السبت، 23 نوفمبر 2024 03:47 ص

خبراء إيرانيون يرسمون لـ"برلمانى" سيناريوهات الأزمة بعد الانقلاب الأمريكى المحتمل.. تعثر أجندة روحانى.. الحرب الاقتصادية تطرق أبواب طهران.. واستبعاد للخيارات العسكرية

ماذا لو انهارت الاتفاقية النووية؟

ماذا لو انهارت الاتفاقية النووية؟ ماذا لو انهارت الاتفاقية النووية؟
الخميس، 26 أبريل 2018 08:00 م
كتبت: إسراء أحمد فؤاد

قبل نحو 20 يوما من إعلان الولايات المتحدة قرار نهائى بشأن الاتفاقية النووية المبرمة بين إيران والقوى الكبرى فى عام 2015 الماضى، بدأ يتساءل الرأى العام الإيرانى والعالمى بشأن السيناريوهات المتوقعة حال انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق، وردود الفعل الإيرانية حيال القرار المرتقب يوم 12 مايو المقبل بعدما أكدت الشواهد نوايا واشنطن فى القضاء على الاتفاق.

 

ومن داخل العاصمة طهران، بدأ "برلمانى" يجوب داخل الأروقة الدبلوماسية والبحثية ليجد إجابة على الأسئلة المثارة لدى الرأى العام العالمى، وعبر الهاتف أشبع عددا من الخبراء والمحللين السياسيين الإيرانيين النهم الصحفى المتشوق لمعرفة رد فعل هذا البلد الذى ارتفعت لهجة مسئولية الأيام الأخيرة، وعزز تهديداته تجاه الغرب وواشنطن وحلفائها، كيف استعدت طهران لحرب عسكرية محتملة مع أقوى حلفاء أمريكا؟، وما الذى يريده التيارات السياسية فى الداخل؟.

 

 

 

طرحنا كل هذه الأسئلة وأكثر على محللين سياسيين وصحفيين يعملون بصحف رسمية من مختلفى التوجهات الاصلاحية والمحافظة، وجاء الرد..

 

المحلل السياسى بصحيفة همشهرى الإيرانية: شن حرب اقتصادية ضدنا أكثر ما يخيف الإيرانيون ولا نخشى الخيار العسكرى

فى البداية علق سياوش فلاحبور، المحلل السياسى والصحفى بصحيفة همشهرى الإيرانية، قال: "دعونى أعود للوراء قليلا كى تفهموا ماذا يريده الشعب وماذا يجرى هنا، الإيرانيون انتخبوا روحانى فى عام 2013 بعدما سئموا من العقوبات، ولتجربته الناجحة فى عملية التفاوض النووية حيث شغل منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومى وتحت رعايته تم توقيع اتفاق عرف باتفاقية "سعد أباد" مع وزراء خارجية الترويكا الأوروبى حول تخصيب اليورانيوم، أما اليوم فالاتفاق النووى الذى أبرمه روحانى معرض للخطر من قبل الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى أن حكومة روحانى ربطت أغلب وعودها بنجاح الاتفاق النووى باعتباره أهم إنجازاتها.

 

سياوش فلاحبورسياوش فلاحبور
 

إلى أى مدى سيتأثر برنامج روحانى بالقرار الأمريكى؟

وأشار فلاحبور، لـ"برلمانى"، إلى أنه حال انهيار الاتفاق النووى، لن يتمكن روحانى من إنجاز القسم الأعظم من برنامجه، حيث يمتلك خططا فى القطاع المالى والخدمات الاجتماعية وجذب الاستثمارات وتصدير النفط، والآن كلها معرضة للخطر، على حد تعبيره.

 

وأوضح صحفى صحيفة "همشهرى" المعتدلة، أنه من وجهة نظر التيار الأصولى الاتفاق النووى لم يكن تجربة ناجحة، وأن الكثير من المسئولين الآن من أمثال عباس عراقجى مساعد وزير الخارجية والمفاوض النووى اعترفوا بأن الولايات المتحدة انتهكت الاتفاق.

 

وشرح الصحفى الإيرانى الوضع داخل إيران، مشيرًا إلى خيبة أمل أصابت التيار الإصلاحى من الإتفاق، مضيفًا أن مؤيدى الاتفاق داخل إيران سواء من الإصلاحيين أو المعتدلين، لم يعودوا يدعمون التفاوض مع الولايات المتحدة على غرار الماضى، لافتا إلى أن عملية التفاوض مع الغرب فقدت ظهيرها الاجتماعى، والجميع أصبح متشائما من إدارة ترامب.

