أمور الطلاق والزواج والحقوق الشخصية كفلها القانون رقم 25 لسنة 1920 وهو قانون اقترب عمره من الـ100 عام، حدث فيها العديد من المتغيرات الاجتماعية والاقتصادية فى مصر ولكن ظل هذا القانون ساريا رغم إجراء عدد من التعديلات عليه ولكن يظل ممتلئا بالعوار.
وفى كثير من الأحيان يدخل الرجل ومطلقته فى معارك قضائية تطول لسنوات، مثلما حدث مع توفيق عكاشة رئيس قناة الفراعين السابق ومطلقته المذيعة السابقة بالقناة رضا الكرداوى، لحد بلغ به أن سبها فى إحدى حلقات برنامجه فى التليفزيون، وهو ما انتهى بصدور حكم قضائى اليوم بحصولها على تعويض قيمته 25 ألف جنيه.
وتظل الحقوق المالية للمرأة المطلقة أزمة عمرها مئات السنين وليس لها حل حتى الآن، فرغم ضمان القانون الحالى لعدة أنواع من النفقة للمرأة المطلقة، منها نفقة عدة قيمتها 3 أشهر من النفقة المقررة، والمؤخر، ونفقة المتعة بواقع شهر نفقة عن كل عام عاشت فيه مع زوجها، وغيرها من أنواع النفقات للأبناء مثل نفقة الأطفال والتعليم والعلاج وغيرها من النفقات الأخرى لكن السؤال هنا: هل تحصل المرأة المطلقة بالفعل على هذه الحقوق وبأسعار تناسب نسب التضخم المرتفعة فى مصر؟ وهل تزيد هذه النفقة مع زيادة الأسعار؟
"العيب مش بس فى القانون العيب كمان فى التطبيق"، هكذا أكدت انتصار السعيد رئيس مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون المتخصصة فى الدفاع عن قضايا المرأة، مشيرة إلى أن المرأة فى كثير من الأحوال وربما أغلبها لا تتمكن من الحصول على حقوقها المالية التى كفلها القانون، مع التسليم بأن القانون يحتاج تغييرا جذريا بعد مرور ما يقرب من قرن على صدوره.
التحايل الذى يلجأ إليه العديد من الأزواج فى إثبات الدخل الحقيقى، أو عدم وجود مكان إقامة معلوم للزوج، يجعل آلاف المطلقات غير قادرات على الحصول على حقهن الذى كفله الشرع والقانون، حتى وإن صدرت أحكام بالحبس فقد لا يستدل على عنوان الزوج من الأساس، بحسب السعيد.
وفى حالة عدم الاستدلال على عنوان الزوج يقوم بنك ناصر بدفع النفقة للمطلقة كدين على الزوج الذى عليه الدفع أو الحبس، ولكن حتى فى هذه الحالة فالحد الأقصى للنفقة التى يدفعها بنك ناصر للمطلقة هو 500 جنيها، بحسب السعيد، وهناك تفكير فى زيادة قيمتها إلى 750 جنيها، ولكنها تظل متدنية للغاية فى ظل ارتفاع الأسعار الشديد.
الأكثر من ذلك أن هذه النفقة المحدودة التى يسددها بنك ناصر للمطلقة الغير معلوم مكان طليقها – 500 جنيها – توزع على المطلقات لنفس الرجل إذا كانت أكثر من مطلقة، أى أن هذا المبلغ المحدود يمكن أن يتقاسمه 4 طليقات بأطفالهن، كما أوضحت رئيس مؤسسة القاهرة.
وفى حالات كثيرة لا يمكن إثبات دخل الزوج، فتحكم المحكمة بحد الكفاية والذى يتراوح بين 100 – 300 جنيها شهريا للمطلقة وأولادها، كما تؤكد السعيد، حيث قابلت الكثير من المطلقات بها الوضع.
ومن ضمن الحيل التى يمارسها الأزواج للهروب من سداد النفقة للمطلقات، توضح رئيس مركز القاهرة للتنمية، أن بعض الأزواج يطلبون الزوجة فى بيت الطاعة ويرسل الإنذار على عنوان وهمى، ولا تأتى الزوجة لأنها لم تعلم من الأساس، خاصة وأنه لا يقيد بأى دفاتر وإنما مجرد قلم المحضرين، ويترتب على ذلك اعتبار ذلك نشوز للزوجة ويسقط حقها فى الحصول على النفقة، مؤكدة أن استمرار وجود ما يسمى بـ"بيت الطاعة" فى القرن الـ21 هو أمر مهين جدا.
مجلس النواب لم يكن بعيدا عن هذه المشكلات، حيث تقدم كل من حزب الوفد من جهة، والنائبة عبلة الهوارى من جهة أخرى بمشروعى قانون للأحوال الشخصية إلى مجلس النواب، الأول قدمه النائب محمد فؤاد فى أبريل 2017، والثانى قدمته النائبة فى يناير الماضى، وبحسب نائب الوفد فى حديث لليوم السابع أوضح أنه تم إحالة القانونين للجنة التشريعية للمناقشة وأخذ رأى الجهات المختصة وهى وزارات العدل والمجلس القومى للمرأة ومجلس الوزراء والأزهر الشريف، وقد انتهت المدة المحددة للأخذ بالرأى فى 15 فبراير الجارى، ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن بدء حالة من الحوار المجتمعى خلال الفترة المقبلة لأن هذا الموضوع خطير.
وأكد أن الخطوة التالية هو مناقشته داخل اللجان المختصة بعد انتهاء الحوار المجتمعى ثم إحالته إلى الجلسة العامة لمناقشته، وشدد فؤاد على تبنيه لأى تعديل فى القانون يأتى فى مصلحة الأسرة، وأن الثوابت التى يجب التأكيد عليها فى القانون تتمثل فى أن الأصل في الرؤية هو الاصطحاب و ليس الرؤية 3 ساعات فقط، وتعديل ترتيب الاب في انتقال الحضانة من الـ 16 عن طريق السلطة التقديرية للقاضي.
وفيم يتعلق بالحقوق المالية للمطلقة التى يصعب الحصول عليها نتيجة تحايل الأزواج على إثبات الدخل الحقيقى هو أمر لا يقتصر فقط على النفقة، ولكن تعانى جهات الدولة مثل مصلحة الضرائب من عدم القدرة على إثبات الدخل الحقيقى، وهو ما يحتاج إلى الكثير من الجهد من خلال البنك المركزى وعمل ما يشبه الاستعلام الائتمانى كمحاولة لإثبات الدخل الحقيقى للزوج حتى لا يضيع حق المطلقة فى متاهات المحاكم، واقترح نائب الوفد وجود شرطة متخصصة تجرى تحرياتها فى هذا الشأن.