النائب أشرف رحيم، عضو مجلس النواب، أعاد فتح الملف مجددًا بعدما تقدم بطلب إحاطة إلى وزيرى الصحة والزراعة بشأن انتشار ظاهرة الانتحار باستخدام حبة الغلة المسماة شعبيًا بـ"الحبة الفسفورية" واسمها العملى "الألومنيوم فوسفيد"، موضحًا أن هذه الحبة يستخدمها المزارعون فى عملية تحزين القمح عقب موسم الحصاد من أجل مواجهة الحشرات والآفات الضارة وحماية المحصول من التسوس.
النائب البرلمانى كشف عن نقاط أخرى هامة منها أن هذه الحبة تباع فى الصيدليات البيطرية أو محلات المبيدات الزراعية، ولا تخضع لأى رقابة للحد من عمليات بيعها وتداولها بين المواطنين، لافتًا إلى أنه لا يوجد أى أمصال لمواجهة أضرار هذه الحبة، رغم أن آلاف الفلاحين يعتمدون عليها فى تخزين القمح، بينما يستخدمها الشباب فى الانتحار مؤخرًا.
ووفقاً للتقارير الإعلامية المتداولة فإن هناك العديد من حالات الوفاة ناتجة عن تناول هذه الحبة فى المحافظات المختلفة كالبحيرة والمنوفية والدقهلية، وتتنوع حالات الوفاة ما بين تسمم أو الإقدام على حالات الانتحار لدرجة أن بعض الأهالى أطلقوا على هذه العملية "الانتحار الرخيص" نظرًا لرخص ثمن تلك الحبات، وللعلم فإن النائب مقدم طلب الإحاطة عن الحبة قال إن الإحصائيات تكشف عن وجود 320 حالة وفاة بسببها بين الشباب والأطفال فى كل من دائرى إيتاى البارود وشبراخيت.
خطورة حبة الغلة
ورغم وجود حملات تم إطلاقها بالمحافظات أبرزها الدقهلية فى يوليه 2016 للتوعية بخطورة استخدام تلك الحبة، وآنذاك طالب منسقو الحملة بضرورة تجريم استخدام تلك الحبة بسبب أضرارها ومخاطرها، لاسيما أن فى هذا التوقيت بدأت حالات الانتحار بواسطتها تظهر بقوة على السطح فى الريف المصرى خصوصا أن مفعولها سريع للغاية ولا يمكن مواجهته بالإضافة إلى رخص ثمنها.
وحول التأثيرات العلمية لحبة الغلة أو الفسفورية، يقول الدكتور سميح عبد القادر، أستاذ علم المبيدات والسموم البيئية بالمركز القومى للبحوث :"تلك الحبة تنتمى إلى نوع مبيدات التدخين أى التى يخرج منها دخان أو غاز ليتخلل كل الشقوق من أجل القضاء على الحشرات أو أى كائن صحى"، مضيفًا :"هذه الحبوب تُستخدم فى صوامع الغليان أو بالمخازن التى تحتوى على كتب أو مخطوطات وتستخدم بقوة فى عمليات نقل التراث كما حدث بالقلعة منذ سنوات أو أى مخزن عمومًا ليس به مواد غذائية، بشرط أن يكون هذا المكان مُحكم الغلق يعنى إذا كان هناك كسر زجاجى يجب إصلاحه أو فتحة ينبغى سدها".
ويضيف رئيس اللجنة الوطنية للسموم بأكاديمية البحث العلمى :"عندما يتم وضع القرص من حبة الغلة فإنه يخرج منه داخل أو غاز لأنها يتفاعل مع رطوبة الجو، فاسمه العلمى فوسفيد الألومنيوم، ويخرج منه غاز اسمه الفوسجين، وبعد حدوث عملية التفاعل، فإنه يتبقى مادة لونها رصاصى على هيئة بودرة أسمها كربيد الألومنيوم، وهذا يعنى أن فعلية القرص".
وأشار أستاذ علم المبيدات إلى أنه من التوصيات الهامة الخاصة بهذه الأقراص ألا يستخدم بواسطة العامة من الفلاحين بل من قبل متخصصين نظرًا لأضراره، لأن عملية التدخين أو التبخير قد تكون مضرة، وكذلك يُحظر بيعه إلا لأماكن محددة كأصحاب الصوامع وخلافه، ويكون لديهم تصاريح بالاستخدام، مشيرًا إلى أن العلبة الواحدة تحتوى على 12 قرصا وعندما يتم فتحها فإن باقى الأقراص تتلف تلقائيا إذا لم تحفظ بطريقة معينة.
وتعليقًا على وجود حالات انتحار جراء استخدام تلك الحبة يقول عبد القادر :"فى أحد الزيارات التى قمت بها مؤخرًا فى كلية الطب بالمنوفية أخبرنا أطباء بوجود حالات تسمم جراء استخدام تلك الحبة المعروفة لدى الفلاحين بحبة أو قرص القمح"، مضيفا :"تناول هذه الأقراص أمر بالغ الخطورة لأنها تؤثر على الأعصاب والكبد والجهاز الدورى بخلاف كل هذه فإن القصبة الهوائية نفسها تتآكل، مما يعنى أن الشخص إذا ما تم إسعافه بأقصى سرعة سيموت لا محالة".
رد نقيب الفلاحين
فى الوقت ذاته، قلل نقيب الفلاحين، من خطورة تلك الحبوب وتأثيرها، قائلاً :"لا أؤيد تضخيم مثل هذه أمور ولا أراها سوى حالات فردية لأن هناك أناس يموتون عبر استخدام سم الفئران فهذا معناه أن نمنع استخدامه نهائيا"، مضيفًا :"أرى التركيز على الأمور الهامة، فهناك مشكلات أكبر للفلاحين كدفع الغرامات وارتفاع أسعار المستخدمات الزراعية، ولا نتطرق لأشياء تثير البلبلة، فحاليًا كل تركيز الفلاحين على زراعات خالية من المبيدات أو متبقيات الأدوية أو أى مواد ضارة أخرى".
وأضاف نقيب الفلاحين :"كل محاصيلنا فى الوقت الحالى صحية والدليل أن صحة المصريين جيدة للغاية، فالإسراف فى استخدام المبيدات كان قديمًا بينما حاليًا لا يوجد أشياء من هذا القبيل وهناك اتجاه لاستخدام الأسمدة العضوية"، مضيفًا :"المنتج الزراعى المصرى من أفضل المنتجات العالم، وأقول هذا حتى لا يسيء إلى سمعته البعض عن غير قصد عبر تكبير بعض الأمور التى لا تستحق".