صراع الصعايدة ورجال الأعمال بالبرلمان

أصدر المركز الإقليمى للدراسات الاستراتيجية، برئاسة الدكتور عبد المنعم سعيد، دراسة شاملة حول التكتلات الجغرافية للبرلمان المقبل، قائلا: إن أنواع التحالفات الجغرافية هى تحالفات واسعة وتشمل نطاقًا جغرافيًّا واسعًا، وتقترب من القطاعات الأربعة التى قسمها قانون تقسيم الدوائر للخريطة الجغرافية المصرية، وتتمثل فى تحالف "الصعيد"، وهذا التحالف يمثله ما یقرب من ۱٦٤نائبا، منهم ۱۳۰ من الناجحین على المقاعد الفردیة، و۳٤ ناجحا على القوائم بنسبة ۲۸% من إجمالى عدد النواب المنتخبین.

تحالف نواب الصعيد

تؤكد الدراسة التى أعدها الباحث أبو الفضل الإسناوى، أنه یجمع هذا التحالف عشر محافظات، وأوجه الشبه فیما یتعلق بالحیاة السیاسیة والاجتماعیة هى: أسوان، وقنا، والأقصر، وسوھاج، وأسیوط، والمنیا، وبنى سویف، والفیوم، والوادى الجدید، والبحر الأحمر، بالإضافة إلى أربعة مراكز فقط من محافظة الجیزة، هى: الصف، والعیاط، وأطفیح، وأبو النمرس.

ویعتبر هذا التحالف من أوائل التحالفات الجغرافیة التى بدأت تتشكل على أرض الواقع، حیث التقى عدد كبیر من نواب الصعید لیتفقوا على ترشح نائب منهم على منصب وكیل المجلس، بالإضافة إلى الترشح على عدد كبیر من اللجان.

تحالف نواب بحرى

وأشارت الدراسة إلى أن التحالف الثانى هو تحالف "بحرى"، وهذا التحالف قید التشكیل، وهو بمثابة رد فعل على "كتلة نواب الصعید"، ویمثله ما یقرب من ۱۷٦ نائبا، منهم ۱۳۱ من الناجحین على مقاعد الفردى، و٤٥ من الناجحین على قوائم بنسبة ۳۰% من إجمالى أعضاء مجلس النواب المنتخبین.

ویجمع هذا التحالف سبع محافظات متشابهة فى البیئة السیاسیة والاجتماعیة، هى: القلیوبیة، والدقهلية، وكفر الشیخ، والغربیة، والشرقیة، والمنوفیة، والبحیرة.
وتسعى كتلة هذا التحالف فى حال تشكيله إلى الترشح على منصب وكیل المجلس تحدیا لكتلة "نواب الصعید".

تحالف يقتصر على نطاق جغرافى لا یتجاوز مساحة المحافظة

وأكدت أن التحالف الثالث يتمثل فى تحالفات "ضيقة" وتقتصر على نطاق جغرافى لا یتجاوز مساحة المحافظة، وهو الأقرب للناخبین فى الدوائر من التحالفات الحزبیة، والتحالفات التى تشكلها القوائم.
وهذا النوع من التحالفات تشكّل مبكرا، منها كتلة نواب الجیزة، والتى جمعت نواب المحافظة الذین حددوا هدفهم فى المساھمة معا فى حل مشاكل دوائر المحافظة، وقد التقت هذه الكتلة مرتین بعیدا عن التنسیق الحزبى.
وكذلك كتلة نواب القلیوبیة، وهذه المجموعة النیابیة أعلنت مواجهتها لمشاكل المحافظة، وكان أول تحركاتها هى لقاء المحافظ لبحث التعاون المشترك معه، منكرین صفاتهم الحزبیة.

وبدأت تتشكل أیضا كتلة نواب المنوفیة، وكتلة نواب الدقهلية التى تشكلت من 36 نائبا، وكتلة نواب جنوب سیناء الذین اتفقوا مع المحافظ على منع تعیینات الأوقاف من خارج المحافظة.

