بعد الارتفاع الأخير الذى لحق بأسعار طباعة الصحف الورقية فى مصر، بات استمرار الصحافة الورقية فى ظل هذه التحديات صعبا، وخاصة الصحافة الورقية التابعة للصحف الحزبية التى تلفظ أنفاسها الأخيرة لكثرة المديونيات التى تعانى منها، حيث لم تبق من الصحف الحزبية الحاصلة على تصريح من المجلس الأعلى للصحافة والتى مازالت مستمرة حتى الآن سوى 5 صحف على رأسهم جريدة الوفد والجيل والكرامة والأهالى.
ومن جانبه، قال ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل، إن جريدة الحزب متعثرة الصدور بسبب الأمور المالية وارتفاع سعر الورق وتكلفة الطباعة، بالتزامن مع عدم وجود إعلانات، مؤكدا أن الصحافة الحزبية أصبحت "مشروع فاشل"، ولا يستطيع أى حزب الاستمرار فيها.
وأضاف "الشهابى" فى تصريح لـ"برلمانى"، أن الصحافة الحزبية أصبحت تلفظ أنفاسها الأخيرة، متابعا: "الدولة تدعم الصحف القومية ولا تدعم الحزبية، فى حين أن الصحافة الحزبية هى الأكثر احتياجا، خاصة أن الأحزاب السياسية طبقا للدستور تشكل النظام السياسى".
وتابع رئيس حزب الجيل: "كان يجب على الدولة أن تدعم الأحزاب السياسية والصحف الصادرة عنها، مشيرا إلى أن الديون التى تعانى منها جريدته تعدت المليون ونصف المليون جنيه، فى الوقت الذى تتوقف فيه موارد الأحزاب السياسية، بعد أن أصبح دورها ثانويا فى ظل ظهور أحزاب الإغراءات.
وأشار المهندس موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، إلى أن توزيع الصحف الحزبية ضعيف وأن تلك الصحف تحمّل الحزب الكثير، مضيفا أن أيمن نور ترك جريدة الغد مديونة بأكثر من مليون جنيه وغادر وأن الحزب قام بسداد المديونيات.
ونوه موسى مصطفى موسى فى تصريح لـ"برلمانى"، إلى أنه قام بإغلاق الجريدة نظرا للظروف المالية والاقتصادية، مشيرا إلى أن الأحزاب ليس لديه أموال الآن وتحول معظم الصحف التابعة لها إلى إلكترونية.
وقالت فريدة النقاش رئيس جريدة الأهالى، أن عدم وجود التمويل ونتائج الحصار القديم على الأحزاب يشكلان عنصرين أساسيين من عناصر تراجع وتدهور الصحف الحزبية التى تواجه مخاطر جدية فى مستقبلها ومصيرها، مضيفة أن بعض الصحف مهددة بالإغلاق.
وأوضحت النقاش فى تصريح لـ"برلمانى"،أن الصحف الحزبية تواجه مشاكل كثيرة وهى مشاكل الصحافة الورقية فى العالم كله، موضحة أن ثورة الاتصال والإنترنت والتطور الدائم فى الوسائل يشكل منافسة غير عادلة للصحف الورقية.
ونوهت إلى أن الصحف الحزبية تعانى أكثر من غيرها لأنها تفتقر إلى التمويل وتجنى نتائج السياسات السابقة على ثورة 25 يناير و30 يونيو حيث كان الحصار على الأحزاب، وبالتالى صحفها أصبحت عاجزة عن المنافسة.
وشددت فريدة النقاش على ضرورة أن تناقش نقابة الصحفيين والمؤسسات الإعلامية الجديدة التى نشأت هذا الموضوع بجدية وألا تنظر إلى الصحف الحزبية بأنها زائدة عن الحاجة لأن الصحف الحزبية تلعب دورا مهما فى طرح قضايا مهمة.
واستطردت فريدة النقاش قائلة: "جريدة الأهالى تصدر كل أسبوع ومازالت حتى الآن منذ صدورها بعد أن أغلقها الرئيس السادات فى عام 1978 وأعيد نشرها فى 1982، تصدر أسبوعيا بانتظام ولكنها تواجه مشاكل جدية وهى التمويل، الحصار الطويل للأحزاب أدى إلى عجزها عن المنافسة، وجريدة الأهالى عليها مديونيات ولكن وضع الأهالى أفضل من وضع كثير من الصحف الحزبية حتى الآن".
ونوه بشير العدل مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، إلى أن جريدة الأحرار تواجه مشاكل تتمثل فى عدم اعتراف الجهات الرسمية برئيس التحرير، مضيفا أن تعيين رئيس التحرير من اختصاص رئيس الحزب، متابعا: "هناك نزاع فى حزب الأحرار الاشتراكيين على الرئاسة ولا يوجد اعتراف رسمى من شئون الأحزاب برئيس التحرير".
وأوضح بشير العدل فى تصريح لـ"برلمانى"، أن جريدة الأحرار حاليا لا تصدر بشكل رسمى وأن كل الإصدارات التى تصدر حاملة باسم جريدة الأحرار غير رسمية، متابعا: "لا يقل عن 12 صحيفة حزبية حاصلة على تصريح من المجلس الأعلى للصحافة متوقفة تتقدمهم جريدة الأحرار.
ونوه العدل إلى أن النقابة تتعامل بمنطق غير علمى على الإطلاق مع المتعطلين من الصحف الحزبية، وتتحدث عن أنهم 114 صحفيا، وأن هذا ليس له أساس من الصحة.
وشدد العدل على ضرورة أن تكون هناك جهة واحدة تكون مسئولة عن جميع الصحفيين وأن الحل سيكون بإنشاء هيئة تكون مسئولة عن تأمين الصحفيين ماديا وتأمينيا وتكون مسئولة عن تصدير الصحفيين للصحف حتى نستطيع أن نواجه مشكلة بطالة الصحفيين.
وتابع صلاح عيسى الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة السابق: "كان هناك قاعدة عامة بأن يكون لكل حزب سياسى صحيفتين وفى فترة من الفترات كانت الرخصة مطلقة وكان من حق الأحزاب أن تصدر صحفا، بالإخطار وبالتالى الصحف الحزبية كانت معفاة من الشروط الموجودة فى قانون الصحافة وكان بمجرد تقديمها إخطارا يتم إعطائها التصاريح".
وأوضح عيسى فى تصريح لـ"برلمانى"، أنهم فوجئوا بعد ذلك ثم بأن بعض الأحزاب تسىء إلى هذه الرخصة وأنه تعديل القانون إلى أن يكون من حق الأحزاب إصدار صحيفتين، متابعا: "فى مشروع القانون الجديد لغينا الميزة التى كانت موجودة للصحف الحزبية".
وأكد الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أن المجلس يفحص الآن الأزمات التى تعانى منها الصحف الحزبية ومصير العاملين فيها، موضحا أن هناك عدد من المقترحات الخاصة بتنظيم عمل الصحف الحزبية.
وذكر الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام فى تصريح لـ"اليوم السابع"، أن المجلس لن يسمح بإهدار حقوق العاملين فى الصحف الحزبية وأنه سيضمن حقوق الصحفيين.