الثلاثاء، 26 نوفمبر 2024 09:13 ص

التحالف الهش.. بوتين يقدم مصالح تل أبيب على مصالح طهران فى دمشق.. وصناع القرار فى موسكو يسعون لإبعاد بشار الأسد عن الجمهورية الإسلامية بعد فشل مؤتمر سوتشى

هل تخطط روسيا لتحجيم إيران فى سوريا؟

هل تخطط روسيا لتحجيم إيران فى سوريا؟ الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
السبت، 03 فبراير 2018 04:00 م
كتب: محمد أبو النور
أفرز مؤتمر الحوار الوطنى السورى الذى دعت إليه الحكومة السورية والذى انعقد فى مدينة سوتشى الروسية يوم الثلاثاء الماضى، عددا من النتائج المباشرة على علاقات روسيا بإيران، أبرزها تصور روسى جديد لتحجيم الدور الإيرانى فى الأزمة، ومحاولة إبعاد بشار الأسد عن استراتيجية الجمهورية الإسلامية فى المسألة المشتعلة منذ نحو 7 سنوات.

 

 

- بين مصالح تل أبيب وطهران

 

قدمت موسكو مصالح تل أبيب على مصالح طهران فى سوريا منذ اليوم الأول لانخراطها العسكرى الموسع خريف 2015، وبدا ذلك واضحا من خلال المناورات الجوية العسكرية الروسية ـ الإسرائيلية المشتركة، كما بدا بوضوح من خلال توفير المظلة الجوية الحمائية لقوات سوريا الديمقراطية وهى الذراع العسكرية الكردية المناوئة لإيران.

 

بوتين ونتنياهو

 

ومثلت تلك الخطوات الروسية خصما فوريا من رصيد إيران فى سوريا، فبعد أن كانت صاحب القول الفصل والمتحكم الرئيسى فى مجريات ووجهات نظام الرئيس بشار الأسد، أصبحت لاعبا ثانويا يجلس على طاولة ثلاثية إلى جانب زعيمى روسيا الاتحادية والجمهورية التركية.

 

وبعد مؤتمر سوتشى الأخير يظهر أن هناك إرادة روسية لمواصلة تحجيم النفوذ الإيرانى فى سوريا ومواصلة الحد من تأثير الميليشيات الشيعية الإيرانية أو ميليشيات حزب الله فى الأمور ذات الصلة، ويعود هذا السلوك الروسى من منظور لاعبى الكرملين إلى أن الرغبات الإيرانية فى سوريا أصبحت عبئا عليهم، خاصة أنهم يرون أن لاعبى سعد آباد يعملون بطموحات تتجاوز إمكانياتهم ونفوذهم على الأرض.

 

 

- التقيد بمصالح إسرائيل

 

فى الأيام الأخيرة نقلت الصحف الروسية عن مدير مركز الدراسات الإسلامية بمعهد التنمية الابتكارية، والخبير فى مجلس الشئون الخارجية الروسى، كيريل سيمونوف، قوله: "هناك بالفعل مخاوف محددة بين الزعماء الشيعة فيما يتعلق بتصرفات روسيا فى سوريا. وبدأت أساسا بعد أن تم التوصل إلى اتفاق فى عمان، وهو الاتفاق على منطقة خفض التصعيد فى جنوب سوريا بمشاركة روسيا والأردن والولايات المتحدة.

 

أثار العمليات العسكرية الروسية فى سوريا

 

اللافت فى تلك المفاوضات أنها أخذت فى الاعتبار موقف الجانب الإسرائيلى، وكان الهدف من الاتفاق ضمان مصالح إسرائيل فى جنوب سوريا، وإبعاد القوات الموالية لإيران عن حدودها، بما فى ذلك "حزب الله"، بحسب جريدة نيزافيسيمايا غازيتا.

 

يأتى هذا بينما ظهرت عند جماعات المحور الشيعى، بما فى ذلك فيلق القدس الذراع الخارجية للحرس الثورى الإيرانى، مخاوف من أن روسيا مستعدة إلى حد ما للتقيد بمصالح الجانب الإسرائيلى، وأن هذا قد يؤدى إلى التعدى على مصالح الجماعات الشيعية فى سوريا، تلك التى تعمل وتدور فى فلك إيران بالمحصلة النهائية.

 

 

- أسباب السلوك الروسى

 

تشريح السلوك الروسى يشى بأن هناك تخوفا حقيقيا من الكتائب التى شكلتها إيران بسوريا فى السنوات الأخيرة، بدعم من خبرات الحرس الثورى الإيرانى وحزب الله؛ لذلك اقترحت موسكو ضم تلك الكتائب إلى القوات المسلحة السورية النظامية، تلك التى تقيم معها موسكو علاقات ممتدة منذ منتصف القرن العشرين، إذ يعد التدريب والتسليح السورى روسى محض.

 

قائد فيلق القدس فى الحرس الثورى قاسم سليمانى

 

وقد أثارت تلك الخطوة الروسية امتعاضا إيرانيا، فقد استشعرت إيران أن روسيا تستهدف حرمانها من ظهيرها العسكرى، ذلك الذى شكلته على غرار الحرس الثورى، عقب الثورة الإسلامية عام 1979، وبالتالى انفراد روسيا بالقوى العسكرية المتخندقة فى معسكر بشار الأسد. ولو كانت فكرة روسيا غير محل شك من جانب إيران، لكانت الأخيرة ضمت تلك الفرق والكتائب إلى الجيش النظامى فور تشكيلها.

المحصلة النهائية أن الوجود الروسى فى سوريا على هذا النحو يستهدف إبعاد دمشق قدر المستطاع عن إيران، إذ يرى عدد من الخبراء أن روسيا تعتقد أن تأثير إيران على نظام الأسد مفرط، وتحاول الحد من هذا التأثير.

وتعتقد دوائر بحثية روسية أن هذه المهمة ستكون صعبة بالتأكيد، ومع ذلك فأن موسكو عازمة على الفصل بين قرارات الأسد وتوجهات طهران، وتخشى المجموعات الشيعية وقيادة الحرس الثورى الايرانى من أن الجانب الروسى، بطريقة أو بأخرى سيحاول إزاحة ايران، ويمكن أن يتعاون فى ذلك مع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو خصم أعظم من رأس المال السياسى والعسكرى الذى أنفقته طهران على دمشق فى السنوات السبع الأخيرة

 


print