"على كف كفريت".. هكذا هو حال مشروع قانون العدالة الانتقالية داخل مجلس النواب، فرغم وضع بعض الهيئات البرلمانية واللجان النوعية، مشروع القانون ضمن أجندتها التشريعية فى دور الانعقاد الثالث، إلا أن الجدل حوّل الحاجة لإصدار هذا القانون فى الوقت الحالى لا يزال مستمراً مما يدخله فى نفق مظلم .. لكن هل يحسم القضاء هذا الجدل فى ضوء الدعوى المقامة أمام محكمة القضاء الإدارى بإلزام مجلس النواب بتقديم قانون العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية طبقا للدستور والتى أحيلت مؤخراً إلى هيئة المفوضين؟
الفريق الأول، يؤكد أهمية البدء فى مناقشة مشروع القانون من خلال جلسات الحوار المجتمعى بما يمكن من تحديد الأطر العامة والمدة الزمنية المحددة مع إعمال مبدأ "لا تصالح مع من تلوثت يده بالدماء" إيماناً منهم بأنه قانون يتطلب حوار مجتمعى موسّع، أما الفريق الثانى يرى أن التوقيت غير مناسب لمناقشته وإصدارة نظراً لأن الدوله نفذت بالفعل العديد من الاجراءات المتعلقة بالعدالة الانتقالية ومنها محاكمات الرموز السّابقة وصرف تعويضات لمصابى وأسر الشهداء.
وكانت البداية مع إعلان لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، برئاسة النائب علاء عابد تبنيها لمشروع قانون العدالة الانتقالية فى دور الانعقاد الثالث، حيث أكد "عابد" أن اللجنة لديها مشروع قانون على أن يتم تحديد أطر مناقشته بإجتماعات الدور الثالث، مؤكداً أن هناك قاعدة حاكمة، مفادها أنه لا تصالح مع "الأخوان" أو أيا من تلوثت يده بدماء المصريين.
وفى هذا الصدد أكد النائب محمد الغول، وكيل اللجنة، أهميّة البدء فى مناقشه مشروع القانون لاسيما إنها أحد القوانين المهمة التى يجب طرحها للحوار المجتمعى الموسع قبل إعدادها على أن يبدأ ذلك من دور الانعقاد الثالث، يشارك فيها اساتذه القانون ورجال القضاء ورؤساء الأحزاب السياسيه والمواطنين الذين ساندوا الدوله فى مواجهة الإرهاب.
وقال الغول، فى تصريحات لـ"برلمانى" إن هذا الحوار يتشكل فى ضوءه الأطر والملامح الرئيسيه لمشروع القانون، ومنها المده التى تنطبق عنها المصالحة واقترح أن تكون منذ بداية ثوره 25 يناير 2011 على أن يحسم هذا الأمر حسبما ترتئ الأغلبية البرلمانية، مؤكداً أن هناك مبدآ حاكم بأنه لا تصالح مع من تلوثت يده بالدماء وتأمر على دمار البلد.
واقترح الغول، أن يتم تخصص جزء من أموال الأخوان المسلمين التى لا زالت قيد الحصر، لتحقيق أهداف قانون العدالة الأنتقالية فى بندها الخاص بالتعويضات وجبر الضرر، لاسيما المتضريين فى الأحداث الإرهابية الأخيرة.
كذلك أكد النائب على بدر، وكيل لجنة حقوق الإنسان، أهمية تنظيم حوار مجتمعى يشمل المواطنين الذين وقع عليهم الضرر لاسيما المصابين فى الأحداث الإرهابية الأخيرة ومنظمات المجتمع المدنى، وجميع الأجهزة المعنية، والتى فى ضوء سيتم تحديد المدة التى سيطبق فيها العدالة الانتقالية، والتى يقترح أن تبدأ من 2010.
وقال بدر، لـ"برلمانى"، إنه سيتم مطالبه المجلس القومى لرعاية المصابين وأهالى الشهداء بالإحصائيات الكاملة لمستحقى التعويضات، مشيراً إلى أن القانون سيفتح باب التصالح فيما عدا من تلوثت يده بالدماء من خلال المشاركة فى أعمال القتل أو الحرق أو العنف، فلا أحد يمتلك العفو عنهم.
على جانب آخر، أكد النائب إيهاب غطاطى، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، عدم وجود حاجة لإصدار قانون العدالة الانتقالية حالياً، لاسيما أنه تم ترسيخ دولة المؤسسات وتعلى سيادة القانون وليس هناك إهدار للحقوق، والدولة ترعى أهالى الشهداء والمصابين.
وأعرب غطاطي، رفضه التصالح مع الإخوان بأى شكل،و الذين تحالفوا مع أعداء الوطن لهدم المؤسسات، فضلاً عن عمليات القتل والاغتيالات المتورطين فيها.
وحول الرأى القانونى، قال د. صلاح فوزى، رئيس قسم القانون الدستورى بجامعة المنصورة، إن الدول التى طبقت العدالة الانتقالية، مثل المغرب وجنوب أفريقيا كانت تهدف إلى المصالحة مع السياسيون بالأنظمة السابقة وليس المجرمون، وذلك من خلال إعمال قاعدة حاكمة بمراعاتها ألا يتم العفو عن المتهمين فى جرائم جنائية.
وأضاف فوزى لـ"برلمان"، أن القواعد الرئيسية التى تم اعتمادها تتمثل فى كشف الحقيقة والمحاسبة وتحدث المصالحة الوطنية فى النهاية ويتم تعويض الضحايا.
وفيما يتعلق بالدعوى المرفوعه بإلزام مجلس النواب بإصدار القانون فى ظل المادة الدستورية، أكد فوزى أنه بالنسبة لمحكمة القضاء الإدارى فإنها سترفض الدفع لعدم اختصاصها بنظر الموضوع، كذلك المحكمة الدستورية تختص بالرقابة على دستورية القوانين، وليست مختصة بالرقابة على دستورية "الامتناع التشريعي" إنما أحيانا تراقب الإغفال التشريعي.
ولفت فوزى، إلى أنه لا غضاضة فى عدم إصدار قانون العدالة الانتقالية رغم النص الدستورى، الذى يضع مسئولية سياسية فقط على البرلمان، لكن يجب أيضا مراعاه بعد هام جداً، وهو الوقت التشريعي، والملائمات.