إذا كنت موظفا فى جهة حكومية أو فى القطاع الخاص، أو صاحب عمل أو مهنة، فبلا شك أنت تدفع الضرائب عن دخلك المتحقق من هذا العمل، وإذا لم تكن أيا مما سبق فأنت بالقطع تشترى سلعة أو خدمة تدفع عليها ضريبة قيمة مضافة، ففى كل الأحوال أنت أهم مصدر لدخل الدولة من خلال الضرائب التى تدفعها، وبالتالى من حقك أن تعرف فلوسك بتروح فين؟.
الحكومة انتهى دورها بتسليم مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية المقبلة 2018/2019 قبل حلول الموعد الدستورى فى 31 مارس من كل عام، وأصبحت الكرة الآن فى ملعب مجلس النواب الذى بإمكانه تغيير أى من النفقات سواء بخفضها أو زيادتها شريطة إيجاد مصادر للتمويل فى حالة زيادة النفقات، ومن المفترض أن تنتهى مناقشة الموازنة العامة قبل حلول السنة المالية الجديدة أول يوليو المقبل.
وتقسم الموازنة إلى أكثر من تقسيم، وهنا نتحدث عما يسمى التقسيم الوظيفى، وفيه توزع مصروفات الموازنة على 9 قطاعات محددة تمكنك من التعرف على أولويات الحكومة فى الموازنة خلال تلك السنة، وتشمل هذه القطاعات: الخدمات العامة، النظام العام وشئون السلامة العامة، الشئون الاقتصادية، حماية البيئة، الإسكان والمرافق المجتمعية، الصحة، الشباب والثقافة والشئون الدينية، التعليم، الحماية الاجتماعية، ويضم كل قطاع من السابق ذكره مجموعة الخدمات التابعة والوزارة المعنية بتقديم هذه الخدمات. ولكن لأى من هذه القطاعات النصيب الأكبر من أموالك؟.
يتضح من هذا الرسم أن قطاع واحد فقط يستحوذ على ما يقرب من نصف الموازنة وهو قطاع الخدمات العامة الذى يخصص له 47.36% من المصروفات. فما هو هذا القطاع وما أسباب هذه الزيادة الكبيرة؟.
قطاع الخدمات العامة يضم الأجهزة التشريعية، والأجهزة التنفيذية، وأجهزة الشئون المالية، وأجهزة الشئون الخارجية، ومعاملات الدين العام، وتعد أهم الجهات الرئيسية التى تقع تحت هذا التصنيف كل من مجلس النواب، ورئاسة الجمهورية، ورئاسة مجلس الوزراء، والمجالس التخصصية، ودواوين عموم المحافظات، والجهاز المركزى للمحاسبات، وزارة المالية ومصالحها، ووزارة الخارجية، وقسم الدين العام.
ولكن ما الذى يبرر أن تحصل هذه الجهات على ما يقرب من نصف الموازنة وحدها؟.
هل تذهب نصف الموازنة مثلا فى أجور العاملين فى هذه الجهات الحكومية؟ أم تنفق فى استثمارات؟ أم شراء السلع والخدمات اللازمة لتدوير العمل اليومى؟ أم ماذا؟.
إذا نظرنا إلى موازنة قطاع الخدمات العامة بشكل أكثر تفصيل، نجد أن السبب الرئيسى فى تضخم موازنة هذا القطاع هو أعباء الديون التى تتحملها الحكومة نتيجة زيادة معدلات الاقتراض، والذى يأكل وحده حوالى 80% من موازنة القطاع، وتتوزع باقى الموازنة على أجور العاملين والدعم والاستثمارات وغيرها من نفقات الموازنة، وهو ما يوضحه الشكل التالى:
وتوجه موازنة قطاع الخدمات العامة 7.1% من مصروفاتها لأجور العاملين بهذه الجهات، يليها الاستثمارات العامة التى تستحوذ على 4.9% من نفقات القطاع، يليها شراء السلع والخدمات بنسبة 3.55%، الدعم بنسبة 29%، وفى النهاية المصروفات الأخرى بنسبة 1.6%.
أما ثانى أكبر القطاعات حصولا على مصروفات الموازنة بعد الخدمات العامة، هو قطاع الحماية الاجتماعية الذى يستحوذ على حوالى 21% من حجم الإنفاق، وهو ما يوضحه الرسم الأول، ويؤكد أهمية هذا التوجه للحكومة التى تسعى إلى دعم الفئات الأولى بالرعاية المساندة الإجتماعية، حيث يشمل هذا القطاع كل من حالات العجز والشيخوخة، والضمان الإجتماعى، ومعاش الطفل، ومعالجة البطالة، والحماية الإجتماعية، والدعم، والمعاشات، والذى خصصت له الموازنة ما قيمته 298.9 مليار جنيه بموازنة السنة المقبلة 2018/2019، مقابل 300.6 مليار جنيه تقريبا بموازنة السنة المالية الحالية 2017/2018.