لا شك فى أن تحالفات الإخوان هشّة للغاية، فعلاقاتها بحلفائها من خارج التنظيم تأسست على وعود ومكاسب مالية واقتصادية، ومع الحصار الذى تواجهه الجماعة، وتصاعده الحالى والمتوقع مستقبلا، تتضاءل فرص المكاسب، وتتوتر العلاقات بالحلفاء، والنموذج الأبرز لهذه الانعطافة الحادة يمكنك الوقوع عليه بتتبع رحلة أيمن نور مع جماعة الإخوان، وعلاقته بقياداتها وأبرز وجوهها.
خلال الشهور الماضية لم تتوقف المناوشات بين أيمن نور، وعدد من وجوه الجماعة، بدأت بهجوم آيات عرابى وعدد من قيادات الإخوان فى تركيا وأوروبا والولايات المتحدة، ووصلت إلى الصراع الحاد الذى تشهده قناة الشرق الفضائية، المملوكة لأيمن نور حاليا بعد شرائها من أحد أقطاب الإخوان، بينما يردد مقربون من الجماعة أنه حصل عليها دون مقابل، وكان نقل ملكيتها له فى إطار صفقة، يبدو أنها بدأت تهتز حاليا.
الجماعة الإرهابية تحاول إنقاذ أيمن نور ببيان غامض ومرتبك
فى الأيام الأخيرة تصاعدت حدة الخلاف بين أيمن نور، رئيس مجلس إدارة قناة الشرق الإخوانية، وعدد كبير من العاملين بالقناة، وذلك بعد قرار الأول بوقف رواتب العاملين باستثناء عدد بسيط من مقدمى البرامج، وهو الأمر الذى تسبب فى تمرد عدد كبير من العاملين، وليس هذا فحسب ما شهدته أروقة القناة المحسوبة على الجماعة الإرهابية، بل أصدر أيمن نور، عدة قرارات خاصة بوقف عدد من مقدمى البرامج والمعدين عن العمل بالقناة بشكل نهائى.
ورغم الأزمات الكبرى التى تشهدها قناة الشرق، إلا أن الجماعة حاولت إخفاء هذه الأزمات التى تضربها، من خلال إصدار بيان باسم أيمن نور، تزعم فيه إنهاء خلافات القناة، زاعمة العمل على تحسين الأوضاع وحل مشكلات العاملين، معترفين بأن الأزمة التى شهدتها "الشرق" جاءت فى توقيت حرج من تاريخها، وأنه ليس من العيب الاختلاف، لكن الغريب فى الأمر أن البيان لم يُشر لأى إجراءات ولم يوضح أى نتائج أو حلول لأزمات العاملين الذين يقولون إن "نور" سرق أموالهم.
قيادى إخوانى: نتضامن مع ضحايا أيمن نور أكثر من التضامن مع أى شىء آخر
فى إطار الخلاف، كتب عمرو عبد الهادى، الإخوانى الهارب فى تركيا، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك": "أصبحنا نتضامن مع ضحايا أيمن أنور، أكثر من تضامننا مع أى شىء آخر"، مشيرا إلى أن أيمن نور فصل المذيع عبد الله الماحى، ثم فصل موظفة بسبب تدوينة لها عبر "فيس بوك".
فى السياق نفسه، اتهم عدد من العاملين بقناة الشرق، مالك القناة أيمن نور، بالنصب عليهم وحجز رواتبهم دون وجه حق، بعدما قام مؤخرا بتحويل المبالغ التى يتلقاها شهريا للإنفاق على القناة إلى عدد من بنوك أوروبا، رافضا صرف رواتب العاملين، بحسب ما أعلنه العاملون أنفسهم فى بيانات وتصريحات وتدوينات على مواقع التواصل.
باحث فى الإسلام السياسى: تاريخ أيمن نور حافل فى السمسرة والنصب والفساد
وعن تحليل الأزمة القائمة وعلاقتها بالتحالف القائم بين أيمن نور وجماعة الإخوان الإرهابية، يقول أحمد عطا، الباحث المتخصص فى شؤون الإسلام السياسى، إن أزمات قناة الشرق الإخوانية ليست الأولى، وليست هذه أول مرة تدب فيها الخلافات بين "نور" ووجوه بارزة بالجماعة الإرهابية، بل إنها عملية مستمرة طوال شهور، ولكن هذه المرة تختلف فى ضوء الاتهامات الموجهة لمالك القناة بالنصب واختلاس الأموال وسرقة رواتب العاملين.
وأضاف "عطا"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن أيمن نور يمثل وجهة نظر قطر، فى ضوء حصوله على التمويل الذى يُفترض أن ينفق منه على القناة من النظام القطرى، لافتا إلى أنه على اتصال دائم مع اللواء زياد الإمام، رئيس وحدة الأموال الساخنة بأحد الأجهزة الأمنية القطرية، وأنه يسعى للوصول لمنصب مستشار تميم بن حمد آل ثانى، وهو أمر ممكن الحدوث خلال الفترة المقبلة.
وعن اختلاس أموال العاملين بقناة الشرق، قال الباحث المتخصص فى شؤون الإسلام السياسى إن أيمن نور له تاريخ وباع طويل فى السمسرة، وملف ضخم فى الفساد، والأمر نفسه حدث من قبل فى مصر، إذ اختلس أموالا ضخمة فى كل تجاربه السياسية، متابعا: "أيمن نور يريد السيطرة على الأدوات الإعلامية فى تركيا، وهو ما رفضه عبد الرحمن نجل يوسف القرضاوى، وسيف عبد الفتاح، وهيثم أبو خليل وآخرون، لأنهم يريدون فرض سياسة التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية، ويسعون لعزل أيمن نور بشكل كامل وإنهاء تحالفه مع الجماعة.
خبير بمكافحة الإرهاب: أزمة "الشرق" بداية لانتهاء "مكملين" و"العربى" وإعلام الإخوان
فى السياق ذاته، قال العقيد حاتم صابر، الخبير فى مكافحة الإرهاب الدولى، إن ما يحدث فى قناة الشرق من أزمات كبرى، يؤكد أن جماعة الإخوان الإرهابية وأنصارها بدأوا بالفعل حربا داخلية، كما يؤكد أن وسائل الإعلام الإخوانية ستوجه رسائلها ضد بعضها خلال الفترة المقبلة.
وأضاف "صابر"، فى تصريح خاص لـ"برلمانى"، أن التنظيم الإرهابى أصبح يعانى من انشقاق داخلى حاد بين أطرافه الهاربين فى عدة دول، لافتا إلى أن أيمن نور، يحاول فى هذه الفترة الخروج من عباءة الجماعة، بعد حالة الحرب والانشقاق الداخلى التى تشهدها، وهناك أجهزة قطرية تسانده فى ذلك، متابعا: "القناة لن تكمل شهورا من الآن، سيتم إيقافها بسبب الصراع الداخلى، وستسحب جماعة الإخوان أموالها ورجالها، ما سيتسبب فى حدوث أزمات أخرى فى باقى القنوات، مثل مكملين والعربى ووطن، وغيرها من القنوات والمواقع الإخوانية المعادية لمصر".