- السيسى سعى للوحدة الوطنية وقاد جنازة شهداء الكنيسة البطرسية بنفسه
- 39 قبطيا فى البرلمان.. وخطة للنهوض بـ4 آلاف كنيسة ومشروع قانون لمكافحة التمييز
خطوة غريبة ومثيرة للشبهات شهدها الكونجرس الأمريكى خلال الأسابيع الماضية، بتقدم 6 من أعضائه بمشروع قانون حول ما قالوا إنها معاناة يخوضها الأقباط فى مصر، متضمنا مغالطات وأكاذيب حول أوضاع الأقباط، ومحاولا فرض إملاءات على الدولة المصرية، وهو ما فسره البعض بأنه محاولة أمريكية للضغط على القاهرة، خاصة بعد موقفها الواضح من قرار الإدارة الأمريكية باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب للمدينة.
الموقف الأمريكى أثار جدلا واسعا داخل الولايات المتحدة وخارجها، ففى أوساط أقباط المهجر رفض عشرات منهم ما تضمنه مشروع القانون، واعتبروه خطوة سياسية غير بريئة، وفى الداخل أصدر عدد من الناشطين والتجمعات والمنظمات القبطية بيانات إدانة لمشروع القانون، ونسف البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، المزاعم التى أوردها المشروع نسفا تاما، وقال: "نحن نتحامى فى مصر وإخوتنا المسلمين"، بينما عمل مجلس النواب بشكل جاد ومؤسسى على الرد بوضوح وقوة، وببيانات ومعلومات صحيحة تفند وتنسف الأكاذيب التى تضمنها مشروع النواب الـ6.
لجنة العلاقات الخارجية ترسل للكونجرس مذكرة للرد على أكاذيبه حول الأقباط
الموقف الذى اتخذه البرلمان كان واضحا، فإلى جانب رفضه لفرض إملاءات على مصر من بوابة المزاعم والأكاذيب حول الأقباط والأوضاع الحقوقية، وهو ما عبرت عنه هيئة مكتب المجلس ورموزه طوال الفترة الماضية، وأكده النائب صلاح حسب الله، المتحدث الرسمى باسم المجلس، فى مؤتمره الصحفى أمس، عملت لجنة العلاقات الخارجية على إعداد تقرير وافٍ يُفنّد ما تضمنه مشروع القانون من أباطيل.
وخلال الأيام الماضية انتهت لجنة العلاقات الخارجية من مذكرة الرد، وناقشتها فى اجتماعات متتالية حتى توافق عليها الأعضاء، وبحسب تصريح لرئيسها النائب طارق رضوان، اليوم الاثنين، فقد أرسلتها بالفعل للكونجرس الأمريكى، كرد عملى ومؤسسى على مزاعمه حول انتهاك حقوق الأقباط، وجاءت المذكرة تحت عنوان "مصر ليست وطنا نعيش فيه.. بل وطن يعيش فينا".
وشملت المذكرة تفاصيل التعامل مع الأقباط فى الفترة الماضية، منذ ما بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن، والمحطات التى شهدتها البلاد وانعكاسها على أوضاع الأقباط، وما حققوه من مكاسب سياسية وتشريعية فى الفترة الماضية، كما تضمنت المذكرة، التى انفرد "برلمانى" بنشر نسختها النهائية، تفاصيل مساعى وجرائم جماعة الإخوان الإرهابية بحق مصر ومواطنيها، أقباطا ومسلمين، وسعيهم خلال فترة حكمهم لتأكيد الصراع المزعوم بين الجانبين، وإشعال الفتنة الطائفية بين فئات المصريين.
السيسي سعى لإعلاء المواطنة.. والفترة الأخيرة شهدت بناء وترميم 83 كنيسة
بدأت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب مذكرتها بإيضاح ما شهدته مصر خلال السنوات الأخيرة، مؤكدة أنه بعد ثورة 30 يونيو 2013 كانت هناك رغبة من بعض الجماعات فى ضرب استقرار مصر وتماسك مواطنيها، واتخذت هذه الجماعات من الأقباط مدخلا لأهدافها، مشيرة إلى أنه بعد الانتخابات الرئاسية التى جرت فى يونيو 2014 كانت هناك مشاركات وجدانية ومادية للأقباط من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
واستعرضت اللجنة فى مذكرتها جانبا من مشاركات الرئيس السيسي للأقباط، ومنها التزامه عمليا بإعلاء مبدأ المواطنة، من خلال المشاركة الفعلية فى احتفالات الكنيسة بالأعياد خلال السنوات الثلاث الماضية التى قضاها فى الرئاسة، إضافة إلى تعدد زياراته للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، ولقاءاته المتعددة بالبابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، فى تقليد ثابت يحرص الرئيس عليه بشكل دائم، كما تقدم الرئيس الجنازة العسكرية لشهداء الحادث الإرهابى الذى استهدف الكنيسة البطرسية، بجانب البابا تواضروس، وبحضور كبار رجال الدولة، وأعلن عن اسم منفذ العملية بنفسه بعد ساعات من وقوعها، وتخليدا لذكرى الشهداء افتتح اثنين من الكبارى العملاقة، أحدهما باسم الجندى الشهيد أبانوب جرجس، وأعاد بناء وترميم 83 كنيسة، إضافة إلى مئات من منازل وممتلكات الأقباط التى تضررت جراء اعتداءات الإخوان وجماعات الإرهاب.
ولفتت مذكرة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الموجهة للكونجرس الأمريكى، إلى أن المادة 53 من الدستور تنص على أن "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى سبب آخر. التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض"، وهو ما تلتزم به الدولة المصرية بشكل كامل، وتتخذ التدابير الأمنية والتشريعية والسياسية اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز.
