الجمعة، 22 نوفمبر 2024 02:33 ص

"القومى للسكان": 61% من الفتيات بين 15 و17 عاما تم ختانهن.. منسقة "مناهضة الختان": نستهدف الوصول لـ50% عام 2020.. شادية ثابت: غلظنا العقوبات والمسألة موروث ثقافى هنعمل إيه تانى؟!

ختان الإناث.. "الجريمة مستمرة"

ختان الإناث.. "الجريمة مستمرة" ختان الإناث
الخميس، 09 نوفمبر 2017 10:00 م
كتب محمود حسن
كشفت إحصائية عن المجلس القومى للسكان، عن أن 61% من الإناث فى المرحلة العمرية من 15 إلى 17 عاما تعرضن لعملية ختان، ورغم أن 10 سنوات مرت على أولى خطوات الدولة المصرية فى مواجهة الظاهرة المؤسفة لختان الإناث فى مصر، إلا أن الظاهرة مازالت مستمرة كما تشير النسب أعلاه، والتى جعلت من مصر فى مقدمة الدول العربية التى يمارس بها ختان الإناث، بنسبة 87% من السيدات، بحسب تقرير منظمة اليونيسيف الصادر فى عام 2016.

 

ويعيد ما قاله القومى للسكان الأذهان إلى التجربة المصرية فى مواجهة ختان الإناث، والتى جاءت ربما أول خطواتها الرسمية عام 2007، حين أصدر الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة فى هذا الوقت، القرار الوزارى رقم 271 والذى يمنع إجراء أى عملية ختان إناث فى داخل المستشفيات والعيادات والوحدات الصحية، وذلك عقب الضجة الإعلامية التى جاءت بوفاة الطفلة بدور شاكر بمركز مغاغة بمحافظة المنيا، توفت بجرعة زائدة من المخدر أثناء إجراء عملية ختان بإحدى العيادات الخاصة.

 

عقب ذلك بنحو عام كامل، أصدر البرلمان المصرى أول قانون لتجريم الختان، بإضافة مادة فى قانون العقوبات، تنص على: "مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها فى قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين 241 و242 من قانون العقوبات إذا تم (الجرح) بطريق إجراء ختان لأنثى".

 

الجدير بالذكر أن نواب جماعة الإخوان فى هذا المجلس، والذين كان عددهم نحو 80 نائبا رفضوا رفع أيديهم لتأييد القانون، واختاروا الامتناع عن التصويت.

 

فى هذا الوقت تقريبا ظهرت أول حملة إعلامية قوية لمواجهة ختان الإناث، والتى حملت عنوان "البنت المصرية".

 

لكن عمليات الختان ظلت مستمرة، ففى عام 2010 توفيت الطفلة نرمين حداد بالمنوفية أثناء إجراء عملية ختان لها، وهو ما دفع الدكتورة مشيرة خطاب وزيرة الدولة للأسرة والسكان فى هذا الوقت بالتقدم بنفسها لبلاغ للنائب العام حول هذه الواقعة، ليتم اكتشاف وقائع مخزية أثناء التحقيق حول هذه الوفاة، من بينها مثلا أن الطفلة دفنت ليلا فى مدخل القرية دون شهادة وفاة، ويمكنك أيضا أن تتابع تغطية موقع "اليوم السابع" فى عام 2010 لهذه الواقعة المأساوية.

القصة الكاملة لأول ضحية ختان بالمنوفية...

 

لم تتوقف جرائم الموت من الختان يوما، حتى جريمة وفاة الطفلة ميار محمد موسى فى مايو من عام 2016 بمحافظة السويس، وهى فى عمر 17 عاما، وهو الأمر الذى أثار ضجة إعلامية ومجتمعية، دفعت مجلس النواب لتغليظ عقوبة ختان الإناث، ورفع عقوبة ختان الإناث من الحبس سنتين إلى 15 سنة، فى حال وفاة الضحية أو التسبب بعاهة مستديمة.

 

اليوم وبعد 10 سنوات كاملة من وفاة الطفلة بدور شاكر، يطرح السؤال نفسه، لماذا وإلى يومنا هذا مازال أغلب الإناث فى مصر يخضعن لهذه الجريمة، والتى تجرى غالبا فى مرحلة عمرية يكن فيها غير مدركات لما يجرى حولهن، ويتخذ هذا القرار لا بإرادتهن الشخصية، بل بإرادة الأهل، وهل فشلت الدولة فى مواجهة تلك الجريمة.


 

"مناهضة ختان الإناث": حققنا نجاحات فى مواجهته وخفضنا النسبة 15% خلال 10 سنوات

فى البداية رفضت الدكتورة فيفيان فؤاد منسق الاستراتيجة القومية لمناهضة ختان الإناث، القول بأن جريمة ختان الإناث مازالت مستمرة كما كانت من قبل دون تغيير، موضحة أنه يجب العودة إلى الماضى لنفهم كيف أن هناك تحسنًا كبيرًا فى مواجهة هذه الظاهرة؟، ففى عام 2005، كانت نسبة الإناث فى نفس المرحلة العمرية من 15 لـ 17 واللاتى تعرضن للختان تبلغ 77%، ثم انخفضت فى 2008 لتصبح 71%، وبعدها فى 2014 وصلت إلى 61%، وذلك وفقا لـ"المسح الديموغرافى للسكان" إذن نحن أمام انخفاض نحو 16% على مدار نحو 10 سنوات، وهى تغيير محسوس وحقيقى وفقا لعلم الإحصاء والديموغرافيا.