 

وحول ما إذا كانت إيران سوف تعمل "البرجماتية" وتقدم تنازلات فى الأيام الأخير، قال فلاحبور: "لا اعتقد أن إيران ستقدم تنازلات حقيقة فى اليمن أو سوريا أو حتى فى برنامجها الصاروخى نظرا لتجربة الاتفاق النووى غير الناجحة"، مشيرًا إلى أن حكومة روحانى لا تمتلك القدرة على اتخاذ قرارا بشأن الملفات الإقليمية والصاروخية، قائلا: "بل هى فى يد مؤسسات أخرى من بينها مؤسسة الحرس الثورى الإيرانى".

 

كيف ينظر الإيرانيون للخيار العسكرى؟

وحول الخيار العسكرى الذى لوحت به الولايات المتحدة أمام إيران، قال المحلل الإيرانى: "لا أنكر وجود مخاوف لدى شريحة عريضة داخل المجتمع الإيرانى من احتمالية شن هجوم عسكرى ضدنا، لكن الأغلبية من الشعب الإيرانى ليس لديه مخاوف حقيقة من احتمالية ووقوع حرب نظرا للقدرة العسكرية التى تتمتع بها طهران. مستبعدا وقوع مثل هذه الحرب نظرا لعواقبها للعديد من بلدان المنطقة.

 

من ماذا يتخوف الإيرانيين؟

وقال إن المخاوف الأساسية للإيرانيين فى الوقت الراهن تكمن فى أبعاد أخرى، لاسيما فى القطاع الإقتصادى، أى احتمال الشروع فى حرب اقتصادية ضروس ضد إيران، فالوضع الاقتصادى دخل فى صدمة كبيرة متأثرا فى ذلك بمواقف ترامب تجاه الاتفاق النووى، إضافة إلى وجود مخاوف مرتبطة بتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر فى الشئون الأمنية لإيران، فالبعض فى الداخل يعتبر أن الاضطرابات الأخيرة ونشاط الجماعات الانفصالية فى الداخلية مرتبطة بدعم خارجى".

 

وأشار  إلى مخاوف أخرى منها فرض عقوبات مشلة على إيران بعد الانسحاب من الاتفاق، كما من الممكن أن يصل الأمر إلى تجميد وفرض حصار جوى وبرى ضد إيران، ما يعنى أنخفاض تصدير النفط الإيرانى إلى الصفر، قائلا أن كل هذه المخاوف تعترى السواد الأعظم من المجتمع الإيرانى، لكن الحديث حول الحرب ليس حقيقى فإيران دائما لديها استعداد عسكرى فى قطاع الصناعات الدفاعية الصاروخية والردع، والقوات المسلحة الإيرانية وعلى رأسها قوات الحرس الثورى كان ولا تزال على أهبة الاستعداد.

 

وأكد سياوش، على أن انهيار الاتفاق النووى سيؤثر بشكل كبير على مكانة التيار الإصلاحى السياسية داخل البلاد، لأن مصير تيار الإصلاحات والاعتدال ارتبط بشكل كبير بحكومة روحانى، قائلا: "لذا متوقع أن فشل الاتفاق سيشكل اخفاقا وهزيمة لهذه التيارات السياسية وستوجه لهم ضربة قاسية".

 

خبير فى مركز الدراسات الأوراسية وإيران المعاصر: السلطة لا ترحب بخوض مفاوضات حول البرنامج الصاروخى

 

رضا حجت شمامي

رضا حجت شمامي

كيف تتحرك التيارت السياسية؟

أما المحلل السياسى الإيرانى والخبير فى مركز الدراسات الأوراسية وإيران المعاصر رضا حجت شمامى، كشف عن وجود بعض التيارات داخل إيران توافق على الخوض فى مفاوضات حول البرنامج الصاروخى، قائلا: "لكن السلطة لا ترحب بذلك، وترى أنه لا يمكن منح الثقة للولايات المتحدة الأمريكية فى أى مفاوضات أو تعهدات آخرى".

 

وأضاف شمامى، فى تصريح لـ"برلمانى"، أن ترامب يستخدم استراتيجية الصدمة، لذا يمكن توقع أى شئ منها فكل لحظة يتخذ قرار معين، مشيرا إلى أن كفة انسحاب واشنطن من الاتفاق ترجح بشكل أكبر.

 

وتوقع المحلل السياسى من طهران، أن تحتفظ بلاده بالاتفاق النووى حال انسحاب الولايات المتحدة منه، ومثلها فى ذلك أيضا الصين وروسيا، كما أن أوروبا أيضا لا تعارض ذلك.

