كشفت التقارير الأخيرة للجهاز المركزى للتعبة العامة والإحصاء، عن ولادة 4 أطفال فى الدقيقة الواحدة، وأنه منذ ثورة يناير 2011 بلغت الزيادة السكانية خلال هذه السنوات إلى أكثر من 16 مليون نسمة، وفى هذا الإطار كان للبرلمان دور فى فتح هذا الملف الهام وإلقاء الضوء عليه، قبل أن يتحول إلى كابوس يلتهم النمو الاقتصادى، ويؤثر بشكل عام على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وكانت لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، من أوائل اللجان النوعية التى ناقشت هذا الموضوع بالتفصيل من خلال عقد جلسة استماع موسعة، واستمعت خلالها لكل المعنيين بهذا الملف وأراء ممثلين عن الجمعيات الأهلية، ثم سرعان أكلمت لجنة الصحة بالبرلمان المسيرة وعقدت اجتماع أيضا، كما تقدم العديد من النواب بطلبات إحاطة وبيانات عاجلة من أجل معرة رؤية الحكومة وخطتها فى التصدى لهذه الأزمة وكيفية استغلال هذه الطاقة المهدرة قبل أن تلتهم النمو الاقتصادى.
وفى هذا السياق قال الدكتور عبد الهادى القصبى، رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، إن اللجنة سبق وأن ناقشت هذا الموضوع فى حضور ممثلين من الوزارات المختلفة المعنية بهذا الأمر، وتم الاتفاق على عدد من لنقاط للتصدى لهذه المشكلة.
وحذر رئيس لجنة التضامن الاجتماعى بمجلس النواب، من الزيادة السكانية بهذا الشكل غير المسبوق، وسيكون لها مردود سلبى ينعكس على حجم النمو الاقتصادى، وحصة الفرد فى الخدمات العامة سواء مياه الشرب او الرعاية الصحية، أو المنظومة التعليمية، والتكدس فى الفصول، ولهذا لابد من مراعاة خطورة هذا الأمر ووضع خطة للتعامل معه مسبقا.
وأشار القصبى، إلى أن بداية حل الازمة لابد من تضافر جميع جهود مؤسسات الدولة لوضع خطة بجدول زمنى وخطوط عريضة قابلة للتطبيق على أرض الواقع، مؤكدا أن الزيادة السكانية ليست مسئولية جهة بعينها أو وزارة ولكن مسئولية الحكومة جميعا.
وتابع النائب، بالإضافة إلى تضافر الجهود لابد من إعادة توزيع الخريطة السكانية فى مختلف انحاء الجمهورية بالكامل، والخروج من الدلتا وهذا لن يتحقق سوى باستصلاح مزيد من الأراضى ونقل الحياة الضيقة إلى الصحراء الشاسعة، وهذه المسألة تتطلب مليارات الجنيهات ولهذا لابد من وضع استراتيجية لتنفيذها ولو حتى على المدى البعيد ولكن لابد من البداية.
وشدد القصبى، على ضرورة رفع خصائص المواطن المصرى، من خلال زيادة الوعى لديه وتغيير بعض المعتقدات والمفاهيم الخاطئة التى من شأنها تنادى بكثرة الإنجاب، وهذا الأمر لن يتحقق سوى من خلال زيادة الوعى لدى الأب والأم، وهنا يأتى دور وسائل الإعلام جميعها الخاص والعام، بالإضافة إلى ضرورة تخصيص جزء من المناهج الدراسية فى المراحل التعليمية للتوعية بخطورة هذا الأمر، مع تأهيل الشباب الخريجين لدمجهم فى سوق العمل العربية والأجنبية، مع ضرورة تجديد الخطاب الدينى، والتصدى لظاهرة زواج القاصرات.
وترى لجنة الصحة أن المشكلة تكمن فى العديد من الجواب التى يجب معالجتها أولا قبل الشروع فى وضع حلول، وفى هذا الإطار قال النائب مصطفى أبو زيد، وكيل اللجنة، إن تغليظ عقوبة الزواج المبكر سيحد من ظاهرة الزيادة السكانية، مع ضرورة وضع تشريع ذو معالم واضحة للتنمية فى مصر فى ظل هذه الزيادة.
وطالب وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، وزارة الأوقاف بالتصدى لهذه الظاهرة من خلال تغيير بعض المعتقدات والمفاهيم الدينية الخاطئة، وذلك من خلال تخصيص إحدى خطب الجمعة لمناقشة هذا الموضوع بالتفصيل وتصحيح هذه المفاهيم للعامة، بالإضافة إلى ضرورة وضع استراتيجية منضبطة وآلية لتنفيذها على أرض الواقع، وزيادة عدد الرائدات الريفيات، وتحفيز الأسرة التى تنجب طفلين، رافضا فكرة عقاب الأسر التى تنجب أكثر من طفلين، قائلا: "هذا ليس من القانون وغير دستورى".
وكان للنائب تادرس قلدس، رأى أخر حيث يرى، أن مشكلة الكثافة السكانية مازالت تمثل عبئا كبيراَ على الدولة المصرية وذلك لعدم وضع خطوات وخطط جادة فى كيفية التعامل معها واعتبارها نعمة وهبة بدلاَ من النظر إليها كنقمة.
وأشار عضو مجلس النواب، إلى أن دول مثل الصين والهند يبلغ عدد سكانهما فوق المليار نسمة إلا أن ارتفاع السكان لم يمثل عائقاَ بالنسبة لهم واستغلوا الطاقات البشرية فى زيادة الإنتاج حتى أصبحت الصين المصدر الأول لجميع دول العالم، فضلاَ عن الغزو الهندى لمجال تكنولوجيا المعلومات والطب.
وتساءل قلدس، لماذا تمثل الزيادة السكانية فى مصر واحدة من المشاكل التى تعانى منها الحكومة المصرية وتفشل فى اتباع تجارب الدول الأخرى؟، مؤكداَ أن الحكومة تدير ملف الكثافة السكانية بشكل خاطئ، فلا نسمع شىء سوى التصريحات البراقة عن وجود خطط واستراتيجيات طويلة المدى ولكن لا نرى شىء منها على أرض الواقع.
وأوضح النائب، أن خطر الكثافة السكانية يأتى من تحول شريحة كبيرة من السكان إلى الاستهلاك دون الانتاج دون استغلال الطاقات البشرية مما يؤدى إلى زيادة معدلات البطالة التى تؤثر على استقرار المجتمع والاقتصاد ككل، مضيفاَ أن الحملات التى تقوم بها الحكومة لا تصل غالباَ إلى الأسر التى تهتم بالإنجاب أكثر من أى شىء أخر وإن وصلت لها لا تستجيب، وبالتالى فعلى الدولة أن تضع الخطط للاستفادة من الموارد البشرية الهائلة كما فعلت الهند والصين.