تحت قبة البرلمان الجديد سيجلس على مقاعد النواب خمسة عشر نائبًا تربطهم بالرياضة المصرية علاقة قرابة ونسب وانتماء، مما عايشوا وشاهدوا واقتربوا كثيرًا من واقع الرياضة وهمومها وقيودها وأوجاعها وأحلامها، سواء داخل الأندية بكل تصنيفاتها ودرجاتها وأشكالها، ويقف هؤلاء النواب الآن، فى مفترق الطرق، حيث هم وحدهم الذين سيقررون مصير الرياضة وواقعها وحالها داخل البرلمان الجديد، هل سيُعيد هؤلاء نفس الشكل القديم لنواب الرياضة تحت القبة فلا نسمع لهم صوتًا رياضيًا أو ظهورًا إعلاميًا، إلا حين تقع مجزرة وتراق دماء أو حينما تحصل المحروسة على "صفر كبير"، أو عندما تخرج مصر من تصفيات كأس عالم أو كأس أمم، أم سنجد حلولًا حاسمة وحقيقية لأول مرة لقضايا رياضية مصرية شائكة.
"برلمانى" يستعرض أشهر استجوابات الرياضة تحت قبة البرلمان..
الصفر الكبير.. فضيحة المونديال
ستظل فضيحة "صفر المونديال" هى الأكثر شهرة فى ملف كرة القدم المصرية، وذلك بعد أن تقدمت مصر بملف طلب استضافة كأس العالم لكرة القدم 2010، وتفاءل الجميع خيرًا مع حملة الدعاية الداخلية الكبيرة للملف، والترويج بأن مصر هى أقرب دولة إفريقية لنيل شرف استضافة أول مونديال على أرض القارة السمراء، ثم فوجىء جميع المصريين يوم إعلان الدولة المنظمة، باختيار جنوب إفريقيا، بل وكانت الصدمة الأكبر فى عدم حصول مصر على أى صوت من ترشيحات أعضاء المكتب التنفيذى للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا" وقتها، فصار "صفر الأصوات" هو أشهر صفر فى الكرة المصرية.
وامتثل وزير الشباب والرياضة "على الدين هلال" آنذاك أمام لجنة تحقيق برلمانية، لاستجوابه حول فضيحة خروج مصر خالية الوفاض من سباق استضافة مونديال 2010.
وعلى رغم البداية الساخنة للجلسة، والتى شهدت تلميحًا من جانب الوزير إلى استعداده للاستقالة من منصبه حين قال: "نحن لسنا متمسكين بمقاعدنا لكن يهمنا توضيح الحقيقة للشعب ولنوابه"، إلا أن المناقشات جرت فى أجواء غير عدائية بين النواب وهلال الذى فضّل الصمت لتوضيح موقفه فى النهاية.
وأكد رئيس لجنة الشباب والرياضة فى مجلس الشعب حينها محمود إبراهيم، أن ما حدث فى سويسرا مثّل صدمة للشعب المصرى الذى كان يتصور أن ملف بلاده سيدخل منافسة حقيقية على نيل شرف تمثيل قارة أفريقيا فى تنظيم كأس العالم، ثم فوجئ المصريين بأنهم لم يحصلوا على تأييد من أى عضو".
وسجلت اللجنة رقمًا قياسيًا فى عدد الاستجوابات وطلبات الإحاطة والأسئلة التى تقدم بها النواب، والتى تجاوز عددها الـ50، يطالب معظمها بمحاكمة المسؤولين عن إدارة ملف حملة مصر بتهمة "إهدار المال العام والإساءة لسمعة البلاد".
وطالب النواب فى استجواباتهم بإعلان الأرقام الحقيقية، التى تكفلتها الحملة وأسماء الأشخاص الذين أنفقوا هذه الأموال وسط تقديرات أن المبلغ لا يقل عن 30 مليون دولار، كما طالبت الاستجوابات التى ناقشها مجلس الشعب تباعًا بتحديد واضح لأسباب الإخفاق فى إقناع أى عضو من اللجنة التنفيذية فى التصويت لمصر.
