه صعوبة فى فهم الشخصية المصرية، فنجد مثلا الشهامة التى يعجر علماء الاجتماع عن وضع تفسير لتواجد هذه القيم والمثل عبر آلاف السنين، فيجب الحفاظ على اللغة العربية فى الوقت الذى غابت فى لغة الحوار بعد الدول فى المنطقة، وتمسكنا بثقافتنا العربية رغم تحدث المصريين للغات أخرى وخاصة الإنجليزية، وانتشارها على اللافتات المعلقة فى الشوارع.
وأضاف النائب تامر مصطفى، نحن لا نهاجم اللغات الأخرى، ولكن يجب كتابة الترجمة على اللافتات المكتوبة بلغة أخرى على شبيل المثال، حفاظا على الهوية للأجيال القادمة.
وقال الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة، أتصور أن من يستطيعون حماية اللغة العربية يمكن أن يكونوا أطرافا متعددة، تشمل كل من يستخدمون هذه اللغة، وليس فقط الهيئات اللغوية المسئولة مثل مجمع اللغة العربية، أو المؤسسات التعليمية، كل من يستخدم اللغة العربية يجب أن يشعر أنه مسؤول عنها، وأنه يمتلكها كما كان الأجداد يمتلكونها، ويجب أن يضيف إليها ويسعى لتطويعها كى تواكب الحياة الحديثة بمخترعاتها ومستجداتها وعلاقاتها الجديدة، وطبعا للإعلام دور كبير فى هذا، إذ يجب أن يستعاد الحرص القديم على تدريب المذيعات والمذيعات ممن يتحدثون بالعربية الفصحى، وما إلى ذلك.
وأوضح الدكتور حسين حمودة، وربما كان من المفيد، لحماية اللغة العربية، إعادة التفكير فى المشروعات القديمة التى قدمت من أجل تبسيط قواعد اللغة العربية التى يتم تدريسها فى المدارس، وقد كان من هذه المشروعات ما ارتبط بمحاولات قدمها الدكتور شوقى ضيف، مثل كتابه "تجديد النحو"، ومحاولات أخرى ارتبط بأسماء مثل طه حسين وتوفيق الحكيم، وغيرهم.. وطبعا كانت هناك إجابات عملية، فى الأدب، عن السؤال: كيف يمكن تقريب المسافة الكبيرة بين العامية والفصحى، وقد تمثل هذا فى أعمال كثيرة لأدباء كثيرين.
وأضاف أستاذ الأدب العربى، أن حماية اللغة العربية ليست فقط رهنا بقرارات ملزمة بضرورة استخدامها، هى أيضا مرتبطة بحل مشكلاتها، وبالتشجيع على تعلمها بطريقة صحيحة، وبتعريب العلوم المتعددة التى تحتاج إلى تعريب.. إلخ، طبعا هذا مع القرارات التى تلزم الطلاب، أيا كان مجال دراستهم، بتعلم اللغة العربية، باختصار، أتصور أن حماية اللغة العربية يجب أن تتحقق على مستويات متعددة، ولا تقف عند حدود القوانين والفروض والغرامات لمن لا يستخدمها.
ومن جانبه رأى الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، يجب التطبيق بشكل غير مباشر، عن طريق وسائل الإعلام سواء المسموع والمرئية والمقروءة، بالإضافة إلى توجيه المدارس بالاهتمام أكثر باللغة العرية، وإطلاق حملة لتفعيل الكتابة باللغة العربية.
كما طالب أعضاء نواب مجلس النواب، بتفعيل قانون حماية اللغة العربية ولكن بطرق سلسه، حتى لا يكره الناس اللغة، فليس من الطبيعى أن يتم منع أحد من العمل لكونه كتب لافتة باللغة الإنجليزية، ولكن لا يوجد مانع بفرض غرامة.