ونظرا للأهمية التى يحتلها هذا الحدث، وخطورة نتائجه ليس على العراق فحسب بل ومحيطه العربى بحسب المراقبين، يقدم "برلمانى" أجوبة للأسئلة التى تدور فى ذهن القراء والمتابعين والمهتمين بالشأن العراقى والكردى.
ما هو تاريخ الأكراد؟
الأكراد هم من السكان الأصليين الأقدم فى منطقة غرب آسيا، وموطنهم الأصلى كان الإمبراطورية العثمانية، لكن بحلول نهاية الحرب العالمية الأولى، كانت تركيا قد انهزمت وتقاسم المنتصرون الكثير من أراضى الإمبراطورية العثمانية، ووضع الحلفاء الغربيون المنتصرون تصورًا لدولة كردية فى معاهدة «سيفر» عام 1920، إلا أن هذه الآمال تحطمت بعد ثلاث سنوات، إثر توقيع معاهدة «لوزان» التى وضعت الحدود الحالية لدولة تركيا بشكل لا يسمح بوجود دولة كردية، وانتهى الحال بالأكراد كأقليات تعيش فى جنوب شرق تركيا، وشمال غرب إيران، وشمال شرق سوريا، وشمال العراق، وعلى مدار السنوات الثمانين التى تلت سحقت أى محاولة كردية لتأسيس دولة مستقلة.
أين ينتشر الأكراد فى العالم؟
يسكن الأكراد المنطقة الجبلية الممتدة على حدود تركيا، والعراق، وسوريا، وإيران، وأرمينيا، وأذربيجان ويتراوح عددهم بين 20 و30 مليونًا، ويعدون رابع أكبر مجموعة عرقية فى الشرق الأوسط، لكن لم تكن لهم أبدًا دولة مستقلة،و وفقا لتعداد السكان فى سوريا يبلغ الأكراد نحو 8%، وفى العراق 12% تقريبا وفى إيران نحو 6%، بينما فى تركيا قرابة 20%، وأخيرا فى أرمينيا يشكّلون ما نسبته 15%.وفى العقود الأخيرة زاد تأثير الأكراد فى التطورات الإقليمية، إذ قاتلوا من أجل الحكم الذاتى فى تركيا، ولعبوا دورًا مهمًا فى الصراعات فى العراق وسوريا.
واليوم يشكلون مجموعة متميزة، يجمعها العرق والثقافة واللغة، رغم عدم وجود لهجة موحدة، كما أنهم ينتمون لمجموعة مختلفة من العقائد والديانات، وإن كان أكثرهم يصنفون كمسلمين سنة.
من هم أكراد العراق؟
يمثل الأكراد فى العراق حوالى 15 أو 20% من السكان العراقيين، وتاريخيًا كان للأكراد العراقيين امتيازات مدنية مقارنة بالأكراد المقيمين فى الدول المجاورة، إلا أنهم تعرضوا لقمع شديد. وثار الأكراد فى شمال العراق ضد الحكم البريطانى فى فترة الانتداب، لكنهم قمعوا، وفى عام 1946 أسس الملا مصطفى بارزانى الحزب الديمقراطى الكردستانى كوسيلة سياسية للنضال من أجل الاستقلال فى إقليم كردستان العراق.
تاريخ أكراد العراق؟
بعد ثورة عام 1958 اعترف الدستور الجديد بالقومية الكردية، لكن الحكومة المركزية رفضت خطة برزانى للحكم الذاتى، فأعلن حزبه القتال المسلح عام 1961، وفى عام 1970 عرضت الحكومة اتفاقًا على الأكراد بإنهاء القتال ومنحهم منطقة حكم ذاتى، لكن الاتفاق انهار واستؤنف القتال عام 1974، وبعد عام انقسم الحزب الديمقراطى الكردستانى، وأسس السياسى المعروف جلال طالبانى الاتحاد الوطنى الكردستانى.
وبحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بى بى سى، فى نهايات سبعينيات القرن الماضى بدأت حكومة حزب البعث توطين عرب فى بعض المناطق لتغيير التركيبة السكانية، خاصة حول مدينة كركوك الغنية بالنفط، كما قامت بإعادة توطين الأكراد فى بعض المناطق قسرًا، وتوسعت الحكومة العراقية فى تنفيذ هذه السياسة فى ثمانينيات القرن الماضى خلال حرب العراق وإيران، إذ دعم الأكراد إيران، وفى عام 1988 أطلق صدام حسين حملة انتقامية ضد الأكراد، من بينها الهجوم بالغازات السامة على حلبجة.