الأقباط ممثلون بـ39 نائبا فى البرلمان.. ويشغلون مناصب قيادية بالدولة
فى مذكرتها الوافية للرد على مشروع القانون المقدم من 6 نواب بالكونجرس الأمريكى، والذى يتضمن مغالطات وأكاذيب حول أوضاع الأقباط فى مصر، سردت لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب تفاصيل الأوضاع فى مصر منذ ما بعد ثورة 25 يناير، مرورا بثورة 30 يونيو، وحتى الآن، مستعرضة تفاصيل الوضع الحالى تحت حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، وما تحقق للأقباط من مكاسب سياسية وتشريعية.
وأكدت المذكرة، بحسب نصها المرفق، أن الدولة المصرية عملت خلال الفترة الماضية على إعلاء وتطبيق مبدأ المواطنة، من خلال إصدار قانون بناء الكنائس فى أغسطس 2016، وبناء على ما أقره القانون الجديد شهدت الفترة الماضية بناء 17 كنيسة فى أنحاء مصر، كما تشهد الآونة الأخيرة نهضة فى بناء وترميم الكنائس، من المنتظر أن يصل عددها إلى أكثر من 4 آلاف كنيسة.
وأشارت مذكرة لجنة العلاقات الخارجية، إلى مشروع قانون إنشاء الهيئة العليا لمفوضية مكافحة التمييز، واستعرضت مشاركة الأقباط فى كل المناصب القيادية بالوزارات والهيئات الحكومية والأجهزة السيادية ومؤسسات الدولة، وإلى مشروع إنشاء كاتدرائية قبطية عملاقة فى العاصمة الإدارية الجديدة، ومنها كنيسة "ميلاد المسيح" التى شهدت قداس عيد الميلاد المجيد خلال الشهر الجارى، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضحت المذكرة، أنه فى الإطار التشريعى شارك ممثلون عن الطوائف المسيحية الثلاثة فى وضع دستور 2014، الذى رسخ مبدأ المواطنة، مشيرة إلى استكمال التفعيل التام للمادة 244 من الدستور، التى نصت على التمييز الإيجابى لفئات معينة، منها الأقباط، ما تحقق بحصولهم على عدد كبير وغير مسبوق من مقاعد مجلس النواب، بلغ 39 مقعدا من الرجال والسيدات.
"الإخوان" سعوا لترويج أن هناك صراعا مزعوما بين المسلمين والأقباط
الدور الإخوانى المشبوه الذى استعرضته المذكرة لم يتوقف على ممارساتهم إبان الفترة التى أمسكوا فيها بمقاليد الحكم فى مصر، وإنما تتبعت المذكرة تفاصيل الدور المشبوه للجماعة، وتحركاتها الممنهجة والمخطط لها بالتعاون مع أيدٍ أجنبية، لإشاعة حالة من الانقسام الاجتماعة بين فئات المصريين، منذ نشأتها وتأسيسها فى العام 1928، ومحاولات ضرب الهوية والثوابت المصرية وإشعال الفتن الطائفية والتحريض على الفتنة وازدراء الأديان.
وأكدت المذكرة أن الوفاق الوطنى وحالة التماسك بيمن المصريين كانت الأداة الأهم فى التصدى لكل العمليات الإرهابية التى استهدفت تدمير وإحراق دور العبادة، على أيدى الإخوان وحلفائهم، وبلغت فى مجملها 83 عملية طالت كنائس ومدارس الراهبات ومنشآت للخدمة المسيحية، مشددة على أن جرائم الإخوان تمحورت حول فكرة واحدة ما زالت تحرص عليها، وهى العمل على تأكيد الصراع المزعوم بين مسلمى وأقباط مصر، لاستقطاب الرأى العام الغربى ودفع حكوماته للتدخل فى شؤون مصر، إلا أن الوحدة والوعى الوطنى لدى المصريين كانا حجز الزاوية لاستيعاب المواقف والأحداث بتعقيداتها، وإفشال هذه المخططات الموجهة والمشبوهة.
البابا تواضروس: وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن
وشددت مذكرة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، على أن فترة حكم الإخوان كانت الأكثر مرارة فى نفوس الأقباط، لما شهدته من تمييز وخطاب تحريضى وادعاءات برغبة المسيحيين فى إفشال مشروع النهضة والحكم الإسلامى، وبعزل محمد مرسى من رئاسة الجمهورية فى 3 يوليو 2013، استجابة لمطالب ملايين المصريين فى ثورة 30 يونيو، استهدفت الجماعة التجمعات القبطية، عقابا لهم على المشاركة فى 30 يونيو، وكان الاستهداف بصور متنوعة، منها التهديد بالقتل والدمار، واغتيال قس بالعريش، وإحراق عدد من الكنائس فى محافظة المنيا.
وأشارت المذكرة فى استعراضها للأحداث وتسلسلها، إلى أن ثورة 25 يناير 2011 أكدت عمق الروابط بين المصريين على تنوعهم، ومتانة النسيج المصرى القائمة عبر آلاف السنين، إذ لم يُجبر مسيحى طوال تاريخ مصر على دخول الإسلام، وارتفع شعار "الدين لله والوطن للجميع" فى أشد اللحظات الوطنية صعوبة وسخونة، أبرزها ثورة 1919، واختتمت المذكرة عرضها بالإشارة إلى كلمة البابا تواضروس ردا على مثل هذه المزاعم المشبوهة، التى أيدتها جموع الأقباط وكررتها فى كل المواقف والمناسبات، وهى: "وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن".