فمنذ أيام أعلنت الحكومة أنها قررت تشكيل هذه اللجنة عقب استعراضها خلال اجتماع بحضور محافظ البنك المركزى ووزيرى النقل والتنمية المحلية وممثلى عدد من الوزارات والجهات المعنية مقترح إنشاء شركة للنقل الداخلى لتقديم خدمة نقل متميزة للمواطنين، على أن تقوم هذه اللجنة بدراسة كل النواحى الفنية والمالية المتعلقة بإنشاء الشركة، من أجل الخروج بنتائج محددة فى هذا الشأن، لضمان مستوى جودة الخدمة المقدمة والأسلوب الأمثل لإدارتها.
وأكدت الحكومة عقب إعلانها أن الشركة المقترحة ستحقق نقلة نوعية لخدمات نقل الركاب فى مصر، وستعمل وفقًا لأعلى معايير جودة، وبشكل مؤسسى سليم، وستحقق للمواطن أفضل خدمة منتظمة ومميزة من خلال شبكة خطوط نقل مختلفة.
اللافت أن حكومة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق قامت بخطوة مماثلة نهاية 2014 وشرعت فى تنفيذ خطة قومية لحل أزمة المرور بالقاهرة بعد اعتمادها لها بناء على مقترح قدمه الدكتور أسامة عقيل خبير الطرق والمرور، وقال الدكتور عقيل لـ"اليوم السابع" إنه تمت مناقشة الحكومة حينها لكل تفاصيل هذه الخطة فى حضوره باعتباره صاحب المقترح وتم اعتماد هذه الخطة والشروع فى تنفيذها، كما تم البدء فى إجراءات إنشاء الشركة التى ستتولى تنظيم النقل الجماعى بالقاهرة الكبرى وتشكيل مجلس إدارتها قبل أن يتم تجميد هذه الخطة.
خطة إبراهيم محلب كانت تستهدف حل أزمة الزحام المرورى بالقاهرة الكبرى من خلال تنفيذ إجراءات معينة تحقق سيولة مرورية بشوارعها، وتنتهى هذه الإجراءات بتشغيل أتوبيسات مكيفة ذات "دورين" أو "دور" وتتمتع بمستوى راق، فى مسارات محددة داخل القاهرة الكبرى وتربط المدن الجديدة، وذات زمن تقاطر ثابت، مماثلة لما حادث فى الدول الأوربية وأمريكا.
وتضمنت الخطة التى تبنتها حكومة إبراهيم محلب لحل أزمة المرور تنفيذ 57 "إجراء" تنتهى بتشغيل 3 آلاف أتوبيس مكيف بعضها ذات دورين والبعض الآخر ذات دور واحد، وكانت تصل التكلفة الاستثمارية لـ3 آلاف أتوبيس 4.7 مليار جنيه، وتشمل أول هذه الإجراءات التخلص من الباعة الجائلين الموجودين بالشوارع والمواقف العشوائية لسيارات الأجرة والميكروباص والتعديات الموجودة بشوارع القاهرة الكبرى.
وأهم إجراءات خطة محلب التى عرفت بالمشروع القومى لحل أزمة المرور كانت تأجير أماكن لجراجات فى وسط القاهرة ومدينة نصر ومصر الجديدة والمناطق المختلفة بالقاهرة الكبرى، بحيث تكون مخصصة لانتظار السيارات، بجانب منع انتظار السيارات نهائيًا بالشوارع الرئيسية داخل القاهرة الكبرى، وتحصيل رسوم انتظار على السيارات التى "تركن" داخل الشوارع الجانبية فى الأماكن التى سيتم تحديدها بهذه الشوارع الجانبية لانتظار السيارات.
وشلمت الإجراءات الـ57 التعاقد مع شركات لإدارة هذه الجراجات وتحصيل رسوم الانتظار من السيارات سواء فى الجراجات أو الشوارع الجانبية، مع فرض ضرائب على رسوم الانتظار التى سوف يتم تحصيلها من السيارات، بجانب فرض غرامات يومية على البنوك والمولات والمكاتب والمحلات التجارية التى ليس لها جراجات، على اعتبار أن تراخيص الإنشاء لهذه الأبنية كانت تلزمها بإنشاء جراج ملحق لها.
وكانت خطة محلب تتضمن حال وجود جراج مغلق أو تخصيصه لنشاط آخر غير انتظار السيارات، يتم تحصيل من صاحب كل جراج 50 جنيهًا يوميًا عن كل سيارة وفقًا لسعته القصوى، سواء كان جراجا خاصا بعمارة سكنية أو مول تجارى أو بنك، بجانب تحصيل الغرامات اليومية من البنوك والمولات والمحلات التجارية التى ليس لها جراج وفقًا لعدد السيارات التى تستخدمها.
وعقب اعتماد حكومة محلب لهذه الخطة تم تشكيل لجنة وزارية من وزراء النقل والاستثمار والتخطيط والسياحة لتتولى تنفيذها، حيث كان تشغيل الـ3 آلاف أتوبيس يمثل الإجراء رقم 57 من الإجراءات التى تضمنتها الخطة، والتى كان يسبقها تنفيذ 56 من الإجراءات التى تم تحديدها بالخطة تحقق سيولة مرورية بالقاهرة الكبرى، وكان مخطط تشغيل 900 أتوبيس فى 30 مسارا محددة داخل القاهرة الكبرى بحيث تربط المدن الجديدة كمرحلة أولى، على أن تتم إضافة باقى الـ3 آلاف أتوبيس تباعًا خلال 3 سنوات من تاريخ اعتماد الخطة نهاية 2014.
وأكد الدكتور أسامة عقيل فى أعقاب اعتماد هذه الخطة أن الأتوبيسات ستعمل خلال مسارات محددة، وستسير فى شوارع رئيسية سيتم تطويرها وإزالة أى تعديات منها، وسعر تذكرتها لن يكون مدعمًا، وسيكون الحد الأدنى للتذكرة 6 جنيهات، على أن تتم زيادتها حسب المسافة التى سيستقلها الراكب، مشيرة إلى أن هذا المشروع يستهدف جذب ركاب أصحاب السيارات الملاكى، حيث سيتم تقديم خدمة متميزة بالأتوبيسات المكيفة شبيهة بالطائرات، لافتًا إلى أن سعة كل أتوبيس 100 راكب، واستقلالها سوف يكون من خلال كارت ممغنط "كارت ذكى"، وستتم إدارة هذه الأتوبيسات من خلال شركة مملوكة لجهات حكومية وستشرف عليها وزارة النقل، ومن المستهدف أن تحقق هذه الشركة أرباحًا من وراء هذه الأتوبيسات ولن يكون الأمر مقصورًا على تغطية التكلفة فقط، وكان يجرى دراسة طرح 20 من أسهم هذه الشركة للاكتتاب العام.
وبدأت حكومة محلب فعليًا فى تنفيذ هذه الخطة وأقرت تأسيس شركة تحت مسمى "مصر للنقل الجماعى المتميز" برأس مال 1.2 مليار جنيه، على أن تبدأ هذه الشركة فى شراء الأتوبيسات المكيفة بمجرد تشكيل مجلس إدارتها، ليتم تشغيل هذه الأتوبيسات فى المسارات المحددة لها، والتى تغطى محافظات القاهرة الكبرى، إلا أن الأمر توقف عند هذه الخطة وتم تجميدها، حتى تم الإعلان مؤخرًا عن تشكيل لجنة وزارية لدراسة حل أزمة المرور بالقاهرة الكبرى وإنشاء شركة للنقل الجماعى.