مجزرة بورسعيد.. الكارثة الأكبر فى تاريخ الرياضة
تعد مجزرة بورسعيد هى الكارثة الأكبر فى تاريخ الرياضة المصرية، والرابعة من حيث ترتيب كوارث كرة القدم عبر التاريخ، ما دعى الكثيرون لوصفها بالمجزرة أو المذبحة.
وقعت الأحداث داخل استاد بورسعيد، مساء الأربعاء، الأول من فبراير 2012، الذى كان المصريون يترحمون فيه على شهداء موقعة الجمل، ولكن القدر لم يكن رحيمًا بشعب مصر، ليعاجلهم بمذبحة راح ضحيتها 72 شهيدًا عقب مباراة الأهلى والمصرى فى الدورى الممتاز، الكل أجمع أن حمام الدماء الأهلاوى كان مخططًا له.
وربطت الملايين بين مثلث المجلس العسكرى بمسؤولياته السياسية حين كان حاكمًا للبلاد وقوات الأمن بمسؤولية حماية المواطنين وتقاعست عن حماية الجماهير والعشرات من جماهير مشبعة بتعصب كبير.
قرر رئيس مجلس الشعب السابق محمد سعد الكتاتنى عقد جلسة عاجلة يوم الخميس 2 فبراير، لمناقشة أحداث المذبحة.
أعلن رئيس الوزارء السابق كمال الجنزورى، أنه سيعقد اجتماعًا عاجلًا لمتابعة التطورات واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تكرارها.
أصدر عبد المجيد محمود، النائب العام، وقتها، قرارًا بفتح تحقيق فورى فى الأحداث.
اتهم البدرى فرغلى، النائب البورسعيدى فى مجلس الشعب آنذاك، قوات الأمن بالضلوع فى الحادث، وأن لافتة "بلد البالة ماجابتش رجالة"، التى أشعلت الأزمة كما يشاع مدسوسة على جماهير الأهلى.
أعلن حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، أن فلول حسنى مبارك هم من وراء تدبير الحادث ويتحمل مسؤوليتها المجلس العسكرى.
وجه مجلس الشعب الاتهام لوزير الداخلية بالتقصير والإهمال فى أداء عمله، وفى تطهير الوزارة وتحسين أدائها، استنادًا إلى ما سفك من دماء فى المذبحة.
فى الوقت الذى وجه عشرات النواب فى مجلس الشعب المصرى اتهاماتهم إلى وزير الداخلية، محمد إبراهيم، بتحمل مسؤولية أحداث العنف التى شهدها استاد بورسعيد، وأسفرت عن سقوط ما يقرب من 80 قتيلًا، بالإضافة إلى مئات الجرحى، وهى الأحداث التى وصفها رئيس المجلس، سعد الكتاتنى، بأنها "مجزرة بكل معنى الكلمة".
وتقدم الناب عصام العريان، عضو مجلس الشعب عن حزب "الحرية والعدالة"، الجناح السياسى لجماعة "الإخوان المسلمين"، والذى يشغل نوابه غالبية مقاعد البرلمان، بطلب إلى رئيس مجلس الشعب، يحمل توقيع 143 عضوًا، لتوجيه الاتهام إلى وزير الداخلية بـ"التقصير"، و"الإهمال"، و"عدم قيامه بواجبه فى حفظ الأمن"، الأمر الذى أدى إلى وقوع "المجزرة".
وقال القيادى الإخوانى، فى كلمته أمام الجلسة الطارئة لمجلس الشعب الخميس، بشأن أحداث بورسعيد، إن هذا التقصير تمثل فى عدم تطهير وزارة الداخلية من القيادات العليا المتواطئة، وحالة الانفلات الأمنى، وتوالى أحداث سفك دماء طاهرة للضحايا المصريين، وكان آخرها فى بورسعيد، وإصرار الوزير على الحديث عن قانون الطوارئ.