 

وشدد شمامى، على أن إيران إذا لم تتمكن من الانتفاع منه، فسوف تنسحب هى الأخرى، نافيًا أن تقوم بلاده بتقديم تنازلات فى كلا من سوريا أو اليمن، واستبعد أن تنفذ واشنطن تهديدها وتقوم بإعمال الخيار العسكرى نظرا للظروف الراهنة الاقليمية والدولية.

 

عبد الله مرادى المحلل السياسى الإيرانى: الانسحاب يصب فى صالح إيران

أما الدكتور عبد الله مرادى المحلل السياسى الإيرانى وخبير قضايا الشرق الأوسط، قال لـ"برلمانى"، إن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى فى الوقت الراهن تشديد الأجواء الضبابية حول الاتفاق والضغط على إيران فهذه سياستها سواء بقيت أو انسحبت منه" على حد تعبيره.

 

عبد الله مرادى المحلل السياسى الإيرانى

عبد الله مرادى المحلل السياسى الإيرانى

 

 

ماذا يتوقع الرأى العام الإيرانى؟

ورأى مرادى، أن الرئيس الأمريكى سيعلن الانسحاب من الاتفاق، مشيرًا إلى أنهه سيواجه صعوبات فى إعادة فرض العقوبات على إيران، لأسباب منها أولا: "أنه لن يتمكن من منع باقى الدول من التعاون مع إيران، ثانيا: العقوبات التى سيعيدها تحتاج إلى وقت كبير لتؤثر على إيران، ثالثا: لا يوجد استعداد لدى وزارة الخزانة الأمريكية لطرح نوع جديد من العقوبات".

 

كيف سترد إيران؟

وتابع محلل قناة "خبر" الإيرانية، فى مقابل هذا فان موقف إيران معروف، فمن وجهة نظر بلادنا، انسحاب الولايات المتحدة سيكون أمرا مطلوبًا، لأن هذه الخطوة ستعود بالضرر على الولايات المتحدة فقط، وسيتم اتهام الولايات المتحدة فى المحافل الدولية بعدم الوفاء بالعهود والمواثيق، وهو ما سيؤدى إلى أفول الهمينة الأمريكية.

 

ورأى مرادى، أن انسحاب الولايات المتحدة سيخفف الضغوط على إيران التى تمارس عليها من أجل تطبيق التزاماتها فى الاتفاق، وعليه إذا شعرت يوما ما أنها بحاجة للانسحاب فستكون قادرة على القيام بذلك بشكل مشروع على حد تعبيره.

 

ولفت المحلل الإيرانى، إلى أن طهران ستكون فى موقف الشخص الذى يمكنه أن يطلب ما يريد فى هذه الحالة، بشكل خاص فى التعامل مع أوروبا، متوقعا أن تعزز إيران من ضغوطها على أوروبا، وستقول لها: "شريككم أى الولايات المتحدة نكث عهوده، إذا أردتم أن نظل فى الاتفاق النووى عليكم أن تمنحونا امتيازات أكبر، عليكم أن تجهزوا قنوات مالية أمنة لإيران، وأكثر من ذلك سوف تطلب إيران".

 

وأكد مرادى، على أن بلاده لن تصمت، بل ستحصل على فرص أكبر، ففى الدخل ستكون الولايات المتحدة أثبتت صحة تصريحات المرشد الأعلى على نكث وعهودها، لذا سيتم تعزيز الوحدة الوطنية فى الداخل والانسجام الوطنى.

 

وفى النهاية أكد المحلل السياسى، على أن انسحاب الولايات المتحدة سيصب فى صالح إيران، فبقاء إيران سيكون مرهونا بشرط أن ترفع الأطراف الأوروبية من تعاونها معها، فلو ملأ الأوروبيون الفراغ الأمريكى، وحظيت إيران بمصالح أكبر فى ظل الاتفاق، وتعزز من علاقاتها مع كلا من روسيا والصين، ستبقى على الاتفاق، أما إذا شعرت إيران أن أوروبا غير قادرة على الاحتفاظ به من أذى أمريكا، بالتأكيد ستخرج.

 

وفى النهاية حول التهديدات الأمريكية، قال مرادى، إن مستوى التهديدات العسكرية ضد إيران ليس كبيرة، لأن الولايات المتحدة لو كانت قادرة على شن عمل عسكرى وترى أنه خيارا حقيقيا، لتمكنت من شن هجوما فى عام 2003. مؤكد على أمريكا ليس لديها القدرة وحتى اتخاذ قرار بالهجوم العسكرى، لكن يبدو أنها ترغب فى خوض حرب بالوكالة مع إيران.

 

print