فى إحراج واضح للإدارة الأمريكية ورد حازم على إعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب القدس عاصمة إسرائيل، وقراره نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، أعلن الأزهر الشرف والكنيسة الأرثوذكسية رفضهما استقبال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى، الذى يبدأ زيارة مصر وعدد من دول المنطقة خلال أيام.
مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى
الرفض الشعبى الذى عززه موقف المؤسسات الدينية داخل مصر، دفع صحيفة واشنطن بوست للتعليق فى تقرير لها على قرار ترامب بقولها، إن أصدقاء الولايات المتحدة بدءوا ينقلبون على الإدارة الأمريكية، مشيرة إلى الاحتجاجات الشعبية التى اندلعت فى الدول العربية كافة جراء القرار المنفرد الذى أقدم عليه الرئيس الأمريكى حيال القدس.
واهتمت وسائل الإعلام الأمريكية الصادرة اليوم بتنديد قادة دول العالم بالخطوة التى "تهدد آفاق السلام" فى الشرق الأوسط، وتعرقل التقدم فى مفاوضات حل الدولتين الذى طالما عملت الجهود الدبلوماسية طيلة عقود على تحقيقه.
ويبدو أن القرار الذى لا ينفصل عن جملة السياسات المتهورة للرئيس الأمريكى، سوف يعصف بالكثير من علاقات الولايات المتحدة فى المنطقة، حتى أن زيارة نائبه مايك بنس، المقررة لمصر ودول المنطقة نهاية الشهر الجارى، لم تعد محل ترحيب من قبل مختلف القيادات، وعلى رأسها القيادات الدينية.
الاحتجاجات تعم العديد من دول العالم للتنديد بقرار ترامب
فبينما من المقرر أن يزور بنس مصر حيث كان من المخطط أن يلتقى شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، إلا أنه فى بيان استباقى، أعلن مكتب الطيب أنه لن يستقبل نائب الرئيس الأمريكى ردا على اعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأعرب البيان عن رفض قاطع لطلبا رسميا سبق أن وافق عليه الدكتور الطيب للقاء.
بيان الأزهر، الذى تناقلته وسائل الإعلام العالمية حمل لغة حادة ناقلا عن شيخ الأزهر قوله، "كيف لى أن أجلس مع من منحوا ما لا يملكون لمن لا يستحقون، ويجب على الرئيس الأمريكى التراجع فورا عن هذا القرار الباطل شرعا وقانونا".
وأشار إلى أنه بعد القرار الأمريكى المجحف والظالم بشأن مدينة القدس، يعلن الإمام الأكبر شيخ الأزهر رفضه الشديد والحاسم لهذا اللقاء، مؤكدًا أن الأزهر لا يمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم.
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب
وفى رفض جديد يشكل إحراجا لنائب الرئيس الأمريكى، أعلنت الكنيسة القبطية رفضها استقبال بنس، احتجاجا على نقل السفارة الأمريكية للقدس، وهو البيان الذى نشرته وكالتى رويترز والأسوشيتدبرس والعديد من الصحف الأمريكية والبريطانية، بخلاف عدد من الصحف الأسبانية ووكالات أمريكا اللاتينية الإخبارية.
رفض الكنيسة المصرية استقبال بنس ربما يشكل إحراجا من نوع خاص، لاسيما أن نائب الرئيس الأمريكى تحدث عن رغبته فى مناقشة مكافحة اضطهاد الأقليات الدينية، بما فى ذلك المسيحيين، فى الشرق الأوسط الأوسع، ذلك عند الإعلان عن زيارته أكتوبر الماضى.
بيان الكنيسة، كان واضحا فى لهجته قائلا إنه نظرا للقرار الذى اتخذته الإدارة الأمريكية بخصوص القدس، فى توقيت غير مناسب ، دون اعتبار لمشاعر الملايين من الشعوب العربية، تعتذر الكنيسة القبطية المصرية الأرثوذكسية عن استقبال مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى، خلال الزيارة المزمع القيام بها فى ديسمبر الجارى.
قداسة البابا تواضروس
وبينما أثار بنس فى إعلانه عن الزيارة، "انتقادا غير مسبوق" على وضع المسيحيين فى تلك الأراضى القديمة، حيث نشأت المسيحية، وتعهد بأنه كما تم طرد عناصر داعش من معاقلها فى الشرق الأوسط، فإن الرئيس ملتزم بمساعدة مجموعات الأقليات على استعادة أراضيهم، والعودة إلى ديارهم وإعادة بناء حياتهم وإعادة زرع جذورهم فى أوطانهم حيث ولدوا، فإن قرار رئيسه بشأن القدس يكرس لمزيد من الاضطهاد والظلم لأبناء الشعب الفلسطينى مما يستحيل معه تحقيق السلام فى المنطقة.
وتضمن بيان الكنيسة رسالة ضمنية بهذا الشأن قائلا " نصلى للجميع بالحكمة والتروى فى معالجة القضايا التى تؤثر على سلام شعوب الشرق الأوسط والله السلام يعطينا السلام فى كل أوان ويحفظ الجميع فى خير وسلام".
وفضلا عن الموقف المصرى، أكد مستشار الرئيس الفلسطينى للشئون الدبلوماسية مجدى الخالدى، أن الرئيس محمود عباس "أبومازن" لن يستقبل بنس، الذى يزور المنطقة فى النصف الثانى من الشهر الجارى، وقال الخالدى- فى تصريح لإذاعة (صوت فلسطين) صباح اليوم السبت- "إنه لن يكون هناك لقاء مع بنس، وأن المسألة أكبر من مجرد لقاء لأن الولايات المتحدة بقراراتها المتعلقة بالقدس اجتازت خطوطا حمراء ما كان يجب أن تجتازها".
ورفض التحذيرات الأمريكية من تبعات إلغاء هذا اللقاء، مشددًا على أن الشعب الفلسطينى وقيادته يرفضان أى تهديد من أى مصدر كان، من جهة ثانية، قال مستشار الرئيس أن الأيام القادمة ستشهد حراكا دبلوماسيا حثيثا فى إشارة إلى الاجتماع الوزارى العربى المقرر اليوم والقمة الإسلامية التى تنعقد الأربعاء المقبل من أجل تنسيق المواقف والتحرك ضد قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة.