ورغم نجاح الدوحة فى تنفيذ هذا المخطط، إلا أن العديد من الهيئات القضائية والاقتصادية بدأت على مدار الأشهر القليلة الماضية، تحقيقات مكثفة فى مسارات الاستثمار القطرى داخل الدول الأوروبية، بعد اكتشاف وجود شبهات فساد مالى متعددة، حيث يواصل البنك المركزى الأوروبى تحقيقاته فى مدى سلامة الاجراءات التى آلت إلى دخول قطر ضمن المساهمين فى بنك "دويتشه" الألمانى.
ففى تقرير نشرته صحيفة "زود تشيه زايتونج" الألمانية مؤخرا، قالت مصادر: إن البنك المركزى الأوروبى يدرس إجراء مراجعة خاصة لملكية اثنين من كبار المساهمين فى دويتشه بنك، أحدهما ينتمى لـ"تنظيم الحمدين" الحاكم فى قطر، وغالبًا ما يتم هذا النوع من التحقيق للمساهمين الذين تزيد ملكيتهم على 10%، إلا أن القلق من تأثير أى مساهم فى قرارات البنك يدفع المركزى الأوروبى لتنفيذ التحقيق على المساهمين.
وبحسب الصحيفة، فإن الهدف من هذا التحقيق مراجعة مصادر الأموال المستثمرة فى البنك، وتحديد ما إذا كان المستثمر متورطاً فى صفقات إجرامية مثل غسل الأموال أو تمويل الإرهاب، فضلاً عن تحديد مدى جدارته المالية.
وفى تقرير أعدته "رويترز"، أكد مصدر مطلع أن هيئة الرقابة المالية الاتحادية "بافين" فى ألمانيا أجرت تحقيقًا حول ما إذا كانت "إتش.إن.ايه" الصينية وتنظيم الحمدين الحاكم فى قطر يعملان سويًا بشأن استثماراتهما فى دويتشه بنك.
وأشار التقرير إلى أن الهيئة كانت تجرى تحقيقات بشأن ما إذا كان أكبر مستثمرين فى أكبر بنك ألمانى "يعملان بشكل مشترك"، وهو الأمر الذى يخالف القوانين ذات الصلة بالأوراق المالية، وكان تنظيم الحمدين فى قطر قد بدأ محاولة الاستحواذ على أسهم البنك، فزادت حصتها فى عام 2014 من خلال زيادة لرأس المال، وحصلت كل من قطر وإتش.إن.ايه على مقعد فى مجلس إدارة البنك.
وتعتبر الأسواق الأوربية وجهة "تميم" الأولى لغسل أموال تنظيم الحمدين المشبوهة، وطبقا لما نقلته صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية عن مراقبين اقتصاديين بعد الإعلان عن أحدث تسوّق عقارى لتنظيم الحمدين فى فرنسا، حيث قالت إن "الأموال التى ضخّتها قطر فى الأسواق الأوروبية فقط قادرة على انتشال أكثر من بلد عربى، تزعم أنها دعمت ثورته، من خصاصته وفقره وارتفاع معدلات البطالة فيه، لو أنها وجّهت النّزر اليسير من هذه الأموال للاستثمار فى دول "الربيع العربى".
بنك دويتشه آخر محطات الفساد القطرى
وفى فرنسا استحوذت الدوحة على الاستثمارات فى مجال العقارات، حيث اشترى تنظيم الحمدين العقارات الفاخرة كفندق "رويال مونسو" فى باريس و"كارلتون" فى مدينة كان، كما استحوذ على فندق "لو مارتينيز"، أحد أشهر الفنادق فى الـ"كوت دازور" وثلاثة فنادق أخرى، هى "كونكورد لافاييت" و"أوتيل دو لوفر" فى باريس، و"باليه دو لا ميديتيرانيه" فى نيس، بتكلفة إجمالية تصل إلى 750 مليون يورو 940 مليون دولار.
وأكدت صحيفة "لوفيجارو" أن تنظيم الحمدين اشترى محفظة من الفنادق الفخمة فى العالم والتى كان قد أعلن عن رغبته فى زيادة عدد الفنادق التى يملكها من 24 حاليًا إلى أكثر من 60 بحلول 2030، واختتمت الصحيفة قائلة: "قطر تستثمر ببذخ فى فرنسا بعد أن حرّضت العرب على الثورة وبقيت تتفرج على فقرهم".