 

وأضافت فيفيان فؤاد، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن هذا التغيير يعطى مؤشرا واضحا بأن المجتمع بدأ يستجيب للدعوات ضد الختان والتى أطلقتها الحكومة حتى قبل وفاة الطفلة "بدور شاكر" عام 2007 وتحديدا منذ عام 2003، وكى ندرك حقيقة هذا التحسن واستجابة المجتمع علينا أن نعرف أن النسبة فى السيدات كبار السن تبلغ 90%.

 

وتابعت منسق الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث، أن المجتمع يستجيب، وتغليظ العقوبة الأخير جعل العديد من الأطباء يشعرون بوجود رادع قانونى قوى يمنعهم من إجراء مثل تلك العملية الجراحية، وعلى سبيل المثال لدينا اليوم 7 قضايا منظورة أمام المحاكم لأطباء أجروا عمليات ختان، كما أن البرنامج القومى لتمكين الأسرة نجح فى جعل كليات الطب تدمج مكون مناهضة الختان فى تعليمها.

 

عضو "صحة البرلمان": موروث ثقافى صعب تغييره وغلظنا العقوبة هنعمل إيه تانى؟!

ومن جانبها، أكدت الدكتورة شادية ثابت عضو لجنة الصحة بالبرلمان، وهى أيضا استشارية طب النساء، على أن الختان مازال راسخا فى أذهان المواطنين، ورغم المنع فمازالت الثقافة الموروثة جيلا وراء جيل موجودة بقوة فى المجتمع، ومازال هناك قطاع كبير يعتقد خاطئا أن الختان سنة نبوية، وعفاف للفتاة من الوقوع فى الانحراف.

 

وفى تصريحها لـ "برلمانى" أضافت ثابت، أنها تجد العديد من السيدات يأتين إلى عيادتها بمنطقة إمبابة، وهى منطقة شعبية بمحافظة الجيزة، يردن إجراء عملية الختان لبناتهن، مشيرة إلى أنها تحاول طويلا إقناعهن بخطورة هذه العملية وتنصحهن بالامتناع عنها وتشرح لهن ضررها، قائلة: " بنصحهم لأنى لو قلتلها أمشى على طول ممكن تروح لغيرى، فبقولها تعالى وأفهمها وأوعيها"، مستطردة: "للأسف الفكرة مازالت موجودة عند المجتمع، وده موروث ثقافى وتغييره مش سهل، جرمنا وغلظنا العقوبة، إيه الحل أكثر من كده"، لافتة فى الوقت نفسه أن إجراء العملية نفسه يتم أحيانا ليس فى عيادة طبيب، بل فى أماكن غير مرخصة و"تحت بير السلم".

 

يذكر حديث الدكتورة شادية ثابت عضو مجلس النواب بالطبع، بالمغامرة الصحفية التى أجرتها "اليوم السابع" عام 2015، حين استطاعت التسجيل داخل كشك بسوق الجمعة بمنطقة السيدة عائشة، يتم فى هذا "الكشك" إجراء عمليات لختان الإناث.

 

 

أستاذ علم اجتماع: حملات الدولة سطحية ولا تصل لعمق المجتمع ولا تعتمد سوى على الإعلام

لكن هذا "الموروث الثقافى" كيف يمكن أن يتغير، وهل يمكن للمجتمع أن يدرك بشاعة تلك الجريمة المتوارثة عبر أجيال كيف يمكن أن يتم مواجهته؟، وهذا هو السؤال الذى توجهنا به للدكتورة سامية خضير، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، والتى قالت إن المشكلة الحقيقية أن لدينا "أمية ثقافية" عالية فى المجتمع، فهناك عقول مغلقة تماما ولا تصلها حتى أى حملات من الدولة، وكل ما يصل لها هو برامج الدجل والشعوذة والترفيه "وخناقات التوك شو"، وهو ما لا نفهمه فى أثناء عملنا لحملات مواجهة ختان الإناث.

 

وعابت أستاذة علم الاجتماع على حملات الدولة، قائلة إنها تتم عبر الإعلام فقط، وهو ما يجعلها عاجزة عن الوصول لشرائح فى عمق المجتمع لا هى ستقرأ مقالا فى جريدة، ولا تتابع حديثا فى برنامج عبر التلفاز، بل لابد أن تكون حملات مواجهة ختان الإناث هذه عبر حملات طرق الأبواب، كما عابت على كون الحملات قصيرة المدى تستمر فقط لـ15 يوما، معيبة على ذلك بقولها: "عندنا نسبة أمية أكثر من 30% نحتاج حملات طرق أبواب أكثر صبرا وأكثر عمقا مع البحث عن تمويل دولى لها".


منسق استراتيجية مناهضة ختان الإناث: نستهدف الوصول إلى نسبة 50% بحلول عام 2010

أما الدكتورة فيفيان فؤاد منسق الاستراتيجية القومية لمناهضة ختان الإناث، فتقول إن الهدف خلال الفترة القادمة الانخفاض بنسبة الـ61% فى المرحلة العمرية من 15 لـ17 عاما إلى أقل من 50% بحلول عام 2020، مؤكدة على أن كل الإحصاءات تشير إلى نجاحنا فى ذلك.

 

وطالبت فؤاد الإعلام بألا يوقف الحملات ضد الختان ولو يوما واحدا لأنها معركة وعى واستمرار، والعمل على نشر الوثائق الدينية الصادرة من الأزهر ودار الإفتاء بتحريم ختان الإناث، كما طالبت المجتمع بالإبلاغ الفورى عن أى شخص يقوم بإجراء عمليات ختان.

 


print