وطلب عدد من النواب بإلقاء القبض على قيادات وزارة الداخلية، بدءًا من الوزير محمد إبراهيم، الذى كان حاضرًا فى الجلسة، وإحالتهم إلى التحقيق "محبوسين"، فى الوقت الذى أمر فيه النائب العام، المستشار عبد الميجد محمود، بـ"التحفظ" على مدير الأمن، ومدير المباحث فى محافظة بورسعيد.
وبدأ مجلس الشعب جلسته الطارئة بالوقوف دقيقة حدادًا على أرواح ضحايا الأحداث، التى اندلعت فى أعقاب مباراة المصرى والأهلى باستاد بورسعيد، وبعدها اقترح رئيس المجلس عدم إذاعة الجلسة تليفزيونيًا، إلا أن العديد من النواب اعترضوا على ذلك الاقتراح، وبعد طرح الأمر للتصويت، وافق الأعضاء على إذاعتها.
وأكد رئيس مجلس الشعب، أن ما حدث عقب مباراة كرة القدم بين فريقى المصرى والأهلى، "مجزرة بكل ما تعنيه الكلمة"، معتبرًا أنه يدل على "تقصير، وإهمال أمنى جسيم، يصل إلى الإخلال بواجبات الوظيفة".
وذكر الكتاتنى، أن مصر قضت أمس، ليلة عصيبة.. تبكى قتلاها وتداوى جرحاها، مشيرًا إلى أن أحداث بورسعيد "فجرت لدى الشعب كله مشاعر الحزن والأسى.. واستعادت بها ذكرى الليالى الأولى للثورة".
وتابع قائلًا: إن مصر فقدت فى تلك الليلة الحزينة، العديد من أبنائها، وأصيب العديد من الشباب التى تعول مصر عليهم الكثير فى بناء ما هدمته الأيدى الآثمة.
وقال رئيس المجلس، وهو أيضًا من القياديين بجماعة الإخوان، إن ما حدث فى بورسعيد يدل على أن ثورتنا فى خطر، خاصةً أنه كانت هناك تحذيرات قبل المباراة.
وأضاف الكتاتنى، أنه رغم التحذيرات، والظرف الأمنى الذى تعانى منه مصر، "لم يفلح جهاز الأمن فى القيام بواجبه"، مؤكدًا أنه ليس حادثًا فرديًا أو عابرًا، بل يقع ضمن سلسلة أحداث شهدتها البلاد مؤخرًا.
فيما طالب النائب البرلمانى أكرم الشاعر بمعاقبة الأهلى وجماهيره فى مجزرة بورسعيد، وتحميل الشهداء من جماهير الأهلى مسؤولية المذبحة بدعوى أنهم من رفعوا اللافتة المسيئة أثناء لقاء المصرى؛ مما استفز جماهير المصرى، وقال وقتها "لن نقبل بمعاقبة المصرى إلا طبقًا لقواعد الفيفا ويجب معاقبة الأهلى وجماهيره أولًا".
ووصف مطالبة الإعلام وأهالى الشهداء بالقصاص العادل ظلمًا لمدينة بورسعيد بالكامل، متهمًا من يطالب بالقصاص بالعدوان على أبناء المدينة الباسلة، التى تعتبر خطًا أحمر، بالنسبة له فوق القانون والعدل.
وعقب تصريحاته المستفزة هاجمه العديد من المواطنين بسبب حديثه المستمر عن ابنه مصعب الشاعر، أحد مصابى ثورة 25 يناير، والذى تحدث عنه فى مجلس الشعب، وأنه سافر إلى ألمانيا للعلاج على نفقته الخاصة، ومطالبته بالقصاص العادل لابنه الذى أُصيب أثناء الثورة وسرعة التحقيقات فى الأمر والقبض على المتورطين، وتساءلوا عن موقفه المتناقض الذى يتاجر فيه بالقصاص لشهداء ثورة 25 يناير ولابنه المصاب، ويدافع عمن ارتكبوا مذبحة فى أرض الملعب واعتبروه شخصًا يدافع عن قتلة بحثًا عن الأصوات الانتخابية.