ازدياد حالات الانتحار بين أبناء الأثرياء "أولاد الذوات"، أصبحت ظاهرة تهدد الكثيرين فى المجتمع المصرى بعدما تفاقمت فى الآونة الأخيرة، بحيث يكون لها دوافع كثيرة غير الفقر بالطبع، لأن أغلبها نفسى أو ضغوط اجتماعية سواء عاطفية أو تحقيق الذات تتحول إلى نفسية يصاحبها اكتئاب يقوده صاحبه إلى الانتحار فى نهاية المطاف.
الانتحار يعتبر الجريمة العظمى التى يقبل عليها الكثيرون ظنا منهم بأنها الطريقة الوحيدة للهروب من كل ما يعانون فى حياتهم من مشكلات وخلافات، وفى حسبانهم بأنها نهاية المطاف، ولكن للأسف تكون بداية المآسى الحقيقة.
استشارى الطب النفسى: 90% من حالات الانتحار فى مصر غير مسجلة
من جانبة، قال الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية، والمتخصص فى الأمراض النفسية، إن أعلى نسب الانتحار فى العالم كله تكون بين الأثرياء والطبقة الغنية فى السويد واليابان وسويسرا، وهو ما يحدث فى مصر مؤخرا بالتبعية، نظرا لتوفر جميع وسائل الرفاهية، مضيفًا أن أكثر من 90% من حالات الانتحار فى مصر غير مسجلة ويتم تسجليها بأسباب مختلفة، موضحًا أن حالات الانتحار تسجل فقط عند الوفاة أم أن كانت محاولات فاشلة أو تم إحباطها فلا يتم تسجيلها.
تدهور سن المراهقة و"الهزار" أهم أسباب الانتحار فى مصر
وأضاف فرويز، أن من أهم أسباب زيادة حالات الانتحار بين الأغنياء، هى وجود الرفاهية بشكل كبير مما يجعل الاختيار غير المتوفر هو الاكتئاب أو الانتحار علاوة على إدمان المخدرات والمشاكل الاجتماعية والعلاقات العاطفية وعدم تحقيق الذات أو الفشل فى تحقيق هدف معين، مضيفًا أن تدهور سن المراهقة وهو من 10 سنوات حتى 22 عامًا، حيث أن المراهقين هم الأكثر عرضة للانتحار وأول ما يفكرون فيه عند مواجهة الضغط النفسى هو اللجوء إلى الانتحار، أى ضغط نفسى بسيط حتى لو كان على سبيل الهزار.
طرق معينة لمعاملة المراهقين لعدم تحملهم الضغوط
وأكد استشارى الطب النفسى، على أن أهم الحلول تتلخص فى ضرورة التعامل مع المراهقين بخصائص معينة وبطريقة سهلة وعدم الضغط عليهم نفسيا أو الضغط عليهم من خلال الهزار، لأنهم لا يتحملون فى الغالب لان التركيبة البنائية النفسية للأجيال الحالية ضعيفة ولا تتحمل، مشددًا على ضرورة الاستماع إليهم لحل مشكلاتهم النفسية والاجتماعية وغيرها.
النظرة المجتمعية والثقافة السائدة لا ترحم أهل المنتحر
فيما يرى الدكتور سعيد المصرى أستاذ علم اجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة، أنه لا توجد إحصائيات دقيقة أو بيانات رسمية، بخصوص الانتحار فى مصر، لأنه لا يتم الإفصاح عن حالات الانتحار، حفاظا على النظرة المجتمعية والثقافة السائدة داخل المجتمع التى ترى أن المنتحر كافر وتضع ذويه فى منطقة حرجة للغاية بخلاف نظرة الغرب.
فقدان المعايير والعزلة والظلم الاجتماعى أهم أسباب الانتحار
وأكد أستاذ علم الاجتماع، على أن من أهم أسباب الانتحار هى الضغوط الاجتماعية بكل أنواعها التى تتحول على ضغوط نفسية يصاحبها اكتئاب حاد يؤدى بالشخص إلى الانتحار،حيث يتحول الضغط الاجتماعى إلى ضغط نفسى يمتنع صاحبه عن الطعام والشراب ويكون فى انعزال تامة عمن حوله وفى عزلة مجتمعية، ويلجأ الإنسان للانتحار بسبب ما يعرف بـ"فقدان المعايير" أى القنوط درجة من اليأس بسبب اضطراب اجتماعى تفقد عنده المعايير التى تمنح الأفراد القدرة على الحياة وحب الأخرين، وعندها يتخلص الإنسان من حياته لعدم وجود أى معايير تمنحه القدرة على البقاء فى الحياة، مضيفا أن المرأة وكبار السن الأكثر عرضة للانتحار لعدم تحملهم الضغوط الاجتماعية والنفسية، وبسبب العزلة التامة وعدم الاهتمام، وكذلك أصحاب الأمراض المستعصية.