صراع الولاءات المتعددة أصعب تحدٍ يواجه البرلمان

وأوضحت أن صراع الولاءات المتعددة لعدد كبير من أعضاء مجلس النواب، والمتمثلة فى الالتزامات الحزبية، والولاءات للقوائم التى نجحوا عليها، التى تُعد ناتجًا طبيعيًّا للقوانين المنظمة للعملية الانتخابية، أصعب تحدٍ يواجه البرلمان، بالإضافة إلى ضعف الولاء الحزبى لغالبية النواب المترشحين بأسماء أحزاب، وعدم قدرة الأحزاب على مراقبة اتجاهات تصويتهم بسبب استخدام آلية التصويت الإلكترونى- إلى هروب النواب إلى "تحالفات الجغرافيا".
وتتمثل فیما یلى:
1-الاستقرار والاستمرار: ویعنى أن ھذا النوع من التحالفات یتسم بالاستقرار والثبات حول أھدافهم ، التى قد تقتصر على مواجهة جماعیة لمشاكل قطاعاتهم الجغرافیة، وما قد یزید من الاستقرار احتمال عدم ثبات التحالفات تحت قبة البرلمان، حیث إن عملیة الفك الدائم التى قد تشهدها التحالفات المتكونة فى داخل البرلمان قد تنعكس بالإیجاب على استقرار ما یعرف بـ"تحالفات الجغرافیا".


2 - أكثر انحیازا للمواطن: حیث ینعكس ناتج صراع ولاءات النائب المتمثلة فى الولاء الحزبى والولاء للقائمة التى ترشح عليها، والولاء للدائرة التى انتخبتها سلبا على القیام بدور نائب الخدمات فى خارج قاعة المجلس، ودعم التشریعات التى تنحاز للمواطن البسیط عن متطلبات رجال الأعمال.

2-تشابه الظروف السیاسیة والاجتماعیة للقائمین عليها: ما یمیز تحالفات الجغرافیا أن أفرادھا یخلعون الرداء الحزبى ویبنون تحالفاتهم على أساس تشابه الحیاة السیاسیة والاجتماعیة لمناطق جغرافیة تحمل اسما متسعا یعبر عن واقع أكبر من التحالفات تحكمها المصالح.

انعكاسات التحالفات

وأكدت أن انعكاساتها المحتملة، قد یؤدى تكوین "تحالفات الجغرافیا" بالتوازى مع التحالفات الحزبیة فى ظل احتمال عدم سیطرة الأحزاب على النواب المستقلین الفائزین فى الانتخابات كمترشحین باسم ھذه الأحزاب إلى عدد من النتائج التى قد تكون إیجابیة لمصلحة الانحیازات الاجتماعیة والاقتصادیة التى تبقى على طول فترة البرلمان، وهى كالتالى:
1- الحد من دور رجال الأعمال الممولین للأحزاب الحاصلة على العدد الأكبر من المقاعد، والناجحین على القوائم فى تسییر أمور السیاسة تحت قبة البرلمان، والتى قد تنعكس على أداء الحكومة.

2- عدم التزام تحالفات الجغرافیا بتوجيهات الأحزاب والتحالفات الأخرى تحت قبة البرلمان، قد یخلق تنافسا على رئاسة اللجان وأمناء السر. وبالتالى یقل دور الأحزاب التى مولها رجال أعمال فى تحدید القضایا التى یتبناها البرلمان.


3- عمل تحالفات الجغرافیا بالتوازى مع أحزاب رجال الأعمال وتحالفاتهم قد یقلل من دور رجال الأعمال فى رسم ملامح خطة عمل مجلس النواب، مما یؤدى إلى تخفیض حدة مخاوف المواطنین محدودى الدخل من عدم اهتمام البرلمان بمشاكلهم، وتركیز الاهتمام على مصالح المستثمرین ورجال الأعمال، وسعى الحكومة لإرضائهم تجنبا للاستجوابات واستغلال مواد الدستور التى تجعلها تحت وطأة النواب.

4- احتمال استقرار تحالفات الجغرافیا دون غیرها من التحالفات قد یؤدى إلى تقلیل معدلات الصدام مع الحكومة.
وأنهت الدراسة قائلة: "تكوین تحالفات الجغرافیا قد یفقد الأحزاب السیاسیة السیطرة على نوابها، خاصة أن ھؤلاء النواب مستقلون ومنتقلون حدیثا إليها، وهو ما یصب فى مصلحة الانحیازات الاجتماعیة والاقتصادیة للفقراء، ویقلل من فرص تدخل رجال الأعمال فى رسم خریطة عمل المجلس".