وبعد هزيمة العراق فى حرب الخليج عام 1991، اشتعلت انتفاضة واسعة فى مناطق العراق ومنها كردستان ولشدة قمع الدولة لهذه الانتفاضة، فرضت الولايات المتحدة وحلفائها منطقة حظر جوى على شمال العراق، مما سمح للأكراد بالتمتع بحكم ذاتى. واتفق الحزبان الكرديان على تقاسم السلطة، لكن الصراعات احتدمت، واشتعل صراع داخلى عام 1994، دام لأربع سنوات.
وتعاون الحزبان مع قوات الغزو الأمريكى للعراق عام 2003، التى أطاحت بصدام حسين، وشاركا فى كل الحكومات التى شكلت منذ ذلك التاريخ، كما شاركا فى التحالف الحاكم فى الحكومة الإقليمية الكردستانية، التى شكلت عام 2005 لإدارة مناطق دهوك وأربيل والسليمانية.
متى بدأت كردستان الاستعداد للانفصال عن العراق؟
طلبت الحكومة الكردية من برلمان اقليم كردستان الإعداد لاستفتاء على الاستقلال، وذلك بعد هجوم تنظيم داعش فى يونيو 2014، وارسال قوات البيشمركة الكردية إلى مناطق الصراع التى كان يسيطر عليها الأكراد والحكومة العراقية، لكن منظمة هيومن رايتس ووتش قالت فى تقرير لها نوفمبر العام الماضى أن قوات الأمن الكردية العراقية دمرت بلا أى سند قانونى منازل وقرى عربية فى شمال العراق خلال العامين الماضيين فيما قد يعد جريمة حرب.
ومن هم المؤيدين والرافضين للاستفتاء؟
يمكن تقسيم المواقف الدولية تجاه الاستفتاء إلى موافقون ورافضون لعملية تقسيم العراق عبر الصناديق، يأتى فى مقدمة البلدان الرافضة دول الجوار العراقى إيران وتركيا، ففى إيران يوجد نحو 10% من السكان أكراد بحسب احصائيات غير رسمية، ويراودهم طموح الانفصال قبل الثورة الإيرانية، وفى تركيا يمثل الأكراد حوالى 15 إلى 20% من السكان، عاشوا صراعًا متأصلًا مع الدولة التركية، ونظرت أنقرة وطهران إلى الطموح بعين الريبة باعتبار أنه سيكون المحرك والدافع فى عودة النزعة الانفصالية لدى أكراد بلادهم.
كما رفضت أيضا الولايات المتحدة الأمريكية الدعوة إلى الانفصال وحذرت من أن إجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق قد يشتت الانتباه عن محاربة تنظيم داعش، وقالت الخارجية الأمريكية، فى بيان لها يوم 8 يونيو الماضى: "نقدّر تطلعات إقليم كردستان العراق لإجراء استفتاء الاستقلال لكن إجراءه سيصرف الانتباه عن الحرب ضد داعش"، وقال بريت ماكجورك، المبعوث الأمريكى الخاص، أن مواصلة الاستفتاء "عملية خطيرة للغاية" خالية من الشرعية الدولية.
الحكومة المركزية فى بغداد، رفضت أيضا الاستفتاء وصوّت البرلمان العراقى، الثلاثاء، برفض الاستفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق، وفوض رئيس الوزراء باتخاذ كافة التدابير التى تحفظ وحدة البلاد، بعد أن انسحب الأعضاء الأكراد من الجلسة قبل التصويت، كما رفضت هيئة علماء المسلمين فى العراق، وقال رئيس الوزراء العراقى حيدر العبادى، أن استفتاء استقلال غير دستورى، مؤكدا على وحدة العراق.
من جانبها رفضت الجامعة العربية استقلال الأكراد، وشددت على أن يظل العراق موحدا وفيدراليا ومتعدد المكونات والأعراق، فهو الأكثر جدوى للعراق بعربه وكرده وللأمة العربية كلها، ودعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إلى الحوار بين الفصائل الكردية فى العراق والحكومة العراقية قبيل الاستفتاء، وقال: "أوجه ندائى للإخوة الأكراد بإعطاء الفرصة للحوار حفاظا على الدستور الذى شاركوا فى صياغته وصونا للنظام الذى يحفظ للعراق وحدته"، وأصدر المجلس الوزارى للجامعة العربية، قرارا بالإجماع يؤكد على رفض استفتاء الإقليم الكردى شمالى العراق.
وعلى العكس من الجميع، كانت إسرائيل المؤيد الوحيد لاستقلال كردستان العراق، على نحو ما قال رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أن بلاده تؤيد قيام دولة كردية. وأضاف نتنياهو، تؤيد إسرائيل جهود الشعب الكردى المشروعة لقيام دولته.