التضامن الاجتماعى بين الأسر المصرية الحل
وأوضح المصرى، أن الحلول تتلخص فى مزيد من التضامن الاجتماعى بين الأسر المصرية لاستيعاب الأشخاص المعرضين للانتحار والمعاملة الجيدة للمرأة بعدم تعرضها للضغوط الاجتماعية والنفسية، ولا بد من حصول السيدات على العدالة والإنصاف والاهتمام بكبار السن فى البحث عن تغيير ومرحلة جديدة فى حياتهم مثل اللجوء إلى التدين أو الأعمال خيرية مزرعة، مضيفًا أن الشعور بالظلم الاجتماعى يؤدى إلى الانتحار والحل فى العدالة وتكافؤ الفرص.
أستاذ علم نفس: 800 ألف منتحرا حول العالم سنويا
من جانبها، كشفت إيمان عبد الله أستاذ علم نفس وتربوى، ورئيس مؤسسة الإيمان للإرشاد النفسى والتدريب والاستشارة، عن أن الاكتئاب وشعور الشباب بعدم الجدوى أهم أسباب الانتحار، بالإضافة إلى اضطرابات القلق والوسواس القهرى واضطراب ما بعد الصدمة، مضيفة أن نسبة الاكتئاب تزيد بمعدل مرة ونصف لدى النساء أكثر من الرجال، وأن أكثر الفئات العمرية عرضه للاكتئاب هم المراهقين والنساء الحوامل وكبار السن، وهناك إحصائية تؤكد انتحار 800 ألف حول العالم سنويا، بحسب منظمة الصحة العالمية.
الأطفال ينتحرون نتيجة لضغوط الأهل لإحراز تفوق دراسى أو رياضى
وأكدت أستاذ علم نفس وتربوى، على أن من أهم أسباب الانتحار ضعف الوازع الدينى والظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة والأمراض النفسية، والعنف والمشاكل الاجتماعية مثل البطالة والإدمان وانخفاض الوعى الاجتماعى بشكل كبير الناتج عن غياب الأهل فى التربية وتقلص دور الأسرة فى الجوانب المادية دون التربية الإيجابية وغياب النموذج التربوى، والخلافات الأسرية المستمرة، مؤكدة على أن انتحار الأطفال يكون بسبب بعض زيادة ضغوط الأهل عليهم لإحراز التفوق الدراسى أو الرياضى مثل انتحار بطله المصارعة المصرية (ريم مجدى).
وأكدت عبد الله، على أن 80% من حالات الانتحار سببه النفسى الاكتئاب، بحيث يعتقد المقبل على الانتحار أن موته أفضل كثير من حياته بسبب عدم الصبر والتحمل.
خبير قانونى: المحرض مدان وليس المنتحر
وفى سياق متصل، قال ياسر سيد أحمد المحامى بالنقض، إن المُنتحر ليس مُدان بنصوص القانون ولكن المُحرِّض هو المدان حيث أن القانون المصرى لا يعاقب على الانتحار لكنه يجرِّم التحريض والمساعدة دون الفعل ذاته، مؤكدًا أن عقوبة التحريض على الانتحار قد تصل إلى السجن المؤبد، فهى تعنى الاشتراك فى القتل، ويكون للمحرض نفس عقاب الفاعل الأصلى، على أساس ما تنتهى إليه الجريمة وتترتب عليه وهى الموت، فعاقبه مثل عقاب الشروع فى القتل.
عقوبة المحرض على الانتحار تصل للمؤبد
وأضاف الخبير القانونى، أن التحريض على الانتحار هو النوع الوحيد من التحريض المجرَّم على فعل ليس مجرمًا، ويكون التحريض بأية طريقة مثل الكتابة أو التلقين، أما توفير وسائل الانتحار فهى ترقى لأن تكون مساعدة تتعدى التحريض.
نجل حمدى الفخرانى انتحر داخل مسكنه بطنطا
منذ أقل من أسبوع أقدم خالد حمدى الفخرانى 18عاما، نجل البرلمانى السابق، على الانتحار شنقًا داخل منزله فى المحلة الكبرى، وكشفت شقيقته عن أنه راح ضحية للعبة الحوت الأزرق على الإنترنت بعدما استجاب لتعليمات لعبة الموت.
وقبلها كانت هناك حالة انتحار لشاب مصرى يعيش فى منطقة حلوان، يبلغ من العمر 30 عامًا بسبب لعبة "الحوت الأزرق"، بعدما ألقى بنفسه من الطابق الرابع، ليسقط على الأرض جثة هامدة أمام أعين المارة.