ومن جهة أخرى قالت صحيفة "هاندلس تسايتونج" السويسرية فى تقرير مطول تحت عنوان "قطر هى بيزنس ولا شىء آخر"، إن "إيرادات الغاز تغذى ميزانية قطر وخزينة تنظيم الحمدين الحاكم بالمليارات"، وأضافت الصحيفة التى تصدر بالألمانية، أن قطر بالكامل هى عبارة عن شركة عائلية ضخمة، متابعة:"حكام قطر لا يهتمون بأقاويل العرب بأنهم الداعم الأول والممول للإرهاب فى المنطقة، وقاموا بشراء كل ما هو معروض للبيع فى العالم سواء كان ذلك متجر "هارودز" أو متاجر "ساينزبري" الإنجليزية أو "هوخ تيف" الألمانية أو "فيرمونت" الكندية".
حمد بن خليفة
ولم تقتصِر الاستثمارات القطرية فى القطاع العقارى على فنادق «خمس نجوم» بل توسّعت أيضًا لتشمل الفلل فائقة الفخامة والمنتجعات السّياحية والجزر الخلّابة والأبراج الشّاهقة، فى ظل الرّكود الاقتصادى فى أوروبا وتدنى أسعار الأصول للغاية.
وفى سويسرا، تعتزم شركة "الديار القطرية" استثمار مليار ريال فى تطوير فندق "بورجنستوك" الذى شُيد سنة 1873 وتراجعت إيراداته فى الفترة الماضية، لتحويله إلى أكبر منتجع مائى فى أوروبا.
ومن جانب آخر تستقطب لندن ـ الحاضن الأول للإخوان ـ أكبر جزء من الاستثمارات القطرية، حيث تعد الدوحة من أكثر الدول استثمارا فى السوق اللندنية، خاصة فى مجال العقارات من بين المشترين من الشرق الأوسط؛ إذ فاق حجم استثماراتها فى هذا المجال 30 مليار جنيه إسترلينى، كما أعلن الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثانى رئيس وزراء قطر عن اعتزام بلاده استثمار 5 مليارات جنيه إسترلينى 6.29 مليارات دولار خلال السنوات الخمس القادمة فى بريطانيا.
ويتولى إبراهيم منير القيادى فى التنظيم الدولى للإخوان، الإشراف على نشاط الجماعة ويتولى التنسيق مع القطريين، حيث عمل على إخفاء مراكز الإخوان فى لندن عبر تقديمها كمقار إعلامية لا تخص الجماعة، بل مموهة بأسماء شركات وجماعات، تركت مهمة قيادتها لأعضاء من التنظيم العالمى للإخوان من لبنان ومصر والأردن والعراق، ويقوم تنظيم الحمدين بتوفير الدعم اللوجستى لهذه المقرات وإدارتها من لندن.
إبراهيم منير
وكانت خلافات حادة قد نشبت بين أفراد الأسرة الحاكمة فى قطر بسبب الاستثمارات واتهامات باستحواذ عدد قليل من الأسرة على أموالها؛ حيث هدد أفراد من الأسرة الحاكمة الأمير تميم بن حمد وحاشيته بفضحهم ما لم يحصلوا على أموالهم، بحسب ما جاء فى صحيفة "الخليج" الإماراتية.
وأشارت المصادر داخل الديوان الأميرى القطرى، حسب وسائل إعلام خليجية، إلى التهديدات التى تبادلها أفراد الأسرة الحاكمة فى قطر حول اتهامهم لـ"تميم" وحاشيته داخل الأسرة بأكل حقوقهم وعدم وجود عدالة فى توزيع فوائد هذه الاستثمارات، ودعم "تميم" للجماعات الإرهابية فى الخارج.
وأوضحت صحيفة "الخليج" الإماراتية، أن أفرادًا من الأسرة الحاكمة هددوا "تميم" وعدد من المحيطين به من الأسرة، بفضح دعمهم المادى للجماعات الإرهابية بالبلدان العربية ومرتزقة الإعلام من جماعة الإخوان الإرهابية، إن لم يحصل جميع أفراد العائلة على أموالهم.